الزوار والحجيج وهل يشترط حاجتهم اشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السهمان ومن اندراج اعانة الغنى تحت سبيل الخير ولا فرق بين قضاء الدين عن الحي والميت وسواء كان الميت الذي يقضى عنه إذا لم يخلف شيئا ممن تجب عليه نفقة في حال حياته أو لا ولو خلف ما يقضى به الدين لم يجز القضاء عنه كالحي مسألة ابن السبيل إذا كان مجتازا وكان محتاجا دفعنا إليه الزكاة وإن كان غنيا في بلده لوجود الحاجة حال الدفع وبه قال الشافعي وإن كان منشأ للسفر من بلده فإن كان غنيا لم يدفع إليه وإن كان فقيرا دفعنا إليه لسفره وعوده وان أراد لعوده فان ادعى ابن السبيل الحاجة ولم يعلم له أصل مال قبل قوله وان علم له أصل مال في مكانه فادعى ذهابه قبل قوله سواء ادعى سببا ظاهرا أو خفيا من غير يمين خلافا للشافعي لما تقدم في الفقير ولو علم أن له ببلده مالا ولا يعلم له في موضعه قبل قوله اجماعا والحاصل إن الذي يأخذ مع الغنى خمسة العامل والمؤلفة قلوبهم والغارم لاصلاح ذات البين والغازي وابن السبيل إذا كان محتاجا في مكانه مسألة يأخذ ابن السبيل إذا كان سفره واجبا كالحج والعمرة أو ندبا كزيارة النبي والأئمة (على) ولا يعطى إذا كان معصية كقطع الطريق وما أشبه ذلك اجماعا وإن كان مباحا كسفر التنزه جاز له الاخذ أيضا لأنه فعل سايغ غير معصية فأشبه سفر الطاعة ولهذا يترخص في القصر كسفر الطاعة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يعطى لأنه لا حاجة به إليه فأشبه الغنى والعلة ممنوعة مسألة مستحقوا الزكاة ينقسمون فمنهم من يأخذ أخذا مستقرا وهم أربعة الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم بمعنى ان لهم صرف ما يأخذونه في أي شئ أرادوا سواء صرفوه في السبب الذي أخذوه لأجله أو لا ومنهم من يأخذ أخذا مراعى بمعنى انه إن صرفه في السبب الذي أخذ لأجله استقر ملكه وإلا استعيد منه على خلاف وهم أربعة الغارم والمكاتب وابن السبيل والغازي لان الله تعالى أضاف الأربعة الأولى بلام التمليك وعطف الأربعة الباقية بحرف في المقتضى للظرفية والفرق إن هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكوة والأولون حصل المقصود بأخذهم وهم عين الفقير والمسكين وتأليف المؤلفين وإذا اجر العاملين إذا عرفت هذا فنقول إذا دفع المكاتب المال في الكتابة وعتق فلا بحث فان عجز نفسه بان يقصر ما معه عن مال الكتابة فإن كان ما أخذه من الزكاة باقيا أسترد منه لأنه دفع إليه ليؤديه في العتق فإذا لم يحصل المقصود استرجع وبه قال الشافعي واحمد في رواية وقال الشيخ لا يسترجع منه لأنه أخذه باستحقاقه فارتجاعه يفتقر إلى دليل وليس هنا ما يدل عليه وهو ممنوع لأنه دفع إليه ليصرفه في الكتابة فيرتجع بالمخالفة لان الخيار إلى المالك في صرف الزكاة في الأصناف وإن كان قد دفعه إلى السيد لم يسترد وهو اختيار الشيخ وأحد وجهي الشافعية لأنه دفع إليه ليدفعه إلى سيده وقد فعل والثاني يسترد لان القصد به تحصيل العتق فإذا لم يحصل به وجب استرجاعه كما لو كان في يد المكاتب والفرق ظاهر لان السيد ملك المدفوع بالدفع من المكاتب ولو تطوع انسان بالقضاء عنه أو أبرأه المالك من مال الكتابة فكالأول مسألة ولو صرف الغارم السهم المدفوع إليه في غير قضاء الدين قال الشيخ لا يرتجع سواء أبرأ من الدين أو تطوع غيره بالقضاء عنه خلافا للشافعي وقد سلف مثله في المكاتب إما لو قضاه من ماله أو قضاه من غيره فلا يجوز له ان يأخذ عوضه من مال الصدقة مسألة لو دفع الامام إلى الغازي السهم ولم يغز أسترد منه وهو اختيار الشيخ أيضا وبه قال الشافعي لأنه أخذه لذلك فكان كالأجرة وكذا لو غزا ورجع من الطريق قبل الغزو أما لو غزا وعاد وقد فضل معه شئ من الصدقة فإنه لا يسترد منه قولا واحدا وبه قال الشافعي لأنا دفعنا كفاية وانما فضل بما ضيق على نفسه فلا يسترد منه إما ابن السبيل فإذا دفع إليه مؤنة السفر فلم يسافر ردها وان سافر وعاد وفضل معه شئ لم يسترد لأنه ملكه بسبب السفر و قد وجد فلا يحكم عليه فيما يدفع إليه وقال الشافعي يسترد بخلاف الغازي لأنا دفعنا إليه الكفاية لأجل الغزو لحاجتنا إليه وقد أتى به فلم يرد (وهنا)؟ دفعنا إليه لحاجته إلى سفره وقد حصل ما فضل يرده لزوال حاجته إليه لأنه غنى في بلده ولا فرق بين أن يضيق على نفسه أو يستعين بغيره إما لو صرف ما دفع إليه في غير مؤنة السفر ففيه اشكال ينشأ من أنه دفع إليه في هذا الوجه فلم يصرفه فيه فيسترد منه كالغارم ومن منع الحكم في الأصل والوجه الأول لأنه دفع إليه لقصد الإعانة فيسترد اقتصارا على قصد الدافع هذا في حق الاخبار عند الشيخ وهو الاظهر من مذهبنا وعلى قول ابن الجنيد والشافعي وان الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده قال الشيخ ولو كان المنشئ للسفر من بلده فقيرا اعطى من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل ولو قال لا مال لي اعطى ولم يكلف بينة كما تقدم ولو قال لي مال وتلف قال الشيخ لا يقبل إلا بالبينة والوجه القبول لأنه قد يتعذر عليه البينة فيؤدى المنع إلى اضراره ولأنه مسلم أخبر بأمر ممكن والأصل فيه الصدق فيبنى عليه إلى أن يظهر المنافى إذا ثبت هذا فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعى بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشئ مسألة ولا يجب اعلام المدفوع إليه انها زكاة فلو استحيى الفقير من أخذها علانية استحب ايصالها إليه على وجه الهدية ولا يعلم أنها زكاة لما في الاعلام من إذلال المؤمن والاحتقار به ولان أبا بصير سأل الباقر (ع) الرجل من أصحابنا يستحق ان يأخذ من الزكاة فاعطيه من الزكاة ولا اسمى له أنها من الزكاة قال اعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن ولا نعلم في ذلك خلافا الفصل الثاني في وقت الاخراج وفيه بحثان الأول في التأخير مسألة الأموال قسمان ما يراعى فيه الحول وهو الحيوان والأثمان ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول وهو ان يمضى لها في ملكه أحد عشر شهرا ثم يهل الثاني عشر في ملكه أو تكون الشرائط موجودة في طول الحول كله وهي النصاب وامكان التصرف وزيادة السوم في الماشية والنقش في النقدين وقد تقدم بيان ذلك كله وما لا يعتبر فيه الحول وعلى الثمار والغلاة ولا تجب الزكاة فيها حتى يبدوا صلاحها وأما الاخراج منها فلا يجب حتى تجد الثمرة وتجفف وتحصد الغلة وتصفى من التبن والقشر بلا خلاف إذا عرفت هذا فإذا حال الحول أو صفت الغلة وجذت الثمار وجب الاخراج على الفور ولا يجوز تأخير ها وبه قال الشافعي واحمد وأبو الحسن الكرخي من الحنفية لقوله تعالى وآتوا الزكاة والامر على الفور عند بعض علمائنا وعند الحنفي على الفور ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها ولان المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالدين الحال والوديعة ولان العبادة التي لا تتكرر لا يجوز تأخيرها إلى وجوب مثلها كالصلاة والصوم وقال أبو بكر الرازي من الحنفية انها على التراخي وبه قال أبو حنيفة ما لم يطالب بها لان الامر ورد بها مطلقا فلا يختص زمانا كما لا يختص مكانا ولأنها لو هلكت لم تضمن ونمنع الاطلاق بل الامر بها معجل والزمان يخالف المكان في الانتفاع بالتعجيل دون التخصيص بالمكان ونمنع عدم الضمان مع التفريط بالتأخير مسألة لو أخر الاخراج مع امكان الأداء وحضور الوقت أثم وضمن لأنه اخر الواجب المضيق عن وقته وفرط بالتأخير فكان آثما ضامنا وبه قال الزهري والحكم وحماد والثوري وأبو عبيد واحمد والشافعي لما تقدم ولأنه حق على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقه فلا يبرءا منه كدين الآدمي ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا ولم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها وقال أصحاب الرأي يزكى الباقي إلى أن يقصر عن النصاب فتسقط الزكاة فرطا ولم يفرط أما لو كان عليه ضرر في تعجيل الاخر مثل أن يحول عليه الحول قبل ان يجئ الساعي ويخاف أن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرة أخرى أو خشى في اخراجها ضررا في نفسه أو ماله سواها فله
(٢٣٧)