مالا بالقتال أخذ منه الخمس والباقي له وإن أخذه على جهة السوم ثم جحد أو هرب فهو له خاصة ولا خمس وقال بعضهم ما يؤخذ بالاختلاس يملك المختلسون أربعة أخماسه لانهم ما وصلوا إليها إلا بتغرير أنفسهم كما لو قاتلوا وعن أبي إسحاق المختلس يكون فيئا لأنه حصل بغير ايجاف خيل ولا ركاب كما هو مذهبنا وقال بعضهم هذا إذا دخل الواحد والنفر اليسير دار الحرب وأخذوا مالا فأما لو أخذ بعض الجند الداخلين بسرقة واختلاس فهو غلول لانهم قالوا ما يهديه الكافر إلى الامام أو إلى أحد من المسلمين والحرب قائمة لا ينفرد به المهدى إليه بل يكون غنيمة بخلاف ما إذا اهدى من دار الحرب إلى دار الاسلام وقال أبو حنيفة إنه ينفرد الهدى إليه بالهدية بكل حال والمال الضايع الذي يوجد على هيئة اللقطة إن علم أنه للكفار قال بعض الشافعية إنه يكون لواجده لأنه ليس مأخوذا بقوة الجند أو بقوة الاسلام حتى يكون غنيمة وقال بعضهم تكون غنيمة لا يختص به الاخذ ولو أمكن أن يكون للمسلمين وجب تعريفه يوما أو يومين لأنه يكفي انهاء التعريف إلى الاخبار إذا لم يكن مسلم سواهم ولا ينظر إلى الاحتمال بطرف التجاوز وقال بعضهم إنه تعرف سنة على ما هو قاعدة التعريف وقال بعضهم لو وجد ضالة في دار الحرب فهو غنيمة فالخمس لأهله والباقي له ولمن معه ولو وجد ضالة لحربي في دار الاسلام لا يختص هو به بل يكون فيأ وكذا لو دخل صبى أو امرأة بلادنا فأخذه رجل يكون فيأ ولو دخل منهم رجل فأخذه مسلم تكون غنيمة لا يأخذه مؤنة ويرى الامام فيه رأيه فان رأى استرقاقه كان الخمس لأهله والباقي لمن أخذه بخلاف الضالة لأنها مال الكفار حصل في أيدينا من غير قتال. مسألة. لو أتلف بعض الغانمين من طعام الغنيمة شيئا ضمن لأنه لم يستعمله في الوجه السايغ شرعا وما يأخذه لا يملكه بالأخذ ولكن أبيح له الاخذ والاكل ولو أخذ بعض الغانمين فوق ما يحتاج إليه أضاف به غانما أو غانمين جاز له وليس له فيه إلا إتعاب نفسه بالطبخ وإصلاح الطعام وليس له أن يضيف غير الغانمين فإن فعل فعلى الاكل الضمان إن كان عالما وإن كان جاهلا استقر الضمان على المضيف ولو لحق الجند مدد بعد انقضاء القتال وحيازة الغنيمة فالوجه إن لهم الاكل في موضع يشاركون في القسمة وللشافعية وجهان أحدهما الجواز لحصوله في دار الحرب التي هي مظنة عزة الطعام وأصحهما عندهم المنع لأنه معهم كغير الضيف. مسألة. إنما يسوغ للغانمين أكل ما سوغناه إذا كانوا في دار الحرب التي تعز فيها الأطعمة على المسلمين فإذا انتهوا إلى عمران دار الاسلام (وتمكنوا من الشراء أمسكوا ولو خرجوا عن دار الحرب ولم ينتهوا إلى عمران دار الاسلام صح) فالأقرب جواز الأكل لبقاء الحاجة الداعية إليه فإنهم لا يجدون من يبيعهم ولا يصادفون سوقا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لان مظنة الحاجة دار الحرب فيناط الحكم بها لو وجدوا سوقا في دار الحرب وتمكنوا من الشراء احتمل جواز الأكل للعموم وهو أظهر وجهي الشافعية لانهم جعلوا دار الحرب في إباحة الطعام بمنزله السفر في الترخص فإن الترخص وإن ثبت لمشقة السفر فالمترفه الذي لا مشقه عليه يشارك فيها من حصلت له المشقة وليس للغانم أن يقرض ما أخذه من الطعام أو العلف من غير الغانمين أو يبيعه فإن فعل فعلى من أخذه رده إلى المغنم فإن أقرضه غانما اخر فليس ذلك قرضا حقيقيا لان الاخذ لا يملك حتى ما يأخذه حتى يملكه غيره وحينئذ فالأقرب انه ليس للمقرض مطالبة المقترض بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب ولا يلزم الاخذ الرد لان المستقرض من أهل الاستحقاق أيضا فإذا حصل في يده فكأنه أخذه بنفسه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إن له مطالبة بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب لأنه إذا أخذه صار أحق به ولم يزل يده عنه إلا ببدل وعلى هذا الوجه له مطالبة يرد مثله من المغنم لا من خالص ملكه فلو رد عليه من خالص ملكه لم يأخذه المقرض لان غير المملوك لا يقابل بالمملوك حتى لو لم يكن في المغنم طعام اخر سقطت المطالبة وإذا رد من المغنم صار الأول أحق به لحصوله في يده وعلى هذا الوجه إذا دخلوا دار الاسلام انقطعت حقوق الغانمين عن أطعمة المغنم فيرد المستقرض على الامام وإذا دخلوا دار الاسلام وقد بقى عين القرض في يد المستقرض بنى على أن الباقي من طعام المغنم هل يجب رده إلى المغنم (إن قلنا نعم رده إلى المغنم صح) وإن قلنا لا فان جعلنا للقرض اعتبارا فيرده إلى المقرض وإن قلنا لا اعتبار له فلا يلزمه شئ. مسألة. لو باع الغانم ما أخذه من غانم اخر بمال (آخر) أخذه من الغنيمة فهو إبدال مباح بمباح كإبدال الضيوف لقمة بلقمة وكل منهما أولي بما تناوله من يد الآخر ولو تبايعا صاعا بصاعين لم يكن ذلك ربا لأنه ليس بمعاوضة حقيقة بل هو كما لو كان في يد عبده طعاما فتقابضا صاعا بصاعين قال بعض الشافعية من جعل للقرض اعتبارا يلزمه أن يجعل للبايع اعتبارا حتى يجب على آخذه تسليم صاع إلى بايعه وإن تبايعا صاعا بصاعين فإن سلم بايع الصاع الصاع لم يملك إلا طلب صاع تشبيها بالقرض وإن سلم المشترى الصاعين لم يطلب إلا صاعا وملك الزايد على البدل. إذا عرفت هذا فالمأخوذ حيث قلنا إنه مباح للغانم غير مملوك فليس له أن يأكل طعامه ويصرف المأخوذ إلى حاجة أخرى بدلا عن طعامه كما لا يتصرف الضيف فيما قدم إليه إلا بالاكل ولو قل الطعام وخاف قايد الجيش الازدحام والتنازع عليه جعله تحت يده وقسمه على المحتاجين على أقدار الحاجات. مسألة.
الأقرب إن حق الغانم من الغنيمة يسقط بالاعراض عن الغنيمة وتركها قبل القسمة لان المقصود الأعظم من الجهاد إعلاء الدين والذب عن الملة والغنيمة تابعة فمن أعرض عنها فقد أخلص عمله بعض الاخلاص وجرد قصده للمقصد الأعظم ولان الغنيمة لا تملك قبل القسمة بل تملك إن تملك على قول فالحق فيه كحق الشفعة وبالجملة إن قلنا تملك فهو كحق الشفعة وإن قلنا تملك فلا ينبغي أن يكون مستقرا ليتمكن من تمحيض الجهاد ليحصل المقصد الأعظم فلو قال أحد الغانمين وهبت نصيبي من الغانمين صح وكان إسقاطا لحقه الثابت له وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم أنه إن أراد الاسقاط صح وإن أراد التمليك لم يصح لأنه مجهول. مسألة. إذا حاز المسلمون الغنايم وجمعوها ثبت حقهم فيها وملكوها سواء جمعوها في دار الحرب أو في دار الاسلام وبه قال الشافعي لأنه يجوز القسمة في دار الحرب وقال أبو حنيفة إذا جازوها في دار الحرب لا تملك وإنما تملك بعد إحرازها في دار الاسلام وليس بجيد ومع الحيازة يثبت لكل واحد منهم حق الملك وقيل لا يملك باختيار التملك لأنه لو قال واحدا سقطت حقي سقط ولو كان ملكا لم يزل بذلك كما لو قال الوارث أسقطت حقي في الميراث لم يسقط لثبوت الملك له واستقراره وفيه نظر لأنه بالحيازة قد زال ملك الكفار عنها ولا يزول إلا إلى المسلمين نعم ملك واحد منهم غير مستقر في شئ بعينه أو جزء مشاع بل للامام أن يعين نصيب كل واحد بغير اختياره بل هو ملك ضعيف. مسألة. من غل من الغنيمة شيئا رده إلى المغنم ولا يحرق رحله وبه قال مالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله لم يحرق سهل الغال ولان فيه إضاعة المال ولم يثبت لها نظير في الشرع وقال الحسن البصري وفقهاء الشام منهم مكحول والأوزاعي إنه يحرق رحله إلا المصحف وما فيه روح لما رواه عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه ونمنع صحة السند قال احمد ولا تحرق آلة الدابة كالسرج وغيره لأنه يحتاج إليه للانتفاع وقال الأوزاعي يحرق سرجه ولا يحرق ثياب الغال اللتي عليه إجماعا لأنه لا يجوز تركه عريانا ولا ما غل من القيمة إجماعا لأنه مال المسلمين ولا يحرق سلاحه لأنه يحتاج إليه للقتال وهو منفعة للمسلمين عامة ولا نفقة ولو أبقت النار شيئا كالحديد فهو لمالكه للاستصحاب ولا تحرق كتب العلم والأحاديث لأنه نفع يرجع إلى الدين وليس القصد بالاحراق إضراره في دينه ولو لم يحرق متاعه حتى تجدد له اخر لم يحرق المتجدد إجماعا وكذا لو مات لم يحرق رحله إجماعا لأنها عقوبة