نعم قال فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله يحلق رأسه وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة مسألة الفدية تتعلق بحلق الرأس سواء كان لاذى أو غيره لدلالة الآية على وجوبها في الأذى ففي غيره أولى هذا إذا كان عالما عامدا وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا شئ عندنا وبه قال إسحاق وابن المنذر لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام في الصحيح من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة وقال الشافعي تجب عليه الفدية لأنه إتلاف فاستوى عمده وخطؤه كقتل الصيد والفرق إن قتل الصيد مشتمل على التحريم المشترك على إضاعة المال وإتلاف حيوان لغير فايدة إذا عرفت هذا فقد قال الشيخ (ره) الجاهل يجب عليه الفداء والمعتمد ما قلناه بحديث الباقر وأما النايم فهو كالساهي فلو قلع النايم شعره أو قربه من النار فأخرقه فلا شئ عليه خلافا للشافعي مسألة الكفارة إما صيام ثلاثة أيام أو صدقة على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإما نسك وهو شاة يذبحها ويتصدق بلحمها على المساكين وهي مخيرة عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي للآية وقال أبو حنيفة إنها مخيرة إن كان الحلق لاذى وإن كان لغيره وجب الدم عينا وعن أحمد روايتان لان الله تعالى خير بشرط العذر فإذا عدم الشرط وجب زوال التخيير والجواب الشرط لجواز الحلق لا للتخير ولان الحكم ثبت في غير المعذور بطريق التنبيه تبعا له والتبع لا يخالف أصله ولا تجب الزيادة في الصيام على ثلاثة أيام عند عامة أهل العلم لما رواه العامة في حديث كعب بن عجرة احلق رأسك وصم ثلاثة أيام ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام فالصيام ثلاثة أيام وقال الحسن البصري وعكرمة الصيام عشرة أيام وهو قول الثوري وأصحاب الرأي وأما الصدقة فهو إطعام البر أو الشعير أو الزبيب أو التمر على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع في المشهور وبه قال مجاهد والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي لما رواه العامة في حديث كعب بن عجرة أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام أو يتصدق على ستة مساكين والصدقة نصف صاع لكل مسكين وفى رواية أخرى لنا وهو قول بعض علمائنا والحسن وعكرمة والثوري وأصحاب الرأي إن الصدقة على عشرة مساكين لقول الصادق عليه السلام والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام والرواية مرسلة ولا فرق بين شعر الرأس وبين شعر ساير البدن في وجوب الفدية وإن اختلف مقدارها على ما يأتي وبه قال الشافعي وقالت الظاهرية لا فدية في شعر غير الرأس لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم وهو يدل بمفهوم اللقب ولا حجة فيه والقياس يدل عليه وهو من أصول الأدلة عندهم فإن إزالة شعر الرأس وشعر غيره اشتركا في الترفه مسألة لو نتف إبطيه جميعا وجب عليه دم شاة وفى نتف الواحد إطعام ثلاثة مساكين لان الدم في الرأس إنما يجب بحلقه أو بما يسمى حلق الرأس وهو غالبا مساو للإبطين ولقول الباقر عليه السلام من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة وقال الصادق عليه السلام في محرم نتف إبطه يطعم ثلاثة مساكين قال الشيخ (ره) إنه محمول على من نتف إبطا واحدا و الأول على من نتف إبطيه جميعا ولو مس رأسه أو لحيته فسقط منهما شئ من الشعر أطعم كفا من طعام ولو فعل ذلك في وضوء الصلاة فلا شئ عليه لقول الصادق عليه السلام في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة يطعم كفا من طعام أو كفين وسأل رجل الصادق عليه السلام إن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة والشعرتان فقال ليس عليه شئ ما جعل عليكم في الدين من حرج مسألة لو حلق لاذى أبيح له ذلك ويتخير بين التكفير قبل الحلق وبعده لما رواه العامة عن الحسين بن علي عليهما السلام اشتكى رأسه فأتى علي عليه السلام فقيل له هذا الحسين يشير إلى رأسه فدعا بجزور فنحرها ثم حلقه وهو بالشعشاء ولأنها كفارة فجاز تقديمها كالظهار ولو خلل مضمونا شعره فسقط شعرة فإن كانت ميتة فالوجه عدم الفدية ولو كانت تامة وجبت الفدية ولو شك فالأصل عدم الضمان ولو قلع جلدة عليها شعر لم يكن عليه ضمان لان زوال الشعر بالتبعية فلا يكون كما لو قطع أشفار عيني غيره فإنه لا يضمن أهدابهما مسألة اختلف قول الشيخ في المحرم هل له أن يحلق رأس المحل فجوزه في الخلاف ولا ضمان وبه قال الشافعي وعطا ومجاهد وإسحاق وأبو ثور لأصالة براءة الذمة وقال في التهذيب لا يجوز وبه قال مالك وأبو حنيفة وأوجبا عليه الضمان وهو عند أبي حنيفة صدقة لقول الصادق عليه السلام لا يأخذ الحرام من شعر الحلال إذا عرفت هذا فالشاة تصرف إلى المساكين ولا يجوز له أن يأكل من اللحم شيئا لأنها كفارة فيجب دفعها إلى المساكين كغيرها من الكفارات ولما رواه ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث كعب والنسك شاة لا يطعم منها أحد إلا المساكين مسألة أجمع علماء الأمصار على أن المحرم ممنوع من قص أظفاره وتجب فيه الفدية عند عامة أهل العلم وبه قال حماد ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وعطا في إحدى الروايتين لأنه أزال ما منع من إزالته لأجل التنظيف والترفه فوجبت الفدية كحلق الشعر وفى الرواية الأخرى عن عطا إنه لا كفارة لان الشرع فيه بفدية ونمنع عدم ورود الشرع في ما يأتي والقياس يدل عليه إذا عرفت هذا فإنه يجب في الظفر الواحد مد من طعام عند علمائنا أجمع وبه قال احمد والشافعي في أحد أقواله لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم قال عليه في كل ظفر قيمة مد من طعام حتى يبلغ عشرة والثاني للشافعي عليه درهم والثالث ثلث دم لان الدم عنده يجب في ثلاثة أظفار إذا ثبت هذا وفى الظفرين مدان وفى الثلاثة ثلاثة أمداد وهكذا يزيد في كل ظفر مد إلى أن يستوعب القص أظفار يديه معا فيجب عليه دم شاة عند علمائنا لأصالة البراءة من الدم فلا يثبت إلا بدليل ولقول الصادق عليه السلام فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة وفى حديث الحلبي عنه (ع) مد في كل إصبع فإن هو قلم أظفاره عشرتها فإن عليه دم شاة وقال أبو حنيفة قلم خمس أصابع من يد واحدة لزمه الدم ولو قلم من كل يد أربعة أظفار لم يجب عليه دم بل الصدقة وكذا لو قلم يدا واحدة إلا بعض الظفر لم يجب الدم وبالجملة فالدم عنده إنما يجب بتقليم أظفار يده واحدة كاملة وهو رواية لنا لأنه لم يستكمل منفعة اليد من التزيين والارفاق الكامل بل تحصل بالشين في أعين الناس بخلاف اليد الواحدة وهو حجة لنا فان الارفاق والتزيين بتقليم اليدين معا والرجلين معا لا بإحدى اليدين أو إحدى الرجلين وقال الشافعي إن قلم ثلاثة أظفاره في مجلس واحد وجب الدم ولو كانت في ثلاثة أوقات متفرقة ففي كل ظفر الأقوال الثلاثة ولا يقول إنه يجب الدم عند الكامل وفى أصحابه من قال عليه دم وليس هو المذهب عندهم لان الثلاثة جمع يقع عليها اسمه فأشبه ما لو قلم خمسا من كل واحدة أو العشرة ونمنع تعلق الدم بما يقع عليه اسم الجمع ولا عبرة به مع النص وقال محمد إذا قص خمسة أظفار من يدين أو رجلين أو منهما أو من واحدة معهما وجب الدم لأنه ربع وزيادة فأشبه قص يد واحدة أو رجل واحدة ونمنع ثبوت الحكم في الأصل فروع الأول الكفارة تجب على كل من قلم متعمدا ولا شئ على الناسي ولا الجاهل عند علمائنا وبه قال إسحاق وابن المنذر واحمد لما تقدم ولقول الصادق عليه السلام وليس عليك فداء بشئ أتيته وأنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك ولا عمرتك إلا الصيد عليك الفداء بجهل كان أو عمد الحديث الثاني لو قص بعض الظفر وجب عليه ما يجب في جميعه الثالث لو قص أظفار يديه ورجليه معا فإن اتحد المجلس وجب دم واحد وإن كان في مجلسين وجب دمان وروى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام قلت له فإن قلم أظافير رجليه ويديه جميعا قال إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم وإن كان فعله متقربا في مجلسين فعليه دمان الرابع من أفنى غيره بتقليم ظفره وقلمه فأدماه وجب على المفتى دم شاة لأنه الأصل في إراقة الدم ولان إسحاق الصيرفي سأل الكاظم عليه السلام إن رجلا أحرم فقلم أظفاره وكانت إصبع له عليه فترك ظفرها لم يقصه فأفناه رجل بعد ما أحرم فقصه فأدماه قال على الذي أفتاه شاة البحث الرابع في جزاء قتل هوام الجسد وقطع الشجر مسألة يجب برمى القملة عن جسد
(٣٥٤)