عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى فقال نعم واختلفت العامة في الاذنين هل يحرم سترهما فنص الشافعي على تسويغه ومنع احمد منه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الأذنان من الرأس ولو ستر بعض رأسه بيده ففي التحريم إشكال وجوزه العامة لان الستر بما هو متصل به لا يثبت له حكم الستر وسأل سعيد الأعرج الصادق عليه السلام عن المحرم يستتر عن الشمس بعود أو بيده فقال لا إلا من علة مسألة لو غطى رأسه ناسيا رفع (القى) الغطاء وجوبا وجدد التلبية استحبابا ولا شئ ء عليه إما وجوب الالقاء فلان استدامة التغطية مع الذكر كابتدائها لما فيه من الترفه بل هو في الاستدامة أقوى منه في الابتداء فايجاب الفدية فيه أولي وأما استحباب التلبية فلان حريز بن عبد الله سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن محرم غطى رأسه ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه وكذا لو غطاه حال نومه لما رواه الحلبي في الصحيح انه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يغطى رأسه ناسيا أو نائما قال يلبى إذا ركب ولان التغطية تنافى الاحرام لأنها محرمة فيه فاستحب تجديد ما ينعقد به مسألة يجوز للمحرم تغطية وجهه عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام لعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن أبي وقاص وابن عباس وابن الزبير وزيد بن ثابت وجابر ومروان بن الحكم والقاسم وطاوس والثوري والشافعي وإسحاق واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال احرام الرجل رأسه واحرام المرأة في وجهها والتفصيل قاطع للشركة وعن ابن عباس ان محرما وقصت به ناقته غداة عرفات فقال النبي صلى الله عليه وآله خمر وأوجهه ولا تخمروا رأسه فإنه يحشر يوم القيمة ملبيا ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام الرجل المحرم يريد ان ينام يغطى وجهه من الذباب قال نعم ولا يخمر رأسه وقال عليه السلام المحرمة لا تنتقب لان احرام المرأة في وجهها واحرام الرجل في رأسه وقال أبو حنيفة ومالك واحمد في الراوية الأخرى يحرم عليه تغطية وجهه كالمرأة لتساويهما في تحريم الطيب فكذا التغطية ولأنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله في المحرم الذي وقصت به ناقته ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ويبطل القياس بلبس القفازين والحديث ممنوع فان المشهور فيه ولا تخمروا رأسه مسألة واحرام المرأة في وجهها فيحرم عليها تغطية وجهها حال احرامها تغطي وجهها وهي محرمة ويحتمل انها كانت كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روى عن أسماء انها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها إذا عرفت هذا فقد اجتمع في حق المحرمة فعلان لا يمكن فعل أحدهما إلا بفعل ما ينافي الاخر ستر الرأس وكشف الوجه فالقدر اليسير من الوجه الذي يلي الرأس يجوز لها ستره إذ لا يمكن استيعاب الرأس بالستر إلا بستر ذلك الجزء وهذا أولي من تسويغ جزء من الرأس تبعا لكشف جميع الوجه لان الستر أحوط من الكشف ولان المقصود إظهار شعار الاحرام بالاحتراز عن التنقب وستر الجزء المذكور ولا يقدح فيه والرأس عورة كله فيستر إذا ثبت هذا فإنه يجوز ان تسدل ثوبا على وجهها من فوق رأسها إلى طرف انفها متجافيا عنه بخشبة وشبهها كما يجوز للرجل الاستظلال نازلا عند علمائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم لما رواه العامة عن عايشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا جازونا سدلت أحدينا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ومن طريق الخاصة ما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن ولان بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلا يحرم عليها على الاطلاق كالعورة ولا فرق بين ان تفعل ذلك لحاجة من دفع حر أو برد أو فتنة أو لغير حاجة قال الشيخ (ره) ينبغي ان يكون الثوب متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة فان أصابها ثم زال أو ازالته بسرعة فلا شئ عليها وإلا وجب الدم ويشكل بان السدل لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ولو كان شرطا لبين لأنه موضع الحاجة مسألة يحرم على المرأة النقاب حالة الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله قال ولا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين ولقول الصادق عليه السلام احرام في وجهها ورواه العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وكذا يحرم عليها لبس البرقع لاشتماله على ستر الوجه ويجوز لها بعد الاحلال ان تطوف متنقبة من غير كراهة له فان المقتضى للمنع هو الاحرام وكرهه عطا ثم رجع عنه وطافت عايشة متنقبة مسألة قد بينا انه تجب الفدية بستر بعض الرأس كما يجب بستر جميعه فضبطه الشافعي بان يكون المستور قدرا يقصد ستره لغرض من الأغراض كشد عصابة والصاق لصوق بشجة ونحوها ثم قال لو شد خيطا على رأسه لم يضر ولا تجب الفدية لان ذلك لا يمنع من تسمية حاسر الرأس وهو نقض الضابط المذكور فان شد المقدار الذي نحوه شد الخيط قد يقصد أيضا لغرض منع الشعر من الانتشار وغيره فإذا الأولى النظر إلى تسميته حاسر الرأس ومستور جميع الرأس أو بعضه وعند أبي حنيفة لا تكمل الفدية إلا إذا ستر ربع الرأس فصاعدا فان ستر أقل من ذلك فعليه صدقة البحث السابع التظليل مسألة يحرم على المحرم الاستظلال حالة السير فلا يجوز له الركوب في المحمل وما في معناه كالهودج والكنيسة والعمارية وأشباه ذلك عند علمائنا أجمع وبه قال ابن عمر ومالك وسفيان وأهل المدينة وأبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن ابن عمر انه رأى على رحل عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عودا يستره من الشمس فنهاه ورأى رجلا محرما على رحل قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس فقال اضح لمن أحرمت له أي أبرز للشمس ومن طريق الخاصة ما رواه جعفر بن المثنى الخطيب عن محمد بن الفضيل وبشير بن إسماعيل قال قال لي محمد ألا أبشرك يا ابن مثنى فقلت بلى فقمت إليه فقال دخل هذا الفاسق آنفا فجلس قبالة أبى الحسن عليه السلام ثم اقبل عليه فقال له يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أيستظل على المحمل فقال لا قال فيستظل في الخباء فقال له نعم فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك فقال يا أبا الحسن فما فرق بين هذا وهذا فقال يا أبا يوسف ان الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون وانا صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وقلنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض وربما ستر وجهه بيده فإذا نزل استظل بالخباء وفى البيت والجدار ولأنه ستر بما يقصد به الترفه فأشبه ما لو غطاه ورخص فيه ربيعة والثوري والشافعي وهو مروى عن عثمان وعطا لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدهما اخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله والاخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ولأنه مباح له التظليل في البيت والخباء فجاز له الركوب والحديث ممنوع وجاز أن يكون صلى الله عليه وآله مظطرا إلى التظليل ولان رفع الثوب الساتر جاز أن يكون حالة النزول لأنه ليس في الحديث إن كان حالة الركوب والفرق ظاهر فإن التظليل حالته النزول دافع للأداء بخلاف حالته الركوب فان الفعل حالة النزول أكثر لدوامه بخلاف حالة الركوب مسألة يجوز للمحرم حالة النزول الاستظلال بالسقف والشجرة والخباء والخيمة لضرورة وغير ضرورة عند العلماء كافة روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله أمر بقبته من شعر فضربت له بنمرة فأتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس ومن طريق الخاصة ما رواه جعفر بن المثنى عن أبي الحسن عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر بعض بدنه ببعض وربما ستر وجهه بيده فإذا نزل استظل بالخباء وفى البيت وبالجدار مسألة لو افتقر حالة السير إلى الاستظلال لعلة ومرض وشدة حرا وبردا ومطر جاز له الاستظلال وتجب الفدية لما رواه سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال سألته عن المحرم يظلل على نفسه فقال أمن علة فقلت تؤذيه الشمس وهو محرم فقال هي علة يظلل ويفدى وسأل إبراهيم بن أبي محمود الرضا عليه السلام عن المحرم يظلل على محمله ويفدى إذا كانت الشمس والمطر يضر به قال نعم قلت كم الفداء قال شاة ولأنه في محل الحاجة فكان سايغا إذا عرفت هذا فإنه لا يجوز للمحرم إذا لم يكن مضطرا إلى التظليل ان يظلل على نفسه وان التزم الكفارة وإنما يسوغ التظليل للمحرم بشرطين العلة والتزام الكفارة روى عبد الله بن المغيرة في الصحيح عن الكاظم عليه السلام أظلل وأنا محرم قال لا قلت أفأظلل وأكفر قال لا قلت فان مرضت قال ظلل وكفر مسألة يجوز للمرأة التظليل على نفسها حالة السير كما جاز للعليل لضعف مزاجها وقبوله للانفعال بسرعة فساغ لها التظليل رفعا للحرج الحاصل من تركه فأشبهت العليل والنازل وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المحرم يركب القبة قال لا قلت فالمرأة المحرمة فقال نعم وكذا
(٣٣٧)