فإنها عقوبة وعلى هذا فثمن ماء غسلها عليها خاصة خلافا لهم مسألة يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغ المكان الذي وطأها فيه إلى أن يقضيا المناسك إن حجا على ذلك الطريق وبه قال الشافعي في القديم واحمد لما رواه العامة عن علي عليه السلام وعن عثمان وابن عباس ولا مخالف لهم فكان إجماعا ومن طريق الخاصة مما تقدم في حديث زرارة وإن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا واختلف أصحاب الشافعي على وجهين أحدهما كما قلنا والثاني إنه مستحب وقال مالك يفترقان من حيث يحرمان ونقله في الموطأ عن علي عليه السلام لان التفريق إنما يكون لخوف مواقعة الوطي وذلك يوجد بإحرامهما والجواب أن التفريق في جميع المسافة مشقة عظيمة فاقتصر على موضع مواقعة المحظور لأنه الذي به يحصل الداعي إلى الوطي وقال أبو حنيفة لا أعرف هذه التفرقة لأنه لو وطأها في رمضان لم يجب التفريق بينهما في قضائه فكذا هنا والجواب التفريق في الصوم مشقة لان السكنى يجمعهما ولان القضاء في رمضان لا يتعين وهنا متعين ولان مشقة إفساد قضاء رمضان أقل كثيرا من المشقة هنا فكان الاحتراز هنا عما يفسده أشد من الاحتراز هناك إذا عرفت هذا فإن التفريق ينبغي أن يكون في القضاء من المكان الذي احدثا فيه ما أحدثا حتى يقضيا المناسك والروايات تعطى التفريق أيضا في الحجة الأولى من ذلك المكان حتى يأتيا بها فاسدة أيضا وهو جيد لان التحريم في الفاسد ثابت كالصحيح فوجب التفرقة وحد الافتراق أن لا يخلوا بأنفسهما بل متى اجتمعا كان معهما ثالث محرم لان وجود الثالث يمنع من الاقدام على المواقعة كمنع التفريق ولقول الصادق عليه السلام في المحرم يقع على أهله قال يفرق بينهما ولا يجتمعان في جناء إلا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله مسألة لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يفسد حجه ولا شئ عليه وبه قال الشافعي في الجديد لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ ولأنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة فافترق وطى العامد والناسي فيها كالصوم وقال الشافعي في القديم يفسد حجه وتجب الفدية كالعامد وبه قال مالك واحمد وأصحاب الرأي لأنه سبب يتعلق به وجوب القضاء فاستوى عمده وسهوه كالفوات ولأنه من محظورات الاحرام فاستوى عمده وسهوه كقتل الصيد والفرق إن الفوات ترك ركن فاستوى عمده وسهوه كغيره من الأصول وجزاء الصيد ضمان الاتلاف وذلك يستوى في الأصول عمده وسهوه تذنيب لو أكره على الجماع لم يفسد حجه ولا كفارة عليه عندنا وللشافعي قولان كالناسي لقوله عليه السلام وما استكرهوا عليه ولان الاكراه رفع الفساد في حق المرأة فكذا في حق الزوج لعدم الفرق بينهما مسألة لا فرق بين الوطي في القبل والدبر من المرأة والغلام في وجوب الكفارة وإفساد الحج وبه قال الشافعي واحمد ومالك وأبو يوسف ومحمد لأنه وطى في فرج يوجب الغسل فيوجب الافساد كالقبل والروايات الدالة على إيجاب ما ذكرنا على من واقع أو غشى امرأته وهو صادق في المتنازع وقال أبو حنيفة لا يفسد بالوطي بالدبر ورواه عنه أبو ثور لأنه وطى لا يتعلق به الاحصان والاحلال فأشبه الوطي فيما دون الفرج والفرق أن وطى ما دون الفرج لا يوجب الغسل وليس كبيرة في حق الأجنبية ولا يوجب مهرا ولا حدا ولا عدة بخلاف المتنازع قال الشيخ (ره) من أصحابنا من قال إتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء بإتيانها في دبرها كل ذلك يتعلق به فساد الحج وبه قال الشافعي ومنهم من قال يتعلق به فساد الحج ومنهم من قال لا يتعلق الفساد إلا بالوطئ في قبل المرأة وقال أبو حنيفة إتيان البهيمة لا يفسده والوطي في الدبر على روايتين المعروف إنه يفسده واستدل على الأول بطريقة الاحتياط وعلى الثاني ببراءة الذمة وهو يدل على تردد الشيخ في تعلق الافساد بوطئ دبر المرأة والغلام وجزم في المبسوط بتعلق الفساد بوطي دبر المرأة وأما إتيان البهايم فقال مالك وأبو حنيفة لا يفسد به الحج لأنه انعقد صحيحا فلا يفسده إلا دليل شرعي ولم يثبت وقال الشافعي يفسد الحج مسألة لو استمنى بيده قال الشيخ (ره) حكمه حكم المجامع إن كان قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه و وجب عليه بدنة لان إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن عليه السلام ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى قال أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم بدنة والحج من قابل ولأنه هتك حرمة الاحرام بالانزال على وجه أبلغ من الوطي لاقترانه (لمشابهته إياه) في القبح فكان مساويا له في العقوبة وقال ابن إدريس لا يفسد الحج وتجب البدنة للأصل الدال على براءة الذمة خرج وجوب الكفارة للاجماع فيبقى الباقي على أصله مسألة لو وطى فيما دون الفرج وأنزل وجب عليه بدنة ولا يفسد حجه وإن كان قبل الموقفين وبه قال أحمد في إحدى الروايتين لأنه جماع فوجب الفدية كالفرج ولان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل وقع على أهله فيما دون الفرج قال عليه بدنة وليس عليه الحج من قابل وفى الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في المحرم يقع على أهله قال إن كان أقضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل وإن لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ولأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحج فلم يفسد الحج كالتقبيل وقال أحمد في الرواية الأخرى تجب عليه بدنة ويفسد حجه وبه قال الحسن وعطا ومالك وإسحاق لأنها عبادة يفسدها الوطي فأفسدها الانزال عن مباشرة كالصيام والفرق إن الصوم يخالف الحج في المفسدات وقال الشافعي وأصحاب الرأي عليه شاة لأنه مباشرة فيما دون الفرج فأشبه القبلة والفرق إنه أفحش ذنبا من القبلة فالعقوبة فيه أشد ولو لم ينزل قال العامة تجب الشاة مسألة لو وطئ قبل التلبية أو الاشعار أو التقليد لم يكن عليه شئ وإن تلبس بالاحرام لان انعقاد الاحرام بأحد الثلاثة فإذا وطئ قبلها لم يصادف إحراما منعقدا لان حريزا روى في الحسن عن الصادق عليه السلام في الرجل إذا تهيأ للاحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبى مسألة لو جامع بعد الوقوف بالموقفين لم يفسد حجه وعليه بدنة لا غير عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من أدرك عرفة فقد تم حجه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل دل بمفهومه على عدم وجوب الحج لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة وقال الشافعي لا فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الافساد إذا كان قبل التحلل الأول ولو كان بعد التحلل الأول بالرمي والحلق لم يفسد إحرامه الماضي ويأتي بالطواف وعليه الكفارة لأنه وطئ عمد صادف إحراما تاما فأفسده كما لو كان قبل الوقوف والفرق إن الوطي قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحج لم يقع بعد بخلاف ما بعده وقال مالك واحمد يفسده حجه إن كان قبل التحلل الأول وإن كان بعد التحلل الأول بالرمي والحلق لم يفسده إحرامه الماضي ويفسد ما بقى من إحرامه ويجب عليه أن يحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح وتلزمه شاة مسألة ولو كان الوطي بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة فسد حجه أيضا قاله أكثر العلماء لما رواه العامة عن ابن عباس إنه قال من وطى بعد التحلل فقد تم حجه وعليه بدنة والظاهر إنه قاله نقلا عن الرسول صلى الله عليه وآله وهو يدل بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا واقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل وقال أبو حنيفة لا يفسد ويجب عليه بدنة لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الحج عرفة من وقف بعرفة فقد تم حجه وهو لا يدل على المطلوب إلا بالمفهوم وهو لا يقول بموجبه مسألة لو كرر الوطي وهو محرم كان عليه بكل وطى كفارة وهي بدنة سواء كفر عن الأول أو لا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه وطى صادف إحراما لم يتحلل منه فوجب به البدنة كما لو كان الاحرام صحيحا ولان الاحرام الفاسد كالصحيح في ساير الكفارات وقال الشافعي إن وطى بعد أن كفر عن الأول وجب عليه الكفارة وهل الكفارة الثانية شاة أو بدنة قولان وإن وطى قبل أن يكفر فأقوال ثلاثة أحدها لا شئ عليه والثاني شاة والثالث بدنة وقال أبو حنيفة تجب عليه شاة سواء كفر عن الأول أو لا إلا أن يتكرر الوطي في مجلس واحد على وجه الرفض للاحرام بأن ينوى بطلان الاحرام لأنه وطى صادف إحراما نقضت حرمته فلم تجب به الفدية كما لو وطى بعد التحلل والفرق إن الوطي بعد التحلل لم يصادف
(٣٥٦)