مضمونا على الشخص بالقيمة فإذا تلف البعض كان مضمونا عليه ببعض القيمة كالمغصوب وغيره إلا في صورة واحدة وهي ما إذا عجل زكاته ثم تلف ماله قبل الحول و كان ما عجل تالفا يغرم المسكين القيمة ولو تعيب ففي الأرش وجهان للشافعية. تذنيب لو اختلفا في القيمة الواجبة عليه أو الأرش قدم قول المشترى مع اليمين لأنه الغارم. مسألة. التلف قد يكون حقيقيا كما لو هلكت العين وقد يكون حكميا كما لو أعتق المشترى أو وقف أو باع أو وهب واقبض وتعوض وهنا يكون للبايع انتزاع العين ويحكم ببطلان هذه العقود وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم إن هذه التصرفات بمنزلة الاتلاف فيجب القيمة وتبقى هذه التصرفات على الصحة وليس جيدا والتعيب أيضا قد يكون حقيقيا كما لو تلف جزء من المبيع أو نقصت صفة من صفاته وقد يكون حكميا كما لو زوج الجارية المبيعة أو العبد المبيع فعندنا يبطل النكاح إن لم يجز البايع وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم على المشترى ما بين قيمتها مزوجة وخلية وتعود إلى البايع والنكاح بحاله. مسألة. لو كان العبد المبيع قد أبق من يد المشترى كان عليه قيمته للبايع إذا حلف إنه لم يبعه لتعذر الوصول إليه وقال الشافعي إذا تحالفا لم يمتنع الفسخ فإن الاباق لا يزيد على التلف ويغرم المشترى القيمة كما قلناه ولو كاتبه المشترى كتابة صحيحة كان للبايع فسخها وقال الشافعي يتم مكاتبا ثم يغرم المشترى القيمة كالاباق ولو رهنه كان للبايع انتزاعه وقال الشافعي تخير البايع بين أخذ القيمة والصبر إلى انفكاك الرهن ولو آجره كان للبايع أخذه وفسخ الإجارة وقال الشافعي يبنى على أن بيع المستأجر هل يجوز إن قلنا لا فهو كما لو رهنه وإن قلنا نعم فللبايع أخذه لكنه يترك عند المستأجر إلى انقضاء المدة والأجرة المسماة للمشترى وعليه للبايع أجرة المثل للمدة الباقية وإن كان قد آجره من البايع فله أخذه لا محالة وفي انفساخ الإجارة وجهان كما لو باع الدار المستأجرة من المستأجر إن قلنا لا ينفسخ فعلى البايع المسمى للمشترى وعلى المشترى أجرة مثل المدة الباقية للبايع وإذا غرم القيمة في هذه الصورة ثم ارتفع السبب الحايل وأمكن الرد هل يسترد القيمة ويرد العين يبنى ذلك على إنه قبل ارتفاع الحايل ملك من هو أما الآبق ففيه وجهان أحدهما إنه يبقى للمشترى والفسخ لا يرد على الآبق وإنما هو وارد على القيمة وأصحهما عندنا وعندهم إنه في إباقه ملك البايع والفسخ وارد عليه وإنما وجبت القيمة للحيلولة وأما المرهون والمكاتب ففيهما طريقان أحدهما طرد الوجهين وأظهرهما عندهم القطع ببقاء الملك للمشترى كما إن المشترى إذا فلس بالثمن والعبد ابق يجوز للبايع الفسخ والرجوع إليه ولو كان مرهونا أو مكاتبا ليس له ذلك والوجه عندنا بطلاق الكتابة والرهن كما قلنا وأما المكترى إذا منعنا بيعه فهو كالمرهون والمكاتب أو كالآبق لان حق المكترى لا يتعلق بمورد البيع والفسخ وهو الرقبة فيه للشافعية إحتمالات قال الجويني وإن قلنا ببقاء الملك للمشترى فالفسخ وارد على القيمة كما في صورة التلف فلا رد ولا استرداد وإذا قلنا بانقلابه إلى البايع ثبت الرد والاسترداد عند ارتفاع الحيلولة مسألة. لو اختلف المتبايعان فادعى أحدهما حرية العبد المبيع وأنكر الاخر فالقول قول المنكر مع يمينه قال الشافعي إذا حلف كل منهما فبعد التحالف أو قبله لم يحكم بحرية العبد المبيع إن لم يكن الامر كما قال فلا يعتق العبد في الحال لأنه ملك المشتري وهو صادق بزعمه ثم إن فسخ العقد أو عاد العبد إلى البايع بسبب آخر عتق عليه لان المشترى كاذب بزعمه والعبد قد عتق عليه فهو بمنزلة من أقر بحرية العبد ثم اشتراه ولا يعتق في الباطن إن كان البايع كاذبا و يعتق على المشترى إن كان صادقا وولاء هذا العبد موقوف لا يدعيه البايع ولا المشترى ولو صدق المشترى البايع حكم بعتقه عليه ويرد الفسخ إن تفاسخا كما لو رد العبد بعيب ثم قال كنت أعتقته يرد الفسخ ويحكم بعتقه ولو صدق البايع المشترى نظر إن حلف البايع بالحرية أولا ثم المشترى فإذا صدقه البايع عقيب يمينه ثم عاد العبد إليه لم يعتق لأنه لم يكذب المشترى بعد ما حلف بحريته حتى يجعل مقرا يعتقه وإن حلف المشترى بحريته أولا ثم حلف البايع وصدقه عتق إذا عاد إليه لان حلفه بعد حلف المشترى تكذيب له وإقرار بالحرية عليه ولو كان المبيع بعض العبد فإذا عاد إلى ملك البايع عتق ذلك القدر عليه ولم يقوم عليه الباقي لأنه لم يحصل العتق لمباشرته بل بإقراره على غيره فصار كما لو خلف ابنين وعبدا وقال أحدهما إن أبى أعتق هذا العبد وأنكره الآخر فعتق نصيب المقر ولا يقوم عليه الباقي. مسألة. لو كان المبيع جارية ووطئها المشترى ثم اختلفا في قدر الثمن حلف المشترى عندنا إن كانت السلعة تالفة وإن كانت باقية حلف البايع وعند الشافعي (يتحالفان صح) ثم إن كانت ثيبا فلا أرش عليه مع ردها وإن كانت بكرا ردها مع أرش البكارة لأنه نقصان جزء ولو ترافعا إلى مجلس الحكم ولم يتحالفا بعد فأصح وجهي الشافعية إن للمشترى وطى الجارية لبقاء ملكه وبعد التحالف وقبل الفسخ وجهان قريبان واولى بالتحريم لاشرافه على الزوال. مسألة. لو جرى البيع بين الوكيلين واختلفا للشافعي في تحالفهما وجهان وجه المنع إن عرض اليمين ليخاف الظالم فيقر وإقرار الوكيل على موكله غير مقبول ولو تقايل المتبايعان أو رد المشترى المبيع بالعيب بعد قبض البايع الثمن واختلفا في قدر الثمن فالقول قول البايع مع يمينه قاله الشافعي لأن العقد قد ارتفع والمشترى يدعى زيادة والأصل عدمها. مسألة لو ادعى الفسخ قبل التفرق وأنكر الآخر قدم قول المنكر مع اليمين لأصالة البقاء ولو قلنا بالتحالف فيما إذا اختلفا في قدر الثمن فاختلفا في قيمة السلعة التالفة رجع إلى قيمة مثلها موصوفا بصفاتها فاختلفا في الصفة قدم قول المشترى لأصالة برائته ولو تقايلا البيع أو رد بعيب بعد قبض الثمن ثم اختلفا في قدره قدم قول البايع مع يمينه لأنه منكر لما يدعيه المشترى بعد الفسخ ولو قال بعتك وأنا صبى فقال بل كنت بالغا قدم قول مدعى الصحة ويحتمل تقديم قول البايع لأصالة البقاء ولو قال بعت وأنا مجنون ولم يعلم له سبقه قدم قول المشترى مع يمينه وإلا فكالصبى. خاتمة. تشتمل على الإقالة. مسألة. الإقالة بعد البيع جايزة بل يستحب إذا ندم أحد المتعاقدين على البيع قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أقال أخاه المسلم صفقة يكرهها أقاله الله عثرته يوم القيمة إذا عرفت هذا فالإقالة أن يقول المتبايعان تقايلنا أو تفاسخنا أو يقول أحدهما أقلتك فيقبل الآخر ولو تقايلا بلفظ البيع فإن قصدا الإقالة المحضة لم يلحقها لواحق البيع حيث لم يقصداه. مسألة الإقالة فسخ العقد الأول وليس بيعا عندنا وهو أصح قولي الشافعي لأنها لو كانت بيعا لصحت مع غير البايع وبغير الثمن الأول وقال في القديم إنها بيع وبه قال مالك لأنها نقل ملك بعوض بايجاب وقبول فأشبهت التولية والمشابهة لا تستلزم الاتحاد وتعارض بما تقدم وبأن المبيع رجع إليه بلفظ لا ينعقد به البيع إبتداء فلم يكن بيعا كالرد بالعيب إذا عرفت هذا فالإقالة إذا ذكرت بلفظ الإقالة فيه الخلاف السابق أما إذا ذكرت بلفظ الفسخ فلا خلاف في أنها فسخ وليست بيعا قاله بعض الشافعية. مسألة. والإقالة فسخ في حق المتعاقدين وغيرهما للأصل ولان الصيغة ليست لفظ بيع ولان ما كان فسخا في حق المتعاقدين كان فسخا في حق غيرهما كالرد بالعيب وقال أبو حنيفة إنها فسخ في حق المتعاقدين وهي بمنزلة البيع في حق غيرهما فيثبت فيها الشفعة للشفيع لان الإقالة نقل ملك بعوض هو مال فيثبت فيه الشفعة كالمبيع ويمنع كونها نقل ملك بل إعادة للملك الأول فبها يعود الملك الأول إذا فسخ العقد وقال أبو يوسف هي بيع بعد القبض وفسخ قبله إلا في العقار فإنه بيع فيه قبل القبض وبعده. مسألة. لا يثبت الشفعة عندنا بالإقالة وإن أتى بها قاصدا لها بلفظ البيع لان القصد المعنى وقال أبو حنيفة يثبت فيها الشفعة وإن كان بلفظ الإقالة ولو تقايلا في الصرف لم يجب التقابض في المجلس لأنها ليست بيعا ومن جعلها (أوجبنا التقابض فيه ويجوز الإقالة قبل قبض المبيع لأنها ليست بيعا ومن جعلها صح) بيعا منع ويجوز في السلم قبل القبض إن كان فسخا وإن كانت بيعا فلا ولا يجوز الإقالة بعد تلف المبيع
(٥٧٩)