لان حصولها في المرمى لم يكن بفعله ولو رمى بحصاة كان قد رماها فأصابت غير المرمى فأصاب المرمى ثانيا صح ولو أصابت الحصاة إنسانا أو غيره ثم وقعت على المرمى أجزأه لقول الصادق (ع) في الصحيح وإن أصاب إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك. مسألة. ويرمى كل حصاة بانفرادها فلو رمى الحصاة دفعة واحدة لم يجزئه لان النبي صلى الله عليه وآله رمى متفرقا وقال خذوا عني مناسككم وبه قال ما لك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وقال عطا يجزئه وهو مخالف لما فعله النبي صلى الله عليه وآله ويرمى جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها مستحبا إجماعا لما روى العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله رمى الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) وارمها من بطن الوادي واجعلهن على يمينك كلها ويستحب أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة بخلاف غيرها من الجمار وهو قول أكثر العلماء لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه رمى جمرة العقبة مستدبر القبلة وينبغي أن يرميها من قبل وجهها ولا يرميها من أعلاها لقول الصادق (ع) في الحسن ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها قال الشيخ (ره) جميع أفعال الحج يستحب أن تكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين ورمى الجمار إلا جمرة العقبة يوم النحر فإن النبي صلى الله عليه وآله رماها مستقبلها ومستدبرا للكعبة. إذا عرفت هذا فلا ينبغي أن يرميها من أعلاها وروى العامة إن عمر جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها وهو ممنوع لما رووه عن عبد الله بن سويد إنه مشى مع عبد الله بن مسعود وهو يرمى الجمرة فلما كان في بطن الوادي اعترضها فرماها فقيل له إن ناسا يرمونها من فوقها فقال من ههنا والذي لا إله غيره لم رأيت الذي نزلت عليه سورة البقرة رماها ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) ولا ترم أعلى الجمرة وقول الصادق (ع) ولا ترمها من أعلاها. مسألة. ويستحب أن يرميها خذفا بأن يضع كل حصاة على بطن إبهامه ويدفعها بظفر السبابة لقول الرضا (ع) قال تخذفهن خذفا وتضعها وتدفعها بظفر السبابة ولو رماها على غير هذه الصفة أجزأ ويستحب أن يكون بينه وبين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا لقول الصادق (ع) وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا ويستحب أن يكبر مع كل حصاة ويدعو بالمنقول قال الشافعي ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالرمي لان التلبية شعار الاحرام والرمي أخذ في التحليل وقال القفال إذا رحلوا من مزدلفة مزجوا التلبية بالتكبير في ممرهم فإذا انتهوا إلى الجمرة وافتتحوا الرمي محضوا التكبير. البحث الثالث. في الاحكام. مسألة. يجب الاتيان إلى منى لقضاء المناسك بها من الرمي والذبح والحلق أو التقصير وينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى لان النبي صلى الله عليه وآله سلكها وحد منى من العقبة إلى وادى محسر لقول الصادق (ع) حد منى من العقبة إلى وادى محسر وهو قول عطا والشافعي. مسألة. لا يشترط في الرمي الطهارة وإن كانت أفضل فيجوز للمحدث والجنب و الحايض وغيرهم الرمي إجماعا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه أمر عايشه بالاتيان بأفعال الحج سوا الطواف وكانت حايضا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الحسن ويستحب أن يرمى الجمار على طهر ويجوز الرمي راجلا وراكبا والأول أفضل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه كان لا يأتيها يعنى جمرة العقبة إلا ماشيا ذاهبا وراجعا ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) في الصحيح عن آبائه (ع) قال كان رسول الله (ص) يرمى الجمار ماشيا وقد روى العامة عن جعفر الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) عن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله يرمى على راحلته يوم النحر ويقول تأخذوا عنى مناسككم فإني لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتي هذه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح وقد سأله معاوية بن عمار عن رجل ورمى الجمار وهو راكب قال لا بأس به ويستحب أن يرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطه قال بعض العامة لان النبي (ص) فعله وأنكر ذلك مالك ويستحب أن لا يقف (عند جمرة العقبة ولا نعلم فيه خلافا لان ابن عباس وابن عمر رويا إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف صح) ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) ولا يقف عند جمرة العقبة. مسألة. يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها قال بن عبد البر أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وآله رماها ضحى ذلك اليوم وقال جابر رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله (يرمى الجمرة) رمى جمرة العقبة ضحى يوم النحر وحده وقال بن عباس قدمنا رسول الله صلى الله عليه وآله أغيلمة بنى عبد المطلب على جمرات لنا من جمع فجعل يلطخ افخادنا ابني؟ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وقد رخص للمعذور كالخائف والعاجز والمرأة والراعي والعبد في الرمي ليلا (من نصفه صح) للعذر أما غيرهم فليس لهم الرمي إلا بعد طلوع الشمس وبه قال مجاهد والثوري والنخعي لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل طلوع الفجر ثم مضت فأفاضت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بأن يرمى الخايف بالليل ويضحى ويفيض بالليل وجوز الشافعي وعطا وابن أبي ليلى وعكرمة بن خالد الرمي ليلا من نصفه الأخير للمعذور وغيره وعن أحمد إنه لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع الفجر وهو قول مالك وأصحاب الرأي وإسحاق وابن المنذر. مسألة. يجوز تأخير الرمي إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك قال بن عبد البر أجمع أهل العلم على أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن ذلك مستحبا لان بن عباس قال كان النبي (ع) يسأل يوم النحر بمنى وقال رجل رميت بعد ما أمسيت فقال لا حرج. إذا عرفت هذا فلو غابت الشمس فقد فات الرمي فليرم من غده وبه قال أبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن بن عمر قال من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق قال سألته عن رجل أفاض من جمع حتى إنتهى إلى منى فعرض له فلم يرم حتى غابت الشمس قال يرمى إذا أصبح مرتين مرة لما فاته والاخرى ليومه الذي يصبح فيه وليفرق بينهما يكون أحدهما بكرة وهو الأمس والاخر عند زوال الشمس وقال الشافعي ومحمد وابن المنذر ويعقوب يرمى ليلا لقوله (ع) إرم ولا حرج وجوابه إنه إنما كان في النهار لأنه سأله في يوم النحر ولا يكون اليوم إلا قبل الغروب وقال مالك يرمى ليلا ثم اضطرب قوله فتارة أوجب الدم حينئذ وتارة أسقطه. مسألة. يستحب الرمي عند زوال الشمس لقول الصادق (ع) في الصحيح إرم في كل يوم عند زوال الشمس ويستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة إجماعا لقول الصادق (ع) في الصحيح ثم تمضى إلى الجمرة الثالثة وعليك السكينة والوقار ولا تقف عندها ولان يعقوب بن شعيب سأل في الصحيح الصادق عن الجمار فقال قم عند الجمرتين ولا تقم عند جمرة العقبة فقلت هذا من السنة فقال نعم قلت ماذا أقول إذا رميت قال كبر مع كل حصاة قال الشيخ (ره) وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف ووقت الأجزاء من طلوع الفجر اختيارا فإن رمى قبل ذلك لم يجزئه ولصاحب العذر الرمي ليلا وبمثل ما قلناه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وقال الشافعي أول وقت الأجزاء إذا انتصفت ليلة النحر وبه قال عطا وعكرمة. مسألة. قدر حصى الجمار سبعون حصاة سبع منها لجمرة العقبة يرمى يوم النحر خاصة ويرمى في كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصياة يبدأ بالأولى وهي العظمى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة إجماعا ويستحب غسل حصا الجمار وبه قال ابن عمر وطاوس لان ابن عمر غسل والظاهر أنه توقيف ولاحتمال ملاقاته لنجاسة فمع الغسل يزول الاحتمال وإن لم يكن معتبرا شرعا ولو كان الحجر نجسا
(٣٧٧)