ما بين العشاء وطلوع الفجر الثاني لقول النبي صلى الله عليه وآله الوتر جعله الله لكم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ونحن نقول بموجبه فان اخر وقت العشاء نصف الليل فروع - آ - يجوز تقديمه على الانتصاف إذا قدم صلاة الليل للسفر أو تعذر الانتباه وقضاؤه من الغد أفضل - ب - لا خلاف في أن تأخيره عن صلاة الليل أفضل الا ان الشافعي قال إن لم تكن له عادة بالتهجد فإنه يصلى الوتر عقيب العشاء وإن كان له عادة بذلك فالأولى ان يؤخر الوتر حتى يصلى التهجد فان اوتر في أول الليل ثم قام للتهجد صلى مثنى مثنى ولا يعيد الوتر وعنه قول اخر ان التعجيل مطلقا أفضل وما ذهبنا نحن إليه أولي - ج - لو اعتقد انه صلى العشاء فاوتر ثم ذكر لم يعتد بالوتر عندنا وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه فعل قبل وقته وإن كان مخطئا كما لو ظن دخول الوقت فصلى قبله وقال أبو حنيفة يعتد به لان الوقت لهما وانما بينهما ترتيب فإذا نسيه سقط بالنسيان كترتيب الفوايت - د - اخر وقت الوتر طلوع الفجر لأنه اخر صلاة الليل وهو أحد قولي الشافعي والاخر يمتد وقته إلى أن يشتغل بفريضة الصبح مسألة صلاة الصبح من صلوات النهار لان أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم لان الاجماع على أن الصوم انما يجب بالنهار والنص دل على تحريم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر وحكى عن الأعمش انها من صلاة الليل وان ما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الطعام والشراب لقوله تعالى فمحونا أية الليل وجعلنا أية النهار مبصرة وآية النهار الشمس وقول النبي صلى الله عليه وآله صلاة النهار عجماء وقول أمية بن ابن أبي الصلت والشمس تطلع كل اخر ليلة حمراء يبصر لونها يتوقد ولا دلالة في الآية لان الآية قد تتأخر إذ لا دلالة فيها على حصر الآية فيها ويقال الفجر صاحب الشمس والحديث نسبه الدارقطني إلى الفقهاء ويحتمل إرادة الأكثر واما الشعر فحكى الخليل ان النهار هو الضياء الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس وسمى طلوع الشمس في اخر كل ليلة لمقارنتها لذلك مسألة قال الشيخ في الخلاف الصلاة الوسطى هي الظهر وبه قالت عايشة وزيد بن ثابت وحكى عن أبي حنيفة وأصحابه لأنها وسط صلوات النهار وهي مشقة لكونها في شدة الحر ووقت القيلولة وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى الظهر بالهاجرة فاشتد ذلك على أصحابه فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وعن عايشة ان رسول الله (ع) قرا حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلى رسول الله (ص) وهي وسط صلوتين بالنهار صلاة الغداة والعصر وقال السيد المرتضى انها العصر وحكاه ابن المنذر عن علي (ع) وأبي هريرة وأبى أيوب وأبى سعيد وقول ابن أبي حنيفة وابن المنذر لان عليا (ع) قال لما كان يوم الأحزاب صلينا العصر بين المغرب والعشاء فقال النبي صلى الله عليه وآله شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملا الله قلوبهم وأجوافهم نارا وقال قبيصة بن ذويب انها المغرب لأنها أوسط اعداد الصلوات ووقتها مضيق فنهى عن تأخيرها. وقال الشافعي صلاة الصبح وبه قال مالك وحكاه الشافعي في الغويطي عن علي (ع) و عبد الله بن عباس وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر أيضا لقوله تعالى وقوموا لله قانتين عقيب الوسطى والقنوت مسنون في الصبح وهو ممنوع ولان الفجر لا تجمع إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها فهي منفردة قبلها صلاة الليل و بعدها صلاة النهار مسألة قال الشيخ يكره تسمية العشاء بالعتمة ولعله استند في ذلك إلى ما روى أن النبي (ص) قال لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء فإنهم يعتمون بالإبل فإنهم كانوا يؤخرون الحلب إلى أن يعتم الليل ويسمون الحلبة العتمة وبه قال الشافعي قال الشيخ وكذا يكره تسمية الصبح بالفجر بل يسمى مما سماه رسول الله (ص) في قوله سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال الشافعي يستحب أن يسمى بأحد اسمين إما الفجر أو صبح لان الله تعالى سماها فجرا وسماها النبي صلى الله عليه وآله صبحا ولا يستحب ان يسمى الغداة والأشبه انتفاء الكراهة وروى البخاري ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم انها المغرب والعر ب يسمونها العشاء مسألة الصلاة يجب بأول الوقت وجوبا موسعا وتستقر بامكان الأداء وهو اختيار أكثر علمائنا كالشيخ وابن ابن أبي عقيل وبه قال الشافعي لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل لقول محمد بن مسلم قال ربما دخلت على الباقر (ع) وقد صليت الظهر والعصر فيقول صليت الظهر فأقول نعم والعصر فيقول ما صليت الظهر فيقوم مسترسلا غير مستعجل فيغتسل أو يتوضأ ثم يصلى الظهر ثم يصلى العصر ومن علمائنا من قال تجب بأول الوقت وجوبا مضيقا الا انه متى لم يفعلها لم يؤاخذ به عفوا من الله تعالى وقال أبو حنيفة وأصحابه يجب باخر الوقت وقد مضى تفصيل مذاهبهم فروع - آ - لو اخر حتى مضى امكان الوقت أو مات لم يكن عاصيا ويقضى الولي لان التقدير انه موسع يجوز له تركه فلا يعاقب على فعل الجايز وهو أحد وجهي الشافعية والاخر يعصى كالحج والفرق تضييق الحج عندنا وعنده ان اخر وقت الصلاة معلوم فلم يكن في التأخير عذر واخر زمان يؤدى فيه الحج غير معلوم فكان جواز التأخير بشرط السلامة - ب - لو ظن التضييق عصى لو اخر ان استمر الظن وان انكشف بطلانه فالوجه عدم العصيان - ج - لو ظن الخروج صارت قضاء فان كذب الظن فالاداء باق - د - لو صلى عند الاشتباه من غير اجتهاد لم يعتد بصلاته وان وقعت في الوقت - ه - لو كان يقدر على درك اليقين بالصبر احتمل جواز المبادرة بالاجتهاد لأنه لا يقدر على اليقين حالة الاشتباه وعدمه وللشافعي كالوجهين خاتمة تارك الصلاة الواجبة مستحلا يقتل اجماعا إن كان مسلما ولد على الفطرة من غير استتابة لأنه جحد ما هو معلوم من دين الاسلام ضرورة فيكون مرتدا ولو تاب لم يسقط عنه القتل وان لم يكن مسلما لم يقتل إن كان من أهل الذمة ولو كان مسلما عن كفر فهو مرتد لا عن فطرة يستتاب فان تاب وقبلت توبته والا قتل وإن كان قريب العهد بالاسلام أو نشأ في بادية وزعم أنه لا يعرف وجوبها عليه قبل منه ومنع من العود وعرف الوجوب ولو كان غير مستحل لم يكن مرتدا بل يعزر على تركها فان امتنع عزر ثانيا فان امتنع عزر ثالثا فان امتنع قتل في الرابعة وقال بعض علمائنا قتل في الثالثة فروع - آ - إذا ترك محرما طولب بها إلى أن يخرج الوقت فإذا خرج أنكر عليه وامر بقضائها فإن لم يفعل عزر فان انتهى وصلى برئت ذمته وان أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزر فيها ثلاث مرات قتل في الرابعة ولا يقتل حتى يستتاب ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين وميراثه لورثته المسلمين - ب - لو اعتذر عن الترك بالمرض أو الكسل لم يقبل عذره وطولب المريض بالصلاة على حسب حاله ومكنته قائما أو جالسا أو مضطجعا أو مستلقيا فان الصلاة لا تسقط عنه بحال وإن كان لكسل الزم بها ولم يقبل منه فان صلى والا عزر ثلاثا ويقتل في الرابعة على ما قلناه لقولهم (ع) أصحاب الكباير يقتلون في الرابعة وقال مالك لا يقتل حتى يحبس ثلاثا ويضيق عليه فيه ويدعى في وقت كل صلاة إلى فعلها ويخوف بالقتل فان صلى والا قتل بالسيف وبه قال حماد بن زيد ووكيع والشافعي لقوله تعالى اقتلوا المشركين إلى قوله فان تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فحلوا سبيلهم شرط في التخلية إقامة الصلاة فإذا لم يقم الصلاة بقى على وجوب القتل وقال (ع) من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه الذمة وقال الزهري يضرب ويسجن ولا يقتل وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث كفر بعد ايمان أو زنا بعد احصان أو قتل نفس بغير حق ولا حجة فيه لان ترك العموم لدليل مخصص واجب وحكى عن بعضهم ترك التعرض له لان الصلاة أمانة بينه وبين الله تعالى وهو مدفوع بالاجماع - ج - لا يسوغ قتله مع اعتقاده التحريم بالمرة الواحدة ولا بما زاد ما لم يتخلل التعزير ثلاثا لان الأصل حفظ النفس وظاهر كلام الشافعي انه يقتل بصلاة واحدة وهو رواية عن أحمد لأنه تارك للصلاة فيقتل كتارك الثلاث والفرق ظاهر د الظاهر من قول علمائنا انه بعد التعزير ثلاثا عند ترك الفرايض الثلث يقتل بالسيف إذا ترك الرابعة وهو ظاهر مذهب الشافعي لشبهه
(٨٦)