في مكانه مباح له فلا يلزمه أن ينصرف عنه لأجل غيره وليس بجيد لان في الانصراف حفظ النفس فوجب وكذا المضطر إلى أكل ميتة أو نجاسة أو شرب نجس يجب عليه تناوله لحفظ الرمق وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا يجب لأنه يتوقى النجاسة وليس بجيد لأن النجاسة حكم شرعي وقد عفى عنه فلا يتلف نفسه لذلك. الفصل السابع.
في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر. مسألة. الامر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء والنهى نقيضه ولا يشترط العلو والمعروف هو الفعل الحسن المختص بوصف زايد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه والمنكر هو الفعل القبيح إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه والحسن ما للقادر عليه المتمكن منه ومن العلم بحسنه أن يفعله وأيضا ما لم يكن على صفة تؤثر في استحقاق الذم والقبيح هو الذي ليس للمتمكن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله أو الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذم والحسن شامل للمباح و المندوب والواجب والمكروه والقبيح هو الحرام وقد يطلق في العرف الحسن على ماله مدخل في استحقاق المدح فيتناول الواجب والمندوب خاصة. مسألة. في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فضل عظيم وثواب جزيل قال الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " وقال تعالى " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون وقال الصادق (ع) إن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني ما فضل الاسلام قال الايمان بالله قال ثم ماذا قال صلة الحرم قال ثم ماذا قال الامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال فقال الرجل فأي الأعمال أبغض إلى الله عز وجل قال الشرك بالله قال ثم ماذا (قال قطيعة الرحم قال ثم ماذا قال) ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد حذر الله تعالى في كتابه عن ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله " لعن الذين كفروا " الآية وقوله لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقه أو معروف أو إصلاح بين الناس وقال أبو الحسن (ع)؟ لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم وقال الباقر (ع) ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر وقال الصادق (ع) ما قدست أمة لم تأخذ لضعيفها من قويها بحقه غير مضيع وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بضع ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء وقال الصادق (ع) لقوم من أصحابه إنه قد حق لي أن آخذ البرى منكم بالسقيم وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكروه عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه. مسألة. المعروف قسمان واجب وندب فالامر بالواجب واجب وبالمندوب ندب وأما المنكر فكله حرام فالنهي عنه واجب ولا خلاف في ذلك قال الله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الاثم والعدوان " وقال خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين وقال الباقر (ع) يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤن يتعرون وينسكون حدباء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا إذا آمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال ولو أضرت الصلاة بساير ما يعملون من أموالهم وأبنائهم لرفضوها كما رفضوا أتم الفرايض وأشرفها إن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرايض هناك بهم غضب الله عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في دار الكبار إن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين فريضة عظيمه بها تقام الفرايض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الامر فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم فإن اتعظوا إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم هناك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بالظلم ظفرا حتى يفيؤوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته قال اوحى الله تعالى إلى شعيب النبي (ع) إني لمعذب من قومك مئة ألف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله تعالى إليه داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي. مسألة. اختلف علماؤنا في وجوبهما فقال بعضهم إنه عقلي فإنا كما نعلم وجوب رد الوديعة وقبح الظلم نعلم وجوب الامر بالمعروف الواجب ووجوب النهى عن المنكر وقال بعضهم إنه سمعي لأنه معلوم من دين النبي (ص) وقد دل السمع عليهما كما تقدم ولو وجبا بالعقل لما ارتفع معروف ولما وقع منكر أو كان الله تعالى مخلا بالواجب والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية إن الامر بالمعروف هو الحمل على فعل المعروف والنهى عن المنكر هو المنع منه فلو كانا واجبين بالعقل لكانا واجبين على الله تعالى لان (كل صح) واجب عقلي فإنه يجب على كل من حصل فيه وجه الوجوب ولو وجبا على الله تعالى لزم الامرين وأما بطلانهما فظاهر أما الأول فلانه يلزم منه الالجاء وأما الثاني فلانه تعالى حكيم يستحيل منه فعل القبيح والاخلال بالواجب لا يقال الالجاء وارد عليكم لو وجبا على المكلف لان الامر هو الحمل والنهى هو المنع ولا فرق بين صدورهما من الله تعالى أو المكلف في اقتضائهما الالجاء وهو يبطل التكليف لأنا نقول منع المكلف لا يقتضي الالجاء لأنه لا يقتضى الامتناع بل هو مقرب وهو يجرى مجرى الحدود في اللطفية ولهذا تقع القبايح مع حصول الانكار. مسألة. واختلف علماؤنا في وجوبهما على الأعيان أو على الكفاية فقال السيد المرتضى إنهما على الكفاية وقال الشيخ (ره) إنهما على الأعيان لقوله (ع) لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر وهو عام ونقول بموجبه فإن الواجب على الكفاية يخاطب به الكل ويسقط بفعل البعض احتج السيد (ره) بأن الغرض؟ وقوع المعروف وارتفاع المنكر فمتى حصلا صار التعاطي لهما عبثا. مسألة. شرايط وجوبه أربعة الأول أن يعلم الامر والناهي المعروف معروفا ومنكرا لئلا يغلط فيأمر بالمنكر وينهى عن المعروف الثاني أن يجوز تأثير إنكاره فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لا يجب الامر بالمعروف ولا النهى عن المنكر و شرط في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر باليد واللسان دون القلب فإن الصادق (ع) لما سئل عن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا قال لا فقيل ولم قال إنما هو على القوى المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعفة الذين لا يهتدون سبيلا وقال الصادق (ع) إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيغظ أو جاهل فيتعلم فأما صاحب سيف وسوط فلا الثالث أن يكون المأمور أو المنهى مصرا (على الاستمرار صح) فلو ظهر منه الاقلاع سقط الوجوب لزوال علته الرابع أن لا يكون في الانكار مفسدة على الامر ولا على أحد من المؤمنين بسببه فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى مناله أو إلى أحد من المسلمين سقط الوجوب. مسألة. مراتب الانكار ثلاثة - آ - بالقلب وهو يجب مطلقا وهو (أول صح) المراتب فإنه إذا علم أن فاعله ينزجر بإظهار الكراهة وجب عليه ذلك وكذا لو عرف أنه لا يكفيه ذلك وعرف الاكتفاء بنوع من الاعراض عنه والهجر وجب عليه ذلك لقول الصادق (ع) في الحديث السابق وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكروه عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه الثاني باللسان فإذا لم ينزجر بالقلب والاعراض والهجر أنكر باللسان بأن يعظه ويزجره ويخوفه ويندرج في الانكار بالأيسر من القول إلى الأصعب الثالث باليد فإذا لم ينجع القول والوعظ والشتم ونهى باليد بأن يضرب عليهما لقول الصادق (ع) ما جعل الله عز وجل بسط اللسان وكف اليد ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفان معا ولو افتقر إلى الجراح والقتل قال السيد المرتضى يجوز ذلك بغير إذن الإمام وقال الشيخ (ره) ظاهر مذهب شيوخنا الامامية إن