عز وجل لا يحب الفساد وعن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن الرجل يأكل من مال ولده قال لا إلا أن يضطر إليه فليأكل منه بالمعروف ولا يصلح المولد أن يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذن والده. مسألة. والولد يحرم عليه مال والده فلا يحل له أن يأخذ منه شيئا إلا بإذنه فلو اضطر الولد المعسر إلى النفقة ومنعه الأب كان للولد أن يأخذ قدر مؤنته لأنه كالدين على الأب ويحرم على الام أن يأخذ من مال ولدها شيئا إلا إذا منعها النفقة الواجبة عليه وكذا يحرم على الولد أخذ مال الام إلا إذا وجب نفقته عليها ومنعته وليس لها أن تقترض من مال ولدها الصغير كما سوغنا ذلك للأب لان الولاية له دونها لما رواه في الحسن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه قال يأكل منه فأما الام فلا يأكل منه إلا قرضا على نفسها ويجوز للأب أن يقترض من مال ابنه الصغير ويحج عنه للولاية ولما رواه سعيد بن يسار قال قلت للصادق (ع) أيحج الرجل من مال ابنه وهو صغير قال نعم قلت أيحج حجة الاسلام وينفق منه قال نعم بالمعروف ثم قال نعم يحج منه وينفق منه إن مال الولد للوالد وليس للولد أن ينفق من مال والده إلا بإذنه وسأل ابن سنان في الصحيح الصادق (ع) ماذا يحل للوالد من مال ولده قال أما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئا فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها إلا أن يقومها قيمة تصير لولده قيمتها عليه قال ويعلن ذلك فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية فأحب أن يقتضها فليقومها على نفسه قيمة ثم يصنع بها ما شاء إن شاء وطى وإن شاء باع وعلى هذا تحمل الأحاديث المطلقة. مسألة لا يحل لكل من الزوجين أن يأخذ من مال الآخر شيئا لأصالة عصمة مال الغير إلا بإذنه فإن سوغت له ذلك حل ولو رفعت إليه مالا فقالت له إصنع به ما شئت كره له أن يشترى به جارية ويطأها لان ذلك يرجع بالغم عليها روى هشام عن الصادق (ع) في الرجل يدفع إليه امرأته المال فيقول إعمل به واصنع به ما شئت أله أن يشترى الجارية ثم يطأها قال ليس له ذلك ومقصود الإمام (ع) الكراهة لأصالة الإباحة روى الحسين بن المنذر قال قلت للصادق (ع) دفعت إلى امرأتي مالا اعمل به فاشترى من مالها الجارية أطأها قال فقال أرادت أن تقر عينك وتسخن عينها وقد وردت رخصة في أن المرأة لها أن تتصدق بالمأدوم إذا لم تجحف به إلا أن يمنعها فيحرم قال ابن بكير سألت الصادق (ع) عما يحل للمراة إن تصدق به من مال زوجها بغير إذنه قال المأدوم وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن المرأة لها أن تعطى من بيت زوجها بغير إذنه قال لا إلا أن يحللها. مسألة. في الاحتكار قولان لعلمائنا التحريم وهو أصح قولي الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لا يحتكر إلا خاطئ أي آثم وقال (ع) الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وقال (ع) من احتكر الطعام أربعين ليله فقد برئ من الله وبرئ الله منه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحتكر الطعام إلا خاطئ وعن الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وقال الصادق (ع) الحكرة في الخصب أربعون يوما وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون فما زاد في العسرة على ثلاثة أيام فصاحبه ملعون وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من احتكر على المسلمين لم يمت حتى يضربه الله بالجذام والافلاس والكراهة للأصل ولقول الصادق (ع) وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام. مسألة. الاحتكار هو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والملح بشرطين الاستبقاء للزيادة وتعذر غيره فلو استبقاها لحاجته أو وجد غيره لم يمنع وقيل أن يستبقيها في الغلا ثلاثة أيام وفي الرخص أربعين يوما وفسر الشافعية الاحتكار أن يشترى ذو الثروة من الطعام ما لا يحتاج إليه في حال ضيقة وغلاة على الناس فحبسه عنهم فأما إذا اشترى في حال سعته وحبسه ليريد منعه أو كان له طعام في زرعه فحبسه جاز ما لم يكن بالناس ضرورة وجب عليه بذله لهم لاحيائهم وبه قال الشافعي أيضا ولا بأس أن يشترى في وقت الغلا لنفقة نفسه وعياله ثم يفضل شئ فيبيعه في وقت الغلا ولا بأس أن يشترى في وقت الرخص ليربح في وقت الغلا ولا بأس أن يمسك غلة ضيعته ليبيع في وقت الغلا ولكن الأولى.
أن يبيع ما فضل عن كفايته وهل يكره إمساكه للشافعية وجهان وتحريم الاحتكار مختص بالأقوات منها التمر والزبيب ولا يعم جميع الأطعمة قاله الشافعي وقال الصادق (ع) الحكرة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن وسأل الحلبي الصادق (ع) عن الزيت فقال إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه وقال الصادق (ع) الحكرة أن يشترى طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل. مسألة. يجبر الامام أو نايبه المحتكر على البيع وهل يسعر عليه قولان لعلمائنا المشهور العدم لما رواه العامة إن السعر غلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله سعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط وإني لأرجو أن ألقى ربى وليس لاحد منكم يطلبني بمظلمة بدم ولا مال ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فقد الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى المسلمون فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقد الطعام ولم يبق منه شئ إلا عندنا فلان فمره بيع طعامه قال فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا فلان إن المسلمين ذكروا إن الطعام قد فقد إلا شيئا عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه نفوض السعر إليه وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الأنصار إليها فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله لو قومت عليهم فغضب (ع) حتى عرف الغضب من وجهه فقال أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخففه إذا شاء إذا ثبت هذا فإنه لا تجوز أن يسعر حالة الرخص عندنا وعند الشافعي وأما حالة الغلا فكذلك عندنا وللشافعي وجهان أحدهما يجوز له أن يسعر وبه قال مالك رفقا بالضعفاء وأصحهما أن لا يجوز تمكينا للناس من التصرف في أموالهم ولأنهم قد يمتنعون بسبب ذلك عن البيع فيفسد الامر وقال بعض الشافعية إن كان الطعام يجلب إلى البلدة فالتسعير حرام وإن كان يزرع بها ويكون عند الشاة فيها فلا يحرم وحيث جوزنا التسعير فإنما هو في الأطعمة خاصة دون ساير الأقمشة والعقارات ويلحق بها علف الدواب وهو أظهر وجهي الشافعية وإذا قلنا بالتسعير فسعر الامام فخالف واحد عزر وصح البيع وللشافعي في صحة قولان. مسألة. تلقى الركبان منهى عنه إجماعا وهل هو حرام أو مكروه الأقرب الثاني لان العامة روت إن النبي (ص) قال لا تتلقوا الركبان للبيع ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتلقى أحدكم بتجارة خارجا من المصر ولا يبيع حاضر لباد والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض وصورته أن يرد طائفة إلى بلد بقماش ليبيعوا فيه فيخرج الانسان يتلقاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة سعره فإن اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد صح البيع لان النهى لا يعود إلى معنى في البيع وإنما يعود إلى ضرب من الخديعة والاضرار لان في الحديث فإن تلقاه متلق فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق فأثبت البيع مع ذلك إذا ثبت هذا فإنه لا خيار لهم قبل أن يقدموا البلد ويعرفوا السعر وبعده يثبت لهم الخيار مع الغبن سواء أخبر كاذبا أو لم يخبر ولو انتفى الغبن فلا خيار وقال الشافعي إذا كان الشراء بسعر البلد أو زايدا ففي ثبوت الخيار وجهان أحدهما يثبت لظاهر الخبر و أصحهما العدم لأنه لم يوجد تعزير وخيانة ولا فرق بين أن يكون مشتريا منهم أو بايعا عليهم ولو ابتداء الباعة والتمسوا منه الشراء مع علم منهم بسعر البلد أو غير علم فالأقرب ثبوت الخيار مع الغبن كما قلنا وللشافعي القولان السابقان ولو خرج اتفاقا لا بقصد التلقي بل خرج بشغل آخر من اصطياد وغيره فرآهم مقبلين فاشترى منهم شيئا لم يكن قد فعل مكروها وللشافعية وجهان أحدهما إنه يعصى لشمول المعنى والثاني لا يعصى لأنه لم يتلق والأظهر عندهم الأول فعلى الثاني لا خيار لهم وإن كانوا