ولا يكفيه استصحاب النية كما هو ظاهر قول ابن إدريس لان صلاته تابعة لصلاة الامام وقد نوى الامام بهاتين انهما للثانية فلابد وان ينفرد بنية أخرى انهما للأولى لئلا يلحقه حكم الامام ولو نوى بهما بطلت صلاته قاله الشيخ في النهاية لان الأولى لم تكمل وقد شرع في الثانية بسجدتين قبل قراءة وركوع والزيادة والنقصان للاركان مبطلان وقال في المبسوط يحذفهما ويأتي بسجدتين اخريين ينوى بهما الأولى ويكمل له ركعة ويتمها بأخرى لحديث حفص بن غياث وهو ضعيف وان زال الزحام و الامام راكع في الثانية فإن المأموم يشتغل بالقضاء ثم إن لحقه في الركوع انتصب وركع معه وان لم يلحقه إلا بعد رفعه منه فقد فاتته تلك الركعة فيأتي بأخرى بعد فراغ الامام ولا يتابعه في السجدتين لئلا يزيد ركنا وللشافعي قولان في الاشتغال بالقضاء لو أدركه راكعا أحدهما القضاء ولا يتابعه وبه قال أبو حنيفة لأنه قد شارك الامام في الركوع الأول فيشتغل بعده بالسجود كما لو زال الزحام والامام قايم والثاني المتابعة وبه قال مالك لقوله صلى الله عليه وآله إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وهذا امام راكع ليس بجيد لما فيه من الزيادة المبطلة وتمام الحديث فإذا سجد فاسجدوا وكما أمر بالركوع أمر بالسجود والامام قد سجد قبل الركوع للأولى فيتابعه المأموم في ذلك وللشافعي قولان على تقدير وجوب المتابعة في الركوع لو تابعه احتساب الركوع الثاني لأنه أدرك إمامة فيه فهو كالمسبوق فيدرك الجمعة لادراك ركعة تامة والأول لصحته ولا تبطل بترك ما بعده كما لو نسى سجدة من الأولى فإنها تتم بالثانية عنده ففي ادراك الجمعة من حيث إنها ملفقة وجهان ولو لم يتابعه واشتغل بالسجود على تقدير وجوب المتابعة فان اعتقد ان فرضه السجود لم تبطل صلاته بالسجود لأنه بمنزلة الناسي ولم يعتد به لأنه أتى به في غير موضعه ثم إن فرغ والامام راكع تبعه كما لو تبعه في الركوع ابتداء وان فرغ والامام رافع أو ساجد فإنه يتبعه ويعتد بما فعله من السجود ويحصل له ركعة ملفقة وفى ادراك الجمعة حينئذ وجهان وان فرغ من سجوده والامام جالس في التشهد تبعه فإذا سلم قضى السجود ولا يكون مدركا لركعة مع الامام وانما أدرك القيام والقراءة والركوع وهل يبنى الظهر على ذلك أو يبتدئها قولان وان اعتقد ان فرضه الاتباع فخالف عامدا فإن لم ينو مفارقة الامام بطلت صلاته لأنه زاد عمدا عملا كثيرا ثم إن كان الامام في الركوع أحرم بالصلاة وتبعه ويدرك الركعة ويدرك بها الجمعة وان وجده رافعا من الركوع أحرم وتبعه وبنى على ذلك الظهر وجها واحدا لأنه أحرم بعد فوات الجمعة وان نوى مفارقة الامام فان قلنا المفارقة لغير عذر مبطلة فكما تقدم فإن لم يبطل فما أدرك ركعة بل بعضها وهل يستأنف ان قلنا في غير المعذور ببطلان صلاته لو صلى الظهر قبل فوات الجمعة استأنف والا أتم ظهرا وعلى تقدير وجوب الاشتغال بالقضاء فان اشتغل تمت له الأولى مع الامام ثم إن كان الامام راكعا تبعه وحصلت له الجمعة كاملة وان أدركه ساجدا أو جالسا فهل يتبعه أو يشتغل بقضاء ما فاته من القراءة و الركوع من أصحابه من قال يشتغل بالقضاء لان بهذا القول ألزمناه الاشتغال بالقضاء ومنهم من قال يتبع الامام لأن هذه الركعة لم يدرك منها شيئا بخلاف الأولى فإنه أدرك أكثرها والأخير عندهم أصح فقد أدرك ركعة بعضها فعله مع الامام وبعضها فعله في حكم إمامته وهو السجود ففي ادراك الجمعة بذلك وجهان وعلى تقدير عدم الادراك ففي البناء للظهر على ذلك أو الاستيناف قولان فان فرغ من السجود بعد تسليم الامام لم يدرك ركعة مع الامام لان المفعول بعد التسليم لا يكون في حكم صلاة فلا يكون مدركا للجمعة وجها واحدا وهل يبنى عليها الظهر أو يستأنف قولان وان خالف واتبع الامام في الركوع على تقدير وجوب الاشتغال أبا لقضاء فان اعتقد ان فرضه المتابعة لم تبطل صلاته لأنه كالناسي ولم يعتد بالركوع لأنه أتى به في غير موضعه فإذا سجد تمت الأولى وكانت ملفقة وان اعتقد ان فرضه القضاء بطلت صلاته فيبتدئ الاحرام مع الامام إن كان راكعا ويدرك ركعة تامة يدرك بها الجمعة وان أدركه رافعا من الركوع أحرم معه وكانت ظهرا وقد بينا مذهبنا في ذلك فروع - آ - لو زوحم عن سجود الأولى فقضاه قبل ركوع الامام في الثانية ثم ركع مع الامام فزوحم عن السجود فقضاه بعد جلوس الامام للتشهد تبع الامام في التشهد وتمت جمعته خلافا لبعض الشافعية لأنه أدرك جميع الصلاة بعضها فعلا وبعضها حكما فثبت له حكم الجماعة - ب - لو أدرك الامام راكعا في الثانية فأحرم وركع معه ثم زوحم عن السجدتين ثم قضاه حال تشهد الامام فالأقرب ادراك الجمعة وللشافعية وجهان فيتابع الامام في التشهد ويسلم ولو لم يزل الزحام حتى سلم الامام فاتت الجمعة - ج - لو أحرم مع الامام فزوحم عن الركوع فزال الزحام والامام راكع في الثانية فإنه يركع معه وتحصل له ركعة ويكون مدركا للجمعة لأنه لو أدرك الركوع في الثانية كان مدركا للجمعة فما زاد على ذلك من الركعة الأولى لا يمنعه من ادراك الجمعة وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون يحتمل أن تكون ملفقة ففي الادراك وجهان - د - لو زوحم عن الركوع والسجود في الأولى صبر حتى يتمكن منهما ثم يلتحق وهي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (ع) فان لحق الامام راكعا في الثانية تابعه وأدرك الجمعة ولو لحقه رافعا من ركوع الثانية ففي ادراك الجمعة اشكال ينشأ من أنه لم يلتحق ركوعا مع الامام ومن ادراك ركعة تامة في صلاة الامام حكما ولو لم يتمكن من القضاء حتى ركع الامام في الثانية فزوحم عن المتابعة حتى سجد الإمام أتمها ظهرا - ه - لو قضى سجدتي الأولى ثم نهض فوجد الامام رافعا من الركوع فالأقرب جلوسه حتى يسجد الامام ويسلم ولا يتابعه فيهما ثم ينهض إلى الثانية وله العدول إلى الانفراد فيستمر على قيامه قاضيا للثانية البحث الخامس الوحدة مسألة لا تنعقد جمعتان بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أو لا عند علمائنا أجمع لقول الباقر (ع) لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلثة أميال فلو كان بين الجماعتين من الجمعة ثلثة أميال فلا بأس ان يجمع بهؤلاء وهؤلاء ولأنها لو صحت مع التقارب لصحت في كل مسجد مع أن النبي صلى الله عليه وآله لم يجمع الا في مسجد واحد وكذا الخلفاء بعده ولم يعطلوا المساجد بل كان اقامتها في موضعين أولي من موضع واحد ومع بعد المسافة يشق الاتيان فلابد من تقدير يرفع المشقة والقدر الذي يمكن لا يكلفه لأكثر الناس فرسخ فكان الاعتبار به ولا اعتبار باتحاد البلد فقد يكثر عن فرسخ فتحصل المشقة بالحضور وقال الشافعي لا تقام الجمعة في المصر الواحد إلا في موضع واحد وان تباعدت أقطاره وبه قال مالك لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل ونحن نقول بموجبه لان المدينة لم تبلغ أقطارها فرسخا فلهذا اتحدت الجمعة وقال أبو يوسف إذا كان للبلد جانبان ليس بينهما جسر كانا كالبلدين فجاز ان يقام في كل جانب جمعة وإلا فلا وعنه جواز ذلك في بغداد خاصة لان الحدود تقام فيها في موضعين والجمعة حيث تقام الحدود فلو وجد بلدا تقام فيه الحدود في موضعين جاز إقامة الجمعة فيهما بمقتضى قوله وهو قول ابن المبارك واليه ذهب أبو الطيب بن مسلم وقال محمد تقام فيه جمعتان سواء كانا جانبا واحدا أو أكثر لان عليا (ع) كان يخرج يصلي العيد في الجبانة ويستخلف أبا مسعود البدري ويصلي بضعفة الناس وحكم الجبانة بحكم البلد والجمعة عنده كالعيد ويحمل على بعده (ع) فرسخا وليس عن أبي حنيفة فيه شئ وقال احمد إذا كبر وعظم كبغداد والبصرة جاز أن تقام فيه الجمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها فان حصل الغناء باثنتين لم تجز الثالثة وكذا ما زاد دفعا للمشقة وهي مشقة يسيرة فلا يكون عذرا وقال داود وعطا يجوز ان يصلوا الجمعة في مساجدهم كما يصلون ساير الصلوات لان عمر كتب إلى أبي هريرة بالبحرين ان جمعوا حيث كنتم وليس حجة ويحتمل في
(١٤٩)