ولا تجب على وجه يجب أدائها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ولأنها عبادة يتعلق وجوبها بالمال فإذا تلف قبل امكان أدائها سقط فرضها كالحج ولقول الباقر (ع) إذا اخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سماها لقوم فضاعت وأرسل بها إليهم فضاعت فلا شئ عليه وقال احمد لا تسقط الزكاة بتلف المال فرط أو لم يفرط لأنه مال وجب في الذمة فلا يسقط بتلف النصاب كالدين ونمنع الأولى إذا ثبت هذا فلو تلف بعض النصاب قبل امكان الأداء سقط عنه بقدر ما تلف وقال الشافعي في القديم يسقط الجميع بناء على أن امكان الأداء شرط في الوجوب مسألة لو تلف المال بعد الحول وامكان الأداء وجبت الزكاة عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر ولا فرق بين ان يكون من الأموال الظاهرة أو الباطنة ولا بين ان يطالبه الامام أو لا لأنها زكاة واجبة مقدور على أدائها فإذا تلفت ضمنها كما لو طالبه الامام وكغير المواشي ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها وقال أبو حنيفة تسقط الزكاة بتلف النصاب بعد الحول وامكان الأداء على كل حال إلا أن يكون الامام أو الساعي طالبه بها فمنعها ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة وإنما تتوجه المطالبة إلى الظاهرة فإذا امكنه الأداء لم يلزمه الأداء الا بالمطالبة فإذا لم يؤد حتى هلكت فلا ضمان وقال أبو سهل الزجاجي من أصحابه لا يضمن أيضا وان طالبه الامام بالأموال الظاهرة وقال مالك كقولنا في غير المواشي وفى المواشي كقول ابن حنيفة واحتجوا بأنه أمين فإذا تلفت قبل مطالبة من له المطالبة لم يضمن كالوديعة والفرق عدم وجوب الدفع قبل المطالبة في الوديعة وهنا تجب إذا ثبت هذا فعادم المستحق والبعيد عن المال وعدم الفرض في المال وفقدان ما يشتريه أو الساعي في طلب الشراء أو نحو ذلك غير مفرطين مسألة لا تسقط الزكاة بموت المالك بعد الحول وان لم يتمكن من اخراجها ويخرج من ماله وان لم يوص عند علمائنا أجمع وبه قال عطا والحسن البصري والزهري وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وابن المنذر لأنها حق واجب تصح الوصية به فلا تسقط بالموت كالدين ولأنها حق مالي واجب فلا تسقط بموت من هو عليه كدين الآدمي وقال الأوزاعي والليث يؤخذ من الثلث مقدما على الوصايا ولا يجاوز الثلث وقال ابن سيرين والشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان و داود بن أبي هند والبستي والثوري وأصحاب الرأي لا تخرج بل تسقط إلا أن اوصى بها فتخرج من الثلث ويزاحم بها أصحاب الوصايا لأنها عبادة من شرطها النية فتسقط بموت من هي عليه كالصوم والصلاة ويمنع الأصل عندنا ومن وافقهم يفرق بأنهما عبادتان بدنيتان لا تصح الوصية بهما ولا النيابة فيهما إذا ثبت هذا فان الزكاة تسقط بإسلام المالك إذا كان كافرا أصليا لان الزكاة تجب عليه عندنا فإذا أسلم سقطت سواء تمكن من الأداء أو لا وسواء تلفت بتفريطه أو أتلفها هو أولا وسواء كانت العين باقية أو لا مسألة لو استفاد مالا مما يعتبر فيه الحول ولا مال سواه أو كان أقل من النصاب فبلغ بالمستفاد نصابا انعقد حول الزكاة من حينئذ فإذا تم وجبت الزكاة اجماعا وإن كان عنده نصاب والمستفاد إن كان من نمائه كمال التجارة ونتاج السائمة استقبل الحول بالفايدة من حال حصولها عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور كافة لأنه مال منفرد بنفسه فكان له حكم نفسه ولا يجوز حمله على النماء المتصل باعتبار كونه تابعا له من جنسه للمنع من علية المشترك وثبوت الفرق وإن كان من غير جنس ما عنده فهذا له حكم نفسه لا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب بل إن كان نصابا استقبل به حولا وزكاة وإلا فلا شئ فيه وهو قول عامة أهل العلم وحكى عن ابن مسعود وابن عباس ان الزكاة تجب فيه حين استفاده وعن الأوزاعي فيمن باع داره أو عبده انه يزكى الثمن حين وقع في يده إلا أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله وجمهور العلماء على خلافه ولم يقل به أحد من أئمة الفتوى ولو كان المستفاد من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول بسبب مستقل بأن يكون له أربعون من الغنم مضى عليها بعض حول ثم ملك مائة فلا تجب فيه الزكاة حتى يمضى عليه حول أيضا وبه قال الشافعي واحمد لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) وكل ما لم يحل عليه حول عند ربه فلا شئ عليه فيه ولأنه مملوك أصلا فيعتبر فيه الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس وقال أبو حنيفة يضمه إلى ما عنده في الحول ويزكيهما عند تمام حول المال الذي كان عنده إلا أن يكون عوضا عن مال مزكى لأنه يضم إلى جنسه في النصاب فوجب ضمه إليه في الحول كالنتاج لان النصاب سبب والحول شرط فإذا ضم في السبب فأولى ان يضم في الشرط ونمنع الأصل مسألة إذا كانت إبله كلها فوق الثنية تخير صاحبها بين ان يشترى الفرض وبين ان يعطى واحدة منها وبين أن يدفع القيمة وإن كانت واحدة منها معينة بقدر قيمة الفرض أجزأ بأن تكون عوراء إلا انها بينة لأنه يجوز اخراج القيمة عندنا ولان زيادة الثمن جبرت العيب بالصفة كابن اللبون المجزى عن بنت المخاض وقال الشافعي لا يجوز بناء على عدم اجزاء القيمة مسألة لو كان له أربعون من الغنم في بلدين في كل واحد عشرون وجبت فيها شاتان وان تباعدا وإن كان له في كل بلد أربعون وجبت شاة واحدة وان تباعدا أيضا وبه قال الشافعي لقوله (ع) في أربعين من الغنم شاة ولم يفصل ولأنه ملك لواحد فأشبه ما إذا كانا في بلدين متقاربين وقال احمد لا يجب عليه شئ مع التباعد وفى الثاني تجب عليه شاتان معه لقوله (ع) لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع والمراد في الملك إذا ثبت هذا فإنه يجزى ان يخرج الشاة في أي البلدين شاء أو في غيرهما عندنا للامتثال فيخرج عن العدة وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني لا يجوز لما فيه من نقل الزكاة وهو ممنوع بل هو اخراج عما في البلد الآخر إرفاقا بالمالك لما في تبعيض الحيوان بالمشقة مسألة يجوز إخراج القيمة في الزكاة عن النقدين والغلاة عند علمائنا أجمع واختلفوا في المواشي فجوزه الأكثر أيضا ومنع منه المفيد إلا مع عدم الفريضة والوجه الجواز مطلقا على أن القيمة بدل لا على أنه أصل في نفسها وبه قال أبو حنيفة لان معاذا كان يأخذ من أهل اليمن الثياب عوضا عن الزكاة ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن الرجل يعطى عن زكاته عن الدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم أيحل ذلك له لا بأس وكتب الرقي إلى أبى جعفر الثاني (ع) هل يجوز جعلت فداك أن يخرج ما يجب في الحرث الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوى أم لا يجوز إلا أن يخرج من كل شئ ما فيه فأجاب (ع) أيما تيسر يخرج ولان القصد بالزكاة سد الخلة و دفع الحاجة وذلك حاصل بالقيمة فساوت العين ولأنها وجبت جبرا لهم ومعونة فربما كانت الأعواض في وقت أنفع فاقتضت الحكمة التسويغ وقال الشافعي لا يجوز اخراج القيمة في الزكاة بل يجب المنصوص وبه قال مالك واحمد إلا أن مالكا جوز اخراج كل من النقدين عن صاحبه على البدل لا قيمة وعن أحمد في اخراج الذهب عن الورق قيمة روايتان لأنه عدل عن المنصوص عليه إلى غيره بقيمته فلم يجزه كما لو اخرج سكنى دار أو خرج نصف صاع جيد عن صاع ردئ وإنما خصص مالك بالذهب والفضة لأنهما يجريان مجرى واحد وهما أثمان فجاز ذلك فيهما ونمنع حكم الأصل ولان فيه تأخيرا للحق عن وقته وكذا نمنع عدم اجزاء نصف صاع جيد بقيمة المجزى وبالفرق بما فيه من شايبة الربا إذا ثبت هذا فان القيمة المخرجة تخرج على انها قيمة لا أصل كما تقدم وبه قال أبو حنيفة وقال بعض أصحابه الواجب أحد الشيئين فأيما اخرج كان أصلا ويدفعه التنصيص على المعين وإنما عدل إلى القيمة للارفاق تذنيب إنما تعتبر القيمة وقت الاخراج ان لم يقوم الزكاة على نفسه ولو قومها وضمن القيمة ثم زاد السوق أو انخفض قبل الاخراج
(٢٢٥)