سايغا كغيره وقال الشافعي لا ينعقد الإجارة ويجب عليه رد الأجرة إلى صاحبها لتعين الجهاد عليه عليه بحضوره الصف فلا يجوز أخذ الأجرة عليه وينقص بالحج فإنه إذا حضر مكة تعين عليه الاحرام ومع هذا جاز أن يقع الاحرام المتعين عليه من غيره فكذا هنا وقال عطا ومجاهد وسعيد بن المسيب من أعطا شيئا من المال يستعين به في الغزو فإن أعطى لغزوة بعينها فما فضل بعد الغزو فهو له لأنه أعطاه على سبيل الإعانة والنفقة لا سبيل الإجارة فكان الفاضل له وإن أعطاه شيئا لينفقه في الجهاد مطلقا ففضل منه فضل أنفقه في جهاد اخر لأنه أعطاه الجميع لينفقه في جهة قربة فلزمه إنفاق الجميع فهيا وإذا أعطى شيئا ليستعين به في الغزو فلا يترك لأهله منه شيئا قال احمد لأنه ليس يملكه إلا أن يصير إلى رأس مغزاه فيكون كهيئة ماله فيبعث إلى عياله منه ولا يتصرف فيه قبل الخروج لئلا يتخلف عن الغزو فلا يكون مستحقا لما أنفقه إلا أن يشتري منه سلاحا أو آلة غزو وإذا حمل رجلا على دابة عارية فإذا رجع من الغزو فهي له إلا أن يقول هي حبس فلا يجوز بيعها إلا مع عدم صلاحيتها للغزو فتباع وتجعل في جنس اخر قال احمد و كذلك المسجد إذا ضاق بأهله أو كان في مكان لا ينتفع به (جاز بيعه وجعل ثمنه في مكان ينتفع به صح) وكذا الأضحية إذا أبدلها بخير منها ولو أعطاه إياه ليغزو عليها فإذا غزى عليها قال احمد ملكه كما تملك النفقة المدفوعة إليه ويصنع شيئا ما شاء وكان مالك لا يرى أن ينتفع بثمنها في غير الغزو وليس للغازي أن يركب دواب السبيل في حوايجه بل يركبها ويستعملها في الغزو وسهم الفرس الحبيس لمن غزى عليه وكره بعضهم إنزاء الفرس الحبيس ولا يباع الفرس الحبيس إلا من علة إذا عطب يصير للطحن ويصرف ثمنه في مثله أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس ولا يجوز لمن وجب عليه الجهاد بتعيين الامام أو بنذر المباشرة أن يجاهد عن غيره بجعل فإن فعل وقع عنه ووجب عليه رد الجعل إلى صاحبه قال الشيخ (ره) للنائب ثواب الجهاد وللمستأجر ثواب النفقة وأما ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق فليس أجرة بل يجاهدون لأنفسهم ويأخذون حقا جعله الله لهم فإذا كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و أقاموا في الثغور فهم أهل الفئ لهم سهم من الفئ يدفع إليهم وإن كانوا مقيمين في بلادهم يغزون إذا حقوا فهم أهل الصدقات يدفع إليهم سهم منها ويستحب إعانة المجاهدين وفي مساعدتهم فضل عظيم من السلطان والعوام وكل أحد روى الباقر (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله (قال من بلغ رسالته صح) غاز كمن أعتق رقبة وهو شريكه. البحث الثاني.
فيمن يجب جهاده وكيفية الجهاد وفيه مباحث الأول من يجب جهاده مسألة الذين يجب جهادهم قسمان مسلمون خرجوا عن طاعة الامام وبغوا عليه وكفار وهم قسمان أهل كتاب أو شبهة كتاب كاليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من أصناف الكفار كالدهرية وعباد الأوثان والنيران ومنكري ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة كالفلاسفة وغيرهم قال الله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله " قال تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " وقال تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وقال فضرب الرقاب دلت هذه الآيات على وجوب جهاد الأصناف والسابقة وروى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من اعطى إماما صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه ما استطاع فإن جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر وكان (ع) يقول لمن يبعثه على جيش أو سرية إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيهم أجابوا إليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فدعهم وكف عنهم فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلا أن تضع الحرب أو زارها (ولن تضع الحرب أو زارها صح) حتى تطلع الشمس من مغربها فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل وسيف منها مكفوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا وأما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب قال الله تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر " الآية فهؤلاء لا يقبل منه إلا الجزية أو القتل والسيف الثالث سيف على مشركي العجم يعنى الترك والخزر والديلم قال الله تعالى " فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام ولا يحل لنا نكاحهم ما داموا في الحرب وأما السيف المكفوف على أهل البغى والتأويل قال الله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما إلى قوله حتى تفئ إلى أمر الله " فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلى الله عليه وآله من هو قال هو خاصف النعل يعنى أمير المؤمنين (ع) قال عمار بن ياسر قاتلت هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغونا السعفات من هجر لعلمنا إنا على الحق وإنهم على الباطل الحديث. مسألة. كل من يجب جهاده فالواجب على المسلمين النفور إليهم إما لكفهم أو لنقلهم إلى الاسلام فإن بدؤا بالقتال وجب جهادهم وإنما يجب قتال من يطلب إسلامه بعد دعائهم إلى محاسن الاسلام والتزامهم بشرايعه فإن فعلوا ذلك وإلا قوتلوا والداعي إنما هو الامام أو من نصبه قال أمير المؤمنين بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن فقال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه وأيم الله لئن يهدى الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا علي وإنما يشترط تقدم الدعاء في حق من لم تبلغه الدعوة ولا عرف بعثة الرسول فيدعوهم إلى الاسلام ومحاسنه وإظهار الشهادتين والاقرار بالتوحيد والعدل والنبوة والإمامة وأصول العبادات وجميع شرايع الاسلام فإن أجابوا وإلا قتلوا لقوله (ع) يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه أما من بلغته الدعوة وعرف البعثة ولم يقر بالاسلام فيجوز قتالهم ابتداء من غير دعاء لأنه معلوم عندهم حيث بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وآله وعلموا أنه يدعوهم إلى الايمان وإن من لم يقبل منه قاتله ومن قبل منه امنه فهؤلاء حرب للمسلمين يجوز قتالهم إبتداء فإن النبي صلى الله عليه وآله أغار على بنى المصطلق وهم غارون آمنون وابلهم تسقى على الماء وقال سلمة بن الأكوع أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله فغزونا أناسا من المشركين فسبيناهم والدعاء أفضل لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر عليا (ع) حين أعطاه الراية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم إن يدعوهم وقد بلغتهم الدعوة ودعا سلمان أهل فارس ودعا علي (ع) عمرو بن ود العامري فلم يسلم مع بلوغه الدعوة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا (ع) إلى اليمن قال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه وهو عام ولو بدر انسان فقتل واحدا من الكفار قبل بلوغ الدعوة إليه أساء ولا قود عليه ولا دية للأصل وبه قال أبو حنيفة واحمد وهو قياس قول مالك وقال الشافعي يجب ضمانه لأنه كافر اصلى محقون الدم لحرمته فوجب ضمانه كالذمي والفرق إن الذمي التزم قبول الجزية فحرم قتله أما هنا فلم يعلم ذلك منه فلا يجب له الضمان لأنه كافر لا عهد له كالحربي. مسألة. أصناف الكفار ثلاثة أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى لهم التورية والإنجيل فهؤلاء يطلب منهم إما الاسلام أو الجزية فإن لم يسلموا وبذلوا الجزية حرم قتالهم إجماعا لقوله تعالى " قاتلوا إلى قوله حتى يعطوا الجزية " ومن له شبهة كتاب وهم المجوس كان (لهم صح) نبي قتلوه وكتاب حرقوه وحكمهم حكم أهل الذمة إجماعا إن أسلموا وإلا طلب منهم الجزية فإن بذلوها كف عنهم وأقروا على دينهم وإلا قتلوا قال علي (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب ومن لا كتاب له ولا شبهة كعباد الأوثان وغيرهم ممن عدا أهل الكتاب والمجوس فإنه لا يقبل منهم إلا الاسلام خاصة ولو بذلوا الجزية لم تقبل منهم عند علمائنا