كان طول حايط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قامة وكان (ع) يقول لبلال إذا دخل الوقت يا بلال أعل فوق الجدار وارفع صوتك بالاذان فان الله تعالى قد وكل بالاذان ريحا ترفعه إلى السماء فان الملائكة إذا سمعوا الاذان من أهل الأرض قالوا هذه أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله عز وجل ويستغفرون لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة قال الشيخ يكره الاذان في الصومعة وسال علي بن جعفر أخاه موسى (ع) عن الاذان في المنارة أسنة هو فقال انما كان يؤذن النبي صلى الله عليه وآله في الأرض ولم يكن يومئذ منارة فروع - آ - يجوز ان يؤذن جالسا اجماعا لان الاذان غير واجب فلا تجب هيئاته ولقول محمد بن مسلم قلت يؤذن الرجل وهو قاعد قال نعم - ب - القيام في الإقامة أشد استحبابا لقول العبد الصالح (ع) ولا يقيم الا وهو قائم - ج - يجوز ان يؤذن راكبا وماشيا وتركه أفضل ويتأكد في الإقامة لقول الصادق (ع) ولا باس ان يؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة - د - يستحب له ان يستقبل القبلة حال تشهده لقول أحدهما (ع) وقد سئل عن الرجل يؤذن وهو يمشى وعلى ظهر دابته وعلى غير طهور وقال نعم إذا كان للتشهد مستقبل القبلة فلا باس - ه - لا باس ان يقيم وهو ماش إلى الصلاة لان الصادق (ع) سئل أؤذن وانا راكب فقال نعم قلت فأقيم وانا راكب فقال لا فقلت فأقيم وانا ماش فقال نعم ماش إلى الصلاة قال ثم قال لي إذا أقمت فاقم مرسلا فإنك في الصلاة فقلت له قد سألتك أقيم وانا ماش فقلت لي نعم أفيجوز ان امشي في الصلاة قال نعم إذا دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع امام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك ذلك مسألة لا يختص الاذان بقبيل بل يستحب لمن جمع الصفات عند علمائنا لتواتر الاخبار على الحث عليه مطلقا فلا يتقيد الا بدليل وقال الشافعي أحب ان يجعل الاذان إلى أولاد المؤذنين في عهد النبي صلى الله عليه وآله كأولاد ابن أبي مخدورة وسعد القرظ فان انقرضوا ففي أولاد أحد الصحابة فان تشاح نفسان في الاذان قال الشيخ يقرع لقول النبي صلى الله عليه وآله لو يعلم الناس ما في الاذان والصف الأول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لفعلوا فدل على جواز الاستهام فيه وهذا القول جيد مع فرض التساوي في الصفات المعتبرة في التأذين وان لم يتساو وأقدم من كان أعلا صوتا وأبلغ في معرفة الوقت وأشد محافظة عليه ومن يرتضيه الجيران واعف عن النظر فروع - آ - يجوز ان يؤذن جماعة في وقت واحد كل واحد في زاوية عملا باستحباب عموم الاذان وانتفاء المانع فظاهر كلام الشافعي ذلك وفى قول بعض أصحابه لا يتجاوز أربعة لان عثمان اتخذ أربعة مؤذنين ولا مانع فيه من الزيادة - ب - قال الشيخ في المبسوط إذا كانوا اثنين جاز ان يؤذنوا في موضع واحد فإنه اذان واحد فاما إذا اذن واحد بعد الاخر فليس ذلك بمسنون وهو جيد لما فيه من تأخير الصلاة عن وقتها نعم لو احتيج إلى ذلك لانتظار الامام أو كثرة المأمومين فالوجه الجواز - ج - يكره التراسل وهو ان يبنى أحدهما على فصول الاخر - د - لا ينبغي ان يسبق المؤذن الراتب بل يؤذن بعده لان أبا مخدورة وبلالا لم يسبقهما أحد فيه - ه - يجوز ان يؤذن واحد ويقيم غيره وبه قال أبو حنيفة ومالك لان بلالا اذن وأقام عبد الله بن زيد ومن طريق الخاصة ما روى أن الصادق (ع) كان يقيم بعد اذان غيره ويؤذن ويقيم غيره وقال الشافعي واحمد والثوري والليث وأبو حنيفة في رواية يستحب ان يتولاهما الواحد كالخطبتين والفرق ظاهر - و - يجوز ان يفارق موضع اذانه ثم يقيم عملا بالأصل ولان الاذان يستحب في المواضع المرتفعة والإقامة في موضع الصلاة وقال احمد يستحب ان يقيم موضع اذانه ولم يبلغني فيه شئ وإذا لم يبلغني فيه شئ كيف يصير إلى ما ذهب إليه - ز - لا يقيم حتى يأذن له الامام لان عليا (ع) قال المؤذن أملك بالإقامة والامام أملك بالإقامة - ح - قال الشيخ إذا اذن في مسجد جماعة دفعة لصلاة بعينها كان ذلك كافيا لكل من يصلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ويجوز ان يؤذن ويقيم فيما بينه وبين نفسه - ط - يكره اذان اللاحن لأنه ربما غير المعنى فإذا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله أخرجه عن الخبرية ولا يمد أكبر لأنه يصير جمع كبر وهو الطبل ولا يسقط الهاء من اسمه تعالى واسم الصلاة ولا الحاء من الفلاح قال الصادق (ع) لا يؤذن لكم من يدغم الهاء قلنا وكيف يقول قال اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان الثغ غير متفاحش جاز ان يؤذن فان بلالا كان يجعل الشين سينا البحث الرابع في الاحكام مسألة الأذان والإقامة مستحبان في جميع الفرايض اليومية للمنفرد والجامع على أقوى الأقوال وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان عبد الله بن عمر صلى بغير اذان ولا إقامة ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الباقر (ع) حيث صلى لما سمع مجتازا اذان الصادق (ع) ولان الأصل عدم الوجوب ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للاعرابي المسئ في صلاته إذا أردت صلاة فاحسن الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ولم يأمره بالاذان وقال السيد المرتضى وابن ابن أبي عقيل بوجوب الأذان والإقامة في الغداة والمغرب لقول الصادق (ع) لا تصل الغداة والمغرب الا باذان وإقامة وهو محمول على الاستحباب ومعارض بقول الصادق (ع) وقد سئل عن الإقامة بغير اذان في المغرب فقال ليس به بأس وما أحب يعتاد وقال السيد يجبان فيهما سفرا وحضرا وهو ممنوع لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل هل يجزئه في السفر والحضر إقامة ليس معها اذان فقال نعم لا باس به وقال السيد المرتضى وابن ابن أبي عقيل تجب الإقامة على الرجل في جميع الصلوات لقول الصادق (ع) يجزيك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير اذان ومفهوم الأجزاء الوجوب وهو ممنوع فان الأجزاء كما يأتي في الصحة يأتي في الفضيلة وقال الشيخان والمرتضى يجبان في صلاة الجماعة لقول أحدهما (ع) ان صليت جماعة لم يجز الا باذان وإقامة وهو محمول على شدة الاستحباب وللشيخ قول في الخلاف انهما مستحبان في الجماعة أيضا واستدل بأصالة براءة الذمة وبه قال الشافعي وهو الحق عندي وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية بان الاذان فرض من فروض الكفاية فان وقع في قرية كفى الواحد وفى البلد يجب في كل محلة وان اتفق أهل بلد على تركه قاتلهم الامام وقال داود بوجوب الأذان والإقامة على الأعيان الا انهما ليسا بشرط في الصلاة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لمالك بن الحويرث وأصاحبه إذا سافرتما فاذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما والامر للوجوب وهو ممنوع وقال احمد انه فرض على الكفاية وقال الأوزاعي من نسى الاذان أعاد في الوقت وقال عطا من نسى الإقامة أعاد الصلاة مسألة لا يجوز الاذان قبل دخول الوقت غير الصبح باجماع علماء الاسلام لأنه وضع للاعلام بدخول الوقت فلا يقع قبله إما في صلاة الصبح فيجوز تقديمه رخصة لكن يعاد بعد طلوعه وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأبو يوسف لان النبي صلى الله عليه وآله قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ومن طريق الخاصة مثل ذلك رواه الصدوق (ره) الا أنه قال إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قال وكان ابن مكتوم يؤذن قبل الفجر وبلال بعده فغيرت العامة النقل وقول الصادق (ع) وقد قال له ابن سنان ان لنا مؤذنا يؤذن بليل ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة واما السنة فإنه ينادى من طلوع الفجر ولان فيه تنبيها للنائمين ومنعا للصائمين عن التناول واحتياطهم في الوقت وقال أبو حنيفة والثوري لا يجوز الا بعد طلوع الفجر لان النبي صلى الله عليه وآله قال لبلال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر ولأنها صلاة فلا يقدم اذانها كغيرها من الصلوات ويحتمل انه (ع) أراد الاذان الثاني وهذه الصلاة تخالف سائر الصلوات لدخول وقتها والناس نيام واستحب علماؤنا اعادته بعد الفجر لقول الصادق (ع) واما السنة فإنه ينادى من طلوع الفجر فلان الأول يعلم به قرب الوقت والثاني دخوله لئلا يتوهم بذلك طلوع الفجر فروع - آ - لا ينبغي تقديمه بزمان طويل لئلا يفوت المقصود منه وهو الاستعداد للصلاة طلبا لفضيلة أول الوقت وقد روى أن بين اذان بلال وابن أم مكتوم ان ينزل هذا ويصعد هذا وقال الشافعي يجوز بعد نصف الليل وبه قال احمد - ب - لا يشترط ان يكون معه مؤذن اخر بل لو كان المؤذن
(١٠٨)