على كل جامع للشرايط الآتية من ذكر وأنثى وخنثى وإن كان أعمى فان افتقر إلى قائد وتمكن من تحصيله والاستعانة به على حجه إما بإجارة أو غيرها وجب عليه الحج بنفسه وليس له ان يستأجر من يحج عنه وبه قال الشافعي واحمد لعموم الآية والاخبار وقال أبو حنيفة لا يلزم فرض الحج بنفسه فان استأجر من يحج عنه جاز وروى الكرخي عنه انه لا حج عليه لان الحج عبادة تعلقت بقطع مسافة فوجب ان لا تلزم الأعمى كالجهاد وهو خطا لان العمى ليس فيه أكثر من فقد الهداية بالطريق ومواضع النسك والجهل بذلك لا يسقط وجوب القصد كالبصير يستوى حكم العالم به والجاهل إذا وجد دليلا فكذا الأعمى ولأنه فقد حاسة فلم يسقط بها فرض الحج بنفسه كالأصم مسألة مقطوع اليدين أو الرجلين إذا استطاع التثبت على الراحلة من غير مشقة أما مع قايد ومعين ان احتاج إليه ووجده أو بدونهما إذا استغنى عنهما وجب عليه الحج وبه قال الشافعي لعموم قوله تعالى ولله على الناس الآية وغيرها من الأدلة و قال أبو حنيفة لا يلزمه كالأعمى والخلاف فيهما واحد مسألة المحجور عليه للسفه يجب عليه الحج كغيره مع الشرايط للعموم إلا أنه لا يدفع المال إليه لأنه ممنوع من التصرف فيه لتبذيره بل يخرج الولي معه من ينفق عليه بالمعروف ويكون قيما عليه ولو احتاج إلى زيادة نفقة لسفره كان الزايد في ماله ينفق القيم عليه منه بخلاف الصبى والمجنون إذا أحرم بهما الولي فان نفقتهما الزايدة بالسفر في مال الولي خلافا للشافعي في أحد القولين لأنه لا وجوب عليهما وإذا زال عذرهما لزمهما حجة الاسلام بخلاف المبذر ولو شرع السفيه في حج الفرض أو في حج نذره قبل الحجر بغير إذن الولي لا يلزمه ان يحلله ويلزمه ان ينفق عليه إلى أن يفرغ لأنه شرع في واجب عليه فلزمه الاتمام ولو شرع في حج تطوع ثم حجر الحاكم عليه فكذلك لأنه بدخوله فيه وجب عليه الاكمال أما لو شرع فيه بعد الحجر فان استوت نفقته سفرا وحضرا أو كان يتكسب في طريقه بقدر حاجته لم يكن له ان يحلله وإن زادت نفقة السفر ولم يكن له كسب كان له احلاله مسألة الحج والعمرة إنما يجبان بشروط خمسة في حجة الاسلام وعمرته التكليف والحرية والاستطاعة ومؤنة سفره ومؤنة عياله وامكان السير وشرايط النذر وشبهه من اليمين والعهد أربعة التكليف والحرية والاسلام وإذن الزوج والمولى وشرايط حج النيابة ثلاثة الاسلام والتكليف وأن لا يكون عليه حج واجب بالأصالة أو بالنذر المعين أو الاستيجار المضيق أو الافساد ولو وجب عليه الحج وجوبا مستقرا فعجز عن أدائه ولو مشيا صح ان يكون نائبا عن غيره وشرط المندوب ان لا يكون عليه حج واجب وإذن الولي كالزوج والمولى والأب على من له عليه ولاية كالزوجة والعبد والولد وسيأتى تفصيل ذلك كله انشاء الله تعالى الفصل الثاني في تفصيل هذه الشرايط وفيه مطلبان الأول في شرايط حجة الاسلام وفيه مباحث الأول البلوغ والعقل مسألة لا خلاف بين العلماء كافة في أن الصبى لا يجب عليه الحج لفقد شرط التكليف فيه وما رواه العامة عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن النايم حتى يستيقظ وعن الصبى حتى ينبت وعن المعتوه حتى يعقل ومن طريق الخاصة ما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصادق عليه السلام قال لو أن غلاما حج عشر سنين ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام وعن شهاب قال سألته عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت فلو كان الصبى من أهل الحج لسقطت الإعادة عنه بعد بلوغه مسألة الصبى إن كان مميزا صح إحرامه وحجه إذا أذن له الولي والأقرب انه ليس للولي ان يحرم عن المميز وللشافعية وجهان ومن كان غير مميز جاز لوليه ان يحرم عنه ويكون إحرامه شرعيا وان فعل ما يوجب الفدية كان الفداء على المولى وأكثر الفقهاء على صحة احرامه وحجه إن كان مميزا وإن كان غير مميز أحرم عنه وليه فيصير محرما بذلك وبه قال الشافعي ومالك واحمد وهو مروى عن عطا والنخعي لما رواه العامة عن النبي صلى عليه وآله انه مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها هذا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذت بعضد صبى كان معها و قالت أ لهذا حج قال (فقال) نعم ولك أجر ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول مر رسول الله صلى عليه وآله برويبته؟ وهو حاج فقامت إليه امرأة ومعها صبى لها فقالت يا رسول الله (ص) الحج عن مثل هذا قال نعم ولك أجره ولان الحج عبادة يجب ابتداء بالشروع عند وجود مال فوجب ان ينوب الولي فيها عن الصغير كصدقة الفطر وقال أبو حنيفة احرام الصبى غير منعقد ولا فدية عليه فيما يفعله من المحضورات ولا يصير محرما باحرام وليه لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ ولان كل من لا يلزمه الحج بقوله لا يلزمه بفعله كالمجنون ولأنها عبادة على البدن فوجب ان لا ينوب الكبير فيها عن الصغير كالصوم والصلاة ولان الاحرام سبب يلزم به حكم فلم يصح من الصبى كالنذر والجواب القول بموجب الحديث فان الصبى لا يجب عليه الحج وهو معنى رفع القلم عنه وذلك لا يقتضى نفى صحته منه والقياس باطل مع انا نقول بموجب العلة فان الحج لا يلزمه بفعله كما لا يلزمه بقوله وإنما يلزمه بإذن وليه والفرق ظاهر فإن الجنون مرجو الزوال عن المجنون في كل وقت فلم يجز أن يحرم عنه وليه بجواز ان يضيق فيحرم بنفسه وأما البلوغ فغير مرجو إلا في وقته فجاز أن يحرم عنه وليه إذا لا يرجى بلوغه في هذا الوقت حتى يحرم بنفسه ولان الصبى يقبل منه الاذن في دخول الدار وقبول الهدية منه إذا كان رسولا فيها بخلاف المجنون فافترقا والفرق ان الصلاة لا تجوز فيها النيابة عن الحي بخلاف الحج وواقفنا أبو حنيفة على أنه يجنب ما يجتنبه المحرم ومن جنب ما يجتنبه المحرم كان احرامه صحيحا والنذر لا يجب به شئ بخلاف مسئلتنا مسألة الصبي المميز لا يصح حجه إلا بإذن وليه فإذا كان مراهقا مطيقا أذن له الولي في الاحرام وإن كان طفلا غير مميز أحرم عنه الولي فإن أحرم الصبي المميز بغير إذن وليه لم يصح إحرامه لان الصبى ممنوع من التصرف في المال والاحرام يتضمن انفاق المال والتصرف فيه لان الاحرام عقد يؤدى إلى لزوم مال فجرى مجرى ساير أمواله وساير عقوده التي لا تصح إلا بإذن وليه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان احرامه ينعقد كإحرامه بالصلاة والفرق ان احرام الصلاة لا يتضمن إنفاق المال واحرام الحج يتضمنه فعلى الثاني للولي تحليله وليس له الاحرام عنه وعلى الأول للولي ان يحرم عنه وهو أحد وجهي الشافعية لأنه مولى عليه والثاني المنع لاستقلاله بعبادته مسألة أولياء الأطفال على ثلاثة أقسام أنساب وأمناء الحكام وأوصياء الآباء فالانساب إما آباء أو أجداد لهم أو أم أو غيرهم والآباء والأجداد للآباء لهم ولاية الاحرام باجماع من سوغ الحج للصبيان وهو قول علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان للأب والجد للأب ولاية المال على الطفل فكان له ولاية الاذن في الحج ولا يشترط في ولاية الجد عدم الأب وهو أحد وجهي الشافعية مخرجا مما إذا أسلم الجد والأب كافر يتبعه الطفل على رأى وأما الام فقال الشيخ (ره) ان لها ولاية بغير تولية ويصح احرامها عنه لحديث المرأة التي سئلت النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع وهو ظاهر كلام احمد وأما من عدا هؤلاء من الأنساب الذكور والإناث فلا يصح إذنهم ولا ولاية لهم في الحج والاحرام كما أنه لا ولاية لهم في المال وليس لامناء الحكام الاذن وقال الشيخ (ره) الأخ وابن الأخ والعم وابن العم إن كان وصيا أو له ولاية عليه وليها فهو بمنزلة الأب وان لم يكن وليا ولا وصيا فلا ولاية له عليه وهو والأجنبي سواء وهذا القول يعطى ان لأمين الحكم الولاية كما في الحاكم لان قوله أو له ولاية عليه وليها لا مصرف له إلا ذلك والشافعية اتفقوا على ثبوت الولاية للأب والجد للأب وعلى انتفائها عن من لا ولادة فيه ولا تعصيب كالاخوة للام والأعمام للام والعمات من الأب والام والأخوال والخالات من قبل الأب والام وإن كانت لهم ولاية في الحضانة وأما من عدا هذين القسمين فقد اختلفوا على ثلاثة مذاهب بناء على اختلافهم في معنى إذن الأب والجد له أحدها ان المعنى في إذن الأب والجد له استحقاق الولاية على ماله فعلى هذا لا يصح إذن
(٢٩٧)