والأوزاعي والثوري وطاوس وأبو حنيفة وأصحابه لأصالة براءة الذمة من الدم ولو أتى بأفعال الحج بإنفراده فيقف شغلها على دليل ولم يثبت وقال الشعبي عليه بدنة وقال داود لا شئ عليه واستفتى محمد ابنه عن هذا بمكة فأفتى بمذهب أبيه فجروا برجله مسألة يجوز للقارن والمفرد إذا قدما مكة الطواف لكنهما يجددان التلبية ليبقيا على إحرامها ولو لم يجدد التلبية قال الشيخ (ره) أحلا وصارت حجتهما مفردة وقال في التهذيب إنما يحل المفرد لا القارن وأنكر ابن إدريس ذلك وقال إنما يحلان بالنية لا بمجرد الطواف والسعي والشيخ (ره) استدل بما رواه العامة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقد وهي عمرة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء و يجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعيدان ما أخلا من الطواف بالتلبية قال الشيخ فقه هذا الحديث إنه قد رخص للقارن والمفرد أن يقدما طواف الزيادة قبل الوقوف بالموقف فمتى فعلا ذلك فإن لم يجدد التلبية يصيرا محلين ولا يجوز ذلك فلاجله أمر المفرد والسايق بتجديد التلبية مع أن السايق لا يحل وإن كان قد طاف لسياقه الهدى مسألة إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد أحل وإن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا قاله الشيخ في الخلاف وبه قال ابن أبي عقيل لقوله صلى الله عليه وآله من لم يكن ساق الهدى فليتحلل شرط في التحليل عدم السياق وقال الشافعي يتحلل سواء ساق هديه أو لم يسق وقال أبو حنيفة إن لم يكن ساق تحلل وإن كان ساق لم يتحلل و استأنف إحراما للحج ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه وهو باطل لان تجديد الاحرام إنما يمكن مع الاحلال أما المحرم فهو باق على إحرامه فلا وجه لتجديد الاحرام ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يتحلل وعلل بأنه ساق الهدى وقال عليه السلام لا يتحلل سايق الهدى حتى يبلغ الهدى محله مسألة إذا فرغ المتمتع من عمرته وأحل ثم أحرم بالحج فقد استقر دم المتمتع بإحرام الحج عليه وبه قال أبو حنيفة والشافعي لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فجعل الحج غاية لوجوب الهدى والغاية وجود أول الحج دون إكماله كما في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل وما رواه العامة عن ابن عمر قال تمتع الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال من كان معه هدى فإذا أهل بالحج فليهد ومن لم يكن معه هدى فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى يحضر الحج فعليه شاة ومن تمتع في غير أشهر الحج ثم جاوز حتى يحضر الحج فليس عليه دم وإنما هي حجة مفردة وإنما الأضحى على أهل الأمصار مسألة المتمتع إذا طاف وسعى للعمرة ثم أخرج بالحج قبل أن يقصر قال الشيخ بطلت متعته وكانت حجته مبتولة و إن فعل ذلك ناسيا فليمض فيما أخذ فيه وقد تمت متعته وليس عليه شئ لرواية علاء بن الفضيل قال سألته عن رجل تمتع فطاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر قال بطلت متعته وهي حجة مبتولة ودل على حال النسيان ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام عن رجل متمتع نسى أن يقصر حتى أحرم بالحج قال يستغفر الله وقال بعض علمائنا في الناسي عليه دم وقال بعضهم يبطل الاحرام الثاني سواء وقع عمدا وسهوا ويبقى على إحرامه الأول مسألة وقد تقدم أن أحرم المتمتع والمفرد ينعقد بالتلبية وإن إحرام القارن ينعقد بها أو بالاشعار أو التقليد فإن عقد بالتلبية استحب له الاشعار أو التقليد وبه قال الشافعي ومالك إلا أن الشافعي قال الاحرام ينعقد بمجرد النية وإن لم يلب ولا اشعر ولا قلد لما رواه العامة عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله دعى ببدنة فاشعرها في صفحة سنامها الأيمن ثم سلب الدم عنها وعن عروة بن محرمة ومروان قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان بذى الحليفة قلد الهدى أو أشعره ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من أشعر بدنته فقد أحرم وإن لم يتكلم بقليل ولا كثير وقال أبو حنيفة الاشعار مثلة وبدعة وتعذيب للحيوان ولم يعرف تقليد الغنم وهو مدفوع بما تقدم وبما رواه العامة عن جابر الأنصاري قال كان هدايا رسول الله صلى الله عليه وآله غنما مقلدة وعن عايشة إن رسول الله صلى الله عليه وآله أهدى غنما مقلدة مسألة إذا قصر المتمتع من عمرته أحرم للحج من مكة وفعل حالة الاحرام يوم التروية كما فعله أولا عند الميقات من أخذ الشارب وقلم الأظفار والاغتسال وغير ذلك لأنه أحد الاحرامين فاستحب فيه ما استحب في الاخر ولقول الصادق عليه السلام إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم الحديث إلا أنه هنا يلبى بالحج مسألة إحرام المرأة كإحرام الرجل إلا في أمرين رفع الصوت بالتلبية وقد تقدم ولبس المخيط فإنه جايز لهن لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسه الورس من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبته من ألوان الثياب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين وكره النقاب وقال تسدل الثوب على وجهها قال حد ذلك إلى أين قال إلى طرف الأنف قدر ما تبصر مسألة إحرام المرأة في وجهها فلا تخمره ولا يجوز لها أن تغطية بمخيط ولا بغيره بإجماع العلماء ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام المحرمة لا تنتقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه إذا عرفت هذا فإنه يجوز لها أن تسدل الثوب على رأسها إلى طرف أنفها وتستر المحرمة ساير جسدها إلا وجهها ولها سدل الثوب على وجهها بحيث لا يمسه لأنه ليس بستر حقيقة ولهذا جاز للمحرم أن يظلل على نفسه حالة النزول ولو أصاب الثوب وجهها وقال بعض العامة أن إزالته في الحال فلا شئ عليها والأوجب عليها دم ولا يجوز لها لبس البرقع للرواية ويجوز لها لبس السراويل لان الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل قال نعم إنما تريد بذلك الستر ويجوز لها أن تلبس الغلالة إذا كانت حايضا لتحفظ ثيابها من الدم لان الصادق عليه السلام قال تلبس المرأة المحرمة الحايض تحت ثيابها غلالة الفصل الثاني في دخول مكة إذا فرغ المتمتع من إحرام العمرة من الميقات ثم صار إلى مكة فقارب الحرم استحب له أن يغتسل قبل دخوله لان أبان بن تغلب كان مع الصادق عليه السلام لما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل الحرم حافيا فصنعت مثله فقال يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا لله عز وجل محى الله عنه مأة ألف سيئة وكتب له مائة ألف سنة وكتب له مأة ألف حسنة وبنى له مأة ألف درجة وقضى له مأة ألف حاجة ولو لم يتمكن من الغسل عند دخول الحرم جاز له أن يؤخره إلى قبل دخول مكة فإن لم يتمكن فبعد دخولها للرواية مسألة يستحب له مضغ شئ من الإذخر عند دخول الحرم ليطيب فمه ولقول الصادق عليه السلام إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه وكان يأمر أم فروه بذلك ويستحب له الدعاء عند دخول الحرم بالمنقول فإذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية وحدها عقبة المدينين ولو أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة وهي عقبة ذي طوى وهو من سواد مكة قريب منها بضم الطاء وقد تفتح وتكسر ويستحب له أن يدخل مكة من أعلاها إذا كان داخلا من طريق المدينة ويخرج من أسفلها لان يونس بن يعقوب سأل الصادق عليه السلام من أين أدخل مكة وقد جئت من المدينة قال ادخل من أعلا مكة وإذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكة وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله كان يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى وهذا في حق من يجئ من المدينة والشام فأما اللذين يجيئون من ساير الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا من تلك الثنية وكذا في الأغسال بذى طوى وقيل بل هو عام ليحصل التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله ويستحب له أن يغتسل لدخول مكة من بئر ميمون أو فخ لما روى العامة أن النبي صلى الله عليه وآله فعله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن الله عز وجل يقول في كتابه وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر وقد غسل عرقه والأذى وتطهر ولو اغتسل ثم نام قبل دخولها استحب إعادة الغسل لان عبد الرحمن بن الحجاج سأل الكاظم عليه السلام في الصحيح عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام قبل أن يدخل الحرم قال لا يجزئه لأنه إنما دخل بوضوء ويستحب له أن يدخل مكة بسكينة ووقار حافيا لأنه أبلغ في الطاعة ولان الصادق عليه السلام فعله مسألة دخول مكة واجب للمتمتع أولا يطوف بالبيت ويسعى ويقصر ثم ينشئ إحرام الحج أما القارن والمفرد فلا يجب عليهما ذلك لان الطواف والسعي إنما يجب عليهما بعد الموقفين ونزول منى وقضاء بعض مناسكها لكن يجوز
(٣٦٠)