كما ذكرنا فيما إذا كانت الدار مشحونة بأمتعة البايع والمعتمد الأول والفرق إن التفريغ في الأمتعة متات في الحال على أن الجويني اورد فيها وجها أيضا. مسألة. إذا كان في الأرض أصول لما يجر مرة بعد أخرى فقد قلنا إنها لا تدخل في بيع الأرض وقال الشافعي يدخل فعلى قوله يشترط المشترى على البايع قطع الجزة الظاهرة لأنها تزيد ويشتبه المبيع بغيره وكذا عندنا لو شرط دخول أصولها في العقد ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغا أوان الجز أو لا يكون قال بعض الشافعية إلا القصب فإنه لا يكلف قطعه إلا أن يكون ما ظهر قدرا ينتفع به ولو كان في الأرض أشجار خلاف يقطع من وجه الأرض فهي كالغصب. مسألة. لو كان في الأرض بذر كامن لم يظهر لم يدخل في بيع الأرض وإن قال بحقوقها على ما تقدم وقال الشافعي هنا بالتفصيل الذي ذكره في الزرع فالقدر الذي لا ثبات لنباته ويوجد دفعة واحدة لا يدخل في بيع الأرض المبيعة ويبقى إلى أوان الحصاد وللمشتري الخيار مع جهله فإن تركه البايع له سقط خياره وعليه القبول قاله الشافعي وعندي فيه إشكال ولو قال البايع أنا آخذه وأفرغ الأرض فلا خيار للمشترى أيضا إن قصر الزمان (وإلا صح) فله الخيار وأما البذر الذي تقدم نباته كنوى النخل والجوز واللوز وبذر الكراث ونحوه من البقول فإن حكمها في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار لأن هذه الأصول تركت في الأرض للتبقية فهي كأصول الشجر إذا غرمت والحق ما قلناه نحن من عدم الدخول في القسمين عملا بالأصل واستصحاب ملك البايع. مسألة إذا باع أرضا وفيها حجارة فإما أن تكون مخلوقة فيها أو لا فإن كانت مخلوقة دخلت في بيع الأرض مع الاطلاق لأنها من جملة الأرض ثم إن كانت مضرة بالغراس ويمنع عروقه من النفوذ فإن كان المشترى عالما بذلك فلا خيار له وإن لم يكن عالما ثبت له الخيار لان ذلك عيب وبه قال الشافعي وفي وجه آخر له إنه ليس بعيب وإنما هو فوات فضيلة وإن لم يضر بالأرض ولا بالشجر بأن تكون بعيدة من وجه الأرض لا يصل إليها عروق الشجر فلا خيار للمشترى لان ذلك ليس بعيب وأما إن لم تكن مخلوقة في الأرض فإما أن يكون مبنية فيها مدرجة في البناء فإنها أيضا تدخل في الأرض إن قلنا بدخول البناء أو اشترط دخوله وإما أن تكون مودعة فيها مدفونة للنقل لم تدخل في البيع وبه قال الشافعي لأنها بمنزلة الكنوز والأقمشة في الدار وقد تركت في الأرض للنقل والتحويل وإذا كانت للبايع عند الاطلاق فإما أن يكون المشترى عالما بالحال من كونها في الأرض وضررها أو جاهلا فإن كان عالما فلا خيار له في فسخ العقد وإن تضرر بقلع البايع وله إجبار البايع على القلع والنقل تفريغا لملكه لأنه لا عرف في تبقيتها بخلاف الزرع فإن له أمدا ينتظر ولا أجرة للمشترى في مدة القلع والنقل وإن طالت كما لو اشترى دارا فيها أقمشة وهو عالم بها لا أجرة في مدة النقل والتفريغ وعلى البايع إذا نقل تسوية الأرض لان الحفر حصل بنقل ملكه من غير تعد من صاحب الأرض فكان عليه تسويتها وإن كان جاهلا بالحجارة أو علمها وجهل ضررها فالأحوال أربعة - آ - أن لا يكون في ترك الحجارة ولا في قلعها ضرر فإن لم يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدة لمثلها أجرة ولم تنقص الأرض بها فللبايع النقل لأنها ملكه وعليه تسوية الأرض ولا خيار للمشترى إن كان الزمان يسيرا وإن كان كثيرا يضر بمنفعة الأرض فله الخيار فإن فسخ فلا كلام وإن أجاز فهل له الأجرة وجهان وله إجبار البايع على النقل وحكى الجويني وجها إنه لا يجبر والخيرة للبايع والمذهب عندهم الأول - ب - أن لا يكون في قلعها ضرر فيكون في تركها ضرر فيؤمر البايع بالنقل ولا خيار للمشترى كما لو اشترى دارا فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال أو كانت البالوعة مفسدة فقال البايع أنا أصلحه وأنقيها (لا خيار صح) للمشترى - ج - أن يكون الترك والقلع معا مضرين فيتخير المشترى سواء جهل أصل الاحجار أو يكون قلعها مضرا ولا يسقط خياره بأن يترك البايع الاحجار لما في بقائها من الضرر ولو قال البايع للمشتري لا تفسخ وأنا أغرم لك أجرة المثل مدة النقل لم يسقط خياره أيضا كما لو قال البايع لا تفسخ بالعيب لأغرم لك أرشه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني السقوط وليس بجيد ثم إن اختار المشترى المبيع فعلى البايع النقل وتسوية الأرض سواء كان النقل قبل القبض أو بعده وهل يجب أجرة المثل لمدة النقل إن كان النقل قبل القبض قال الشافعي يبنى على أن جناية (البايع صح) قبل القبض كافة سماوية أو كجناية الأجنبي إن قلنا بالأول لم يجب لأن المبيع قبل القبض مضمون بالثمن فلا يضمن البايع إلا ما يتقسط عليه الثمن وإن قلنا بالثاني فهو كما لو نقل بعد القبض وإن كان النقل بعد القبض فوجهان للشافعية عدم الوجوب لأنه إجازته رضا بتلف المنفعة في مدة النقل وأصحهما عند أكثرهم إنها تجب لان البيع قد استقر والمنافع مضمونة على المتلف كضمان أجزائه على التلف وإن كان البايع وكما لو جنى على المبيع بعد القبض عليه ضمانه والحاصل إن في وجوب الأجرة ثلاثة أوجه ثالثها وهو الاظهر عندهم الفرق بين كون النقل قبل القبض فلا يجب أو بعده فيجب ويجرى مثل هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقى في الأرض بعد التسوية نقصان وعيب - د - أن يكون في قلعها ضرر ولا يكون في تركها ضرر فللمشتري الخيار فإن أجاز ففي الأجرة والأرش ما مر ولا يسقط خياره بأن يقول أقلع وأغرم الأجرة أو أرش النقص ولو رضي بترك الاحجار في الأرض سقط خيار المشترى إبقاء للعقد ثم ينظر في الترك فإن اقتصر البايع على قوله تركتها للمشترى كان ذلك إعراضا لا تمليكا وهو أظهر وجهي الشافعية فتكون باقية على ملك البايع والترك أفاد قطع الخصومة فإن أراد الرجوع فله ذلك وبه قال أكثر الشافعية ويعود خيار المشترى وقال الجويني لا رجوع له ويلزمه الوفاء بالترك والثاني للشافعية إنه تمليك ليكون سقوط الخيار في مقابلة ملك حاصل ولو قال وهبتها منك وحصلت شرايط الهبة حصل الملك ومنهم من طرد الخلاف لأنه لا يقصد حقيقة الهبة إنما قصد دفع الفسخ وإن لم يجمع شرايط الهبة بطلت وللشافعية في صحتها للضرورة وجهان إن صححناها ففي إفادة الملك ما ذكرنا في لفظ الترك هذا كله إذا كانت الأرض بيضاء أما إذا كان فيها غرس نظر إن كانت حاصلة يوم البيع واشتراها مع الأرض فنقصان الأشجار وتعيبها بالأحجار كعيب الأرض في إثبات الخيار وساير الاحكام وإن أحدثها المشترى بعد الشراء فإن كان قد أحدثها عالما بالأحجار فللبايع قلعها فليس عليه ضمان نقصان الغراس وإن أحدثها جاهلا فله الأرش عندنا لأنه عيب تعقبه تصرف المشترى فسقط رده وللشافعية في ثبوت الخيار للمشترى وجهان الثبوت لان الضرر ناش من إيداعه الاحجار في الأرض والأصح عندهم عدمه لرجوع الضرر إلى غير المبيع فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضا نظر فإن لم يورث الغرس وقلع الغروس نقصانا في الأرض فله القلع والفسخ عند الشافعي لا عندنا و إن أورث الغرس أو القلع نقصانا فلا خيار في الفسخ إذ لا يجوز له رد المبيع ناقصا ولكن يأخذ الأرض وإذا قلع بايع الاحجار فانتقص الغراس فعليه أرش النقص بلا خلاف ولو كان فوق الاحجار زرع إما للبايع أو للمشترى ترك إلى أوان الحصاد لان له غاية منتظرة بخلاف الغراس وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا فرق بينه و بين الغراس تذنيب إنما وجب على البايع والغاصب تسوية الحفر إذا حفر في الأرض المغصوبة ولم يوجبوا على هادم الجداران يعيده بل أوجبوا الأرش لان الحفر لا يتفاوت وهيئات البناء تختلف ويتفاوت فيشبه الحفر بذوات الأمثال والهدم بذوات القيم حتى لو وقع لبنة أو اثنتان من رأس الجدار وأمكن الرد من غير اختلاف في الهبة لزمه الرد إلى تلك الهيئة. البحث الثاني في البستان إذا قال بعتك هذا (الباغ صح) أو البستان دخل فيه الأرض والأشجار والحايط الداير عليه لان.
لفظ البستان يدل على مجموع هذه الأشياء بالمطابقة لتبادر الذهن إليه ولو كان فيه بناء كبيت أو دار ففي دخوله في البستان ما مر في لفظة الأرض فعندنا