الصادق (ع) لما سأله عمار الساباطي عن الأضحى بمنى قال أربعة أيام وعن الأضحى في ساير البلدان قال ثلاثة أيام وقال الحسن وعطا إنهم أربعة أيام مطلقا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك والثوري ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده مطلقا وقال محمد بن سيرين لا تجوز الأضحية إلا في يوم الأضحى خاصة لان يوم الأضحى اختص بتسمية الأضحى دون غيره فاختص بها والاختصاص بالتسمية لا يوجب ذلك ولو فاتت هذه الأيام فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر وشبهه لم تسقط ووجب قضاؤها لان لحمها مستحق للمساكين فلا يسقط حقهم بفوات الوقت وإن كانت تطوعا فأت ذبحها فإن ذبحها لم تكن أضحية فإن فرق لحمها على المساكين استحق الثواب على التفرقة دون الذبح. مسألة. وقت الأضحية إذا طلع الشمس ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين سواء صلى الامام أو لم يصل وقال الشافعي يعتبر قدر صلاة النبي صلى الله عليه وآله وكان (ع) يصلى في الأولى بقاف وفي الثانية باقتربت الساعة وقال عطا وقتها إذا طلعت الشمس وقال أبو حنيفة ومالك واحمد من شرط الأضحية أن يصلى الامام ويخطب إلا أن أبا حنيفة يقول أهل السواد يجوز لهم الأضحية إذا طلع الفجر لان عنده لا عيد لهم. مسألة. الأيام المعدودات أيام التشريق إجماعا وأيام المعلومات عشرة أيام من ذي الحجة اخرها غروب الشمس من يوم النحر عند علمائنا وبه قال علي (ع) وبن عمر والشافعي وقال مالك ثلاثة أيام أولها يوم النحر فجعل أول أيام التشريق وثانيها من المعدودات والمعلومات قال أبو حنيفة ثلاثة أيام أولها يوم عرفه واخرها أول أيام التشريق فجعل أول التشريق من المعدودات والمعلومات وقال سعيد بن جبير المعدودات هي المعلومات والحق المغايرة لدلالة اختلاف الاسمين على تغاير معنييهما إلا أن الترادف على خلاف الأصل. إذا عرفت هذا فإنه يجوز الذبح عندنا في اليوم الثالث من أيام التشريق وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز لأنه ليس من المعلومات وليس بمعتمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام أيام التشريق وقال إنها أيام أكل وشرب وبعال وفي رواية إنها أيام أكل وشرب وفي أخرى إنها أيام أكل وشرب وذبح فثبت بذلك إن الثالث من أيام الذكر والذبح معا وعندي أبي حنيفة إنه ليس من أيام الذكر (ولا الذبح صح). مسألة. لا يجوز لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحى أن يحلق رأسه أو يقلم أظفاره من غير كراهة ولا تحريم لأنه لا يحرم عليه الوطي ولا الطيب ولا اللباس فكذا حلق الشعر وقلم الأظفار وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يكره وقال احمد وإسحاق يحرم عليه لما روته أم سلمة إن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحى فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا والنهى يقتضى التحريم وهو ممنوع ومعارض بقول عايشه كنت افتل قلايد هدى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يقلدها هو بيده ثم يبعث بها مع أبي بكر فلا يحرم عليه شئ أحله الله له حتى ينحر الهدى وقد روى علماؤنا إن من انفذ هديا من أفق من الآفاق يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه ويجتنب هو ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم الميعاد حل ما يحرم منه وهو مروى عن بن عباس وخالفت العامة ذلك وقد رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت الصادق (ع) عن الرجل يبعث بالهدى تطوعا وليس بواجب فقال يواعد أصحابه يوما يقلدونه فإذا كان تلك الساعة إجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر فإذا كان يوم النحر أجزاء عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل ورجع إلى المدينة وقال الصادق (ع) ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة فقيل لا يبلغ ذلك أموالنا فقال أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وأتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس. مسألة. لا تختص الأضحية بمكان بل يجوز أن يضحى حيث شاء من الأمصار ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله ضحى بالمدينة بكبشين أملحين والفرق بينه وبين الهدى أن النبي صلى الله عليه وآله بعث بدنة إلى الحرم وضحى بالمدينة ولان الهدى له تعلق بالاحرام بخلاف الأضحية. مسألة. وتختص الأضحية بالنعم الإبل والبقر والغنم بإجماع علماء الاسلام قال الله تعالى " فيذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " قال المفسرون هي الإبل (والبقر صح) والغنم لا يجزى إلى الثنى من الإبل والبقر والمعز ويجزى من الضان الجذع وهو قول أكثر العلماء وقال الزهري لا يجزى الجذع من الضأن أيضا ويبطل بما رواه العامة عن عقبة بن عامر إن النبي صلى الله عليه وآله قسم ضحايا (بين أصحابنا صح) فأعطاني جذعا فرجعت إليه فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنه جذع فقال النبي صلى الله عليه وآله ضح وبه قال الأوزاعي يجزى الجذع من جميع الأجناس ويبطل بما رواه العامة عن البراء بن عازب إن رجلا يقال له أبو بردة بن يسار ذبح قبل الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه وآله شاتك شاة لحم فقال يا رسول الله عندي جذعة من المعز فقال ضح بها ولا تصلح لغيرك وفي رواية انه يجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك وهو نص في عدم إجزاء المعز لغير أبى برده فلا يجز من غير المعز لعدم القابل بالفرق ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح عن علي (ع) إنه كان يقول الثنية من الإبل والثنية من البقر ومن المعز والجذعة من الضأن. إذا عرفت هذا فالثني من البقر والمعز ما له سنة ودخل في الثانية ومن الإبل ماله خمس سنين ودخل في السادسة وجذع الضأن هو الذي له ستة أشهر. مسألة الأفضل الثنى من الإبل ثم الثنى من البقر ثم الجذع من الضأن وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال في الجمعة من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الهدى أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة وقال مالك والأفضل الجذع من الضأن ثم الثني من البقر ثم الثنى من الإبل لقول النبي صلى الله عليه وآله أفضل الذبح الجذع من الضأن ولو علم الله خيرا منه لفدى به إسحاق (ع) وهو محمول على أنه أفضل من باقي أسنان الغنم والجذعة (من الغنم صح) أفضل من إخراج سبع بدنة لان إراقة الدم مقصود في الأضحية وإذا ضحى بالشاة حصلت إراقة الدم جميعه. مسألة. يستحب أن يكون أملح سمينا قال بن عباس في قوله تعالى " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " قال تعظيمها استسمان الهدى واستحسانه وينبغي أن يكون تاما فلا يجزى في الضحايا العوراء البين عورها ولا العرجاء البين عرجها ولا المريضة البين مرضها ولا العجفاء التي لا تنفى ونهى النبي صلى الله عليه وآله أن يضحى المصفرة والنجفاء والمستأصلة والمشيعة والكسراء فالمصفرة مقطوعه الاذنين من أصلهما حتى بدا صماخهما والاذن عضو مستطاب والنجفاء العمياء والمستأصلة التي استوصل قرناها والمشيعة التي تتأخر عن الغنم لهزالها والكسراء كالعرجاء وتكره الجلحاء وهي المخلوقة بغير قرن وهي الجماء والغصباء لا تجزى قال علي (ع) أمرنا رسول الله () ص باستشراف العين والاذن ولا نضحى بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء فالمقابلة أن يقطع من مقدم الاذن أو يبقى معلقا فيها كالزنمة والمدابرة أن يقطع من مؤخر الاذن والخرقاء أن تكون مثقوبة من الستمة فإن الغنم توسم في أذانها فيثقب بذلك والشرقاء ان تشق اذنها فتصير كالشاختين. مسألة. يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل والبقر والفحولة من الغنم لقول الصادق (ع) أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر وقد تجزى الذكور من البدن والضحايا من الغنم الفحولة ولا يجوز التضحية بالثور ولا بالجمل بمنى ويجوز ذلك في الأمصار قال الصادق (ع) في الصحيح تجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد الإناث والإناث أفضل ولا يجوز التضحية بالخصى لنقصانه لرواية محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته أيضحى بالخصى قال لا. مسألة. يجب ذبح البقر والغنم فلا يجوز نحرهما ويجب نحر الإبل فلا يجوز ذبحها فإن خالف حرم الحيوان عند علمائنا و به قال مالك وجوز الشافعي الذبح والنحر في جميع الحيوان وتجب التذكية بإزهاق الروح وإنما يكون بقطع الأعضاء الأربعة الحلقوم وهو مجرى النفس والمرى وهو
(٣٨٧)