ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وليس في الكسور شئ ولأنهما مالان يختلف نصابهما فلا يضم أحدهما إلى الآخر كأجناس الماشية وقال مالك والأوزاعي والثوري واحمد في رواية والحسن وقتادة وأصحاب الرأي يضم أحدهما إلى الآخر لان أحدهما يضم إلى ما يضم إليه الاخر وهو مال التجارة فيضم إلى الآخر كأنواع الجنس ولان نفعهما واحد والمقصود منهما متحد فإنهما قيم المتلفات وأروش الجنايات وأثمان المباعات إذا عرفت هذا فالقائلون بالضم اختلفوا فقال مالك وأبو يوسف ومحمد والأوزاعي واحمد في رواية يضم إلى الأجزاء بالاجزاء يعنى انه يحسب كل واحد منهما من نصابه فإذا كملت اجزاؤهما نصابا وجبت الزكاة مثل ان يكون عنده نصف نصاب من أحدهما ونصف نصاب أو أكثر من الآخر أو ثلث من أحدهما وثلثان أو أكثر من الآخر فلو ملك مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسين درهما وخمسة دنانير أو مائة وعشرين درهما وثمانية دنانير وجبت الزكاة فيهما وان نقصت اجزاؤهما عن نصاب فلا زكاة فيهما بأن يكون عنده ثمانية دنانير ومأة درهم لان كل واحد منهما لا تعتبر قيمته في ايجاب الزكاة إذا كان منفردا فلا يعتبر إذا كان مضموما كالحبوب وقال أبو حنيفة يضم بالأحوط من الأجزاء والقيمة معا ومعناه انه يقوم الغالي منهما بقيمة الرخيص فإذا بلغت قيمتها بالرخيص منهما نصابا وجبت الزكاة فيهما فلو ملك مائة درهم وتسعة دنانير قيمتها مائة درهم أو عشرة دنانير وتسعين درهما قيمتها عشرة دنانير وجبت الزكاة فيهما وهو رواية عن أحمد لان كل نصاب وجب فيه ضم الذهب إلى الفضة ضم بالقيمة كنصاب القطع في السرقة والكل باطل عندنا لما تقدم مسألة يجوز اخراج أحد النقدين عن الاخر بالقيمة وهو أصح الروايتين عن أحمد لان المقصود من أحدهما حاصل باخراج الاخر فأجزأ فان المقصود منهما جميعا الثمنية والتوسل بهما إلى المقاصد وهما يشتركان فيه على السواء فأشبه اخراج الجنس وإذا كان المقصود حاصلا وجب الأجزاء إذ لا فائدة في اختصاص الأجزاء بعين مع مساواة غيرها لها في الحكمة ولأنه قد يكون ارفق بالمعطى والفقير وأنفع لهما ويندفع به الضرر عنهما فإن اخراج العين قد يشق على من تملك عشرين مثقالا باخراج جزء من دينار ويحتاج إلى التشقيص ومشاركة الفقير له في دينار من ماله أو بيع أحدهما نصيبه فتضرر المالك والفقير فإذا اخرج الدراهم عنها اندفعت حاجة الفقير وسهل ذلك عليه وانتفع من غير كلفة ولا ضرر ولأنه لو دفع إليه من قطعة ذهب في موضع لا يتعامل بها فيه لم يقدر على قضاء حاجته ولو أراد بيعها بجنس ما يتعامل بهما احتاج إلى كلفة البيع وربما لا يقدر عليه فلا يفيده شيئا وربما نقص عوضها عن قيمتها والرواية الثانية لأحمد المنع من الجواز لان أنواع الجنس لا يجوز اخراج أحدهما عن الاخر إذا كان أقل في المقدار فمع اختلاف الجنس أولي والأولى ممنوعة على ما يأتي انشاء الله تعالى وعلى ما قلناه لا يجوز الابدال في موضع يلحق الفقير ضرر مثل ان يدفع إليه ما لا ينفق عوضا عما ينفق لأنه كالمعيب و لو اختار المالك الدفع من الجنس واختار الفقير الاخذ من غيره بضرر يلحقه في أحد الجنسين لم يلزم المالك اجابته لأنه أدى فرض الله عليه فلا يكلف غيره المطلب الثالث في زكاة الغلات والثمار وفيه بحثان الأول فيما تجب الزكاة فيه منها مسألة الزكاة في الغلات والثمار واجبة بالنص والاجماع وقال الله تعالى يا أيها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض والزكاة يسمى نفقة لقوله تعالى ولا ينفقونها في سبيل الله وقال تعالى وآتوا حقه يوم حصاده قال ابن عباس حقه الزكاة المفروضة واجمع علماء الاسلام على وجوب الصدقة وفى الحنطة والشعير والتمر والزبيب مسألة ويشترط في الزكاة في هذه الأنواع أمور ثلاثة النصاب وبدو الصلاح وتملك الغلة بالزراعة لا بغيرها كالابتياع والاتهاب والنصاب في الأربعة واحد وهو خمسة أوساق فلا يجب فيما دونها شئ باجماع علمائنا وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن عمر وجابر وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والحسن البصري وعطا ومكحول والنخعي ومالك وأهل المدينة والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة وقال الصادق (ع) ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أوساق والعنب مثل ذلك ولأنه مال يجب فيه الصدقة فلا يجب في يسيره كساير الأموال الزكوية وقال أبو حنيفة ومجاهد تجب الزكاة في قليل ذلك وكثيره لعموم قوله (ع) فيما سقت السماء العشر ولأنه لا يعتبر له حول فلا يعتبر له نصاب والخاص مقدم ولم يعتبر الحول لان نماه يكمل باستحصاده لأنه ببقائه واعتبر الحول في غيره لأنه مظنة لكمال النماء في ساير الأموال والنصاب اعتبر ليبلغ حدا يحتمل المواساة مسألة الوسق ستون صاعا بالاجماع والنص قال رسول الله صلى الله عليه وآله الوسق ستون صاعا ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله واما الصاع فإنه أربعة امداد وعند علمائنا والمد رطلان وربع بالعراقي يكون قدر النصاب الفين وسبعمائة رطل ولتعارض رواياتهم فسقط الاحتجاج بها لعدم الأولوية ويصار إلى هو الأصل وهو البراءة وصيانة مال المسلم عن التسلط ولان النصاب شرط لما بينا ولا نعلم حصوله إلا مع التقدير الأعلى فيقف الوجوب عليه ولقول الصادق (ع) الصاع أربعة امداد و قول أبى الحسن (ع) الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي وقول الباقر (ع) والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال بأرطال المدينة يكون تسعة أرطال بالعراقي وقال الشافعي واحمد وزن المد رطل وثلث والصاع خمسة أرطال وثلث لان مالكا أحضر لأبي يوسف أولاد المهاجرين والأنصار فشهدوا إن آبائهم أخبروهم انهم كانوا يؤدون الصدقة إلى النبي (ع) بهذا الصاع وهو ممنوع فإنه لو كان مشتهرا في المدينة لم يخف من أهلها مع أن الباقر (ع) سيدهم وقد أخبر بخلاف ذلك وهو اعرف من عوامهم ولما أخبر مالك ان عبد الملك تحرى صاع عمر فان صاع النبي صلى الله عليه وآله أولي بالتحري وقال أبو حنيفة المد رطلان والصاع ثمانية أرطال لان أنسا روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يتوضأ بمد ويغتسل بصاع ثمانية أرطال وهي معارضة برواية الشافعي فتساقطا مسألة هذا التحديد تحقيق لا تقريب وهو أحد قولي الشافعية لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ولأنه نصاب يتعلق به وجوب الفرض فكان محددا كساير الأوقاص ولان نقصان القليل مجهول لا يمكن تعليق الحكم به فلم يكن بد من حد فاصل وقال بعضهم انه تقريب فان قليلا وجبت الزكاة لان الوسق في اللغة الحمل وهو يزيد وينقص ونحن إنما اعتبرنا التقدير الشرعي لا اللغوي فروع آ لو تساوت الموازين في النقص اليسير فلا زكاة لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون لا اعتبار باليسر منه ب لو اختلف الموازين والصحيحة لم يعلم على النقصان اليسير الذي اختلف به كالأوقية لان العادة أسقطت اعتباره ج النصاب يعتبر بالكيل لان الأوساق مكيلة و إنما نقلت إلى الوزن لتضبط وتحفظ د لا وقص في نصاب الحبوب والثمار بل مهما زاد على النصاب اخرج منه بالحساب لانتفاء الضرر في تبعيضه بخلاف الماشية ولعموم قوله (ع) فيما سقت السماء العشر مسألة إذا وجب العشر مرة لم يجب عليه عشر اخر وان بقيت عنده أحوالا اجماعا الا من الحسن البصري لأن هذه الأموال غير مرصدة للنماء في المستقبل بل هي إلى النقص أقرب ولقول الصادق (ع) أيما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه شئ ولو بقيت
(٢١٨)