ولان القراءة ركن في الصلاة فكان القادر عليها أولي كالقادر على القيام مع العاجز عنه وقال بعض علمائنا يقدم الأفقه على الأقرأ وبه قال عطا ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور إذا كان يقرأ ما يحتاج إليه في الصلاة صحيحا لان القراءة التي يحتاج إليها في الصلاة محصورة وهو يحفظها وما يحتاج إليه من الفقه غير محصور فإنه قد ينويه؟
من الصلاة أمر يحتاج إلى الفقه في معرفته فكان أولي كالإمامة الكبرى والحكم ثم تأولوا الخبر وان الصحابة كانوا إذا تعلموا القرآن تعلموا معه أحكامه قال ابن مسعود كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها وكان أقرؤهم لكتاب الله أفقههم والاعتراض اللفظ عام فالعبرة به لا بخصوص السبب وتتمة الحديث تنافيه و هو قوله (ع) فان استووا فأعلمهم بالسنة إذا ثبت هذا فان أحد القارئين يترجح على الآخر بكثرة القرآن تساويا في قدر ما يحفظ كل منهما وكان أحدهما أجود قرائة وإعرابا فهو أولي لأنه اقرأ وإن كان أحدهما أكثر حفظا والآخر أجود قراءة فهو أولي والوجه المراد من قوله (ع) اقرأهم أجودهم قراءة مسألة إذا تساووا في القراءة قدم الأفقه عند أكثر علمائنا وهو قول الجمهور لقوله (ع) فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ولان الفقه يحتاج إليه في الصلاة جميع أفعالها للاتيان بواجباتها وسننها وجبرها ان عرض ما يحوج إليه والعلم بالسنة أهم من السن للاحتياج إليه في تدبير الصلاة بخلاف السن وقال المرتضى يقدم الاسن ثم الأعلم بالسنة لما رواه مالك بن الحويرث وصاحبه قال يؤمكما أكبركما ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال يؤم القوم أقرؤهم للقرآن فان تساووا فأقدمهم هجرة فان تساووا فأسنهم فان كانوا سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة ولا حجة في الأول لامكان علمه (ع) بتساويهما لا في السن والثاني يدل على الجواز ونحن نقول بموجبة والخلاف في الأولوية ذا ثبت هذا فان اجتمع فقيهان قاريان واحدهما اقرأ والآخر أفقه قدم الأقرأ على الأول للحديث والأفقه على الثاني لتميزه بما لا يستغنى عنه في الصلاة فان اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة والآخر أعرف بما سواها فالأعلم بأحكام الصلاة أولي لان علمه يؤثر في تكميل الصلاة بخلاف الآخر مسألة إذا تساووا في الفقه قدم أقدمهم هجرة والمراد به سبق الاسلام أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام أو تكون من أولاد من تقدمت هجرته فيقدم بذلك سواء كانت الهجرة قبل الفتح أو بعده وقوله (ع) لا هجرة بعد الفتح أراد انه لا تجب لقوة الاسلام والتمكن من اظهار شعايره في بلد الشرك لان الهجرة قربة وطاعة فقدم السابق إليها لسبقه إلى الطاعة ولقول الصادق (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يؤم القوم أقرؤهم فان كانوا في القراءة سواء فأكبرهم سنا وللشيخ قول إنه تقدم بعد التساوي في الفقه الأشرف فان تساووا في الشرف قدم الأقدم هجرة وبه قال الشافعي في القديم لقوله (ع) الأئمة من قريش والمراد الأمانة الكبرى فلا تعتبر في الصغرى كالشجاعة مسألة فان تساووا في الهجرة إما لهجرتهما معا أو لعدمهما فيهما قدم الاسن لحديث الصادق (ع) ولان الاسن أحق بالتوقير والاعظام والتقدم فكان له مزية في استحقاق التقدم في الإمامة وهذا قول أكثر العلماء وهو قول الشافعي في القديم لقوله (ع) فان استووا في الهجرة فأقدمهم سنا وقال في الجديد إذا تساووا في الفقه والشرف قدم الاسن فان تساووا قدم الأقدم هجرة لقوله (ع) لمالك بن الحويرث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبر كم وقد بينا انه حكاية حال مسألة إذا تساووا في ذلك قال الشيخان يقدم الأصبح وجها ورواه المرتضى رواية ونقله بعض الشافعية عن بعض المتقدمين ثم اختلف الشافعية في تفسيره فقال بعضهم أراد أحسنهم صورة لان ذلك فضيلة كالنسب وقال آخرون إنما أراد بذلك أحسنهم ذكرا بين الناس والأخير أحسن إذا ثبت هذا فان تساووا في ذلك كله أشرفهم أي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا فان استووا في هذه الخصال قدم أتقاهم وأورعهم لأنه أشرف في الدين وأفضل إلى الإجابة لقول النبي (ص) من أم قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيمة والأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف لان شرف الدين خير من شرف الدنيا فان استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة وبه قال مالك لان سعد بن أبي وقاص أقرع بينهم في الاذان فالامامة أولي ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم كساير الحقوق وهذا كله تقديم استحباب لا تقديم اشتراط ولا ايجاب فلو قدم المفضول جاز ولا نعلم فيه خلافا مسألة صاحب المنزل أولي بالإمامة فيه من غيره وإن كان فيهم من هو اقرأ منه وأفقه إذا كان ممن يمكنه إمامتهم وتصح صلاتهم وراءه ولا نعلم فيه خلافا بين العلماء لقوله (ع) لا يؤمن الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه والمراد بالتكرمة الفراش وقيل المائدة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا في سلطانه ولو كان في البيت سلطان الحق أو نايبه فهو أولي لأنه حاكم على صاحب البيت وغيره وأم النبي صلى الله عليه وآله غسان ابن مالك وأنسا في بيوتهما مسألة امام المسجد الراتب أولي من غيره لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان ولقوله (ع) من زار قوما فلا يؤمهم وهو عام في المسجد كالمنزل ولان تقديم غيره يورث وحشة والوالي من قبل العادل أحق لأنه أولي من صاحب البيت مع أنه مالك له فمن امام المسجد أولي والولي وإن كان أحق من الوالي في الصلاة على الميت فليس أولي هنا لان الصلاة على الميت تستحق بالقرابة والسلطان لا يشارك في ذلك وهنا يستحق بضرب من الولاية على الدار والمسجد والسلطان أقوى ولاية وأعم ولان الصلاة على الميت يقصد بها الدعاء والشفقة والحنو وهو مختص بالقرابة فروع آ لو أذن السلطان لغيره جاز وكان أولي من غيره وكذا صاحب المنزل لو أذن لبعض الحاضرين ب لو دخل السلطان بلدا له فيه خليفة فهو أولي من خليفته لعموم ولايته ج لو اجتمع العبد وسيده في بيت العبد فالسيد أولي لأنه صاحب البيت ولو اجتمع العبد وغير سيده فالعبد أولي د لو اجتمع المالك والمستأجر في الدار المؤجرة فالمستأجر أولي لأنه أحق بالمنفعة والاستيلاء ه لو كان المستحق ممن لا تصح الصلاة خلفه فقدم غيره ممن تصح الصلاة خلفه فالأقرب انه أولي و كل موضع حضره الامام الأعظم أو النايب من جهته فهو أولي بالصلاة من غيره لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة ما حضروا موضعا إلا وأموا بالناس ز لو اجتمع المكاتب والسيد في دار المكاتب فالمكاتب أولي لان يد السيد قاصرة عن املاك المكاتب ح لو اجتمع المستعير والمالك فالأقرب تقديم المالك لان تملك المستعير ليس بتام من حيث إن للمالك أن يعزله متى شاء ط لو حضر جماعة المسجد استحب ان يراسل امامه الراتب حتى يحضر أو يستنيب ولو كان الموضع بعيدا وخافوا فوات أول الوقت وامنوا الفتنة (واتفق الفقيه) صلوا جماعة ى الخصال المكتسبة كالعلم والقراءة والورع أولي من غير المكتسبة كالسن وحسن الوجه والأورع أولي من الأعلم لان الإمامة سفارة بين الله تعالى وبين خلقه وإنما يقدم للسفارة من له منزلة عند من ترفع الحاجة إليه والمنزلة عند الله تعالى للاتقياء قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقيكم المطلب الخامس في الاحكام مسألة لو كان الامام ممن لا يقتدى به لم يجز الايتمام به فان احتاج إلى الصلاة خلفه جاز ان يتابعه في الافعال لكن لا ينوى الاقتداء به ويقرأ مع نفسه وإن كانت الصلاة جهرية للضرورة وتجزيه صلاته وهو قول احمد في إحدى الروايتين وفى الأخرى يعيد