خلافا لمالك فإذا اشترط في ابتداء إحرامه أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفذت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع فإنه يحل متى وجد ذلك المانع وفي سقوط هدى التحلل قولان والشروط لا يؤثر في سقوط القضاء إن كان الحج واجبا خلافا لبعض العامة وينبغي أن يشترط ما له فايدة فلو قال إن تحلني حيث شئت فليس له ذلك ولو قال أنا ارفض إحرامي وأحل فلبس وذبح الصيد وغيره من تروك الاحرام من غير صد أو حصر لم يحل ووجبت الكفارة لان الاحرام لا يفسد برفضه لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد فلا يخرج منها برفضها بخلاف ساير العبادات التي يخرج منها بإفسادها كالصلاة وإن وطى قبل الموقفين أفسد حجه ووجب إتمامه وبدنة والحج من قابل سواء كان الوطي قبل ما فعله من الجنايات أو بعده فإن الجناية على الاحرام الفاسد توجب الجزاء كالجناية على الاحرام الصحيح وليس عليه لرفضه شئ لأنه مجرد نية لم تؤثر شيئا. مسألة. العدو الصاد إن كان مسلما فالأولى الانصراف عنه لان في قتاله مخاطرة بالنفس والمال إلا أن يدعوهم الامام أو نائبه إلى قتالهم ويجوز قتالهم لانهم تعدوا على المسلمين بمنعهم الطريق وإن كانوا مشركين لم يجب على الحاج قتالهم قال الشيخ (ره) وإذا لم يجب قتالهم لم يجز سواء كانوا قليلين أو كثيرين و للشافعي قول بوجوب قتالهم إذا لم يزد عدد الكفار على الضعف والوجه انه إذا غلب ظن المسلمين بالغلبة جاز قتالهم ويجوز تركة فيتحلل الحاج ولو ظن المسلمون الانقهار لم يجز قتالهم لئلا يغزوا بالمسلمين فلو احتاج الحاج إلى لبس السلاح وما يجب فيه الفدية لأجل الحرب جاز وعليهم الفدية كما لو لبس لدفع الحر والبرد ولو قتلوا أنفسا واتلفوا مالا لم يضمنوا ولو قتل المسلمون صيد الكفار كان عليهم الجزاء لله ولا قيمة للكفار إذ لا حرمة لهم ولو بذل العدو الطريق وكانوا معروفين بالعذر جاز التحلل والرجوع وإلا فلا ولو طلب العدو مالا لتخلية الطريق فإن لم يوثق بهم لم يجب بذله إجماعا لبقاء الخوف وإن كانوا مأمونين فإن كثر لم يجب بل يكره إن كان العدو كافرا لما فيه من الصغار وتقوية الكفار وإن قتل قال الشيخ (ره) لا يجب بذله كما لا يجب في ابتداء الحج بذل مال بل يتحلل. مسألة. إذا تحلل المصدود بالهدى فإن كان الحج واجبا قضى ما تحلل منه إن كان حجا وجب عليه حج لا غير وبه قال الشافعي لأنه احصر عن الحج فلا يلزمه غيره كمن احصر عن العمرة لا يلزمه غيرها وقال أبو حنيفة يجب عليه حج وعمرة معا لان المصدود فائت الحج وفائت الحج يتحلل بأفعال العمرة فإذا لم يأت بأفعال العمرة في الحال يجب عليه قضاؤها ونمنع مساواة الصد لفائت الحج والصدقة يتحقق في العمرة وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله (فإن أحصرتم صح) " ذكر ذلك عقيبهما فينصرف إلى كل منهما وسئل ابن مسعود عن معتمر لدغ فقال إبعثوا عنه هديا فإذا ذبح عنه فقد حل ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد كان معتمرا وقال مالك لا يتحقق (يتحلل) لأنه ليس للعمرة وقت معلوم فيمكنه اللبث إلى أن يزول الاحصار ثم يؤدى وهو يستلزم الحرج لعدم العلم بالغاية. مسألة. إذا صد عن المضي إلى مكة أو إلى الموقفين كان له التحلل بالهدى على ما تقدم هذا إذا منع من المضي دون الرجوع والسير في صوب اخر وأما إذا أحاط العدو بهم من جميع الجهات كلها فكذلك عندنا وهو أصح قول الشافعي لانهم يستفيدون به الامر من العدو الذي بين أيديهم والثاني ليس لهم التحلل لانهم لا يستفيدون به أمنا فأشبه المريض ليس له التحلل والأصل ممنوع ولا بدل لهدى التحلل على ما تقدم خلافا للشافعي في أحد قوليه وعلى القولين لابد من نية التحلل وهل يجب الحلق للشافعي قولان إن قلنا إنه نسك فنعم وإلا فلا فخرج من هذا إنا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النية فالتحلل يحصل بثلاثتها وإن خرجنا الذبح عن الاعتبار فالتحلل يحصل بالحق مع النية أو بمجرد النية فيه وجهان. مسألة. إحرام العبد منعقد سواء كان بإذن السيد أو بدونه ثم إن أحرم بإذنه لم يكن له تحليله سواء بقى نسكه صحيحا أو أفسده ولو باعه والحال هذه لم يكن للمشترى تحليله لكن له الخيار مع جهله بإحرامه وإن أحرم بغير إذنه يستحب له الاذن في الاتمام وله تحليله لان تقريره على الحج إبطال لمنافعه عليه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة له تحليله سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه ولو أذن له في الاحرام فله الرجوع قبل أن يحرم فإن رجع ولم يعلم به العبد فأحرم فله تحليله وللشافعي وجهان ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحج فله تحليله ولو كان بالعكس لم يكن له تحليله لأن العمرة دون الحج قاله الشافعي وفيه نظر ولو أذن له في التمتع فله منعه من الحج بعد ما تحلل من العمرة قاله الشافعي وفيه إشكال وليس له تحليله من العمرة ولا من الحج بعد تلبسه به ولو أذن له في الحج أو في التمتع فقرن قال الشافعي ليس له تحليله ولو أذن له أن يحرم في ذي القعدة فأحرم في شوال فله تحليله قبل ذي القعدة لا بعده . البحث الثاني. في المحصور. مسألة. إذا تلبس الحاج بالاحرام ثم مرض بحيث لا يتمكن معه من المضي إلى مكة أو إلى الموقفين بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه وإن لم يكن ساق بعث هديا أو ثمنه ولا يخل حتى يبلغ الهدى محله وهو منى إن كان حاجا ومكه إن كان معتمرا فإذا بلغ الهدى محله أحل من كل شئ إلا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه فتحل له النساء حينئذ هذا مذهب علمائنا وبه قال بن مسعود وعطا والثوري والنخعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين إلا أن أصحاب الرأي لم يعتبروا طواف النساء بل قالوا يحل بالبلوغ إلى المحل لقوله تعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كسر أو عرج فقد حل عليه حجة أخرى وفي رواية فعليه الحج من قابل ومن طريق الخاصة قول الصادق في رجل أحصر قال يواعد أصحابه ميعادا فإن كان في حج فحل؟ الهدى النحر الحديث وقال الشافعي لا يجوز له التحلل أبدا إلى أن يأتي به فإن فاته الحج تحلل بعمرة وبه قال بن عمر وبن عباس ومالك واحمد في الرواية الأخرى لأنه لا يستفيد بالاحلال الانتقال من حال ولا التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصر العدو ونمنع عدم الانتقال وعدم التخلص من الأذى لا يمنع من التحلل. مسألة. إذا بعث الهدى انتظر وصوله إلى المحل فإذا كان يوم المواعدة قصر من شعر رأسه وأحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء فإنهن لا يحللن له حتى يحج من قابل ويطوف طواف النساء إن كان الحج واجبا أو يطاف عنه في القابل إن كان تطوعا قاله علماؤنا ولم يعتبر الجمهور ذلك بل حكم بعضهم بجواز الاحلال مطلقا وآخرون بالمنع مطلقا وقد قال الصادق (ع) في الصحيح المحصور لا تحل له النساء ولو وجد في نفسه خفة بعد بعث هديه وأمكنه اللحوق بأصحابه لحق لأنه محرم بأحد النسكين فيجب عليه إتمامه للآية فإن أدرك أحد الموقفين أدرك الحج وإن فاتاه معا فاته الحج وكان عليه الحج من قابل الرواية الصحيحة عن الباقر (ع) قال إذا احصر الرجل بعث هديه فإن أفاق ووجد من نفسه خفة إن ظن أن يدرك هديه قبل أن ينحر فإن قدم مكة قبل أن ينحر هديه فليقم على إحرامه حتى يقضى المناسك وينحر هديه ولا شئ عليه وإن قدم مكة وقد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل والعمرة قلت فإن مات قبل أن ينتهى إلى مكة قال إن كانت حجة الاسلام يحج عنه ويعتمر فإنما هو شئ عليه. مسألة. لو تحلل يوم الميعاد ثم ظهر أن أصحابه لم يذبحوا عنه لم يبطل تحلله ووجب عليه أن يبعث به في القابل ليذبح عنه في موضع الذبح لان تحلله وقع مشروعا وقال الصادق (ع) في الصحيح فإن ردوا عليه الدراهم ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا قال الشيخ (ره) إذا بعث في العام المقبل وجب عليه أن يمسك (مما يمسك صح) عنه المحرم إلى أن يذبح عنه لهذه الرواية ومنعه بن إدريس للأصل ولأنه ليس بمحرم فكيف يحرم عليه شئ وهو غير محرم ولا في الحرم وكذا من بعث هديا تطوعا من أفق من الآفاق قال الشيخ (ره) يواعد أصحابه يوما يعينه ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك إلا أنه لا يلبى فإن فعل ما يحرم على المحرم كان عليه الكفارة كما تجب على المحرم سواء فإذا كان اليوم
(٣٩٧)