الاسراع قدر رمية حجر وإذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس فلا يجوز وادى محسر حتى تطع الشمس مستحبا وروى عن الباقر (ع) إنه يكره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة . إذا عرفت هذا فإنه يجب يوم النحر بمنى ثلاث مناسك رمى جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير ويجب عليه بعد عوده من مكة إلى منى يوم النحر أو ثانية رمى الجمار الثلاث والمبيت بمنى. البحث الثاني. في رمى جمرة العقبة. مسألة. إذا ورد منى يوم النحر وجب عليه فيه رمى جمرة العقبة وهي آخر (الجمار مما يلي منى وأولها مما يلي مكة وهي عند العقبة ولذلك سميت جمرة العقبة في حضيض الجبل مترقيه عن العادة ولا نعلم خلافا في وجوب رمى جمرة العقبة صح) لان رسول الله صلى الله عليه وآله رماها وقال خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها. إذا عرفت هذا فإنه يستحب له إذا دخل منى بعد طلوع الشمس رمى جمرة العقبة حالة وصوله. مسألة. لا يجوز الرمي في هذا اليوم ولا باقي الأيام إلا بالحجارة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله رمى بالأحجار وقال بمثل هذا فارموا وقال (ع) عليكم بحصى الخذف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح خذ حصى الجمار ثم ائت جمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها من قبل وجهها والامر للوجوب وقال أبو حنيفة يجوز بكل ما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ والمدر فأما ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز وقال داود يجوز الرمي بكل شئ حتى حكى عنه إنه قال لو رمى بعصفور ميت أجزأه لقوله إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ ولم يفصل وعن سكينة بنت الحسين أنها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصى تكبر مع كل حصاة فسقطت حصاة فرمت بخاتمها ولأنه رمى بما هو من جنس الأرض فأجزأه كالحجارة والجواب لم يذكر في الحديث كيفية المرمى به وبينه بفعله فيصرف ما ذكره إلى المعهود من فعله كغيره من العبادات وفعل سكينة (ع) نقول به لجواز أن يكون فص الخاتم حجرا وينتقض قياس أبي حنيفة بالدراهم. مسألة. واختلف قول الشيخ (ره) فقال في أكثر كتبه لا يجوز الرمي بالحصى واختاره ابن إدريس وأكثر علمائنا وقال في الخلاف لا يجوز الرمي إلا بالحجر وما كان من جنسه من البرام والجوهر وأنواع الحجارة ولا يجوز بغيره كالمدر والاجر والكحل والزرنيخ والملح وغير ذلك من الذهب والفضة وبه قال الشافعي والوجه الأول لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لما لقط له الفضل بن العباس حصى الخذف قال بمثلها فارموا ومن طريق الخاصة رواية زرارة الحسنة عن الصادق (ع) قال لا ترم الجمار إلا بالحصى ولحصول يقين البراءة بالرمي بالحصى دون غيره فيكون أولي. مسألة. ويجب أن يكون الحصى أبكارا فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره لم يجزئه عند علمائنا وبه قال أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله لما أخذ الحجارة قال بأمثال هؤلاء فارموا وإنما تتحقق المماثلة بما ذكرناه ولأنه (ع) أخذ الحصى من غير المرمى وقال خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ولا تأخذ من حصى الجمار وقال الشافعي إنه مكروه ويجزئه وقال المزني إن رمى بما رمى به هو لم يجزئه وإن رمى بما رمى به غيره أجزاء لأنه رمى بما يقع عليه اسم الحجارة فأجزائه كما لو لم يرم به قبل ذلك والجواب ليس المطلق كافيا وإلا لما احتاج الناس إلى نقل الحصى إلى الجمار وقد أجمعنا على خلافه ولا فرق في عدم الأجزاء بين جميع العدد وبعضه فلو رمى بواحدة قد رمى بها وأكمل العدد بالابكار لم يجزئه ولو رمى بخاتم فصه حجر فالأقرب الأجزاء خلافا لبعض العامة فإنه منع منه لان الحجر هنا تبع. مسألة. يجب أن يكون الحصى من الحرم فلا يجزئه لو أخذه من غيره لقول الصادق (ع) إن أخذته من الحرم أجزأك وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك وهذا نص في الباب ويكره أن تكون صما بل تكون رخوة ويستحب أن تكون برشا منقطة كحليته قدر الأنملة لان الصادق (ع) كره الصم منها وقال خذ البرش وقال الرضا (ع) حصى الجمار تكون مثل الأنملة لا تأخذها سودا ولا بيضا ولا حمرا خذها كحلية منقطة تخذفهن خذفا وتضعها وتدفعها بظفر السبابة قال وارمها من بطن الوادي واجعلهن على يمينك كلهن ولا ترم على الجمرة وتقف عند الجمرتين الأوليين ولا تقف عند جمرة العقبة ويكره أن تكون مكسرة وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله أمر الفضل فلقط له حصى الخذف وقال بمثلها فارموا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) التقط الحصى ولا تكسر منها شيئا ويستحب أن تكون صغارا قدر كل واحد منها مثل الأنملة لان النبي (ص) أمر بحصى الخذف والخذف إنما يكون بأحجار صغار ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) حصى الخذف تكون مثل الأنملة وقال الشافعي أصغر من الأنملة طولا وعرضا ومنهم من قال كقدر النواة ومنهم من قال مثل الباقلا وهذه المقادير متفاوتة ولو رمى بالبر أجزأه للامتثال وفى إحدى الروايتين عن أحمد إنه لا يجزئه لان النبي (ص) أمر بهذا القدر. البحث الثالث. في رمى الجمار وكيفيته. مسألة. يجب في الرمي النية لأنه عبادة وعمل ويجب أن يقصد وجوب الرمي أما الجمرة العقبة أو لغيرها لوجوبه قربة إلى الله تعالى إما لحج الاسلام أو لغيره ويجب فيه العدد وهو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة فلا يجزئه لو أخل ولو بحصاة بل يجب عليه الاكمال ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (على) كذا فعلوا ويجب إيصال كل حصاة إلى الجمرة بما يسمى رميا بفعله فلو وضعها بكفه في المرمى لم يجزئه إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالرمي وهذا لا يسمى رميا فلا يكون مجزيا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها ولو طرحها طرحا قال بعض العامة لا يجزئه وقال أصحاب الرأي يجزئه لصدق الاسم والضابط تبعية الاسم فإن سمى رميا أجزأه وإلا فلا ويجب أن يقع الحصى المرمى فلو وقع دونه لم يجزئه إجماعا قال الصادق (ع) فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها. مسألة. يجب أن تكون أصابه الجمرة بفعله لان النبي (ص) كذا فعل وقال خذوا عنى مناسككم ولقوله (ع) بمثلها فارموا أوجب استناد الرمي إلينا فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرت على سننها أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل وشبهه ثم وقعت في المرمى بعد ذلك أجزاءه لان وقوعها في المرمى بفعله ورميه بخلاف المزدلف في المسابقة فإنه لا يعتد به في الإصابة لان القصد إبانة إصابة الحذف الهدف فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن فلم تدل الإصابة على حذفه فلهذا لم يعتد به بخلاف الحصاة فإن الغرض إصابة الجمرة بفعله كيف كان أما لو وقعت الحصاة على ثوب إنسان فنقضها فوقعت في المرمى فإنه لا يجزئه وبه قال الشافعي لأنه لم تمثل أمر الإصابة بفعله وقال احمد يجزئه لان ابتداء الرمي من فعله فأشبه ما لو أصاب موضعا صلبا ثم وقعت في المرمى وليس بجيد لان المأخوذ عليه الإصابة بفعله ولم تحصل فأشبه ما لو وقعت في غير المرمى فأخذها غيره فرمى بها في المرمى وكذا لو وقعت على ثوب إنسان فتحرك فوضعت في المرمى أو على عنق بعير فتحرك فوقعت في المرمى لامكان استناد الإصابة إلى حركة البعير والانسان ولو رماها نحو المرمى ولم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا فالوجه إنه لا يجزئه وهو قول الشافعي في الجديد لأصالة البقاء وعدم يقين البراءة وقال في القديم يجزئه بناء على الظاهر ولو رمى حصاة فوقعت على حصاة فطفرت الثانية في المرمى لم يجزئه لان التي رماها لم تحصل في المرمى والتي حصلت لم يرمها إبتداء ولو رمى إلى غير المرمى (فوقع في المرمى صح) لم يجزئه لأنه لم يقصده بخلاف ما لو رمى إلى صيد فوقع غيره صحت تذكيته لعدم القصد في الذكاة والرمي يعتبر فيه القصد ولو وقعت على مكان أعلا من الجمرة فقد خرجت في المرمى فالأقرب الأجزاء لحصولها في المرمى بفعله وخلافا لبعض الشافعية ولو رمى بحصاة فالتقمها طاير قبل وصولها لم يجزئه سواء رماها الطاير في المرمى أو لا
(٣٧٦)