فعلى أربعة أضرب ضرب أشراف مطاعون علم صدقهم في الاسلام وحسن نيتهم فيه إلا أن لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الاسلام فهؤلاء يعطون لان النبي صلى الله عليه وآله اعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر مع ثباتهم وحسن نيتهم واشراف مطاعون في قومهم نياتهم ضعيفة في الاسلام إذا أعطوا رجى حسن نياتهم وثباتهم فإنهم يعطون لأنه (ع) اعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل واعطى صفوان بن أمية مائة واعطى الأقرع بن حابس مائة واعطى عيينة مائة واعطى العباس بن مرداس أقل من مائة فاستعتب فتمم المئة وهل يعطون بعد النبي صلى الله عليه وآله قولان أحدهما المنع وبه قال أبو حنيفة لظهور الاسلام ولان أحدا من الخلفاء لم يعط شيئا من ذلك والثاني يعطون لان النبي صلى الله عليه وآله أعطى وأعطى أبو بكر عدى بن حاتم وقد قدم عليه ثلاثمائة جمل من ابل الصدقة ثلاثين بعيرا وحينئذ هل يعطون من الصدقات من سهم المؤلفة للآية أو من سهم المصالح لأنه منهما قولان الضرب الثالث قوم من المسلمين أعراب أو عجم في طرف من أطراف المسلمين لهم قوة وطاقة بمن يليهم من المشركين فإذا جهز الامام إليهم جيشا لزمه مؤنة ثقيلة وإن اعطى من يقربهم من أصحاب القوة والطاقة أعانوهم ودفعوا المشركين والضرب الرابع مسلمون من الاعراب أو غيرهم وفى طرف من أطراف الاسلام بإزائهم قوم من أهل الصدقات لا يؤدون الزكاة إلا خوفا من هؤلاء الاعراب فإن أعطاهم الامام جبوها وحملوها إليه وان لم يعطهم لم يفعلوا ذلك واحتاج الامام إلى مؤنة ثقيلة في انفاذ من يحصلها فإنه يعطيهم ومن أين يعطيهم أربعة أقوال الأول من سهم المؤلفة من الصدقة لانهم يتألفون على ذلك الثاني من سهم الغزاة لانهم غزاة أو ما في معناهم الثالث من سهم المصالح لان هذا في مصالح المسلمين الرابع من سهم المؤلفة وسهم الغزاة من الصدقة واختلف أصحابه في هذا القول فقال بعضهم إنما أعطاهم من السهمين بناء على جواز أخذ من اجتمع فيه سببان بهما وعلى المنع لا يعطون منهما وقال آخرون يعطون من السهمين لان معناهما واحد وهو إنه يعطى منهما لحاجتنا إليهم وهم المؤلفة والغزاة بخلاف ان يكون فقيرا وغازيا لاختلاف السببين وقال آخرون انه أراد ان بعضهم يعطى من سهم الغزاة وهم الذين يغزون منهم وبعضهم من سهم المؤلفة وهم الذين ألفوا على استيفاء الزكاة قال الشيخ وهذا التفصيل لم يذكره أصحابنا غير إنه لا يمتنع ان نقول إن للامام ان يتألف هؤلاء القوم ويعطيهم إن شاء من سهم المؤلفة وإن شاء من سهم المصالح لان هذا من فرايض الامام وفعله حجة وليس يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه وعدم القطع بأحد الامرين مسألة والرقاب من جملة الأصناف المعدودة في القرآن واجمع المسلمون عليه واختلفوا في المراد فالمشهور عند علمائنا أن المراد به صنفان المكاتبون يعطون من الصدقة ليدفعوه في كتابتهم والعبيد تحت الشدة يشترون ويعتقون لقوله تعالى وفى الرقاب وهو شامل لهما فان المراد إزالة رقيته وشرطنا في الثاني الضر والشدة لما روى عن الصادق (ع) في الرجل يجتمع عنده الزكاة يشترى بها نسمة ويعتقها فقال إذ انظلم قوما آخرين حقوقهم ثم قال إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه ويعتقه والجمهور رووا الكاتبين عن علي (ع) والعبد يشترى ابتداء عن ابن عباس وروى علماؤنا ثالثا وهو ان من وجب عليه كفارة في عتق في ظهار وشبهه ولم يجد ما يعتق جاز أن يعطى من الزكاة يشترى به رقبة ويعتقها في كفارته لرواية علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره عن العالم (ع) وفى الرقاب قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطاء أو الظهار أو الايمان وليس عندهم ما يكفرون جعل الله لهم سهما في الصدقات ليكفر عنهم قال الشيخ والأحوط عندي ان يعطى ثمن الرقبة لكونه فقيرا فيشترى هو ويعتق عن نفسه وهو جيد ولو لم يوجد مستحق جاز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان لم يكن في ضرر شدة وعليه فقهاؤنا لقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل اخرج زكاة ماله فلم يجد لها موضعا يدفعها إليه فنظر مملوكا يباع فاشتراه بها فأعتقه فهل يجوز ذلك قال نعم وقال الشافعي المراد بقوله تعالى وفى الرقاب المكاتبون خاصة يعطيهم من الصدقة ليدفعوه في كتابتهم ورووه عن علي (ع) وهو مذهب سعيد بن جبير والنخعي والليث بن سعد والثوري وأصحاب الرأي لان مقتضى الآية الدفع إليهم بدليل قوله وفى سبيل الله يريد الدفع إلى المجاهدين وكذا هنا وهو لا يمنع ما قلناه وقال مالك المراد به ان يشترى العبيد من الصدقة ويبتدى عتقهم ورووه عن ابن عباس والحسن البصري وبه قال احمد وإسحاق ولم يشترطوا الشدة لقوله تعالى وفى الرقاب والرقبة إذا أطلقت انصرفت إلى القن لقوله تعالى فتحرير رقبة ونمنع الحصر وأجاب الشافعية بأن الزكاة يعود نفعها حينئذ إلى المعطى ويثبت له الولاء ونمنع اختصاص النفع بالمعطى وثبوت الولاء للمعتق على ما يأتي مسألة والغارمون لهم سهم من الصدقات بالنص والاجماع وهم المديونون في غير معصية ولا خلاف في صرف الصدقة إلى من هذا سبيله ولو استدان للمعصية لم يقص عند علمائنا أجمع وبه قال علي بن أبي هريرة من الشافعية لأنه دين استدانه للمعصية فلا يدفع إليه كما لو لم يثبت ولما فيه من الاغراء بالمعصية إذ الفاسق إذا عرف انه يقضى عنه ما استدانه في معصية أصر على ذلك فيمنع حسما لمادة الفساد ولقول الرضا (ع) يقضى ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شئ له على الامام وقال أبو إسحاق من الشافعية يدفع إليه لأنه لو كان قد أتلف ماله في المعاصي وافتقر دفع إليه من سهم الفقراء وكذلك إذا خرج في سفر معصية ثم أراد أن يرجع دفع إليه من سهم ابن السبيل والفرق ان متلف ماله يعطى للحاجة في الحال وهنا يراعى الاستدانة في الدين وكان للمعصية فافترقا فروع - آ - لو لم يعلم فيما ذا أنفقه قال الشيخ يمنع لان رجلا من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد سأل الرضا (ع) قلت فهو لا يعلم فيما ذا أنفقه في طاعة أو معصية قال يسعى في ماله فيرده عليه وهو صاغر ولان الشرط وهو الانفاق في الطاعة غير معلوم وقال أكثر علمائنا يعطى بناء على أن ظاهر تصرفات المسلم إنما هو على الوجه المشروع دون المحرم ولان تتبع مصارف الأموال عسر فلا يقف دفع الزكاة على اعتباره وفى سند الرواية ضعف - ب - لو أنفقه في معصية وتاب احتمل جواز الدفع وعدمه وقال الشيخ يدفع إليه من سهم الفقراء إن كان منهم لا من سهم الغارمين وهو حسن - ج - لو كان المدفوع كل الذين جاز للامام ان يدفعه إلى الغرماء لأنه قد استحق عليه الدفع فناب عنه ولو كان لا يفي وأراد أن يتجر به دفع إليه لما فيه من المصلحة مسألة الغارمون صنفان أحدهما من استدان في مصلحة ونفقة في غير معصية وعجز عن أدائه وكان فقيرا فإنه يأخذ من سهم الغارمين إجماعا ليؤدي ذلك وإن كان غنيا لم يجز أن يعطى عندنا وهو أحد قولي الشافعي ولأنه يأخذ لا لحاجتنا إليه فاعتبر فقره كالمكاتب وابن السبيل والثاني يأخذ لعموم الآية الثاني من تحمل حمالة لاطفاء الفتنة وسكون نايرة الحرب بين المتقاتلين واصلاح ذات البين وهو قسمان أحدهما أن يكون قد وقع بين طائفتين فتنة لقتل وجد بينهما فيتحمل رجل ديته لاصلاح ذات البين فهذا يدفع إليه من الصدقة ليؤدي ذلك لقوله تعالى والغارمين ولا فرق بين ان يكون غنيا أو فقيرا لقوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمس غازي في سبيل الله أو عامل عليها أو غارم ولأنه إنما يقبل ضمانه وتحمله إذا كان غنيا فيه حاجة إلى ذلك مع الغناء فان أدى ذلك من ماله فليس له ان يأخد لأنه قد سقط عنه الغرم وإن كان قد استدان وأداها جاز ان يعطى من الصدقة ويؤدى الدين لبقاء الغرم والمطالبة الثاني ان يكون سبب الفتنة إتلاف المال ولا يعلم من أتلفه وخشي من الفتنة فتحمل ذلك المال حتى سكنت النايرة فإنه يدفع إليه من سهم الغارمين لصدق اسم الغرم عليه وللحاجة إلى اصلاح ذات البين وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يدفع لان النايرة
(٢٣٣)