عندنا لفوات شرطه وعند الشافعي يصح ويترتب حكم السلف من وجوب قبض الثمن في المجلس دون الثمن ومن منع خيار الشرط فيه عندهم وإن كان المسلم فيه معدوما لم يجز حالا لتعذر تسليمه. مسألة لو أطلق بمقدار السلم ولم يرد مطلق البيع بل بيع السلم فإن قال حالا بطل عندنا خلافا للشافعي على ما تقدم وإن شرط التأجيل لزم إجماعا وإن أطلق بطل لان الحال باطل والمؤجل شرطه تعيين الاجل ومع الاطلاق لا تعيين وللشافعي قولان أحدهما إن العقد يبطل لان مطلق العقود يحمل على المعتاد والمعتاد في السلم التأجيل ولان ما يختلف الثمر باختلافه لابد من اشتراطه في السلم كساير الأوصاف وإذا كان كذلك فسد ويكون كما لو ذكر أجلا مجهولا والثاني إن العقد يصح ويكون الثمن حالا كما في الثمن وهو الأصح عندهم. مسألة لو أطلق العقد ولم يذكرا فيه أجلا بطل عندنا على ما تقدم وعلى أحد قولي الشافعي فلو الحقا بالعقد أجلا في مجلس العقد لم يلحق عندنا لأن العقد الباطل لا يصح بلحوق ما يلحق به في المجلس وكيف ينقلب الفاسد صحيحا وكيف يعتبر مجلسه وصرح الشافعي هنا بأن الاجل يلحق بالعقد ويجئ فيه الخلاف السابق في ساير الالحاقات قال أصحابه وهذا دليل على صحة العقد عند الاطلاق إذ الفاسد لا ينقلب صحيحا ولو صرحا بالتأجيل في نفس العقد وعيناه صح العقد فإن أسقطاه في المجلس لم يسقط إلا بالتقايل ولا يصير العقد حالا وقال الشافعي يسقط ويصير حالا إذا ثبت هذا فاعلم أن الشرط المبطل للعقد إذا حذفاه في المجلس لم ينحذف ولم ينقلب العقد صحيحا وهو ظاهر مذهب الشافعية وقال بعضهم لو حذفا الاجل المجهول في المجلس انحذف وصار العقد صحيحا واختلفت الشافعية في جريان هذا الوجه في ساير المبطلات كالخيار والرهن الفاسدين وغيرهما فمنهم من أجراه مجرى الاجل وقال الجويني الأصح تخصيصه بالأجل كان بين الاجل والمجلس مناسبة لا توجد في ساير الأمور وهي أن البايع لا يملك مطالبة المشترى بالثمن في المجلس كما لا يملكها في مدة الاجل فلم يبعد إصلاح الاجل في المجلس واختلفوا أيضا في أن زمان الخيار المشروط هل يلحق في المجلس في حذف الاجل المجهول تفريعا على هذا الوجه والأظهر عندهم إنه لا يلحق. مسألة يشترط في الاجل المشروط في عقد السلم أن يكون معينا مضبوطا محروسا من الزيادة والنقصان كالشهر والسنة المعينين فلو عينا أجلا يحتمل الزيادة والنقصان كالحصاد وموسم الحاج والزايرين وقدوم القوافل وطلوع الثريا وادراك الغلات لم يجز وبطل العقد عندنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين (ع) لا بأس بالسلم كيل معلوم إلى أجل معلوم لا يسلم إلى دياس ولا إلى حصاد ولان الاجل إذا كان مجهولا تعذر القبض والمطالبة فلم يصح وقال مالك إذا أسلم إلى الحصاد أو الموسم أو ما أشبه ذلك جاز لأنه أجل تعلق بوقت من الزمان يعرف في العادة لا يتفاوت اختلافه اختلافا كثيرا فأشبه ما إذا قال إلى المهرجان ولان يهوديا بعث إلى عايشة أن أبعث إلى ثوبين إلى الميسرة والجواب قد روى العامة عن ابن عباس إنه قال لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تبايعوا إلا إلى شهر معلوم ونحوه روى الخاصة عن أمير المؤمنين (ع) ولان ذلك يختلف ويقرب ويبعد فلا يجوز أن يكون أجلا ولا يناط به ما يحتاج إلى التعيين من المطالبة والاخذ والعطاء واستحقاق الحبس مع المنع والمهرجان معروف لا يختلف فيه ورواية عايشة لا دلالة فيها من أن راويها جرمي بن عمارة وكان فيه غفلة قال ابن المنذر لا نتابعه عليه أخاف أن يكون من غفلاته. فروع: - آ - المعلوم أن يسلم إلى شهر من شهور الأهلة فيقول إلى شهر كذا لقوله تعالى يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فإذا ذكر هذا الاجل جاز إجماعا وكذا يجوز إلى سنة كذا ويوم كذا بلا خلاف - ب - يجوز التأقيت بشهور الفرس كشهريور ماه ومرداد ماه أو بشهور الروم كحزيران وتموز كالتأقيت بشهور العرب لأنها معلومة مظبوطة عند العامة - ج - يجوز التأقيت بالنيروز والمهرجان وبه قال الشافعي لأنه معلوم عند العامة ونقل عن بعض الشافعية وجه إنه لا يجوز التأقيت بهما لان النيروز والمهرجان يطلقان على الوقتين اللذين تنتهى الشمس فيهما إلى أوايل برجى الحمل والميزان وقد يتفق ذلك ليلا ثم يختلس مسير الشمس كل سنة بمقدار أربع يوم وليلة - د - لو وقتاه بفصح النصارى وهو عيد من أعيادهم أو بعيد من أعياد أهل الذمة كالشعانين وعيد الفطير قال الشافعي لا يجوز واختلف أصحابه فأخذ بعضهم بهذا الاطلاق تجنبا عن التأقيت بمواقيت الكفار وأكثرهم فصلوا فقالوا إن اختص بمعرفة وقته الكفار ولم يكن معلوما عندنا البتة فالامر كذلك لأنه لا اعتماد على قولهم ولأنهم يقدمونه ويؤخرونه على حساب لهم ولا يجوز الركون إليه قال الله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وإن عرفه المسلمون جاز كالنيروز والمهرجان وهو المعتمد عندي وكذا لو أخبر الكثيرون والبالغون مبلغ التواتر بحيث يؤمن عليهم التواطؤ على الكذب لانتشارهم في البلاد الكبار من الكفار وهل يعتبر معرفة المتعاقدين قال بعض الشافعية نعم وقال بعضهم لا يعتبر يكتفي بمعرفة الناس وسواء اعتبر معرفتهما أو لا لو عرفا كفى وفي وجه للشافعية لابد من معرفة عدلين من المسلمين سواها لا مهما قد يختلفان فلا بد من مرجع - ه - لو أجله إلى عرفة أو الغدير أو عاشورا أو يوم المبعث جاز لان ذلك معلوم ولو وقته بمولد النبي صلى الله عليه وآله وكانا يعرفانه ويعتقدانه جاز وإلا فلا لاختلاف الناس فيه فعندنا إنه السابع عشر من شهر ربيع الأول وعند جماعة من العامة الثاني عشر - و - لو قال إلى الظهر أو الزوال أو إلى العصر أو الليل جاز لأنه معلوم بخلاف الشتاء أو الصيف - ز - لو وقت بنفير الحجيج فإن أقته بالأول أو الثاني جاز وإن أطلق احتمل البطلان لتردد الحل بين النفيرين وقال الشافعي يحمل على الأول لأنه أول ما يتناوله الاسم ولتحقق الاسم به وكذا الخلاف لو قال إلى ربيع أو إلى جمادى أو العيد ولا يحتاج إلى تعيين السنة وقال بعض الشافعية إن التوقيت بالنفر الأول أو الثاني لأهل مكة جايز لأنه معروف عندهم ولغيرهم وجهان وإن عين التوقيت (بيوم القر صح) لأهل مكة وجهان أيضا لأنه لا يعرفه إلا خواصهم وقال بعضهم هذا ليس بشئ لأنا إن اعتبرنا علم المتعاقدين فلا فرق وإلا فهي مشهورة عند الفقهاء وغيرهم - ح - لو قال إلى الجمعة حمل على الأقرب في الجمع وكذا غيره من الأيام قضية للعرف المتداول بين الناس بخلاف جمادى وربيع - ط - لو أجله إلى الجمعة حل بأول جزء منه لتحقق الاسم فإذا طلع الفجر من يوم الجمعة فقد حل ولو قال إلى شهر رمضان فإذا غربت الشمس من آخر شعبان فقد حل الشهر ويحل الدين والفرق بينهما إن اليوم اسم لبياض النهار والشهر يشتمل على الليل والنهار وربما يقال يحل بانتهاء ليلة الجمعة وانتهاء شعبان والمقصود واحد - ى - لو قال محله في الجمعة أو في رمضان أو في سنة كذا وكذا فإن لم يعين أول ذلك أو آخره بطل وبه قال الشافعي لأنه جعل اليوم ظرفا لحلوله ولم يبين وكذا الشهر والسنة ولم يبين فيكون تقديره إنه في وقت من أوقات يوم الجمعة وقال بعض الشافعية يجوز ويحمل على الأول كما لو قال أنت طالق في يوم كذا وفرق الأولون بأن الطلاق يجوز تعليقه بالمجاهيل ولو قيل بجوازه على تقدير إن الاجل متى شاء البايع أو المشترى في أي وقت كان من يوم الجمعة أو من الشهر أو من السنة المذكورة كان وجها ويتخير من جعل المشية إليه في مبدأ الوقت إلى آخره أي وقت طالب أو دفع أجبر الاخر على القبول بخلاف المشية المطلقة - يا - لو أجله إلى أول الشهر أو آخره صح وحمل على أول جزء من أول يوم من الشهر أو على آخر جزء من الشهر كما لو أجل إلى يوم الجمعة حمل على أوله وإن كان اسم اليوم عبارة عن جميع الأجزاء ولأنه لو قال إلى شهر كذا حمل على أول جزء منه فقوله إلى أول شهر كذا أقرب إلى هذا المعنى مما إذا أطلق ذكر الشهر وهو قول بعض الشافعية والمشهور عندهم البطلان لان اسم الأول والآخر يقع على جميع النصف فلابد من البيان وإلا فهو مجهول وهو ممنوع لان الأول أغلب في العرف - يب - لو أجله إلى سنة أو سنتين صح وحمل مطلقه على الهلالية لأنها أغلب استعمالا وأظهر عند العرف فإن قيد بالفارسية أو الرومية
(٥٤٨)