يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة فأجازني ويقسم عليهم في السنة مرة واحدة لان الجزية والخراج ومستغل الأراضي التي إنجلى عنها المشركون إنما تكون في السنة مرة واحدة فكذلك القسمة ويعطى المولود ويحسب مؤنته من كفاية أبيه لأنه لا يفرده بالعطاء وكلما زادت سنة زاد في عطاء أبيه ويعطى كل قوم منهم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم لاختلاف الأسعار في البلدان ويجوز أن يفضل بعضهم على بعض في العطاء من سهم سبيل الله وبن السبيل لا من الغنيمة ونقل العامة عن علي (ع) إنه سوى بينهم في العطاء واخرج العبيد فلم يعطهم شيئا لانهم استووا في سبب الاستحقاق وهو نصف أنفسهم للجهاد فصاروا بمنزلة الغانمين قال الشيخ (ره) وليس للأعراب من الغنيمة شئ على ما تقدم واختار الشافعي أيضا ويجب على من استنهضه الامام للجهاد النفور معه على ما تقدم. مسألة. إذا مرض واحد من أهل الجهاد فإن لم يخرج به عن كونه من أهل الجهاد كالحمى والصداع لا يسقط عطاؤه لأنه كالصحيح وإن كان مرضا لا يرجى زواله كالزمن والفلج خرج به عن المقاتلة وكان حكمه حكم الذرية في العطاء وفي سقوطه وقد تقدم ولو مات المجاهد بعد حؤول الحول واستحقاق السهم كان لوارثه المطالبة بسهمه قال الشيخ (ره) لأنه استحقه بحؤول الحول والمجاهدون معينون بخلاف الفقراء فإنهم غير معينين فلا يستحقون بحؤول الحول وللامام أن يصرف إلى من شاء منهم بخلاف المجاهدين وللشافعي قول آخر أنه إنما يستحق بعد موته إذا صار المال إلى يد الوالي لان الاستحقاق إنما هو بحصول المال لا بمضي الزمان. مسألة. قال الشيخ (ره) ما يحتاج الكراع وآلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال (من مال صح) المصالح وكذا رزق الحكام وولاة الاحداث والصلاة وغيره من وجوه الولايات والمصالح يخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة ومن سهم سبيل الله ومن جملة ذلك ما يلزمه فيما يخصه من الأنفال والفئ وهي جنايات من لا عقل له ودية من لا يعرف قاتله وغير ذلك مما نقول إنه يلزم بيت المال ولو اهدى المشرك إلى الامام أو إلى رجل من المسلمين هدية والحرب قائمة قال الشافعي تكون غنيمة لأنه إنما اهدى ذلك من خوف الجيش وإن أهدى إليه قبل ان يرتحلوا من دار الاسلام لم تكن غنيمة وانفرد بها وقال أبو حنيفة تكون للمهدى إليه على كل حال وهو رواية عن أحمد. الفصل الخامس. في أحكام الذمة وفيه مباحث الأول في وجوب الجزية ومن تؤخذ منه. مسألة.
الجزية هي المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الاسلام في كل عام وهي واجبة بالنص والاجماع قال الله تعالى " حتى يعطوا الجزية " وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته من يبعثه أميرا على سرية أو جيش فإن أبوا فأدعهم إلى إعطاء الجزية ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإن أبوا هاتين فادعهم إلى عطاء الجزية ولا خلاف بين المسلمين في ذلك. إذا عرفت هذا فعقد الجزية أن قول الإمام أو نايبه أقررتكم بشرط الجزية والاستسلام ويذكر مقدار الجزية فيقول الذمي قبلت أو رضيت وشبهه وقال بعض الشافعية لا يجب ذكر مقدار الجزية لكن ينزل على الأقل وقيل لا يجب ذكر الاستسلام نعم يجب ذكر كف اللسان عن الله تعالى وعن رسوله وفي صحته موقتا قولان ولو قال أقررتكم ما شئت أنا فقولان قريبان واولى بالجواز ولو قال شئتم صح لان عقد الجزية غير لازم من جانب الكفار فإن لهم الالتحاق بدارهم متى شاؤوا. مسألة.
ويعقد الجزية لكل كتابي بالغ عاقل ذكر ونعني بالكتابي من له كتاب حقيقة وهم اليهود والنصارى ومن له شبهة كتاب وهم المجوس فتؤخذ الجزية من هؤلاء الأصناف الثلاثة بإجماع علماء الاسلام قديما وحديثا والكتاب أما التوراة والإنجيل فأهل التوراة واليهود وأهل الإنجيل والنصارى وقد كانت النصرانية في الجاهلية في ربيعة وغسان وبعض قضاعة واليهودية في حمير وبنى كنانه وبنى الحرث بن كعب وكندة والمجوسية في تميم وعبادة الأوثان والزندقة كانت في قريش وبنى حنيفة وتؤخذ الجزية من جميع اليهود وجميع النصارى على الشرايط الآتية سواء كانوا من المبدلين أو غير المبدلين وسواء كانوا عربا أو عجما في قول علمائنا أجمع وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي واحمد وأبو ثور وبن المنذر لعموم الآية ولان النبي صلى الله عليه وآله أخذ من أكيد ودومة الجندل وهو رجل من غسان أو كنده من العرب وأخذ من نصارى نجران وهم عرب وأمر معاذا أن يأخذ الجزية من أهل اليمن وهم كانوا عربا وقال أبو يوسف لا تؤخذ الجزية من العرب والاجماع يبطله فإن اليهود والنصارى من العرب سكنوا في زمن الصحابة والتابعين في دار الاسلام ولا يجوز إقرارهم فيها بغير جزية. مسألة. تؤخذ الجزية ممن دخل في دينهم من الكفار إن كانوا قد دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل ومن نسله وذراريه ويقرون بالجزية ولو ولد بعد النسخ ولو دخلوا في دينهم بعد النسخ فلم يقبل منهم إلا الاسلام ولا تؤخذ منهم الجزية عند علمائنا وبه قال الشافعي لقوله (ع) من بدل دينه فاقتلوه ولأنه ابتغى دينا غير الاسلام فلا يقبل منه لقوله تعالى " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه " وقال المزني يقر على دينه وتقبل منه الجزية مطلقا لقوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " والمراد المشاركة في الاثم والكفر دون إقراره على عقيدته ولا فرق بين أن يكون المنتقل إلى دينهم ابن كتابيين أو ابن وثنيين أو ابن كتابي ووثني في التفصيل الذي فصلناه ولو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية والاخر لا تقبل ففي قبول الجزية منه تردد. مسألة. المجوس تؤخذ منهم الجزية كاليهود والنصارى إجماعا لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب ومن طريق الخاصة ما رواه علماؤنا إن الصادق (ع) سئل عن المجوس أكان لهم نبي قال نعم أما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة أسلموا وإلا نابذتكم بحرب فكتبوا إليه أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب فكتبوا إليه زعمت إنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكان لهم كتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتاب في اثني عشر ألف جلد ثور فالروايات متظافرة بأنهم أهل كتاب وبه قال الشافعي لقول علي (ع) أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه الحديث رواه العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم وقال أبو حنيفة واحمد لا كتاب لهم لقوله (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب ويحتمل أن يكون المراد من له كتاب باق أو لانهم كانوا يعرفون التورية والإنجيل. مسألة. لا يقبل من غير الأصناف الثلاثة من الكفار إلا الاسلام فلو بذل عباد الأصنام والنيران والشمس الجزية لم يقبل سواء العرب والعجم وبه قال الشافعي لقوله تعالى " فاقتلوا المشركون حيث وجدتموهم " خرج منهم الثلاثة لنص خاص فبقى الباقي على عمومه وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في حديث سيف على مشركي العرب قال الله تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وقال أبو حنيفة يقبل من جميع الكفار إلا العرب لانهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فأقروا بالجزية كأهل الكتاب وأما العرب فلا يقبل منهم لانهم رهط النبي صلى الله عليه وآله فلا يقرون على غير دينه والفرق إن أهل الكتاب لهم حرمة بكتابهم بخلاف غيرهم من الكفار والعرب قد بينا إنهم إن كانوا يهود أو نصارى أو مجوسا قبلت منهم الجزية وإلا فلا ولا فرق بين العرب والعجم لان الجزية تؤخذ بالدين لا بالنسب وقال احمد يقبل من جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب وقال مالك يقبل من جميعهم إلا مشركي قريش فإنهم ارتدوا وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز إنها تقبل من جميعهم لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث السرية ويوصيهم بالدعاء إلى الاسلام أو الجزية وهو عام في كل كافر ونمنع العموم بل الوصية في أهل الذمة. مسألة. من عد اليهود والنصارى والمجوس لا يقرون بالجزية بل لا يقبل منهم إلا الاسلام وإن كان لهم كتاب كصحف إبراهيم وصحف آدم وإدريس وشيث وزبور داود وهو أحد قول الشافعي لأنها ليست كتبا منزلة على ما قيل بل هي وحى يوحى ولأنها مشتملة على