وجب عليه ان يحج بنفسه مباشرة قال الشيخ (ره) لان ما فعله كان واجبا في ماله وهذا يلزمه في نفسه وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر لان هذا بدل اياس فإذا برأ تبينا انه لم يكن مأيوسا منه فلزمه الأصل كالآيسة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدة وقال احمد وإسحاق لا يجب عليه حج اخر لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة كما لو لم يبرء ولأنه أدى حجة الاسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه ولافضائه إلى ايجاب حجتين وليس عليه إلا حجة واحدة ونمنع فعله المأمور به و الفرق بينه وبين عدم البرء ظاهر ونمنع أداء حجة الاسلام بل بدلها المشروط بعدم القدرة على المباشرة ونمنع انه ليس عليه حجة واحدة إذا عرفت هذا فلو عوفي قبل فراق النايب من الحج قال بعض العامة لم يجزئه الحج لأنه قدر على الأصل قبل تمام البذل فلزمه كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا قبل تمام عدتها بالشهور وكالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته ويحتمل الأجزاء كالمتمتع إذ شرع في الصيام ثم قدر على الهدى والمكفر إذا قدر على الأصل بعد الشروع في البدل وان برأ قبل احرام النايب لم يجزئه بحال وهذا كله ساقط عندنا مسألة المريض إذا كان مرضه يرجى زواله والبرء منه والمحبوس ونحوه إذا وجد الاستطاعة وتعذر عليه الحج يستحب ان يستنيب قاله الشيخ (ره) ومنع منه الشافعي واحمد فان استناب غيره لم يجزئه كالصحيح سواء برأ من مرضه أو لم يبرأ لأنه يرجوا القدرة على الحج بنفسه فلم تكن له الاستنابة ولا يجزئه ان فعل كالفقير وقال أبو حنيفة يجوز له ان يستنيب ويكون ذلك مراعى فان قدر على الحج لزمه وإلا أجزأه ذلك لأنه عاجز عن الحج بنفسه فأشبه المأيوس من برئه وفرق الشافعية بان المأيوس عاجز على الاطلاق آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت ولان النص انما ورد في الحج عن الشيخ الكبير وهو ممن لا يرجى منه مباشرة الحج فلا يقاس عليه إلا ما يشابهه والمعتمد ما قاله الشيخ لقول الباقر عليه السلام يقول لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطيع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه وهو عام ولأنه غير قادر على الحج بنفسه فجاز له الاستنابة كالمعضوب إذا ثبت هذا فلو استناب من يرجو القدرة على الحج بنفسه ثم صار مأيوسا من برئه فعليه ان يحج عن نفسه مرة أخرى لأنه استناب في حال لا تجوز له الاستنابة فيها فأشبه الصحيح قال الشيخ ولان تلك الحجة كانت عن ماله وهذه عن بدنه ولو مات سقط فرض الحج عنه مع الاستنابة وبدونها لأنه غير مستطيع للحج وللشافعي وجهان مع الاستنابة أحدهما عدم الأجزاء لأنه استناب وهو غير مأيوس منه فأشبه ما إذا برأ والثاني الأجزاء لأنا بينا ان المريض كان مأيوسا منه حيث اتصل الموت به مسألة قد بينا ان من بذل طاعة الحج لغيره لا يجب على ذلك الغير القبول خلافا للشافعي حيث أوجب القبول والاذن للمطيع في الحج عنه ولو مات المطيع قبل ان يأذن له فإن كان قد أتى من الزمان ما يمكنه فعل الحج فيه استقر في ذمته وإن كان قبل ذلك لم يجب عليه لأنه قد بان انه لم يكن مستطيعا وهل يلزم الباذل ببذله قال إن كان قد أحرم لزم المضي فيه وإلا فلا لأنه لا يجب عليه البذل فلا يلزمه حكم لأنه متبرع به وهذه كلها ساقطة عندها لأنها مبنية على وجوب الحج بالطاعة وهو باطل لان النبي صلى الله عليه وآله سئل ما يوجب الحج فقال الزاد والراحلة ولو كان على المعضوب حجتان منذورة وحجة الاسلام جاز له ان يستنيب اثنين في سنة واحدة لأنهما فعلان متباينان لا ترتيب بينهما ولا يؤدى ذلك إلى وقوع المنذورة دون حجة الاسلام بل يقعان معا فأجزأ ذلك بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد وللشافعي وجهان تنبيهان الأول قال الشيخ المعضوب إذا وجب عليه حجة بالنذر أو بإفساد حجه وجب عليه ان يحج غيره عن نفسه وان برء فيما بعد وجب عليه الإعادة وفيه نظر الثاني يجوز استنابة الصرورة وغير الصرورة على ما يأتي مسألة يجوز للصحيح الذي قضى ما عليه من حجة الاسلام ان يستنيب في حج التطوع وان تمكن من مباشرة الحج بنفسه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لأنها حجة لا تلزم بنفسه فجاز ان يستنيب فيها كالمغصوب وقال الشافعي لا يجوز وهو الرواية الثانية عن أحمد لأنه غير آيس من الحج بنفسه قادر عليه فلم يجز ان يستنيب فيه كالفرض وهو خطأ للفرق فان الفرض لم يؤده مباشرة هنا وقد أداه فافترقا ولو لم يكن قد حج حجة الاسلام جاز له ان يستنيب أيضا في حج التطوع سواء وجب عليه الحج قبل ذلك أو لا وسواء تمكن من أداء الواجب أو لا لعدم المنافات بينهما ولو كان قد أدى حجة الاسلام وعجز عن الحج بنفسه صح ان يستنيب في التطوع لان ما جازت الاستنابة في فرضه جازت في نقله كالصدقة يجوز الاستيجار على الحج وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين ومنع في الرواية الأخرى منه ومن الاستيجار على الاذان وتعليم القرآن والفقه ونحوه مما يتعدى نفعه ويختص فاعله ان يكون من أهل القربة وجوز ذلك كله الشافعي ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله قال أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله وأخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله الجعل على الرقبة بكتاب الله وأخبروا النبي صلى الله عليه وآله بذلك فصوبهم ولأنه تجوز النفقة عليه فجاز الاستيجار عليه كبناء القناطر والمساجد واحتج المانعون بأن عبادة بن الصامت كان يعلم رجلا القرآن فاهدى له قوسا فسأل النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال له ان سرك ان تتقلد قوسا من نار فتقلدها (فقلدها) وقال النبي صلى الله وعليه وآله لعثمان بن أبي العاص واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ولأنها عبادة يختص فاعلها ان يكون من أهل القرية فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم والرقية قضية في عين فتختص بها وأما بناء المساجد فلا يختص فاعله ان يكون من أهل القرية ويجوز ان يقع قربة وغير قربة فإذا وقع بأجرة لم يكن قربة ولا عبادة ولا يصح هنا أن تكون غير عبادة ولا يجوز الاشتراك في العبادة فمتى فعله من أصل الأجرة خرج عن كونه عبادة فلا يصح ولا يلزم من جواز أخذ النفقة جواز أخذ الأجرة كالقضاء والشهادة والإمامة يؤخذ عليها الرزق من بيت المال وهو نفقة في المعنى ولا يجوز أخذ الأجرة عليها ونمنع انه إذا فعل من أجل أخذ الأجرة خرج عن كونه عبادة وانما يتحقق ذلك لو لم يقصد سوى أخذ الأجرة أما إذا جعله جزء المقصود فلا وفايدة الخلاف انه متى لم يجز أخذ الأجرة عليها فلا يكون إلا نايبا محضا وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه فلو مات أو احصر أو مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان لما اتفق لأنه انفاق بإذن صاحب المال قاله احمد فأشبه ما لو أذن له في سد شئ فانفتق ولم ينسد وإذا ناب عنه اخر فإنه يحج من حيث بلغ النايب الأول من الطريق لأنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه فلم يكن عليه الانفاق دفعة أخرى كما لو خرج بنفسه فمات في بعض الطريق فإنه يحج عنه من حيث انتهى وما فضل معه من المال رده إلا أن يؤذن له في أخذه وينفق على نفسه بقدر الحاجة من غير اسراف ولا تقتير وليس له التبرع بشئ منه إلا أن يؤذن له في ذلك وعلى القول بجواز الاستيجار للحج يجوز أن يدفع إلى النايب من غير استيجار فيكون الحكم فيه على ما مضى وان استأجره ليحج عنه أو عن ميت اعتبر فيه شرايط الإجارة من معرفة الأجرة وعقد الإجارة وما يأخذه اجرة له يملكه ويباح له التصرف فيه والتوسع في النفقة وغيرها وما فضل فهو له وان احصر أو ضل الطريق أو ضاعت النفقة منه فهو في ضمانه والحج عليه وان مات انفسخت الإجارة لان المعقود عليه تلف فانفسخ العقد كما لو ماتت البهيمة المستأجرة ويكون الحج أيضا من موضع بلغ إليه النايب وما يلزمه من الدماء فعليه لان الحج عليه النظر الثاني التثبت على الراحلة التثبت على الراحلة شرط في وجوب الحج قال الشيخ الهم والمعضوب الذي لا يتمكن من الاستمساك على الراحلة لا يجب عليه الحج وكذا لو كان يتثبت على الراحلة لكن بمشقة عظيمة يسقط عنه فرض عامه لقوله عليه السلام من ليحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو سلطانه جاير ولم يحج فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا إذا عرفت هذا فمقطوع اليدين أو الرجلين إذا امكنه الثبوت على الراحلة من غير مشقة شديدة يجب
(٣٠٤)