منهم كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب وقول أبي حنيفة فيه قوة. مسألة. إذا انتقض العهد جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم في بلادهم إن علموا أن ما اتوا به ناقض للعهد وإن لم يعلموا فكذلك الحكم لا يقاتلون إلا بعد الانذار للشافعية وجهان والأولى أنه إذا لم يعلموا أنه خيانة لا تنتقض العهد إلا إذا كان المأتي به مما لا يشك في مضادته للهدنة كالقتال فأما من دخل دارا بأمان أو مهادنة فلا يغتال وإن انتقض عهده بل يبلغ المأمن ولو نقض السوقة العهد ولم يعلم الرئيس والاشراف بذلك احتمل النقض في حق السوقة وعدمه لأنه لا اعتبارهم بعقدهم فكذا بنقضهم وللشافعية وجهان ولو نقض الرئيس وامتنع الاتباع وأنكروا ففي الانتقاض في حقهم للشافعي قولان أحدهما الانتقاض لأنه لم يبق العهد في حق المتبوع فلا يبقى في حق التابع هذا حكم نقض عهد الهدنة وأما نقض الذمة فنقضه من البعض ليس بنقض من الباقين وقد سلف الفرق والمعتبر في إبلاغ الكافر المأمن أن يمنعه من المسلمين ويلحقه بأول بلاد الكفر ولا يلزم إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك إلا أن يكون بين أول بلاد الكفر وبلده الذي يسكنه بلد للمسلمين يحتاج إلى المرور عليه وإذا هادنه الامام مدة لضعف وخوف ثم زال الخوف وقوى المسلمون وجب البقاء عليه لقوله تعالى " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " وإن كانت المدة عشر سنين ويجب على الذين هادناهم؟ الكف عن قبيح القول والعمل في حق المسلمين وبذل الجميل منهما ولو كانوا يكرمون المسلمين فصاروا يهينونهم أو يضيفون الرسل ويصلونهم فصاروا يقطعونهم أو يعظمون كتاب الامام فصاروا يستخفون به أو نقضوا عما كانوا يخاطبونه به سألهم الامام عن سبب فعلهم فإن اعتذروا بما يجوز قبول مثله قبله وإن لم يذكروا عذرا أمرهم بالرجوع إلى عادتهم فإن امتنعوا أعلمهم بنقض الهدنة ونقضها عند الشافعية وسب رسول الله تنتقض به الهدنة كالذمة عند الشافعي خلافا لأبي حنيفة فيهما. مسألة. لو كان تحت كافر عشر زوجات فأسلمن وهاجرن وجاء الزوج يطلبهن أمر باختيار أربع منهن ويعطى مهورهن سواء اختار الأكثر مهرا أو الأقل وسواء اختار من دفع إليهن المهر أو بعضه أو من لم يدفع إليهن فإذا اختار من لم يدفع إليهن شيئا يرجع بشئ ولو جاءت مستولدة فهي كالأمة وأما المكاتبة فإن اقتضى الحال عتقها فكذلك وتبطل الكتابة وإلا فهي على كتابتها فإن أدت مال الكتابة عتقت بالكتابة قال الشافعي وللسيد الولاء فإن عجزت ورقت حسب ما أخذ من مال الكتابة بعد إسلامها من ضمانها ولا يحسب منه ما أخذ قبل الاسلام. مسألة.
لو عقدنا الهدنة بشرط أن يردوا من جاءهم منا مرتدا ويسلموه إلينا وجب عليهم الوفاء بما التزموه فإن امتنعوا كان ناقضين للعهد وإن عقدنا بشرط أن لا يردوا من جاءهم ففي الجواز إشكال وللشافعي قولان أشهرهما الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله شرط ذلك في مهادنة قريش والثاني المنع لاعلاء الاسلام وإقامة حكم المرتدين حكمهم وقال بعضهم هذا الشرط يصح في عقد الرجال دون النساء كما لو شرط رد من جاءنا مسلما لان الايضاع يحتاط لها ويحرم على الكافر من المرتدة ما يحرم على المسلم فإن أوجبت الرد فالذي عليهم التمكين والتخلية دون التسليم وكذا الحكم بوجوب المهادنة مطلقا من غير تعرض لرد من إرتد بالنفي والاثبات وحيث لا يجب عليهم التمكين ولا التسليم فعليهم مهر من إرتد من نساء المسلمين وقيمة من ارتد من رقيقهم ولا يلزمهم غرم من ارتد من الرجال الأحرار ولو عاد المرتدون إلينا لم يرد المهر ورددنا القيمة لان الرقيق بدفع القيمة يصير ملكا لهم والنساء لا يصرن زوجات وحيث يجب التمكين دون التسليم فمكنوا فلا غرم عليهم سواء وصلنا إلى المطلوبين أو لم نصل وحيث يجب التسليم فيطالبهم الغرم به عند الامكان فإن فات التسليم بالموت فعليهم (المرتد منه إلى زوجها والباقي إلى زوج المهاجرة وإن كان مهر المرتدة أكثر صرفنا مقدار مهر صح) وإن هربوا نظر إن هربوا قبل القدرة على التسليم فلا يغرمون أو بعدها فيغرمون ولو هاجرت إلينا امرأة منهم مسلمة وطلبها زوجها وجاءتهم امرأة منا مرتده لا تغرم لزوج المسلمة المهر ولكن نقول له واحدة بواحدة ونجعل المهر قصاصا ويدفع الامام المهر إلى زوج المرتدة ويكتب إلى زعيمهم ليدفع مهرها إلى زوج المهاجرة المسلمة هذا إن تساوى القدران ولو كان مهر المهاجرة أكثر صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها والباقي إلى زوج المرتدة وبهذه المقاصة فسر أكثر الشافعية قوله تعالى " وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " ولو قال زوج المسلمة لا ذنب لي في التحاق المرتدة بدار المهادنين فلم تمتعوني حقي قلنا ليس لك حق على قياس اعواض المتلفات وإنما يغرم لك بحكم المهادنة في موجب المهادنة كالشخص الواحد. البحث السابع. في الحكم بين المعاهدين والمهادنين. مسألة. إذا تحاكم إلينا أهل الذمة بعضهم مع بعض يخير الحاكم بين الحكم بينهم على مقتضى حكم الاسلام وبين الاعراض عنهم وبه قال مالك لقوله تعالى " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " ولقول الباقر (ع) إن الحاكم إذا أتاه أهل التورية وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم ولأنهما لا يعتقدان صحة الحكم فأشبها المستأمنين وقال المزني يجب الحكم وللشافعي قولان لقوله تعالى " وإن احكم بينهم بما أنزل الله " والامر للوجوب ولان دفع الظلم عنهم واجب على الامام والحكم بينهم دفع لذلك عنهم فلزمهم كالمسلمين وآيتنا أخص والقياس باطل لان المسلمين يعتقدون صحة الحكم ولو تحاكم إلينا ذمي مع مسلم أو مستأمن مع مسلم وجب على الحاكم أن يحكم (بينهما على ما يقضيه حكم الاسلام لأنه يجب عليه حفظ المسلم من ظلم الذمي وبالعكس ولو تحاكم إلينا مستأمنان حربيان من غير أهل الذمة لم يجب على الحاكم أن يحكم صح) بينهما إجماعا لأنه لا يجب على الامام دفع بعضهم عن بعض بخلاف أهل الذمة ولان أهل الذمة آكد حرمة فإنهم يسكنون دار الاسلام على التأبيد. مسألة. إذا استعدى أحد الخصمين إلى الامام أعداه على الآخر في كل موضع يلزم الحاكم الحكم بينهما فإذا استدعى خصمه وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم لان هارون بن حمزة سأل الصادق (ع) رجلان من أهل الكتاب يهوديان أو نصرانيان كان بينهما خصومة فقضى بينهما حاكم من حكامها بجور فأبى الذي قضى عليه أن يقبل وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين قال يرد إلى حكم المسلمين ويجب إذا حكم بينهم أن يحكم بحكم المسلمين لقوله تعالى " فإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط " وقال تعالى " وإن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم " ولو جاءت ذمية تستعدى على زوجها الذمي في طلاق أو ظهار أو ايلاء تخير في الحكم بينهم والرد إلى أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم فإن حكم بينهم حاكم؟ بحكم الاسلام ويمنعه في الظهار من أن يقربها حتى يكفر ولا يجوز له أن يكفر بالصوم لافتقاره إلى نية القربة ولا بالعتق لتوقفه على ملك المسلم وهو لا يتحقق في طرفه إلا أن يسلم في يده أو يرثها بل بالاطعام. مسألة. يجوز للمسلم أخذ مال من نصراني مضاربة ولا يكره ذلك لان المسلم لا يتصرف إلا فيما يسوغ ويكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالا مضاربة لان الكفار قد يتصرف بما لا يسوغ في الشرع فإن فعل صح القراض وينبغي له إذا دفع إليه المال أن يشترط عليه أن لا يتصرف إلا بما يسوغ في شرعنا شرط عليه ذلك فابتاع خمرا أو خنزيرا فالشراء باطل سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمة لأنه خالف الشرط ولا يجوز له أن يقبض الثمن فإن قبض الثمن ضمنه وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقا فابتاع ما لا يجوز ابتياعه فالبيع باطل فإن دفع الثمن فعليه الضمان أيضا لأنه ابتاع ما ليس مباح عندنا وإطلاق العقد يقتضى أن يبتاع لرب المال (ما يملكه رب المال صح) فإن خالف ضمن فإن باع المضارب ونض المال فإن علم رب المال إنه تصرف في محظور أو خالط محظورا لم يجز له قبضه كما لو اختلطت أخته بالأجنبيات وإن علم أنه عين المباح قبضه وإن شك جاز على كراهة ولو اكرى نفسه من ذمي فإن كانت الإجارة والذمة صح لان الحق ثابت في ذمته وإن كانت معينة فإن استأجره ليخدمه شهرا أو يبنى له شهرا صلح أيضا وتكون أوقات العيادة مستثناه منها. مسألة.
لو فعل الذمي ما لا يجوز في شرع الاسلام ولا في شرعهم كالزنا واللواط والسرقة والقتل والقطع كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود لانهم