لأنهما غير مأمونين عليها ولا تحرم عليهما مؤبدا فيما كالأجنبي قاله احمد وقال الشافعي عبدها محرم لها لأنه مباح له النظر إليها فكان محرما كذى رحمها وهو غلط فإنا نمنع إباحة نظره إليها وسيأتى وأما أم الموطوءة بشبهة أو المزني بها أو بابنتها فليس بمحرم لهما لان تحريمهما بسبب غير مباح فلم يثبت به حكم المحرمية كالتحريم الثابت باللعان وليس له الخلوة بهما ولا النظر إليهما كذلك قال احمد والكافر ليس محرما للمسلمة وإن كانت ابنته وقال الشافعي وأبو حنيفة هو محرم لها لأنها محرمة عليه على التأبيد وقول احمد لا بأس به في كافر يعتقد حلها كالمجوسي ولو قال احمد يشترط في المحرم ان يكون بالغا عاقلا لان الصبى لا يقوم بنفسه قبل الاحتلام فكيف يخرج مع امرأة ولان المقصود بالمحرم حفظ المرأة ولا يحصل إلا من البالغ العاقل ونفقة المحرم في الحج عليها لأنه من سبيلها فكان عليها نفقته كالراحلة فعلى هذا يعتبر في استطاعتها ان تملك زادا وراحلة لها و لمحرمها فان امتنع محرمها من الحج معها مع بذلها له نفقته فهي كمن لا محرم لها وهل تلزمه اجابتها إلى ذلك عن أحمد روايتان والصحيح انه لا يلزمه الحج معها لما في الحج من المشقة الشديدة والكلفة العظيمة فلا يلزم أحدا لأجل غيره كما لم يلزمه ان يحج عنها إذا كانت مريضة ولو مات محرم المرأة في الطريق قال احمد إذا تباعدت مضت فقضت الحج مسألة لا يجوز للرجل منع زوجته الموسرة من حجة الاسلام إذا حصلت الشرايط عند علمائنا وبه قال النخعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي والشافعي في أصح قوليه لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تمنعوا إماء الله عن مساجد الله ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سألته عن امرأة لم تحج ولها زوج وأبى ان يأذن لها في الحج فغاب زوجها فهل لها ان تحج قال لا طاعة له عليها في حجة الاسلام ولأنه فرض فلم يكن له منعها منه كالصوم والصلاة الواجبين وقال الشافعي في الآخر له منعها منه لان الحج على التراخي وهو ممنوع إذا عرفت هذا فيستحب ان تستأذنه في ذلك فان أذن ولا خرجت بغير إذنه وأما حج التطوع فله منعها قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ له من أهل العلم ان له منعها من الخروج إلى الحج التطوع لان حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب كالسيد مع عبده ولما رواه إسحاق بن عمار عن الرضا عليه السلام قال سألته عن المرأة المؤسرة قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها حجني من مالي أ له أن يمنعها من ذلك قال نعم ويقول لها حقي عليك أعظم من حقك على في هذا وأما الحجة المنذورة فإن كانت قد نذرت الحج المعين بزمان معين حالة خلوها من الزوج أو قيدت النذر بزمان معين بإذنه لو كانت مزوجة به فإنه ليس له منعها منه لأنه واجب عليها فأشبه حجة الاسلام وان نذرت حال الزوجية به فان أذن لها في النذر وكان مطلقا فالوجه انه يجوز له منعها في ذلك العام لأنه واجب مطلق ويحتمل عدم المنع لأنه أداء الواجب تذنيب حكم العبد حكم الزوجة فان أعتق فكالمطلقة باينا والأمة المزوجة يشترط في حجتها التطوع ونذره إذن المولى والزوج مسألة المعتدة عدة رجعية كالزوجة لان للزوج الرجوع في طلاقها والاستمتاع بها والحج يمنعه عن ذلك لو راجع فيقف على اذنه ولان الصادق عليه السلام قال المطلقة إن كانت صرورة حجت في عدتها وإن كانت حجت فلا تحج حتى تقضى عدتها ولها ان تخرج في حجة الاسلام من غير إذن الزوج لان الزوجة لها ذلك فالمطلقة أولي لقول أحدهما عليهما السلام المطلقة تحج في عدتها أما التطوع فليس لها ذلك إلا بإذنه لما تقدم ولما رواه معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال لا تحج المطلقة في عدتها وحملناه على التطوع جمعا بين الأدلة أما المطلقة طلاقا بائنا فإنها تخرج في الواجب والتطوع من غير إذن الزوج لانقطاع سلطنة عليها وصيرورته أجنبيا فلا اعتبار بإذنه وأما المعتدة عدة الوفاة فإنها تخرج في حج الاسلام عند علمائنا لانقطاع العصمة ولما رواه زرارة في الصحيح قال سألت الصادق عليه السلام عن التي يتوفى عنها زوجها أتحج في عدتها قال نعم وقال احمد لا يجوز لها أن تخرج وتقدم ملازمة المنزل على الحج لأنه يفوت والحق اتباع النقل مسألة لو كان في الطريق عدو يخاف منه على ماله سقط فرض الحج عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان بذل المال تحصيل لشرط الوجوب وهو غير واجب فلا يجب ما يتوقف عليه وفى الرواية الأخرى عن أحمد انه لا يسقط فرض الحج ويجب ان يستنيب وليس بمعتمد ولا فرق بين ان يكون المال قليلا أو كثيرا ويحتمل ان يقال بالوجوب مع القلة إذا لم يتضرر ولو لم يندفع العدو إلا بمال أو خفارة؟ قال الشيخ (ره) لا يجب لأنه لم تحصل التخلية ولو قيل بالوجوب مع امكان الدفع من غير إجحاف أمكن لأنه كأثمان الآلات ولو بذل باذل المطلوب فانكشف العدو لزمه الحج وليس له منع الباذل لتحقق الاستطاعة أما لو قال الباذل اقبل المال وادفع أنت لم يجب ولا فرق بين ان يكون الذي يخاف منه مسلمين أو كفارا ولو تمكن من محاربتهم بحيث لا يلحقه ضرر ولا خوف فهو مستطيع ويحتمل عدم الوجوب لان تحصيل الشرط ليس بواجب أما لو خاف على نفسه أو ماله من قتل أو جرح أو نهب لم يجب ولو كان العدو كفارا وقدر الحاج على محاربتهم من غير ضرر استحب قتالهم لينالوا ثواب الجهاد والحج معا أما لو كانوا مسلمين فإنه لا يجب الحج لما فيه من قتل المسلم وليس محرما ولو كان على المراصد من يطلب مالا لم يلزمه الحج وكره الشافعي بذل المال لهم لانهم يحرصون بذلك على التعرض للناس ولو بعثوا بأمان الحجيج وكان أمانهم موثوقا به أو ضمن لهم أمير فانطلقوا به وأمن الحجيج لزمهم الخروج ولو وجدوا من يبذرقهم؟ بأجرة ولو استأجروا لامنوا غالبا احتمل وجوب الاستيجار وهو أحد وجهي الشافعية لان بذل الأجرة بذل مال يخف والبذرقة أمن هبة الطريق كالراحلة وغيرها ويحتمل عدم الوجوب وهو الوجه الثاني للشافعية لأنه خسران لدفع الظلم فأشبه التسليم إلى الظالم مسألة يشترط لوجوب الحج وجود الزاد والماء في المواضع التي جرت العادة بحمل الزاد والماء منها فإن كان العام عام جدب وخلا بعض تلك المنازل عن أهلها أو انقطعت المياه لم يلزمه الحج لأنه ان لم يحمل معه خاف على نفسه وان حمله لحقته مؤنة عظيمة وكذلك الحكم لو كان يوجد الزاد والماء فيها لكن بأكثر من ثمن المثل وهو القدر اللايق في ذلك المكان والزمان وان وجدهما بثمن المثل لزم التحصيل سواء كانت الأسعار رخيصة أو غالية إذا وفى ماله ويحمل منها قدر ما جرت العادة به في طريق مكة كحمل الزاد من الكوفة والماء مرحلتين أو ثلاثا إذا قدر عليه ووجد آلات الحمل وأما علف الدواب فيشرط وجوده في كل مرحلة ويشترط أيضا في الوجوب وجود الرفقة ان احتاج إليها فان حصلت له الاستطاعة وحصل بينه وبين الرفقة مسافة لا يمكنه اللحاق أو يحتاج ان يتكلف إما بمناقلة أو بجعل منزلين منزلا لم يلزمه الحج تلك السنة فان بقى حالته في إزاحة العلة إلى السنة المقبلة لزم وان مات قبل ذلك لا يجب ان يحج عنه فان فاتته السنة المقبلة ولم يحج وجب حينئذ ان يحج عنه ولو احتاج إلى حركة عنيفة يعجز عنها سقط في عامه فان مات قبل التمكن سقط النظر الرابع في اتساع الوقت مسألة إتساع الوقت شرط في الوجوب وهو ان يكمل فيه هذه الشرايط والزمان يتسع للخروج ولحوق المناسك فلو حصلت الشرايط وقد ضاق الوقت بحيث لو شرع في السير لم يصل إلى مكة لم يجب الحج في ذلك العام عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الله تعالى إنما فرض الحج على المستطيع وهذا غير مستطيع ولان هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة وقال احمد في الرواية الثانية انه ليس شرطا في الوجوب وإنما هو شرط للزوم الحج لأنه عليه السلام فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة وهو ضعيف وقد سلف ولو مات حينئذ لم يقض عنه ولو علم الادارك لكن بعد طي المنازل وعجزه عن ذلك لم يجب ولو قدر وجب تتمة تشتمل على مسائل الأولى هذه الشرايط التي ذكرناها منها ما هو شرط في الصحة والوجوب وهو العقل لعدم الوجوب على المجنون وعدم الصحة منه ومنها ما هو شرط في الصحة دون الوجوب وهو الاسلام فان الكافر يجب عليه الحج وغيره من فروع العبادات عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي في أحد الوجهيه
(٣٠٦)