منه على الخروج عبادة وبعض الصلاة والصوم ليس بعبادة ولو فرض ذلك في الحج انعقد النذر عندهم كما ينعقد الاحرام المشروط ولكن في جواز الخروج للشافعي قولان والصوم والصلاة أولي لجواز الخروج منهما عند أكثرهم لأنهما لا يلزمان بالشروع والالتزام مشروط فإذا وجد العارض فلا يلزم والحج يلزم بالشروع ولو نذر التصدق بعشرة دراهم أو بهذه الدراهم إلا أن يعرض حاجة ونحوها فلهم وجهان والأكثر عندهم صحة الشرط فإذا احتاج فلا شئ عليه ولو قال في هذه القربات إلا أن يبدو لي فوجهان أحدهما انه يصح الشرط فلا شئ عليه إذا بدا له كشرط ساير العوارض وأظهرهما عندهم البطلان لأنه تعليق للامر بمجرد الخيرة وذلك يناقض صيغة الالتزام ثم هل يبطل النذر من أصله أو يصح ويلغو الشرط للشافعية وجهان (قولان) وإذا شرط الخروج لغرض وقالوا بصحته فيخرج لذلك الغرض هل يجب تدارك الزمان المصروف إليه ينظر إن نذر مدة غير معينة كشهر مطلق أو عشرة مطلقه فيجب التدارك لتتم المدة المنذورة وتكون فايدة الشرط تنزيل الغرض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به وان عين المدة فنذر اعتكاف هذه العشرة أو شهر رمضان لم يجب التدارك لأنه لم ينذر الاعتكاف ما عدا هذا الزمان من العشرة مسألة إذا نذر أن يعتكف شهرا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس وخرج منه يوم الثلاثين بعد غروب الشمس وبه قال مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه نذر الشهر (وأوله غروب الشمس) ولهذا تحل الديون المعلقة به ويقع الطلاق والعتاق به المعلقان ووجب ان يدخل قبل الغروب ليستوفى جميع الشهر فإنه لا يمكن إلا بذلك فيجب كما يجب امساك جزء من الليل مع النهار في الصوم وقال احمد في الرواية الثانية انه يدخل قبل طلوع الفجر وبه قال الليث وزفر لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه ولان الله تعالى قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه ولا يلزم الصوم إلا من قبل طلوع الفجر ولان الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه ولا حجة في الخبر لأنه يدخل في التطوع متى شاء قال ابن عبد البر لا أعلم أن أحدا من الفقهاء قال به والصوم محله النهار فلا يدخل فيه شئ من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف ولو أحب اعتكاف العشر الأواخر تطوعا ففيه روايتان عن أحمد أحدهما انه يدخل (فيه قبل صح) غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ولان العشر بغير هاء عدد الليالي وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية يدخل بعد صلاة الصبح وبه قال الأوزاعي وإسحاق لما روت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى الصبح دخل معتكفة واستحب احمد لمن اعتكف العشر الأخير من رمضان أن يبيت ليلة العيد في معتكفه ويستحب للمرأة إذا أرادت الاعتكاف ان يستتر بشئ لان أزواج النبي صلى الله عليه وآله لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربن في المسجد وإذا ضربن بناء جعلته في مكان لا يصلى فيه الرجال لئلا يقطع صفوفهم ويضيق عليهم ولا بأس للرجل ان يستتر أيضا فان النبي صلى الله عليه وآله أمر ببنائه فضرب ولأنه أستر له واخلي المطلب السادس في الكفارة مسألة إذا جامع المعتكف في حال اعتكافه ليلا أو نهار أوجبت عليه الكفارة عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والزهري وبعض الحنابلة واحمد في إحدى الروايتين لأنه عبادة يفسدها الوطي معينة فوجبت الكفارة بالوطي فيها كالحج وصوم رمضان ولأنه زمان تعين للصوم وتعلق الاثم بإفساده فوجبت الكفارة فيه بالجماع كشهر رمضان ولان سماعة سأل الصادق عليه السلام عن معتكف واقع أهله فقال هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان وسأله أبو ولاد الحناط عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومها من المسجد إلى بيتها وتهيأت لزوجها حتى واقعها فقال إن كان خرجت من المسجد قبل أن تمضى ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها كان عليها ما على المظاهر وقال احمد في الرواية الأخرى لا كفارة عليه وهو قول عطا والنخعي وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري وأهل الشام والأوزاعي لأنها عبادة لا تجب بأصل الشرع فلا تجب بإفسادها كفارة كالنوافل ولأنها عبادة لا يدخل المال في جبرانها فلم تجب الكفارة بإفسادها كالصلاة ولان الكفارة إنما تثبت بالشرع ولم يرد الشرع بايجابها فيبقى على الأصل والفرق ان النوافل لا يتعلق بإفسادها إثم فلا كفارة لان الكفارة تتبع الاثم والقياس على الصلاة ممنوع ومعارض بما قلناه ولأنه في مقابلة النص وقد بينا ورود الشرع بالوجوب وهي الاخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام وهم أعرف بالأحكام من غيرهم فإن الوحي في بيتهم نزل مسألة كفارة الاعتكاف عند علمائنا هي كفارة رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا وبه قال الحسن والزهري إلا أنهما قالا بالترتيب وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها كفارة في صوم واجب فكانت مثل كفارة رمضان ولما تقدم من الروايتين عن الصادق عليه السلام ولان سماعة قال سألت الصادق عليه السلام عن معتكف واقع أهله قال عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا وقال بعض الحنابلة تجب كفارة يمين والمشهور عن أحمد أنه قال من أصاب في اعتكافه فهو كهيئة المظاهر نقله عن الزهري ثم قال إذا كان نهارا وجبت عليه الكفارة مسألة الذي عليه فتوى علمائنا انها كفارة مخيرة مثل كفارة رمضان لما تقدم من الروايات وللأصل وفي الرواية عن الباقر عليه السلام واخرى عن الباقر والصادق عليهما السلام ان عليه ما على المظاهر وهي محمولة على المساواة في المقدار دون الترتيب جمعا بين الروايات مسألة الجماع ان وقع في نهار رمضان وجب عليه كفارتان إحديهما عن الاعتكاف والاخرى عن رمضان وان وقع ليلا وجبت كفارة واحدة وإن كان في غير رمضان وكذا إن وقع في نهار غير رمضان لان كل واحد من عبادتي الاعتكاف ورمضان يوجب الكفارة والأصل عدم التداخل عند تغاير السبب وقد سأل عبد الاعلى بن أعين الصادق عليه السلام عن رجل وطى امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان قال عليه الكفارة قال قلت فإن وطئها نهارا قال عليه كفارتان والسيد المرتضى رضوان الله عليه اطلق فقال المعتكف إذا جامع نهارا كان عليه كفارتان وإن جامع ليلا كان عليه كفارة واحدة والظاهر أن مراده رمضان مسألة لو كانت المرأة معتكفة ووطئها مختارة وجب عليها مثل ما يجب على الرجل فإن أكرهها تضاعفت الكفارة عليه فإن كان الاكراه في نهار رمضان وجب عليه أربع كفارات ولا يبطل اعتكافها ولا صومها للاكراه وإن كان في ليل (أو في نهار صح) غير رمضان كان عليه كفارتان لا غير و لا يفسد اعتكافها أيضا ومع المطاوعة يفسد اعتكافها كالرجل وقال بعض علمائنا لا يجب تضاعف الكفارة بالاكراه لان الكفارة تتبع افساد الاعتكاف وهو غير متحقق في طرف المرأة لان اعتكافها صحيح ولا بأس به مع أن رواية التضعيف ضعيفة لان في طريقها المفضل بن عمر وفيه قول مسألة المباشرة دون الفرج إن كانت بغير شهوة فلا بأس بها مثل ان تغسل رأسه أو تقلبه أو تناوله شيئا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يدنى رأسه إلى عايشة وهو معتكف فترجله وإن كانت عن شهوة فهي محرمة لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ولأنه لا يأمن من افضائها إلى فساد الاعتكاف وما افضى إلى الحرام يكون حراما فإن فعل ما ينزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه لأنها مباشرة لا تفسد صوما ولا حجا فلم يفسد الاعتكاف كالمباشرة بغير شهوة والقول
(٢٩٤)