وهو معضوب فالأقرب وجوب الاستنابة كحجة الاسلام مسألة لا يجوز لمن وجب عليه الحج واستقر ان يحج تطوعا ولا نذرا لم يتضيق وقته فان أحرم بتطوع قال الشيخ يقع عن حجة الاسلام وبه قال الشافعي واحمد وهو قول بن عمر وأنس لأنه أحرم بالحج وعليه فرضه فوقع عن فرضه كالمطلق وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق وابن المنذر يقع لما نواه وهو رواية أخرى عن أحمد والتحقيق أن نقول إن كان قد وجب عليه واستقر لم يجزئه عن أحدهما إما عن حج الاسلام فلانه لم ينوه وإما عن حج التطوع فلانه لم يحصل شرطه وهو خلو الذمة عن حج واجب وإن كان الحج لم يجب عليه وقع عن التطوع تذنيب لو كان عليه حجة منذورة فأحرم بتطوع لم يصح وهل تقع عن المنذورة الأقرب المنع لان المنذورة واجب فهي كحجة الاسلام وقال احمد تقع عن المنذورة لأنها واجبة فهي كحجة الاسلام آخر العمرة كالحج فيما ذكرنا لأنها إحدى النسكين فأشبهت الآخر مسألة لو نذر الحج فان أطلق الزمان صح النذر سواء كان قد استقر عليه حجة الاسلام أو لا لعدم الفورية فيه على الأقوى وان قيد النذر بزمان فإن لم يكن جامعا لشرايط حجة الاسلام انعقد نذره وإن كان صرورة ثم استطاع بعد ذلك ففي وجوب تقديم حجة الاسلام نظر أقربه المنع لان الزمان قد استحق صرفه بالنذر إلى غير حجة الاسلام فلو قدم حجة النذر أجزأ ان لم توجب تقديم حجة الاسلام وان أوجبنا التقديم احتمل البطلان ووقوع الحج عن حجة الاسلام على ما تقدم البحث فيه ومع اطلاق الزمان في النذر لو كان مستطيعا وجب ان يبدأ بحجة الاسلام وكذا لو تجددت الاستطاعة قبل فعل المنذورة تذنيب لو أحرم بالمنذورة من عليه حجة الاسلام فوقعت عن حجة الاسلام كما اختاره بعض علمائنا لم تسقط المنذورة وهو قول ابن عمر وأنس وعطا واحمد لأنها حجة واحدة فلا تجزى عن حجتين كما لو نذر حجتين فحج واحدة وقال احمد في رواية أخرى عنه انها تجزى عن المنذورة لأنه قد أتى بالحجة ناويا بها نذره فأجزأته كما لو كان ممن أسقط فرض الحج عن نفسه وهذا كما لو نذر صوم يوم قدوم فلان فقدم في يوم من رمضان فنواه عن فرضه ونذره وهو قول ابن عباس وعكرمة وروى سعيد باسناده عن ابن عباس وعكرمة انهما قالا في رجل نذر ان يحج ولم يكن حج الفريضة فإنه يجزى لهما جميعا وسئل عكرمة عن ذلك فقال يقضى حجة عن نذره وعن حجة الاسلام أرأيتم لو أن رجلا نذر ان يصلى أربع ركعات فصلى العصر أليس ذلك يجزئه من العصر ومن النذر قال وذكرت قولي لابن عباس فقال أصبت وأحسنت وقد روى علماؤنا مثل ذلك عن الصادق عليه السلام وقد سلف المطلب الثاني في أقسام باقي الحج وفيه بحثان الأول في شرايط حج النذر وشبهه مسألة يشترط في انعقاد النذر واليمين والعهد التكليف والحرية والاسلام وإذن الزوج خاصة فلا ينعقد نذر الصبى وإن كان مراهقا ولا المجنون المطبق ولا من يأخذه أدوارا إذا وقع حالة جنونه ولا السكران ولا المغمى عليه ولا الساهي ولا الغافل ولا النايم ولا العبد إلا بإذن مولاه فان اذن له في النذر لم يكن له منعه ولا الزوجة إلا بإذن الزوج ومع اذنه في النذر ليس له منعها منه وللأب حل يمين الولد ولو نذر الكافر لم ينعقد نذره وان أسلم ولا يشترط في النذر شرايط الاسلام لان غير المستطيع بالزاد والراحلة ينعقد نذره فكذا المريض وإذا صح النذر وجب الوفاء به إن قيده بوقت وإلا لم يجب الفور نعم لو تمكن بعد وجوبه ومات لم يأثم ويقضى من صلب التركة ولو كان عليه حجة الاسلام قسمت التركة بينهما لتساويهما في الوجوب ولو اتسعت لاحديهما خاصة قدمت حجة الاسلام لان وجوبهما بالأصالة ولو لم يتمكن من أدائها ومات سقط النذر ولو قيده بوقت فأخل به مع القدرة أثم وقضى عنه لو مات من صلب المال ولو أخل لا مع القدرة لمرض وعدو وشبههما سقط ولو نذر أو أفسد وهو معضوب قيل وجبت الاستنابة البحث الثاني في شرايط النيابة مسألة يشترط في النايب كمال العقل وإسلام النايب والمنوب عنه وعدم شغل ذمته بحج واجب فلا تصح نيابة المجنون ولا الصبى غير المميز لارتفاع تحقق القصد منهما ولو كان الصبى مميزا قيل لا يصح أن يكون نايبا لأنه ليس بمكلف فلا تصح منه العبادة ولا نية القربة ولأنه يعلم من نفسه انه غير مكلف ولا مؤاخذ بما يصدر عنه فلا تحصل الثقة بأفعاله وقيل تصح لان حجه عن نفسه صحيح فكذا عن غيره ويحتمل الفرق لان الصحة لا تقتضي الأجزاء فجاز أن تكون النيابة غير مجزئة كما لا تجزى المباشرة عن حجة الاسلام مسألة الاسلام شرط في النايب فلو حج الكافر عن غيره الكافر أو المسلم لم يصح سواء استؤجر أو استنيب من غير إجارة أو تطوع بالتبرع لأنه لا تصح منه نية القربة التي هي شرط في صحة الفعل وكذا هو شرط في المنوب عنه وليس للمسلم أن يحج عن الكافر لقوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى ولان ثواب الحج مقارن للتعظيم والاجلال وهو ممتنع في حق الكافر لاستحقاقه في الآخرة الخزي والعذاب والاستخفاف وإذا انتفى استحقاق الثواب انتفى ملزومه وهو صحة الفعل عنه مسألة قال الشيخ (ره) لا يجوز لاحد أن يحج عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد إلا أن يكون أباه فإنه يجوز له أن يحج عنه منع ابن إدريس هذا الاستثناء وقال لا يجوز أن يحج من المخالف سواء كان أباه أو غيره والشيخ (ره) عول على ما رواه وهب بن عبد ربه في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال قلت له أيحج الرجل عن الناصب قال لا قلت فإن كان أبى قال إن كان أبوك فنعم والاحتجاج بالرواية أولي ولاشتمال ذلك على البر بالأبوين إذا عرفت هذا فالرواية مخصوصة بالناصب وهو الذي يتظاهر بالعداوة لأهل البيت عليهم السلام وقول الأصحاب أعم لان الذي يستحق به الثواب الدايم هو الايمان فغير المؤمن لا يستحق ثوابا أما المخالف فيجوز أن ينوب عن المؤمن ويجزى عن المنوب إذا لم يخل بركن لأنها تجزى عنه ولا تجب عليه الإعادة لو استبصر فدل ذلك على أن عباداته معتبرة في نظر الشرع يستحق بها الثواب إذا رجع إلى الايمان إلا الزكاة لأنه دفعها إلى غير مستحقها ويدل على ذلك كله ما رواه بريد بن معاوية العجلي عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة فقال قد قضى فريضة ولو حج لكان أحب إلى قال وسألته عن رجل وهو من بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب منذ برهة من الله عليه بمعرفة هذا الامر يقضى حجة الاسلام قال يقضى أحب إلى وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه قد وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء مسألة يشترط في النايب خلو ذمته عن حج واجب عليه بالأصالة أو بالنذر أو الاستيجار أو الافساد فلو وجب عليه حج بسبب أحد هذه لم يجز له أن ينوب عن غيره إلا بعد أداء فرضه لما رواه العامة عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شبرمة قال قريب لي قال حججت قط قال لا قال فاجعل هذه عن نفسك ثم أحج عن شبرمة ومن طريق الخاصة ما رواه سعد بن أبي خلف في الصحيح عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزى عنه حتى يحج من ماله وهي تجزى عن الميت إذا كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال ولان ذمته مشغولة بصرف الزمان في الحج عن نفسه فلا يجوز صرفه في غيره لاستلزامه ترك الواجب لتضادهما مسألة لو وجب عليه حج الاسلام واستقر بأن مضى زمان يمكنه إيقاعه فيه فأهمل أو لم يستقر بأن كملت الشرايط في ذلك العام فحج عن غيره استيجارا أو نيابة لم يصح حجه عن غيره ولا تقع النية عن نفسه بل يقع باطلا قاله الشيخ (ره) وبه قال أبو بكر بن عبد العزيز وهو مروى عن ابن عباس لان الحج لا يقع عن نفسه لعدم نيته ولا عن غيره لوجوب صرف هذا الزمان إلى حجه فكان صرفه إلى حج غيره منهيا عنه والنهى في العبادات يدل على الفساد ولأنه لما كان من شرط طواف الزيارة تعيين النية فمتى نواه لغيره لم يقع لنفسه ولهذا لو طاف حاملا لغيره ولم ينو لنفسه لم يقع عن نفسه ولرواية سعد
(٣٠٩)