أو يكون الطيب محرما فلا فدية وبه قال الشافعي كما لو تكلم في الصلاة ناسيا أو أكل في رمضان وقال أبو حنيفة ومالك والمزني تجب الفدية على الناسي والجاهل وعن أحمد روايتان ولو علم أنه طيب ولم يعلم أنه يعبق لزمته الفدية ولو علم تحريم الاستعمال وجهل وجوب الفدية وجبت الفدية لأنه إذا علم التحريم كان حقه الامتناع ولو علم تحريم الطيب وجهل كون الممسوس طيبا لم يجب الفدية وهو قول أكثر الشافعية لأنه إذا جهل كون الشئ طيبا فقد جهل تحريم استعماله وحكى الجويني وجها اخر انه تجب الفدية ولو مس طيبا وهو يظن أنه يابس لا يعلق شئ منه به فالأقرب عدم الفدية وهو أحد قولي الشافعي لان جهله برطوبة كجهله بكونه طيبا والثاني تجب الفدية لأنه قصد الطيب مع العلم بكونه طيبا وقال الشيخ (ره) لو كان الطيب يابسا مسحوقا فان علق بيده شئ منه فعليه الفدية وإن لم يعلق بحال فلا فدية ولو كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر والكافور فان علق بيده رايحته فعليه الفدية للاحتياط وعموم الاخبار وهو جيد مسألة لو لصق الطيب ببدنه أو ثوبه على وجه لا يوجب الفدية بأن كان يابسا أو ألقته الريح وجب عليه المبادرة إلى غسله أو تنحيته أو معالجته بما يقطع رايحته ويأمر غيره بإزالة ذلك عنه ولو باشره بنفسه فالأقرب انه لا يضره لأنه قصد الإزالة فان اخره قادرا فلم يلزمه مع الامكان وجب الفداء ولو كان زمنا لا يقدر على ازالته أو متكونا لا يتمكن فلا فدية ولو أكره على التطيب فلا فدية ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم لبس ثوب فيه طيب من ورس أو زعفران أو غيرهما مع رطوبته أو تبخيره به فكل ما صبغ بزعفران أو ورس أو غمس في ماء ورد أو بخر بعود فليس للمحرم لبسه ولا الجلوس عليه ولا النوم عليه ولأنه استعمال له فأشبه لبسه ومتى لبسه أو استعمله فعليه الفداء وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة إن كان رطبا بلى بدنه أو يابسا ينقص فعليه الفدية وإلا فلا لأنه ليس بمتطيب وهو خطأ لأنه محرم استعمل ثوبا مطيبا فلزمته الفدية كالرطب فان غسله حتى ذهب ما فيه من الطيب فلا بأس به باجماع العلماء ولو انقطعت رايحة الثوب بطول الزمن عليه أو لكونه صنع بغيره فغلب عليه بحيث لا تفوح له رايحة إذا رش فيه الماء فلا بأس باستعماله لزوال الطيب منه وبه قال سعيد بن المسيب والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو عن عطا وطاوس وكره ذلك مالك إلا أن يغسل ويذهب لونه لان عين الزعفران ونحوه موجودة فيه وليس بجيد لأنه إنما نهى عنه لأجل رايحته والتلذذ به وقد ذهب بالكلية ولو لم تكن له رايحة في الحال لكن كان بحيث لو رش فيه ماء فاح رايحة ففيه الفدية لأنه متطيب لان رايحته تظهر عند رش الماء فيه والماء لا رايحة له وإنما هي من الصبغ الذي فيه ولو رش فوق الثوب ثوبا صفيقا يمنع الرايحة والمباشرة فلا فدية عليه بالجلوس والنوم عليه ولو كان الحايل بينهما يذاب بدنه وجب الفداء لأنه ممنوع من استعمال الطيب في الثوب الذي هو عليه كما منع من استعماله في بدنه ولا بأس بالثوب المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر للرواية خلافا للثوري وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وكذا لا بأس بالممشق وهو المصبوغ بالمشق وهو المصبوغ بالمغره؟
لأنه مصبوغ بطين لا بطيب وكذا المصبوغ بساير الاصباغ سوى ما ذكرنا وإن كان السواد مكروها لأصالة الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه أو كان في معناه و أما المصبوغ بالرياحين فهو مبنى على الرياحين في نفسها فما منع المحرم عن استعماله منع من المصبوغ به إذا ظهرت رايحته وإلا فلا مسألة لو مات المحرم لم يجز تغسيله بالكافور وهو إجماع للأحاديث الدالة عليه من طريق العامة والخاصة روى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام عن المحرم إذا مات كيف يصنع به قال يغطى لوجهه ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقربه طيبا البحث الرابع الادهان مسألة الدهن ضربان طيب وغير طيب فالطيب البنفسج والورد والنيلوفر والبان وما في معناه ولا خلاف ان فيه الفدية على أي وجه استعمله وأما غير الطيب مثل الشيرج والزبد والسمن فيجور أكله إجماعا قال الشيخ (ره) ولا يجوز الادهان به على وجه وأما وجوب الكفارة بالادهان فليست أعرف به نصا والأصل براءة الذمة ثم قال وقد اختلف الناس على أربعة مذاهب فقال أبو حنيفة فيه الفدية على كل حال إلا أن يداوى به جرحه أو شقوق رجليه وقال الحسن بن صالح بن حي لا فدية فيه بحال وقال الشافعي فيه الفدية في الرأس واللحية ولا فدية فيما عداهما لما فيه من ترجيل الشعر وتزيينه والمحرم منعوت بالشعث المعتاد له ولو كان أقرع أو أضلع فدهن رأسه أو أمرد فدهن ذقنه فلا فدية عليه عنده إذ ليس فيه تزيين شعر ولو كان محلوق الرأس فوجهان ولو كان في رأسه شجة فجعل الدهن في داخلها فلا شئ عليه وقال مالك إن دهن به ظاهر بدنه ففيه الفدية وإن كان في بواطن بدنه فلا فدية واستدل على مذهبه بأصالة براءة الذمة وبما رواه العامة عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله دهن وهو محرم بزيت إذا عرفت هذا فنقول الدهن الطيب كدهن الورد والبنفسج والنيلوفر يحرم الادهان به وبه قال الأوزاعي و احمد وكره مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي الادهان بدهن البنفسج وقال للشافعي ليس بطيب وهو غلط لأنه يأخذ للطيب وتقصد رايحته فكان طيبا كماء الورد و إما ما لا طيب فيه كالزيت والشيرح والسمن والشحم ودهن البان الشارخ فالمشهور عند علمائنا تحريم الادهان به بعد الاحرام اختيارا وذهبت العامة إلى جوازه وقال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن ونقل بعض العامة جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد وعطا والضحاك وغيرهم وقال عطا ومالك والشافعي وأبو ثور واحمد في رواية وأصحاب الرأي لا يدهن المحرم رأسه بالزيت الذي يوكل لأنه يزيل الشعث ويرجل الشعر ويحسنه وأجمعوا على إباحة استعماله في اليدين وإنما الكراهة عندهم في الرأس خاصة محل الشعر لنا ما رواه العامة عن ابن عمر انه صدع وهو محرم فقالوا لا ندهنك بالسمن فقال لا قالوا أليس تأكله قال ليس أكله كالادهان به وعن مجاهد إن تداوى به فعليه الكفارة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ولا تمس شيئا من الطيب ولا من الدهن في احرامك وقال عليه السلام وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن ولو أدهن بالدهن الطيب قبل الاحرام فإن كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام فعل حراما ولو ذهبت رايحته بعد الاحرام أو ادهن قبله بما ليس بطيب فإنه جايز إجماعا مسألة لو اضطر إلى استعمال الأدهان الطيبة حالة الاحرام جاز له استعماله وتجب الفدية لما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج قال إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين وإن كان تعمد فعليه دم شاء يهريقه ويجوز استعمال ما ليس بطيب بعد الاحرام اضطرارا إجماعا ولا فدية لأصالة البراءة ولما رواه هشام بن سالم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمل فليبطه وليداوه بسمن أو زيت البحث الخامس الاكتحال بما فيه طيب مسألة أجمع علمائنا على أنه لا يجوز للمحرم ان يكتحل بكحل فيه طيب سواء كان رجلا أو امرأة لان النبي صلى الله عليه وآله حرم استعمال الطيب وهو قول كل من حرم استعمال الطيب وجب به الفدية كما قلنا في طيب لقول الصادق عليه السلام لا يكحل المحرم عينيه بكحل فيه زعفران وليكحلها بكحل فارسي إذا عرفت هذا فلا يجوز ان يكتحل للزينة لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بان يكتحل وأنت محرم ما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فإما للزينة فلا يجوز مسألة لا يجوز للمحرم ان يكتحل بالسواد سواء كان رجلا أو امرأة إلا عند الضرورة ويجوز لهما ان يكتحلان بما عداه من الاكحال إلا إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز على حال وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز الاكتحال بما فيه طيب وكره عطا والحسن البصري ومجاهد الاكتحال بالإثمد وروى عن ابن عمر أنه قال يكتحل المحرم بكل كحل ليس فيه طيب قال مالك لا بأس ان يكتحل المحرم من حر يجده في عينيه بالإثمد وغيره وعن أحمد أنه قال يكتحل المحرم ما لم يرد به الزينة قيل له الرجال والنساء قال نعم لنا على المنع من الأسود كالأثمد وشبهه ما رواه العامة ان عليا (ع)