ولا التجمير عند التغسيل لان الاستحباب عبادة شرعية فيقف ثبوتها على دلالة الشرع ولم يثبت واستحبه الجمهور لدفع الرايحة الكريهة وليست ثابتة مع كل ميت وقد تندفع بغيره وقال الصادق (ع) قال أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم وقال الباقر (ع) لا تقربوا موتاكم النار يعنى الدخنة مسألة يشترط في الماء الطهارة اجماعا إذا النجس لا يطهر غيره والاطلاق فان المضاف غير مطهر عندنا وعلى قول المرتضى الأقوى انه كذلك لأنها عبادة فأشبهت الوضوء ولو جعلناه إزالة النجاسة انسحب على قوله الجواز والملك أو الإباحة فلو كان مغصوبا مع علم الغاسل لم يطهر لامتناع التعبد بالقبيح وان جعلناه إزالة نجاسة أمكن الجواز كغيره من النجاسات ولو كان الغاسل جاهلا اجزاء كالوضوء وكذا يجب كون الكافور والسدر مملوكين ولو غسله في مكان مغصوبا فالأقوى الأجزاء المطلب الثالث التكفين وفيه بحثان الأول في جنسه وقدره مسألة يحرم التكفين بالحرير المحض ذهب إليه علماؤنا أجمع سواء كان الميت رجلا أو امرأة وبه قال الشافعي في الرجل لما فيه من اتلاف المال ولان أحدا من الصحابة والتابعين لم يفعله ولو كان سايغا لفعلوه لانهم كانوا يفتخرون بجودة الأكفان وقد استحب الشارع تجويدها وروى الحسين بن راشد قال سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح ان يكفن فيها الموتى قال إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس دل بمفهومه على ثبوت البأس مع صرافة القز والعصب ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصبغ بالعصب وهو نبت باليمن وكره أكثر الجمهور ذلك الا المراة فان بعضهم سوغه من غير كراهة لأنها تلبسه في حال حيوتها والموت أخرجها عن لبسه لعدم الزينة حينئذ والشافعي كرهه مسألة يستحب ان يكون الكفن قطنا محضا أبيض وهو قول العلماء كافة لان النبي (ص) كفن في القطن الأبيض وقال (ع) البسوا من ثيابكم البياض فإنه أطهر وأطيب وكفنوا فيه موتاكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الكتان كان لبنى إسرائيل يكفنون به والقطن لامة محمد صلى الله عليه وآله مسألة ويكره الكتان ذهب إليه علماؤنا خلافا للجمهور لقول الصادق (ع) لا يكفن الميت في كتان وكذا يكره الممتزج بالحرير و يشترط ان يكون مما تجوز الصلاة فيه ولا يجوز التكفين في الجلود لأنها تنزع عن الشهيد مع أنه يدفن بجميع ما عليه فلا يناسب تكفين غيره بها وهل يجوز التكفين بالصوف والوبر والشعر الأقرب ذلك لجواز الصلاة فيها وبه قال الشافعي وقال ابن الجنيد لا يكفن في الوبر ولعله استند في ذلك إلى عدم النقل مع أن التكفين أمر شرعي يقف على مورده ويشترط فيه الطهارة بالاجماع ولأنه لو لحقته نجاسة بعد التكفين وجبت ازالتها فقبله أولي وكذا الملك فلا يجوز التكفين بالمغصوب باجماع العلماء لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه فيكون قبيحا مسألة يكره أن يكفن في الثياب السود باجماع العلماء لان وصف البياض بالطيب والطهور في كلام النبي (ص) يدل بمفهومه على كراهة ضده ولأنها ثياب مثله وقال الصادق (ع) لا يكفن الميت في السواد وكذا يكره تكفين الرجل والمرأة بالمعصفر وغيره وبه قال الأوزاعي الا ما كان من المعصب وهو ما صبغ بالعصب وهو نبت باليمن مسألة والواجب في كفن الرجل والمراة ثلاثة أثواب ميزر وقميص وهو البقيرة وازار عند أكثر علمائنا لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في ثلاثة أثواب سحولية وسحول بفتح السين قرية مدنية بناحية اليمن يعمل فيها ثياب يقال لها السحولية والسحول بضم السين الثياب البيض وقال الصادق (ع) كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثوبين سحوليين وثوب حبرة يمنية عبرى وقال الباقر (ع) الكفن المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقل منه يوارى به جسده كله فما زاد فهو سنة حتى يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع وقال سلار الواجب لفافة تستر الميت وتعم البدن وما زاد مستحب للأصل وبه قال الأوزاعي والشافعي في أحد الوجهين تكريما له وسترا لما عساه يعرض من التغيير الا ان المحرم عند الشافعي لا يستر رأسه ولا المراة وجهها والثاني ان الواجب قدر ما يستر العورة كالحي وهو أوفق لنص الشافعي فيختلف الحال بالذكورة والأنوثة لاختلافهما في قدر العورة استحب الشافعي ثلاثة ازر يدرج فيها ادراجا ليس فيها قميص ولا عمامة وبه قال احمد واستحب أبو حنيفة ان يكفن في ازار ورداء وقميص لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في قميصه والبس قميص عبد الله ابن ابن أبي سلول كفنه به وقال لا يعذب ما بقى عليه منه سلك وقال ابن الجنيد ولا باس ان يكون الكفن ثلاثة أثواب يدرج فيها إدراجا أو ثوبين وقميصا والمشهور ايجاب القميص إما مع الضرورة فان الواحد مجزيا بالاجماع ولو قصر الثوب عن جميعه ستر رأسه وجعل على رجليه حشيشا ولو لم يكف الا العورة وجب الستر بها لأنها أهم من غيرها تذنيب لا فرق بين الصبى والرجل والجمهور اكتفوا بثوب واحد وان كفن في ثلاثة فلا باس لنا انه كالرجل لأنه ذكر مسألة ذهب علماؤنا إلى استحباب زيادة حبرة يمنيه وهي المنسوبة إلى اليمن عبرية منسوبة إلى العبر وهو جانب الوادي غير مطرزة بالذهب لان الباقر (ع) قال كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب برد حبرة احمر وثوبين أبيضين صحاريين وقال إن الحسن بن علي (ع) كفن أسامة بن زيد في برد احمر حبرة وان عليا (ع) كفن ابن حنيف في برد احمر حبرة وأنكر الجمهور ذلك لان عايشة ذكر لها ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن في برد فقالت قد اتى بالبرد ولكن لم يكفنوه فيه وروايتنا أولي لأنها مثبتة وكره احمد الزيادة على ثلاثة أثواب لما فيه من إضاعة المال وينتقض بالثلاثة مسألة ويستحب ان يزاد الرجل خرقة تشد فخذيه طولها ثلثة أذرع ونصف في عرض شبر إلى شبر ونصف وتسمى الخامسة يلف بها فخذاه لفا شديدا بعد ان يحشو الدبر بالقطن وعلى المذاكير ثم يخرج طرفيها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ويغمزه في الموضع الذي شدها فيه واستحبه احمد في خاصة دون الرجل والمقتضى فيهما واحد ولقول الصادق (ع) يلف الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه وازار وخرقة يعصب بها وسطه وعنه (ع) يجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع ونصفا وعرضها شبر ونصف مسألة ويستحب العمامة للرجل تثنى عليه محنكا ويخرج طرفاها من الحنك ويلقيان على صدره ذهب إليه علماؤنا لان المطلوب ستر الميت والعمامة ساترة وقول الصادق (ع) وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي وقال خذ العمامة من وسطها واثنها على رأسه ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفها على صدره وقال الباقر (ع) أمر النبي صلى الله عليه وآله بالعمامة وعمم النبي صلى الله عليه وآله ومات أبو عبيدة الحذاء فبعث الصادق (ع) معنا بدنانير وأمرنا ان نشترى به حنوطا وعمامة ففعلناه وقال العمامة سنة ولم يستحبها الجمهور لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة وهو غير مناف لان المراد ان العمامة ليست أحد الثلاثة تذنيب العمامة ليست من الكفن فلو سرقها النباش لم يقطع وان بلغت النصاب لان القبر حرز الكفن دون غيره مسألة ويستحب ان تزاد المرأة على الخمسة لفافتين أو لفافة ونمطا فيكون المستحب لها سبعة قال الباقر (ع) يكفن الرجل في ثلاثة أثواب والمراة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين وسأل بعض أصحابنا كيف تكفن المراة فقال كما يكفن الرجل غير أنه يشد على ثدييها (فخذيها) خرقة تضم الثديين إلى الصدر وتشد إلى ظهرها والمراد بالنمط ثوب فيه خطط مأخوذ من الأنماط وهي الطرايق ويعوض عن العمامة بقناع لقول الصادق (ع) تكفن المراة في خمسة أثواب أحدها الخمار والخمار هو القناع لأنه يخمر به الرأس تذنيب ظهر مما قلناه أن الكفن الواجب في الذكر والأنثى ثلاثة أثواب والمستحب في الرجل خمسة وفى الأنثى سبعة ولا يجوز الزيادة على ذلك لما فيه من إضاعة المال وقال الشافعي الواجب في الكفن ستر العورة والمستحب ثلاثة والجايز خمسة والمكروه ما زاد واستحب أكثر الجمهور كفن المرأة في خمسة أثواب واختلفوا وللشافعي قولان أحدهما قميص وميزر ولفافة ومقنعة وخامسة يشد بها فخذاها لزيادتها في حال الحياة في الستر على الرجل لزيادة عورتها على عورته فكذا بعد الموت ولم يكره لها المخيط كما لم يكره حال احرامها وكرهوه في الرجل والثاني ان الخمسة ازار ودرع وخمار ولفافتان وقال احمد لا خمار في
(٤٣)