شوال وذو القعدة وذوا الحجة فمن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا والأصل عدم الوجوب احتج الشيخ بما رواه جميل عن الصادق عليه السلام قال سألته عن متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ وإن تعمد ذلك بعد الثلاثين الذي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه وهو محمول على ما إذا حلق بعد التلبس بالاحرام ويدل عليه ان السؤال وقع عن متمتع حلق بمكة وهو إنما يكون بها بعد الاحرام ولا بأس بحلق الرأس وقص اللحية قبل هلال ذي القعدة مسألة يستحب له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعث وقطع الرايحة ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة لان الاحرام يسن له الاغتسال فتسن هذه الأشياء له كالجمعة ولان الاحرام يمنع حلق الشعر وتقليم الأظفار فاستحب له فعله قبله لئلا يحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه قال الصادق عليه السلام إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله فانتفت إبطك واحلق عانتك وقلم أظفارك وقص شاربك ولا يضرك بأي ذلك بدأت ولو كان قد اطلى قبل الاحرام اجتزء به ما لم يمض خمسة عشر يوما فإن مضت استحب له الأطلاء والاطلاء أفضل للرواية مسألة يستحب له إذا وصل إلى الميقات وأراد الاحرام ان يغتسل إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله تجرد لاهلاله واغتسل وأمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل عند الاحرام وأمر عايشة ان تغتسل عند الاهلال بالحج وهي حايض رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا انتهيت إلى العقيق إلى أن قال ثم استك واغتسل وهذا الغسل ليس واجبا في قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الاحرام جايز بغير اغتسال وانه غير واجب وحكى عن الحسن إنه قال إذا نسى الغسل فليغتسل إذا ذكرت وليس دالا على الوجوب ويستوى في استحبابه الرجل والمرأة والصبي ولا فرق بين الحايض والنفساء وغيرهما لان المقصود بهذا الغسل التنظيف وقطع الرايحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم ولو كان على الحايض أو النفساء مقام بالميقات حتى تطهر فالأولى أن تؤخر الاحرام حتى تطهر وتغتسل ليقع إحرامها في أكمل أحوالها ولو تعذر الماء أو استعماله تيمم بدلا من غسله قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي لأنه غسل مشروع فناب عنه التيمم كالواجب وقال احمد لا يستحب قياسا على غسل الجمعة مسألة لو خاف عوز الماء في الميقات جاز له تقديم الغسل على الميقات ويكون على هيئته إلى أن يبلغ الميقات ثم يحرم ما لم يتم أو يمضى عليه يوم وليلة لقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الرجل يغتسل بالمدينة بإحرامه أيجزئه ذلك عن غسل ذي الحليفة قال نعم وأرسل هشام بن سالم إلى الصادق عليه السلام قال نحن جماعة بالمدينة نريد أن نودعك فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز عليكم الماء بذى الحليفة فاغتسلوا بالمدينة وألبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثم تعالوا فرادى أو مثاني إذا عرفت هذا فلو قدم الغسل خوفا من عوز الماء ثم وجده في الميقات استحب له إعادته وغسل اليوم يجزى عن ذلك اليوم وغسل الليلة يجزيه عن ليلته ما لم يتم قال الصادق عليه السلام من اغتسل منذ طلوع الفجر كفاه غسله إلى طلوع الفجر ولو اغتسل ثم نام قبل أن يعقد الاحرام أعاد الغسل لان النضر بن سويد سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم قال عليه إعادة الغسل وكذا لو لبس قميصا مخيطا أعاد الغسل استحبابا لأنه مناف للاحرام لقول الباقر عليه السلام إذا اغتسل الرجل وهو يريد أن يحرم فلبس قميصا قبل أن يلبى فعليه الغسل وكذا لو أكل ما لا يحل للمحرم أكله بعد الغسل فإنه يعيد الغسل استحبابا لقول الصادق عليه السلام إذا لبست ثوبا لا ينبغي لبسه أو أكلت طعاما لا ينبغي لك أكله فأعد الغسل ولو قلم أظفاره بعد الغسل قبل الاحرام لم يكن عليه شئ لأنه محل ولا يعيد الغسل لقول الصادق عليه السلام في رجل إغتسل للاحرام ثم قلم أظفاره قال يمسحها بالماء ولا يعيد الغسل ولو أحرم بغير غسل استحب إعادته لأنه تقدمه مندوبة فاستحب إعادة الفعل مع الاخلال بها كالاذان وكتب الحسن بن سعيد إلى الكاظم عليه السلام رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما ما عليه في ذلك وكيف ينبغي أن يصنع فكتب يعيده ويجوز الادهان بعد الغسل قبل الاحرام لأنه محل ولان ابن أبي يعفور سأل الصادق عليه السلام ما تقول في دهنه بعد الغسل للاحرام فقال قبل وبعد ومع ليس به بأس هذا إذا لم يكن الدهن فيه طيب ولو كان فيه طيب يبقى إلى بعد الاحرام لم يجز لقول الصادق عليه السلام الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس قبل ان يغتسل مسألة يكره ان يطيب للاحرام قبله إذا كانت رايحته لا تبقى إلى بعد الاحرام ولو كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام كان محرما ووجب عليه إزالته عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب ومالك ومحمد بن الحسن لما رواه العامة عن يعلى بن أمية قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله بالجعرانة فأتاه رجل عليه مقطعة يعنى جبة وهو مضمخ بالخلوق في بعضها وعليه درع من زعفران فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني أحرمت بالعمرة وهذه على فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت صانعا في حجك قال كنت انزع هذه المقطعة واغسل هذا الخلوق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام يلبس المحرم الثياب المشبع بالعصفر فقال إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به وسأل إسماعيل بن الفضل الصادق عليه السلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب قال إذا ذهب ربح الطيب فليلبسه وقال الشافعي يستحب له أن يتطيب قبل الاحرام للاحرام سواء كان طيبا يبقى عينه كالغالية والمسك أو تبقى رايحته كالعود والبخور والعنبر؟
وبه قال عبد الله بن الزبير وسعد بن أبي وقاص وأم حبيب وعايشة ومعاوية وأبو حنيفة وأبو يوسف واحمد ورواه العامة عن ابن عباس وابن الحنفية وأبى سعيد الخدري وعروة الشعبي لان عايشة قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وآله لاحرامه قبل أن يحرم وأكحله قبل أن يطوف ونمنع الرواية وتحمله على ما لا تبقى رايحته إلى بعد الاحرام إذا ثبت هذا فلو لبس ثوبا مطيبا ثم أحرم وكانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام وجب عليه نزعه أو إزالة الطيب عنه فإن لم يفعل وجب عليه الفداء ويجئ على مذهب الشافعية انه لا يجب الفداء إلا إذا نزعه ثم لبسه لأنه لبس ثوبا مطيبا بعد إحرامه ولو نقل الطيب من موضع من الثوب إليه أو تطيب فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر ففيه للشافعي وجهان أحدهما لا يجب الفداء لأنه يجرى مجرى الناسي والثاني يجب لأنه حصل بسببه واعتماده على الأول مسألة لا يجوز تطيب إزار الاحرام وردائه حالة الاحرام ولا قبله إذا كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام وللشافعي قولان أحدهما المنع لأنه قد ينزع الثوب ثم يلبسه فيكون كما لو استأنف لبس ثوب مطيب وأصحها عندهم الجواز كتطيب البدن ولو طيب بدنه فتعطر ثوبه تبعا فلا بأس به عنده والخلاف من العامة فيما إذا قصد تطيب الثوب فإذا جوزوا تطيب الثوب للاحرام فلا بأس باستدامة ما عليه بعد الاحرام كما في البدن لكن لو نزعه ثم لبسه ففي الفدية لهم وجهان أحدهما لا تلزمه لان العادة في الثوب أن ينزع ويعاد وأصحهما اللزوم كما لو أخذ القمل من بدنه ثم رده وللشافعي ثلاثة أوجه فقال في وجه باستحباب التطيب للاحرام وفى آخر انه مباح ليس بمسنون وفى آخر انه لا يجوز للنساء المتطيب وله آخر أنه لا يستحب لهن ولا فرق بين التطيب الذي يبقى له أثر وجرم وبين غيره ومنع أبو حنيفة مما يبقى جرمه ولا يثبت وعند مالك يكره التطيب بما تبقى رايحته بعد الاحرام وإذا تطيب للاحرام فلا بأس عند الشافعي باستدامة ما تطيب به ولا يجئ فيه الوجوه المذكورة في أن المرأة المتطيبة إذا لزمتها الفدية يلزمها إزالة الطيب لان هذا محقق حق لله تعالى والمساهلة فيه أكثر والحق ان الاستدامة كالابتداء في التحريم للاجماع على تحريم الطيب على المحرم ولم يفصلوا بين استينافه واستدامته مسألة لا يستحب للمرأة الخضاب قبل الاحرام بل يكره للزينة وسيأتي وقال الشافعي يستحب للمرأة أن تخضب بالحناء يديها إلى الكوعين قبل الاحرام وتمسح وجهها أيضا بشئ من الحناء يسيرا ولا يختص أصل الاستحباب بالاحرام بل هو محبوب لها في جميع الأحوال نعم يكره الخضاب للخلية في ساير الأحوال