لا يجوز بيع الحنطة المسوسة بالحنطة المسوسة إذا لم يبق فيها لب إلا متساويا خلافا للشافعي فإنه سوق البيع مع التفاضل حيث علل بالطعم وهو ممنوع - ز - المأكولات التي لا تكال ولا توزن كالمعدودات لا ربا فيها عندنا إلا على رأى من يثبت الربا في المعدودات وللشافعي قولان ففي القديم لا ربا فيها وفي الجديد يثبت فعلى قولنا وقوله القديم يجوز التفاضل فيها كرمانة برمانتين وسفرجلة بسفرجلتين وعلى الجديد لا يجوز بيع التفاضل وأما مع التساوي فإن كان مما يبس ويبقى منفعة يابسا كالخوخ المشمس فإذا جف جاز بيع بعضه متساويا ولا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا عنده كما لا يجوز بيع الرطب بالرطب عنده وإن كان مما لا ييبس ولا ينتفع بيابسه كالقثاء والخيار وشبههما ففي جواز بيع بعضه ببعض رطبا متساويا قولان المنع نص عليه في الام لان بعضه يحمل من الماء أكثر من البعض والجواز لان معظم منفعته في حال رطوبته فجاز كاللبن باللبن وكذا حكم الرطب الذي لا يصلح للتجفيف والعنب الذي لا يصلح لذلك ثم إن هذا المبيع إن كان مما لا يمكن كيله (ووزنه كالقثاء والبطيخ والخيار وما أشبهه فإنه يباع بعضه ببعض وزنا متساويين عنده وإن كان مما يمكن كيله صح) ووزنه كالتفاح والخوخ الصغار فوجهان جواز بيع بعضه ببعض وزنا لأنه أخصر له والكيل لان الأصول الأربعة كلها مكيلة فردت إليها. مسألة. يجوز بيع مد حنطة فيها فصل وهو عقد التبن أو زوان وهو حب أسود غليظ الوسط أو تراب بمجرى العادة بمد حنطة مثله أو بخالص من ذلك عند علمائنا وكذا إذا كان في أحدهما شعير سواء أكثر عن الآخر أو ساواه وسواء زاد في الكيل أو لا عملا بالأصل السالم عن الربا لان التقدير تساويهما وزنا أو كيلا والفصل والزوان والتراب بمجرى العادة والشعير لا يؤثر لقلته فأشبه الملح في الطعام والماء اليسير في الخل وقال الشافعي لا يجوز بيعه بمثله ولا بالخالص أما بمثله فللاختلاف إذ قد يكون الفصل وشبهه في أحدهما أكثر وأما الخالص فلتفاضل الحنطتين أما إذا كان التراب يسيرا جدا بحيث لا يزيد في الكيل فإنه يجوز بيعه بمثله لا بالخاص وكذا التبن الناعم جدا لأنه لا يأخذ قسطا من المكيل لأنه يكون في خلل الحنطة فلا يؤدى إلى تفاضل الكيل وتفاوت الحنطتين ولا يجوز فيما يوزن وإن قل التراب عنده لان قليله يؤثر في الميزان. تذنيب حكم الدردي في الخل والثفل؟ في البر حكم التراب في الحنطة تنبيه لو كان أحد العوضين مشتملا على الآخر غير مقصود صح مطلقا كبيع دار مموهة بالذهب. المطلب الثاني في شرط التقدير قد عرف أنه يشترط في الربا أمران الاتحاد في الجنس وقد مضى وكونهما مقدرين بالكيل أو الوزن إجماعا وهل يثبت الربا مع التقدير بالعدد والأصح المنع عملا بالأصل ولقول الصادق (ع) لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن وسئل (ع) عن البيضة بالبيضتين قال لا بأس ما لم يكن فيه كيل ولا وزن إذا تقرر هذا فلا ربا إلا فيما يكال أو يوزن مع التفاوت ولو تساويا قدرا صح البيع نقدا ولو انتفى الكيل والوزن معا جاز التفاضل نقدا أو نسية كثوب بثوبين و بيضة ببيضتين سواء اختلفت القيمة أو اتفقت. مسألة. الأجناس الأربعة أعنى الحنطة والشعير والتمر والملح مكيلة في عهده صلى الله عليه وآله فلا يباع بعضها ببعض إلا مكيلة ولا يجوز بيع شئ منه بشئ اخر من جنسها وزنا بوزن وإن تساويا ولا يضر مع الاستواء في الكيل التفاوت في الوزن أما الموزون فلا يجوز بيع بعضه ببعض كيلا ولا يضر مع الاستواء في الوزن التفاوت في الكيل وبه قال الشافعي لأدائه إلى التفاضل في المكيال لاحتمال أن يتفاوتا بأن يكون أحدهما أوزن وأثقل من البعض فيأخذ الأخف في المكيال أكثر فيتفاضلا في الكيل وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه أما لو تساويا في الثقل والخفة وعلم التفاوت بينهما فالأقرب الجواز خلافا للشافعي لان التفاوت اليسير لا اعتبار به كما في قليل التراب أما الملح إذا كان قطعا كبارا فإنه يباع وزنا لتجافيه في المكيال فيعتبر حاله الآن وهو أظهر وجهي الشافعية نظرا إلى ماله من الهيئة في الحال والاخر إنه يستحق ويباع كيلا وليس بمعتمد وكذا كل ما يتجافى في المكيال يباع بعضه ببعض وزنا وأما ما عدا الأجناس الأربعة فإن كان موزونا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فهو موزون وكذا إن كان مكيلا في عهده حكم فيه بالكيل فلو أحدث الناس خلاف ذلك لم يعقد بما أحدثوه وكان المعتبر تقرير الرسول أو العادة في عهده (ع) وبه قال الشافعي وحكى عن أبي حنيفة إنه يعتبر فيه عادات البلدان وقد روي ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة ولان المعتاد في زمانه صلى الله عليه وآله يضاف التحريم إليه كيلا أو وزنا فلا يجوز أن يتغير بعد ذلك لعدم النسخ بعده (ع) وأما ما لم يكن على عهده ولا عرف أصله بالحجاز أو لم يكن أصلا في الحجاز فإنه يرجع فيه إلى عادة البلد وبه قال أبو حنيفة فإنه قال المكيلات المنصوص عليها مكيلات أبدا والموزونات موزونات أبدا وما لم ينص عليه فالمرجع فيه إلى عادة الناس لان أنسا قال إن النبي صلى الله عليه وآله قال ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل منه مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا ولان غير المنصوص قد عهد فيه من الشارع رد الناس إلى عوائدهم كما في القبض والحرز والاحياء فإنها ترد إلى العرف وكذا هنا وللشافعي وجهان أحدهما إنه يرد إلى عادة الحجاز في أقرب الأشياء شبها به كالصيد يتبع فيه ما حكمت الصحابة به في قتل المحرم وما لم يحكم فيه بشئ يرد إلى أقرب الأشياء شبها به والثاني يعتبر عادة البلاد ويحكم فيه بالغالب كما في الحرز و الاحياء والقبض حين رد الناس فيه إلى العرف وينبغي أن يكون مع استواء البلاد فيه فكأنه لا يعلم الكيل أغلب عليه أو الوزن أن يرد إلى أقرب الأشياء شبها لتعذر العرف فيه. فروع: - آ - ما أصله الكيل يجوز بيعه وزنا سلفا وتعجيلا ولا يجوز بيعه بمثله وزنا لان الغرض في السلف والمعجل بغير جنسه معرفة المقدار وهو يحصل بهما والغرض هنا المساواة فاختص البيع في بعضه ببعض به - ب - إذا كان الشئ يكال مرة ويوزن أخرى ولم يكن أحدهما أغلب فالوجه أنه إن كان التفاوت بين المكاييل يسيرا جاز بعضه ببعض متماثلا وزنا وكيلا وإن كان التفاوت كثيرا لم يجز بيعه وزنا بل كيلا وقال بعض الشافعية إن كان أكبر جرما اعتبر الوزن لأنه لم يعهد في الحجاز الكيل فيما أكبر جرما من التمر وإن كان مثله أو أصغر فوجهان الوزن لقلة تفاوته والكيل لعمومه فإن أكثر الشبه مكيل وقال بعضهم ينظر إلى عادة الوقت - ج - لو كان الشئ يباع في بعض البلاد جزافا وفي بعضها كيلا أو وزنا ولم يكن له أصل أو لم يعرف قال الشيخ يحكم بالاحتياط وقيل يحكم بعادة البلد الذي يقع فيه - د - لو اختلف البلدان فكان في بعضها يباع كيلا وفي بعضها يباع وزنا وفي بعضها جزافا فالوجه ما تقدم أيضا من أن لكل بلد حكم نفسه فيحرم التفاضل فيه إذا كان في بلد يكال أو يوزن فيجوز في غيره وقال بعض الشافعية الاعتبار بعادة أكثر البلدان فإن اختلفت العادة ولا غالب اعتبر بأشبه الأشياء به وقال بعضهم الاعتبار بعادة بلد البيع - ه - لا فرق بين المكيال المعتاد في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وساير المكائيل المحدثة بعده كما إذا عرفنا التساوي بالتعديل في كفتى الميزان يكتفى به وإن لم يعرف قدر ما في كل كفة - و - لابد في المكيال من معرفة مقداره فلا يجوز التعويل على قصعة ونحوها مما لا يعتاد الكيل بها إلا إذا عرف نسبتها إلى الصاع وكذا الوزن لا بد من اعتباره بالأرطال المعهودة المقدرة في نظر الشرع فلو عولا على صبخة؟ مجهولة لم يصح وقد يمكن الوزن بالماء بأن يوضع الشئ في ظرف ويلقى على الماء وينظر إلى مقدار عوضه لكنه ليس وزنا شرعيا ولا عرفيا فيحتمل التعويل في الربويات عليه. مسألة. ما يباع كيلا أو وزنا لا يجوز بيعه مجازفة وبه قال الشافعي لما فيه من الغرر المنهي عنه ولقول الصادق (ع) في الصحيح ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصح مجازفة وقال مالك يجوز في البادية بيع المكيل دون الموزون جزافا لان المكيال يتعذر في البادية وفي التكليف به مشقة فجاز بالحرز والتخمين كبيع التمر بالرطب في العرايا والجواب نمنع تعذر المكيال لأنه يمكن بالقصعة وشبهها مما لا يخلو أحد عنه غالبا ويعلم تقديره إما تحقيقا
(٤٨٣)