(أن يؤدى المسلم الحزية وهو ضعيف لأنه صح) يؤديها عن حقن دم العبد ولو كان نصفه حرا وجب عليه عن نصفه الحر وفي نصفه الرق قولان فإن أوجبناه أخذ النصيب من مولاه ولو أعتق العبد فإن كان حربيا قهر على الاسلام أو يرد إلى دار الحرب قاله الشافعي وقال بن الجنيد منا لا يمكن من اللحوق بدار الحرب بل يسلم أو يحبس لان في لحوقه بدار الحرب معونة على المسلمين وإن كان ذميا لم يقر في دار الاسلام إلا بالجزية فإن لم يفعل رد إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعي ويحبس عند بن الجنيد ولا خلاف بين العلماء إنه بعد العتق تلزمه الجزية لما يستقبل إلا ما روى عن أحمد إنه يقر بغير جزية سواء أعتقه المسلم أو الكافر وما روى عن مالك إنه قال لا جزية عليه إن كان المعتق مسلما. مسألة. يجوز للرجل أن يستتبع في عقد الجزية من شاء من الأقارب وإن لم يكن محارم دون الأجانب بأن يشترط فإن أطلق لم يتبعه إلا صغار أولاده وزوجاته وعبيده لانهم أموال ولا يتبعه نسوة الأقارب وأما الاصهار فالأقرب عدم الحاقهم بالأجانب وللشافعي وجهان وإذا بلغ الصبى أو أفاق المجنون أو أعتق العبد فاستقلوا فإما أن يؤدوا الجزية أو يقتلوا بعد الرد إلى مأمنهم والأقوى إنه يجب على الصبى استيناف عقد لنفسه وللشافعية وجهان وإن اكتفى بعقد أبيه لزمه مثل ما لزم الأب وإن كان فيه زيادة وإذا بلغ سفيها عقد لنفسه بزيادة الدينار لحقن الدم ويصح من الولي بذل الدينار الزايد لحقن دمه ومن يجن يوما ويفيق يوما سبق حكمه وللشافعي أقوال أحدها تلتقط أيام جنونه ويكمل سنة ويؤخذ منه دينار والثاني لا شئ والثالث كالعاقل والرابع ينظر إلى الأغلب والخامس ينظر إلى آخر السنة كما في تحمل العقد وإذا وقع مثله في الأسر نظر إلى وقت الأسر. البحث الثاني. في مقدار الجزية. مسألة. اختلف علماؤنا في أن للجزية قدرا معينا لا يجوز تغييره على ثلاثة أقوال أحدها ان فيها مقدرا وهوما قدره علي (ع) على الفقير إثنا عشر درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون وعلى الغنى ثمانية وأربعون في كل سنة وبه قال أبو حنيفة واحمد في رواية لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر معاذ أن يأخذ من كل حالم دينارا وما تقدم من وضع علي (ع) وكذا وضع عمر ولم يخالفها أحد فكان إجماعا الثاني إنه ليس فيها قدر موظف لا قلة ولا كثرة بل بحسب ما يراه الامام من قلة وكثرة بحسب المصلحة ذهب إليه أكثر علمائنا والثوري واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله أمر معاذ أن يأخذ من كل حالم دينارا وصالح أهل نجران على ألفى حلة النصف في صفر والنصف في رجب وما وضعه علي (ع) وعمر وصالح عمر بني تغلب على مثلي ما على المسلمين من الصدقة وهو يدل على عدم التقدير فيه ومن طريق الخاصة رواية زرارة الصحيحة إنه سئل الصادق (ع) ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي أن يجاوز إلى غيره قال ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق الحديث الثالث إنها لا تتقدر في طرف الزيادة وتتقدر في طرف القلة فلا يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار وهو قول بن الجنيد واحمد في رواية لان عليا (ع) زاد على ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينقص منه فدل على أن الزيادة موكولة إلى نظره دون النقصان وقال الشافعي إنها مقدرة بدينار على الغنى والفقير لا يجوز النقصان منه وتجوز الزيادة عليه إن بذلها الذمي وقال مالك هي مقدره في حق الغنى بأربعين درهما وفي حق المتوسط بعشرين درهما وفي حق الفقير بعشرة دراهم. مسألة. تجب الجزية بآخر الحول ويجوز أخذها سلفا وبه قال الشافعي لأنه مال يتكرر بتكرار الحول ويؤخذ في آخر كل حول فلا تجب بأوله كالزكاة والدية وقال أبو حنيفة تجب بأوله ويطالب بها عقيب العقد وتجب الثانية في أول الحول الثاني وهكذا لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية " والمراد التزام إعطائها لا نفس الاخذ والاعطاء حقيقة ولهذا يحرم قتالهم بمجرد بذل الجزية قبل أخذها إجماعا إذا عرفت هذا فالجزية تؤخذ بما تيسر من أموالهم من الأثمان والعروض على حسب قدرتهم ولا يلزمهم شئ معين كذهب أو فضة وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معا فرى؟ وأخذ النبي (ع) من نصارى نجران ألفى حلة وكان علي (ع) يأخذ الجنس فيأخذ الحبال من صانعها والمسال من صانعها والإبر من صانعها ثم يدعوا الناس فيعطيهم الذهب والفضة فيقسمونه ثم يقول خذوا هذا فاقسموا فيقولون لا حاجة لنا فيه فيقول أخذتم خياره وتركتم شراره لتحملنه ولا تتداخل الجزية بل إذا اجتمعت عليه جزية سنتين أو أكثر استوفيت منه أجمع وبه قال الشافعي واحمد لأنه حق مالي يجب في آخر كل حول فلا يتداخل كالدية والزكاة وقال (أبو حنيفة صح) تتداخل لأنها عقوبة فتتداخل كالحدود والفرق ما تقدم. مسألة. يتخير الامام في وضع الجزية إن شاء على رؤوسهم وإن شاء على أرضيهم وهل له أن يجمع بينهما فيأخذ عن رؤوسهم شيئا وعن أرضيهم شيئا آخر منع منه الشيخان وابن إدريس لان محمد بن مسلم سأل الصادق (ع) أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف فقال كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم وليس للامام أكثر من الجزية إن شاء الامام وضع على رؤوسهم (وليس على أموالهم شئ وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم صح) شئ وفي حديث آخر فإن أخذ على رؤوسهم فلا سبيل له على أراضيهم وإن أخذ على أراضيهم فلا سبيل له على رؤوسهم وقال أبو الصلاح يجوز الجمع بينهما لعدم تقدر الجزية قلة وكثرة فجاز أن يأخذ من أراضيهم ورؤسهم كما يجوز أن يضعها على رؤوسهم ولأنه النسب بالصغار ونقلوا بموجب الحديثين ونحملها (نحملهما) على ما إذا صالحهم على قدر معين فإن شاء أخذه على رؤوسهم ولا شئ حينئذ على أراضيهم وبالعكس. مسألة. يجوز ان يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمر بهم من المسلمين إجماعا بل يستحب لان النبي صلى الله عليه وآله ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينار وكانوا ثلاثمائة نفر في كل سنة وأن يضيفوا من يمر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ولا يغشوا مسلما وشرط على نصارى نجران اقراء رسله عشرين ليلة فما دونها وعارية ثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين درعا مضمونة إذا كان حدث باليمن ولان الحاجة تدعو إليه وربما امتنعوا من مبايعة المسلمين معاندة و إضرارا ولو لم يشترط الضيافة لم تكن واجبة وبه قال الشافعي للأصل ولان أصل الجزية إنما تثبت بالتراضي فالضيافة أولي وقال بعض العامة تجب بغير شرط وتجوز لجميع الطارقين ولا يختص بأهل الفئ خلافا لبعض الشافعية إنه لا يجوز لغير المجاهدين ويجب أن تكون الضيافة زايدة على أقل ما يجب عليهم من الجزية وهو أحد قولي الشافعي فان النبي صلى الله عليه وآله شرط زيادة على الدينار الضيافة والدينار عنده بمقدار الجزية ولأنه شرط الضيافة من الجزية ولم يمر بهم أحد خرج الحول بغير جزية والثاني للشافعي يحتسب من الدينار الذي هو قدر الجزية عنده ويجب أن يكون الضيافة المشترط معلومة بأن تكون عدد من يطعمونه من المسلمين في كل سنة معلوما وتكون أكثر الضيافة لكل أحد ثلاثة أيام والأقرب عندي جواز الزيادة مع الشرط ويجب أن يعين القوت قدرا وجنسا وعلف الدواب ولا يكلفوا الذبيحة ولا الضيافة بأرفع من طعامهم إلا مع الشرط وينبغي أن يكون (الضيافة على قدر الجزية ويكثرها على الغني ويقللها على الفقير ويوسطها على المتوسط وينبغي أن يكون صح) نزول المسلمين في فواضل منازلهم وفي بيعهم وكنايسهم ويأمرون بأن يوسعوا أبواب البيع والكنايس وأن يعلوها ليدخلها المسلمون ركبانا فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء نزلوا في بيوت الفقراء ولا ضيافة عليهم وإن لم تسعهم لم يكن لهم إحراج أهلها منها ومن سبق إلى منزل كان أحق به ولو اجتمعوا فالقرعة وإذا شرطت الضيافة وامتنع بعضهم منها أجبر عليهم ولو امتنع جميعه قهروا وقوتلوا مع الحاجة فإن قاتلوا نقضوا العهد وحرقوا الذمة فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الامام أن يكون جزية لهم لزمه إجابتهم ولا يتعين الدينار
(٤٤١)