بسم الله الرحمن الرحيم وعليه نتوكل وبه نستعين . المقصد الثالث. في أفعال الحج وفيه فصول الأول في إحرام الحج. مسألة. وإذا فرغ المتمتع من عمرته وأحل من إحرامها وجب عليه الاتيان بالحج مبتديا بالاحرام بما للحج من مكة ويستحب ان يكون يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة إجماعا روى العامة عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا كان يوم التروية إن شاء فاغتسل ثم ألبس ثوبيك وأدخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرقطا دون الردم فلب فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى أما المكي فذهب مالك إلى أنه يستحب أن يهل بالحج من المسجد لهلال ذي الحجة روى عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وسعيد بن جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضا وهو قول احمد لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالاهلال يوم التروية ولأنه ميقات الاحرام فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كميقات المكان ولأنه لو أحرم المتمتع بحجة أو المكي قبل ذلك في أيام الحج فإنه يجزئه. مسألة.
ويحرم من مكة والأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو من مقام إبراهيم (ع) ويجوز أن يحرم من أي موضع شاء من مكة إجماعا روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله حتى أهل مكة يهلون منها ومن طريق الخاسة ما رواه عمر بن حريث الصيرفي إنه سأل الصادق (ع) من أين أهل بالحج فقال إن شئت من رحلك وإن شئت من الكعبة وإن شئت من الطريق ويستحب أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الأطلاء والاغتسال والتنظيف بإزالة الشعر والدعاء والاشتراط لما تقدم من الاخبار ويستحب أن يكون إحرامه عند الزوال يوم التروية بعد أن يصلى الفرضين بما تقدم في المسألة الأولى من كلام الصادق (ع) ويجوز أن يحرم أي وقت شاء من أيام الحج بعد فراغ عمرته بعد أن يعلم أنه يلحق عرفات ثم يفعل ما فعل عند الاحرام الأول من الغسل والتنظيف وأخذ الشارب وتقليم الأظفار وغير ذلك ثم يلبس ثوبي إحرامه ويدخل المسجد حافيا عليه السكينة والوقار ويصلى ركعتين عند المقام أو في الحجر وإن صلى ست ركعات كان أفضل وإن صلى فريضة الظهر وأحرم عقيبها كان أفضل فإذا صلى ركعتي الاحرام أحرم بالحج مفردا ويدعو بما دعى به عند الاحرام الأول غير أنه يذكر الحج مفردا لان عمرته قد مضت ويلبى إن كان ماشيا عند موضعه الذي صلى فيه وإن كان راكبا فإذا نهض به بعيره فإذا انتهى إلى الردم وأشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية لما تقدم. مسألة. ولا يسن له الطواف بعد إحرامه وبه قال بن عياش وعطا ومالك وإسحاق واحمد ولو فعل ذلك لغير عذر لم يجزيه عن طواف الحج وكذا السعي أما لو حصل عذر مثل مرض أو خوف حيض فإنه يجوز الطواف قبل المضي إلى عرفات لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه أن يهلوا بالحج إذا خرجوا إلى منى وقال الشافعي يجوز مطلقا. مسألة. قد بينا إنه يجب أن يحرم بالحج فإن أحرم بالعمرة سهوا وهو يريد الحج أجزأه لان علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم (ع) في الصحيح عن رجل دخل قبل التروية بيوم فأراد الاحرام بالحج فأخطأ فقال العمرة قال ليس عليه شئ فليعد الاحرام (بالحج ولو نسى الاحرام صح) يوم التروية بالحج حتى حصل بعرفات فليحرم من هناك فإن لم يذكر حتى يرجع إلى بلده فقد تم حجه فلا شئ عليه قال الشيخ (ره) لما رواه علي بن جعفر الصحيح عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن رجل نسى الاحرام بالحج فذكره وهو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم على كتابك وسنة نبيك فقد تم إحرامه فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه. الفصل الثاني في الوقوف بعرفات وفيه مباحث الأول في الخروج إلى منى يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلى الظهرين يوم التروية بها ثم يخرج (إلى منى صح) إلا الامام خاصة فإنه يستحب له أن يصلى الظهر والعصر بمنى يوم التروية ويقيم بها إلى طلوع الشمس وأطلق العامة على استحباب الخروج للامام وغيره من مكة قبل الظهر وأن يصلوا بمنى يوم التروية لنا ما رواه العامة عن ابن الزبير إنه صلى بمكة وعن عايشه أنها تختلف يوم التروية حتى ذهب ثلثا الليل ومن طريق الخاصة رواية معوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (ع) إنه يصلى الظهر بمكة وأما الامام فإنه يستحب له الخروج قبل الزوال ليصلى الظهرين يوم التروية بمنى لما رواه جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا ينبغي للامام أن يصلى الظهر إلا بمنى يوم التروية ويبيت بها ويصح حتى تطلع الشمس ويخرج. مسألة. يجوز للشيخ الكبير والمريض والمرأة وخائف الزحام المبادرة إلى الخروج قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة للضرورة ولرواية إسحاق بن عمار الصحيحة قال سألت الكاظم (ع) عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم التروية قال نعم قلت فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك قال لا قلت يتعجل بيوم قال نعم قلت يتعجل بيومين قال نعم قلت ثلاثة قال نعم قلت أكثر من ذلك قال لا. مسألة. يستحب له عند التوجه إلى منى الدعاء بالمنقول وإذا نزل منى دعا بالمأثور قال الصادق (ع) إنه في الصحيح إذا انتهيت إلى منى فقل اللهم هذه منى وهي مما مننت به علينا من المناسك فأسئلك أن تمن على بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك وفى قبضتك ثم تصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والامام يصلى بها الظهر لا يسعه إلا ذلك وموسع أن تصلى بغيرها إن لم تقدم ثم تذكرهم بعرفات قال وحد منى من العقبة إلى وادى محسر ولو صادف يوم التروية يوم الجمعة فمن أقام بمكة حتى تزول الشمس ممن تجب عليه الجمعة لم يجز له الخروج حتى يصلى الجمعة لأنها فرض والخروج في هذا الوقت ندب أما قبل الزوال فإنه يجوز له الخروج وهو أحد قولي الشافعي لان الجمعة الآن غير واجبة والثاني للشافعي لا يجوز. إذا عرفت هذا فإن الشيخ (ره) قال يستحب للامام أن يخطب أربعة أيام من ذي الحجة يوم السابع منه ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأول يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم لما روى جابر إن النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر بمكة يوم السابع وخطب ويأمر الناس في خطبته بالغد وإلى منى ويعلمهم ما بين أيديهم من المناسك وبه قال الشافعي وقال احمد لا يخطب يوم السابع ولو وافق يوم الجمعة خطب بالجمعة وصلاها ثم خطب هذه الخطبة ثم يخرج بهم اليوم الثامن وهو يوم التروية إلى منى. مسألة. ويستحب المبيت ليلة عرفه بمنى للاستراحة وليس بنسك فلا يجب بتركة شئ ويبيت إلى طلوع الفجر من يوم عرفة ويكره الخروج قبل الفجر إلا لضرورة كالمريض والخايف لما رواه في الصحيح الشيخ عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) من قوله ثم يصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة. إذا ثبت هذا فالأفضل له أن يصبر حتى تطلع الشمس فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر جاز ذلك لكن ينبغي له أن لا يجوز وادى محسر إلا بعد طلوع الشمس لقول الصادق لا يجوز وادى محسر حتى تطلع الشمس أما الامام فلا يخرج من منى إلا بعد طلوع الشمس لقول الصادق (ع) من السنة أن لا يخرج الامام من منى إلى عرفات حتى تطلع الشمس ويجوز للمعذور كالمريض وخائف الزحام والماشي الخروج قبل أن يطلع الفجر و يصلى الفجر في الطريق للضرورة رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائي إنه قال للصادق (ع) إنا مشاة كيف نصنع فقال أما أصحاب الرحال فكانوا يصلون الغداة بمنى وأما