فيه حديث المصراة فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر برد الشاة وقيمة اللبن التالف. مسألة. لو اختلفا في قيمة التالف من العبدين فقال البايع قيمته عشرة وقيمة الموجود خمسة ليخص التالف ثلثا الثمن وعكس القول المشترى فالباقي يمكن تقويمه وأما التالف فقد اختلف قول الشافعي فيه فقال تارة القول قول البايع مع يمينه لان البايع ملك جميع الثمن فلا يزيل ملكه عن مقدار يعترف به وقال أخرى القول قول المشترى لأنه بمنزلة الغارم لان قيمة التالف إذا زادت زاد قدر ما يغرمه فهو بمنزلة السعير والغاصب وقال بعض الشافعية الأول أصح لأنه بمنزلة المشترى والشفيع وإن القول قول المشترى وإن كان الغارم الشفيع لأنه يريد إزالة ملك المشتري عن الشقص الذي ملكه كذا هنا يزيل ملك البايع عن الحق. مسألة. لو اشترى عبدين من رجل بألف صفقة فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له رد المعيب بل إما أن يردهما معا أو يأخذ الأرش وللشافعي قولان مبنيان تفريق الصفقة فإن قلنا (الصفقة صح) لا يفرق تخير بين رد الجميع والترك وإن قلنا يفرق فله رد الكل وله رد المعيب خاصة وقال أبو حنيفة له إمساك الصحيح ورد المعيب إذا كان ذلك بعد القبض فأما قبل القبض فليس له لان قبل القبض عنده يكون تبعيضا للصفقة في الاتمام وبعد القبض تبعيض الصفقة إلا أن يكون مما ينقض لأنهما عينان ولا ضرر في أفراد أحدهما عن الآخر ووجد سببا الرد في أحدهما بعد القبض فجاز افراده بالرد كما لو شرط الخيار في أحدهما قال الشافعية ما لا يجوز تبعيض الصفقة فيه قبل القبض لم يجز بعده كزوجي خف ومصراعي باب وكذا قال أبو حنيفة إذا كان المبيع طعاما فأكل بعضه لم يرد الباقي لأنه يجرى مجرى العقد الواحد لان العيب ببعضه عيب لجميعه فلم يكن له كما لو كان طعاما شرط الخيار يستوى فيه قبل القبض وبعده هناك رضي به ولو رضي هنا بقبول بعضه جاز من الشافعية من يقول إن خيار الشرط أيضا مبنى على تفريق الصفقة فعلى القول بالرد فإنه يقوم الصحيح ويقوم المعيب ويقسم الثمن على قدر قيمتها فما يخص المعيب يسقط عنه إذا ثبت هذا فلو أراد المشترى رد المعيب خاصة ورضى البايع جاز لان الحق لا يعدوهما وهو أصح وجهي الشافعية ولو عرف بالعيب بعد بيع الصحيح لم يكن له رد الباقي عندنا وهو أصح قولي الشافعي ويرجع بالأرش ولو كان المبيع جملة يظهر فيها عيب بعد أن باع بعضها فلا رد عندنا وله الأرش في الباقي والخارج وللشافعي في الباقي وجهان أصحهما إنه يرجع لتعذر الرد ولا ينظر عود الزايل ليرد الكل كما لا ينظر زوال الحادث والوجهان جاريان في العبدين إذا باع أحدهما ثم عرف العيب ولم يجوز رد الباقي هل يرجع بالأرش وأما التالف بالبيع فحكمه حكم الكل إذا باعه. مسألة. لو اشترى عبدا ثم مات المشترى وخلف وارثين فوجدا به عيبا لم يكن لأحدهما رد حصته خاصة للتشقيص وهو عيب حدث في يد المشترى لان الصفقة وقعت متحدة فلا يجب على البايع أخذه بل له الأرش خاصة ولو اتفقا على الرد جاز قطعا وهو أصح قولي الشافعية وفيه وجه آخر لهم إنه ينفرد لأنه رد جميع ما ملك وليس بجيد لما بينا من إتحاد الصفقة ولهذا لو سلم أحد الابنين نصف الثمن لم يلزم البايع تسليم النصف إليه. مسألة. لو اشترى رجلان عبدا من رجل صفقة واحدة ثم وجدا به عيبا قبل أن يتصرفا فالذي نذهب إليه إنه ليس لهما الافتراق في الرد والأرش بل إما أن يردا معا ويسترجعا الثمن أو يأخذ الأرش معا وليس لأحدهما الرد وللآخر الأرش وبه قال أبو حنيفة ومالك في رواية والشافعي في أحد القولين لان العبد خرج عن ملك البايع دفعة كاملا والآن يعود إليه بعضه وبعض الشئ لا يشترى بما يخصه من الثمن لو بيع كله فلو رده إليه مشتركا فقد رده ناقصا لان الشركة عيب فلم يكن له ذلك كما لو حدث عنده عيب وقال الشافعي في الثاني له أن يرد حصته و يأخذ الآخر الأرش وهو أصح قوليه عندهم وبه قال أبو يوسف ومحمد والرواية الثانية عن مالك لان النصف جميع ما ملكه بالعقد فجاز له رده بالعيب كجميع العبد لو اشتراه واحد وليس فيه عندي بعد وقواه الشيخ أيضا إذ البايع اخرج العبد إليهما مشقصا فالشركة حصلت باختياره فلم تمنع من الرد بخلاف العيب. مسألة لو انعكس الفرض فاشترى رجل عبدا من رجلين فخرج معيبا فله أن يفرد نصيب أحدهما بالرد قطعا لان تعدد البايع يوجب تعدد العقد وأيضا فإنه لا يتشخص على المردود عليه ما خرج عن ملكه. مسألة. لو جوزنا لكل من المشتريين من الواحد عبدا الانفراد فانفرد أحدهما وطلب الرد وطلب الآخر الأرش بطلت الشركة و يخلص للمسك ما أمسك وللراد ما أسترد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني إن الشركة باقية بينهما فيما أمسكه الممسك واسترده الراد وإن منعنا الانفراد فلا فرق بين ما ينتقص بالتبعيض وما لا ينتقص كالحيوان فإنه ليس لأحدهما انه ينفرد بالرد والآخر بالأرش وللشافعية قولان مبنيان على أن المانع ضرر التبعيض أو اتحاد الصفقة ولو أراد الممنوع من الرد الأرش كان له ذلك سواء حصل اليأس من إمكان رد نصيب الآخر بعتقه مثلا وهو معسر أو لا وقالت الشافعية إن حصل الياس من إمكان رد نصيب الآخر فله أخذ الأرش وإن لم يحصل نظر إن رضي صاحبه بالعيب فيبنى على إنه لو اشترى نصيب صاحبه وضمه إلى نصيبه وأراد ان يرد الكل ويرجع بنصف الثمن هل يجبر على قبوله وجهان إن قلنا لا أخذ الأرش وإن قلنا نعم فذلك في أصح الوجهين لأنه توقع بعيد وإن كان صاحبه غايبا لا يعرف الحال ففي الأرش وجهان من جهة الحيلولة النادرة ولو تصرفا في العبد لم يكن لهما (الرد وكان لهما صح) الأرش فكذا لو تصرف أحدهما خاصة كان لهما الأرش أما المتصرف فيتصرفه أسقط حقه من الأرش وأما الآخر فلانه يبطل رده ببطلان رد الآخر ولو اشترى رجلان عبدا من رجلين كان كل واحد منهما مشتريا ربع العبد من كل واحد من البايعين فلكل واحد رد الربع إلى أحدهما إن جوزنا الانفراد ولو اشترى ثلثه من ثلثة كان كل واحد منهم مشتريا تسع العبد من كل واحد من البايعين ولو اشترى رجلان عبدين من رجلين فقد اشترى كل واحد من كل واحد ربع كل واحد فلكل واحد رد جميع ما اشترى من كل واحد عليه ولو رد ربع أحد العبدين وحده ففيه قولا تفريق الصفقة ولو اشترى بعض عبد في صفقة وباقيه في أخرى إما من البايع الأول أو من غيره فله رد أحد البعضين خاصة لتعدد الصفقة ولو علم بالعيب بعد العقد الأول ولم يمكنه الرد فاشترى الباقي فليس له رد الباقي وله رد الأول عند الامكان. مسألة. إذا أذن البايع للمشتري في التصرف في مدة الخيار فتصرف سقط خيارهما معا وبه قال الشافعي إذ قد وجد من كل منهما دلالة اللزوم وسقوط الخيار ثم التصرف إن كان عتقا نفذ وبطل خيارهما وإن كان بيعا أو هبة أو وقفا فكذلك عندنا وللشافعي وجهان هذا أحدهما لأنه منع من التصرف بحق البايع فإذا أذن فيه زال المانع فصح التصرف والثاني لا يصح تصرفه لأنه ابتدأ به قبل أن يتم ملكه وعلى الوجهين جميعا يلزم البيع ويسقط الخيار. مسألة. الخيار عندنا موروث لأنه من الحقوق كالشفعة والقصاص في جميع أنواعه وبه قال الشافعي إلا في خيار المجلس فإنه قال في البيوع إذا مات أحد المتبايعين في مجلس العقد فالخيار لوارثه وقال في المكاتب إذا باع فلم يتفرقا حتى مات المكاتب فقد وجب البيع وظاهره إن الخيار يبطل بموته واختلف الشافعية في ذلك على ثلاثة طرق منهم من قال إن الخيار لا يبطل بموت المكاتب أيضا وقوله فقد وجب البيع أراد أن البيع لم يبطل بموته وإنما هو باق وإن كانت الكتابة قد انفسخت بموته ومنهم من قال إن موت المكاتب يسقط الخيار وموت غيره من الأحرار لا يبطل على ظاهر النص والفرق إن السيد ليس بوارث للمكاتب وإنما يعود المكاتب رقيقا وفسخه السيد لحق الملك فلا ينوب منابه في الخيار بخلاف الحر ومنهم من قال إنهما قولان
(٥٣٦)