التخيير وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد روايتان وهو المعتمد لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ولو للتخيير قال ابن عباس وكل شئ أو فهو مخير وأما ما كان فإن لم يجد فهو الأول الأول رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كل شئ في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار وما شاء وكل شئ في القرآن فمن لم يجد فعليه كذا فالأول بالخيار ولأنها فدية تجب بفعل محظور فكان مخيرا فيها (بين ثلثتها خ ل) كفدية الأذى وقال الشافعي قولا آخر إنه لا إطعام في الكفارة وإنما ذكر في الآية ليعدل به الصيام لان من قدر على الاطعام قدر على الذبح وهو مروى عن ابن عباس وعن أحمد أيضا وهو خطأ لأنه تعالى سمى الاطعام كفارة ولو لم يجب اخراجه لم يكن كفارة وجعله طعاما للمساكين وما لا يجوز صرفه إليهم لا يكون طعاما لهم ولأنه عطف الطعام على الهدى ثم عطف الصوم عليه ولو لم يكن إحدى الخصال لم يجز ذلك فيه ونمنع أن من قدر على الطعام قدر على الهدى إما لتعذر المذبوح أو لغلاء السعر أو لغيرهما مسألة لو زادت قيمة الجزاء (الفداء) على إطعام ستين مسكين لكل مسكين نصف صاع لم يلزمه الزايد واجزاء إطعام الستين ولو نقص عن إطعام الستين لم يجب الاكمال بل أجزاءه وإن كان ناقصا وكذا لو زاد ثمن الطعام على صيام ستين يوما لكل يوم نصف صاع لم يجب عليه صوم الزايد على الستين ولو نقص أجزأه الناقص ولا يجب عليه إكمال الصوم والعامة لم يعتبروا ذلك لأنها كفارة فلا تزيد على إطعام ستين ولا على صيام ستين ولأنها على مراتب الكفارات وقول الصادق عليه السلام في محرم قتل نعامة قال عليه بدنة فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام ستين مسكينا لم يزد على طعام ستين مسكينا وإن كانت قيمة البدنة أقل من طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة إذا عرفت هذا فلو بقى ما لا يعدل يوما كربع الصاع كان عليه صيام يوم كامل وبه قال عطا والنخعي وحماد والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان صيام اليوم لا يبعض والسقوط غير ممكن لشغل الذمة فيجب إكمال اليوم مسألة لو عجز عن البدنة وإطعام ستين وصوم شهرين صام ثمانية عشر يوما لان صوم ثلاثة أيام بدل عن إطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين مع العجز عن الاطعام فيكون كذلك هنا ولقول الصادق عليه السلام من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل فإن لم يجد ما يشترى بدنة فإن أراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام مسألة في فراخ النعامة لعلمائنا قولان أحدهما من صغار الإبل وبه قال الشافعي واحمد والثاني فيه مثل ما في النعامة سواء وبه قال مالك احتج الأولون بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم ومثل الصغير صغير ولان فرخ الحمام يضمن بمثله فكذا فرخ النعامة واحتج الآخرون بقوله تعالى هديا بالغ الكعبة ولا يجزى في الهدى صغير ولقول الصادق عليه السلام في قوم حجاج محرمين أصابوا فراخ نعام فأكلوا جميعا قال عليهم مكان كل فرخ بدنة يشتركون فيها جميعا ليشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال الثاني كفارة قتل حمار الوحش وبقرته مسألة لو قتل المحرم حمار الوحش وجب عليه دم بقرة عند علمائنا وبه قال عمر وعروة ومجاهد والشافعي واحمد في إحدى الروايتين للمماثلة بين حمار الوحش والبقرة الأهلية ولان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام قال فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال عليه بقرة وقال احمد في الرواية الأخرى عليه بدنة وهو مروى عن أبي عبيده وابن عباس وبه قال عطا والنخعي و قال أبو حنيفة تجب القيمة وقد سلف إذا ثبت هذا ففي بقرة الوحش بقرة أهلية أيضا عند علمائنا وهو مروى عن ابن مسعود وعطا وعروة وقتادة والشافعي ولا نعلم فيه خلافا إلا من أبي حنيفة لان الصحابة نصوا فيها على ذلك وللمشابهة في الصورة ولرواية أبي بصير الصحيحة وقد سلفت مسألة لو لم يجد البقرة في جزاء حمار الوحش وبقرته قوم ثمنها بدراهم وفضه على الحنطة وأطعم كل مسكين نصف صاع ولا يجب عليه ما زاد على إطعام ثلاثين مسكينا ولا إتمام ما نقص عنه عند علمائنا وقال مالك إنما يقوم الصيد وقد سلف البحث معه وقد روى أبو عبيدة عن الصادق عليه السلام قال إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاءه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع يوما لكل يوم بإزاء نصف صاع ولو لم يبلغ الاطعام ذلك لم يكن عليه الاكمال ولو فضل لم تجب عليه الزيادة عن الثلاثين فإن لم يقدر على بقرة قال فليطعم ثلاثين مسكينا مسألة لو لم يتمكن من الاطعام صام ثلاثين (فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وعن أبي بصير عن الصادق (ع) قال فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال بقرة) لما تقدم في النعامة ولقول الباقر عليه السلام لكل طعام مسكين يوما والخلاف في الترتيب والتخيير هنا كما تقدم ولو لم يتمكن من هذه الأصناف صام تسعة أيام لما ثبت في كفارة اليمين من صوم ثلاثة أيام بدل من إطعام عشرة مساكين مع العجز فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد فليصم تسعة أيام الثالث في كفارة الظبي والثعلب والأرنب مسألة لو قتل المحرم ظبيا وجب عليه دم شاة وبه قال علي عليه السلام وعطا وعروة وعمر بن الخطاب والشافعي واحمد وابن المنذر لأنه قول من سميناه من الصحابة ولم يعلم لهم مخالف فكان حجة وما رواه العامة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال وفى الظبي شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وفى الظبي شاة وقال أبو حنيفة الواجب القيمة وقد تقدم البحث معه مسألة لو عجز عن الشاة قوم ثمنها دراهم وفضه على البر وأطعم عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع ولو زاد التقديم على ذلك لم تجب عليه الزيادة على إطعام العشرة ولو نقص لم يجب عليه الاكمال لما ثبت من مساواة إطعام عشرة مساكين للشاة في اليمين وأذى الحلق وغيرهما ولقول الصادق عليه السلام إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت الدارهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وسأل أبو بصير الصادق عليه السلام فإن أصاب ظبيا ما عليه قال عليه شاة قال فإن لم يجد شاة فعليه إطعام عشرة مساكين مسألة لو عجز عن الاطعام صام عن كل نصف صاع يوما ولو زاد التقويم على خمسة أصوع لم يكن عليه صوم عن الزايد ولو نقص لم يكن عليه إلا بقدر التقويم لما ثبت من مقابلة صوم اليوم لنصف صاع فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما واعلم أن الخلاف هنا في ترتيب هذه الأصناف الثلاثة أو تخييرها كالخلاف فيما تقدم ولو عجز عن الشاة وإطعام عشرة مساكين وصوم عشرة أيام صام ثلاثة أيام لما ثبت من أنها بدل في كفارة اليمين عن إطعام عشرة مساكين وكذا في كفارة الأذى فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج مسألة في الثعلب شاة لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن رجل قتل ثعلبا قال عليه دم قال فأرنبا قال ما في الثعلب قال الشيخان رحمهما الله تعالى إن في الثعلب مثل ما في الظبي ولم يثبت ويمكن الاحتجاج بقول الصادق عليه السلام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج إذا عرفت هذا ففي الأرنب شاة ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا لأنه كالثعلب فيكون جزاؤه مساويا لجزائه ولقول الكاظم عليه السلام في الأرنب شاة وقال ابن عباس فيه حمل وقال الشافعي فيه عناق وهو الأنثى من ولد المعز في أول سنته والذكر جدي إذا ثبت هذا فقال بعض علمائنا إن فيه مثل ما في الظبي لما تقدم في الثعلب الرابع كسر بيض النعام مسألة إذا كسر المحرم بيض نعامة فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة بكارة من الإبل ولا يشترط الأنوثة وإن لم يكن قد تحرك فيه الفرخ كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض فالناتج هدى لبيت الله تعالى ذهب إليه علماؤنا لنا إنه مع التحرك يكون قد قتل فرخ نعامة فعليه مثله من الإبل ومع عدمه يحتمل الفساد والصحة فكان عليه فيه ما يقابله من إلقاء المنى في رحم الأنثى المحتمل للفساد الصحة ولما رواه علي بن جعفر في الصحيح من أخيه الكاظم عليه السلام قال سألته عن رجل كسر بيض نعامة وفى البيض فراخ قد تحرك فقال عليه لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام إني خرجت محرما فوطأت ناقتي بيض نعام فكسرته فهل على كفارة فقال أمير المؤمنين عليه السلام فاسأل
(٣٤٥)