التبقية إلى حين الحصاد مجانا فإن قلعه ليزرع غيره لم يكن له ذلك سواء قصرت مدة الثاني عن الأول أو لا ولو كان للزرع أصل ثابت يجز مرة بعد أخرى فعلى البايع تفريغ الأرض منه بعد الجزة الأولى ويحتمل الصبر حتى يستقلع ولا يدخل المعادن في البيع إلا مع الشرط فلو لم يعلم بها البايع وقلنا بالدخول مع الاطلاق تخير بين الفسخ والامضاء في الجميع ويدخل في الأرض البئر والعين وماؤهما على ما قلناه. المقصد السابع. في التحالف ومطالبه ثلاثة الأول في سببه. مسألة. إنما يقع التحالف إذا اختلفا واشتمل كلام كل من المتبايعين على دعوى ينفيها صاحبه ولا بينة هناك ولان ذلك مثل أن يدعى إنه باع عليه هذا العبد بألف فيقول المشترى ما بعتني العبد بل بعتني هذه الجارية بألف فكل واحد منهما مدع لما ينكره الاخر وكل منهما منكر لما يدعيه الآخر والمنكر لما يتوجه عليه اليمين فيحلف كل منهما بيمينه على نفى ما أدعاه الآخر فيحلف المشترى إنه ما باعه هذا العبد ويحلف البايع إنه لم يبعه هذه الجارية ويحكم ببطلان العقدين معا ولا فرق بين أن يكون الثمن معينا أو في الذمة وقال الشافعي إن كان الثمن معينا تحالفا كما لو اختلفا في جنس الثمن وإن كان في الذمة فوجهان أحدهما إنهما يتحالفان أيضا كما لو كان معينا والثاني إنه لا تحالف لأن المبيع مختلف فيه والثمن ليس بمعين حتى يربط به العقد. مسألة. ولو قال الزوج أصدقتك أباك فقالت بل أمي (أمتي صح) حلف كل واحد منهما على نفى ما يدعيه صاحبه ولم يجمع أحدهما في اليمين بين النفي والاثبات ولا يتعلق بيمينها فسخ ولا انفساخ بل يثبت مهر المثل وللشافعي أحدهما التحالف فيجمع كل منهما في يمينه بين النفي والاثبات والآخر لا تحالف بل يحلف كل منهما على نفى ما يدعيه الآخر ولا يجمع بين النفي والاثبات في يمينه ولا يتعلق بيمينها فسخ ولا انفساخ. مسألة. لو أقام مدعى بيع العبد البينة على دعواه وأقام مشترى الجارية البينة على دعواه فإن أمكن الجمع بينهما بأن يكون الثمن مطلقا غير معين والزمان متعدد حكم بها معا ويثبت العقدان ولا يمين هنا وإن لم يكن إما بأن يكون الثمن واحد معينا أو اتحد الزمان بحيث لا يمكن الجمع بين العقدين تعارضتا وسيأتى حكم تعارض البينتين وقال الشافعي إذا أقام كل منهما بينة على ما ذكر سلمت الجارية للمشترى أما العبد فقد أقر البايع ببيعه وقامت البينة عليه فإن كان في يد المشترى أقر عنده وإن كان في يد البايع فوجهان أحدهما إنه يسلم إلى المشترى ويجبر على قبوله والثاني لا يجبر لأنه ينكر ملكه فيه فعلى هذا يقبضه الحاكم وينفق عليه من كسبه وإن لم يكن له كسب ورأى الحظ في بيعه وحفظ ثمنه فعل. مسألة. لو اختلفا في قدر الثمن خاصة فقال البايع بعتك هذا بمائه فيقول المشترى بخمسين فإن كان لأحدهما بينة (قضى بها وإن أقام كل واحد فيها بينة صح) على ما يقوله سمعنا بينة من لا يكون القول قوله مع اليمين وعدم البينة وعند الشافعي تسمع البينتان معا من حيث إن كل واحد منهما مدع وحينئذ قولان أما التساقط فكأنه لا بينة وأما التوقف إلى ظهور الحال فإن لم يكن لواحد منهما بينة قال أكثر علمائنا إن كانت السلعة قائمة فالقول قول البايع مع يمينه وإن كانت تالفه فالقول قول المشترى مع يمينه لان المشترى مع قيام السلعة يكون مدعيا لتملكها وانتقالها إليه بما أدعاه من العوض والبايع ينكره وأما بعد التلف فالبايع يدعى على المشترى ما لا في ذمته والمشترى ينكره يقدم قوله ولما روى عن الصادق (ع) إنه قال في الرجل يبيع الشئ فيقول المشترى هو بكذا وكذا بل أقل مما قال البايع قال القول قول البايع مع يمينه إذا كان الشئ قائما بعينه وهو يدل بالمفهوم على إنه إذا لم يكن قائما بعينه يكون القول قول المشترى وقال بعض علمائنا ولا بأس به القول قول البايع إن كانت السلعة في يده (وقول المشترى إن كانت السلعة في يده صح) وقال الشافعي يتحالفان سواء كانت.
السلعة قائمة أو تالفة وبه قال محمد بن الحسن واحمد في إحدى الروايتين لما روى ابن مسعود إن النبي قال إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البايع والمبتاع بالخيار ومعنى ذلك إن القول قوله مع يمينه والمبتاع بالخيار إن شاء أخذ بما قال وإن شاء حلف وإنما ذكر البايع لأنه يبدأ بيمينه ولأنهما اختلفا في العقد القايم بينهما وليس معهما بينة فتحالفا كما لو كانت السلعة قايمة ولان البايع مدع زيادة الثمن ومدعى عليه في تملك السلعة بالأقل والمشترى بالعكس فكل منهما مدع منكر ونمنع دلالة الخبر على المطلوب والعموم إذ ليس كل اختلاف يقع من المتبايعين يكون هذا حكمه فلم قلتم إن صورة النزاع منه ولم قلتم إن المبتاع يتخير بين الاخذ بقوله والحلف ولم لا يجوز أن يكون الخيار له في أن يحلفه أو يعفو عنه ولا نمنع اختلافهما في العقد بل في الثمن ونمنع ثبوت حكم الأصل فإنا قد بينا إن مع قيام السلعة يكون القول قول البايع مع يمينه من غير تحالف وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إن كانت السلعة قائمة بحالها تحالفا وإن كانت تالفة لم يتحالفا وهو الرواية الأخرى عن أحمد لان القياس يقتضى أن يكون القول قول المشترى لاتفاقهما على عقد صحيح ثم البايع يدعى زيادة ينكرها المشترى فيقدم قوله مع اليمين إلا إنا تركناه في حال قيام السلعة لما روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا اختلف المتبايعان والسلعة قايمة ولا بينة لأحدهما تحالفا وبقى الباقي على حكم القياس وهو إنهما قد اتفقا على انتقال الملك إلى المشترى واختلفا فيما يجب عليه فالبايع يدعى زيادة ينكرها المشترى أجاب الشافعية بمنع اقتضاء القياس تقديم قول المشترى لان كل واحد منهما مدع ومدعى عليه لان البايع يدعى العقد بألفين والمشترى يدعى العقد بألف وهنا عقدان مختلفان والخبر لم يذكر فيه التحالف ولا في شئ من الاخبار وعلى أن التحالف إذا ثبت مع قيام السلعة يمكن معرفة ثمنها في العرف و يتعذر ذلك إذا تلفت وكان البينة مقدما على الدليل وعن مالك ثلاث روايات احديها كقول الشافعي والثانية كقول أبي حنيفة والثالثة إن كان قبل القبض تحالفا وإن كان بعد القبض فالقول قول المشترى لان بعد القبض صار جانب المشترى أقوى من جانب البايع لأنه لما دفع إليه السلعة أئتمنه عليها ولم يتوثق منه فكان القول قوله وليس بصحيح لان اليد لا تقويه مع اتفاقهم على البيع والتسليم باليد ليس استيمانا وإنما يقبل قول الأمين إذا أقامه مقام نفسه بخلاف صورة النزاع وقال زفر وأبو ثور القول قول المشترى بكل حال لأنه منكر وفيه قوة. مسألة. لو مات المتبايعان واختلف ورثتهما في مقدار الثمن والمثمن فهو كاختلاف المتبايعين عندنا فإن كانت السلعة قائمة حلف ورثة البايع وإن كانت تالفة حلف ورثة المشترى وكذا قال الشافعي بأنهما يتحالفان المتبايعين لان ما كان للمورث ينتقل إلى وارثه وقال أبو حنيفة إن كان المبيع في يد وارث البايع تحالفا وإن كان في يد وارث المشترى فالقول قوله مع يمينه لان القياس عدم التحالف فأجزناه مع بقاء السلعة. مسألة. إذا اختلفا في المثمن فقال البايع بعتك هذا العبد بألف فقال المشترى بل بعتني هذا العبد وهذه الجارية بألف فالأقرب عندي هنا تقديم قول البايع لان المشترى سلم له استحقاق الألف في ذمته ويدعى بيع شيئين والبايع ينكر أحدهما فيقدم قوله وقال الشافعي يتحالفان كما تقدم في مذهبه ولو اختلفا في قدر الثمن والمثمن معا بأن يقول البايع بعتك هذا العبد بألف ويقول المشترى بعتنيه وهذه الجارية بألفين فالأقوى عندي هنا إنهما يتحالفان وبه قال الشافعي لان هنا دعويان مختلفان فإذا حلف البايع إنه ما باعه العبد والجارية بألفين وحلف المشترى إنه ما باعه العبد وحده بألف انفسخ العقدان أو فسخه الحاكم. مسألة. لو اختلفا في جنس الثمن بأن قال بعتك بألف دينار فيقول المشترى بل بألف درهم مع اتفاقهما على عين المبيع فالأقرب عندي هنا التحالف أيضا لاتفاقهما على نقل المبيع واختلافهما في جنس العوض واحدهما غير الآخر وغير داخل فيه فكل منهما منكر مدع فيتحالفان كما قلناه فيحلف البايع ما بعته بألف درهم ويحلف المشترى ما ابتاعه بألف دينار وبه قال الشافعي ولو اختلفا في بعض صفاته قدم قول منكر زيادة الصفة ولو اختلفا في وصفين مختلفين تحالفا وبه قال الشافعي. مسألة. لو اختلفا في شرط في العقد كالأجل أو اختلفا في قدر الاجل أو اختلف في الخيار