ولان تركه للفسخ حتى يتعدى الاجل رضي منه بالعقد فلزمه وقال مالك لا يلزمه بمضي المدة لان بيده الخيار ضربت لحق له لا لحق عليه فلا يلزمه الحكم بنفس مرور الزمان كمضى المدة في حق المولى والفرق إن تقدم المدة ليست سببا لايقاع الطلاق بخلاف المتنازع. مسألة. لو باع عبدين وشرط الخيار فيهما صح عندنا وعند الجمهور فإن أراد الفسخ في أحدهما خاصة فالأقرب أن يقول إن شرط فيهما على الجمع والتفريق صح وكان له الفسخ في أحدهما خاصة وإن لم يشترط على الجمع والتفريق بل اشتراهما صفقة واحدة وأطلق شرط الخيار لم يكن له التفريق لأنه عيب فلا يجوز له رد المبيع معيبا والشافعي بناه على قولي تفريق الصفقة في الرد بالعيب ولو اشترى اثنان من واحد بستانا صفقة واحدة بشرط فإن جعله على الجمع والتفريق كان لأحدهما الفسخ وإن لم يفسخ صاحبه وإن لم يجعله كذلك فإشكال أقربه إن له ذلك أيضا وبه قال الشافعي لأنه بجعل الخيار قد سلطه على الرد في نصيبه كما في الرد بالعيب والأصل عندنا ممنوع على ما يأتي ولو شرط الخيار لأحدهما دون الآخر صح البيع والشرط وهو أصح قولي الشافعي وفي الثاني يبطلان معا. مسألة. إذا شرطا الخيار فأراد أحدهما فسخ العقد كان له ذلك سواء حضر صاحبه أو لم يحضر وبه قال الشافعي وأبو يوسف وزفر وأحمد بن حنبل لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضي شخص فلم يفتقر إلى حضوره كالطلاق ولقول الصادق (ع) إن أمير المؤمنين (ع) قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط إلى نصف النهار فعرض له ربح فأراد بيعه قال ليشهد إنه رضيه واستوجبه ثم ليبعه إن شاء فإن أقامه في السوق ولم يبيع فقد وجب عليه ولا فرق بين الالزام والفسخ ولان الفسخ أحد طرفي الخيار فلا يتوقف على حضور المتعاقدين (كالامضاء وقال أبو حنيفة ليس له الفسخ إلا لحضور صاحبه وبه قال محمد لأن العقد يعلق به كل واحد من المتعاقدين صح) فلم يكن لأحدهما فسخه بغير حضور الاخر كالوديعة وينقض بما إذا وطى الجارية في مدة الخيار بغير حضور صاحبه والوديعة لاحق للمودع فيها ويصح فسخها من غيبته إذا عرفت هذا فإن هذا الفسخ لا يفتقر إلى الحاكم لأنه فسخ متفق على ثبوته فلا يفتقر إلى الحاكم وقال أبو حنيفة تفتقر كالعنة والفرق ظاهر لان الفسخ بالعنة مختلف فيه ونقل الشيخ عن أبي حنيفة ومحمد أنه إذا اختار الفسخ في البيع مدة خياره لم يصح إلا بحضور صاحبه وإذا كان حاضرا لم يفتقر إلى رضاه والفسخ بخيار الشرط إن كان بعد القبض فلا فسخ إلا بتراضيهما أو حكم الحاكم. تذنيب إذا شرطا الخيار مدة لهما أو لأحدهما ثم التزما البيع قبل انقضاء المدة جاز للحديث السابق عن أمير المؤمنين (ع) ولأنه حقه أسقطه فسقط كالدين وخيار المجلس ولو شرطا الخيار لأجنبي فإن قلنا إنه وكيل لمن شرط له الخيار فالأقرب أن له الاسقاط مع المصلحة ولو أراد الموكل الاسقاط أو اختار الامضاء أو الفسخ أو الصبر فالامر إليه وإن قلنا إنه مالك للخيار فالأقرب إن له الاسقاط مطلقا ولا دخل لمن جعل له الخيار فيه مسألة. الأقرب عندي دخول خيار الشرط في كل عقد معاوضة خلافا للجمهور على تفصيل فالسلم يدخله خيار الشرط وكذا الصرف على إشكال فيه للعموم وقال الشافعي لا يدخلهما خيار الشرط وإن دخلهما خيار المجلس لان عقدهما يفتقر إلى التقابض في المجلس فلا يحتمل التأجيل والمقصد من اشتراط القبض أن يتفرقا ولا علقة بينهما تحرزا من الربا أو من بيع الكالي بالكالي ولو أثبتنا الخيار لبقيت العلقة بينهما بعد التفرق ونمنع الملازمة والصلح يصح دخول خيار الشرط فيه للعموم وبه قال الشافعي إن كان بيعا كصلح المعاوضة وإن كان هبة وحطيطة لم يدخله خيار الشرط وإن اشتمل على الإجارة كان يصالح مدعي العين على السكنى سنة لم يدخله خيار الشرط والوجه دخول الشرط في جميع ذلك والرهن يدخله خيار الشرط للعموم وقال الشافعي لا يدخله والحوالة يصح فيها خيار الشرط و الشافعي لا يدخلها والضمان يصح دخول خيار الشرط فيه للعموم وقال الشافعي لا يدخل وأما الوكالة والعارية والقراض والشركة والوديعة والجعالة فقال الشيخ لا يمنع دخول الشرط فيها وقال الشافعي لا يدخلها ولا بأس به لأنها عقود جايزة لكل منهما فسخها سواء كان هناك شرط خيار أو لا فلا معنى لدخوله والشفعة لا يدخلها خيار الشرط لأنها لا يقف على التراضي والمساقاة والإجارة المعينة قال الشيخ يدخلها خيار الشرط وهو جيد للعموم ومنع الشافعي من دخوله فيها لأنهما عقد على منفعة يتلف بمضي الزمان ومن شرط المساقاة أن يكون مدته معلومة عقيب العقد وأما الإجارة في الذمة كان يستأجره ليبنى له حايطا أو ليخيط له ثوبا فقال الشيخ بدخول خيار الشرط فيها للعموم واختلفت الشافعية فقال أبو إسحاق وابن حمران لا يدخلها خيار الشرط ولا المجلس لان الإجارة عقد على ما لم يخلق فقد دخلها الغرر فلا يدخلها بالخيار غرر آخر وقال الإصطخري يدخلها الخياران لان مضي المدة لا ينقص من المعقود عليه شيئا وقال آخرون منهم لا يدخلها خيار الشرط ويدخل خيار المجلس لقلة الغرر في خيار المجلس وكثرته في خيار الشرط والوقف لا يدخله خيار الشرط لأنه إزالة ملك على وجه القربة إلى غير ملك فأشبه العتق وأما الهبة المقبوضة فإن كانت لأجنبي غير معوض عنها ولا قصد بها القربة ولا تصرف المتهب يجوز للواهب الرجوع فيها وإن اختل أحد القيود لزمت وهل يدخلها خيار الشرط الأقرب ذلك وقال الشافعي إنها قبل القبض غير لازمة وإذا قبض وقلنا لا تقضى الثواب لم يثبت فيها خيار وإن قلنا يقتضى الثواب قال أبو حامد في ثبوت الخيارين وجهان أحدهما إنهما يثبتان لأنهما بمنزلة البيع والثاني لا يثبتان لان لفظ الهبة لفظ الارفاق فلم يثبت بمقتضاه الخيار وقال أبو الطيب لا يدخل خيار الشرط وفي خيار المجلس وجهان والوصية لا يثبت فيها الخياران لأنه بالخيار إلى أن يموت والنكاح لا يثبت فيه الخياران لأنه لا يقصد فيه العوض فإن شرطه بطل العقد وإن شرط الخيار في الصداق وحده صح للعموم وللشافعي قولان عدم الدخول لأنه أحد عوضي النكاح فإذا لم يثبت في أحدهما لم يثبت في الآخر والدخول والخلع لا يدخل فيه خيار الشرط وبه قال الشافعي لان القصد منه الفرقة دون المال فأشبه النكاح والسبق والرمي قال الشيخ لا يمنع دخول خيار الشرط فيه لأنه لا مانع منه وللشافعي قولان مبنيان على أنهما إجارة أو جعالة وأما القسمة فإن خيار الشرط يدخلها سواء اشتملت على رد أو لا لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقال الشافعي إن كان فيها رد فهي بيع يدخلها الخياران وإن لم يكن فيها رد فإن كان القاسم الحاكم فلا خيار ولأنها قسمة إجبار وإن كان الشريكان فإن قلنا إنها افراز وتمييز فلا خيار وإن قلنا بيع ثبت فيها الخياران والعتق لا يثبت فيه خيار لأنه إسقاط حق وكذا التدبير لأنه عتق معلق على شرطه ولأنه جايز للمولى الرجوع فيه متى شاء وأما الكتابة فقال الشيخ إن كانت مشروطة لم يثبت للمولى خيار المجلس ولا يمتنع خيار الشرط لعموم تسويغه والعبد له الخياران معا له أن يفسخ أو يعجز نفسه فينفسخ العقد وإن كانت مطلقة فإن أدى من مكاتبة شيئا فقد انعتق بحسابه ولا خيار لواحد منهما مجال وفي ثبوت الخيار للعبد عندي نظر وقال الشافعي لا خيار للسيد فيهما لأنه دخل على وجه القربة ويتحقق الغبن لأنه باع ماله بما له وأما العبد فله الخيار أبدا لأن العقد جايز من جهته وفيه نظر. تذنيب لا يصح اشتراط الخيار في شراء ما يستعقب العتق كشراء القريب وشراء العبد نفسه إن سوغناه لأنه مناف لمقتضاه. البحث الرابع. في خيار الغبن. مسألة الغبن سبب ثبوت الخيار للمغبون عند علمائنا وبه قال مالك واحمد لقوله (ع) لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ولقوله تعالى " إلا أن يكون تجارة عن تراض منكم " ومعلوم أن المغبون لو عرف الحال لم يرض ولان النبي صلى الله عليه وآله أثبت الخيار في تلقى الركبان وإنما أثبته للغبن وكذلك أيضا ثبت الخيار بالعيب وذلك لحصول الغبن فكذا هنا وقال أبو حنيفة والشافعي لا يثبت للمغبون خيار بحال لان النبي صلى الله عليه وآله لم يثبت لحنان بن سعد الخيار بالغبن ولكن أرشده إلى شرطه الخيار ليتداول عند الحاجة ولان نقص قيمة السلعة مع سلامتها لا يمنع لزوم العقد كالغبن اليسير والجواب إن إرشاده (ع) اشتراط الخيار لا ينافي ثبوت طريق آخر له
(٥٢٢)