الذي واعدهم أحل وإن بعث بالهدى من أفق من الآفاق يواعدهم يوما بعينه باشعاره أو تقليده فإذا كان ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى أن يبلغ الهدى محله ثم إنه أحل من كل شئ أحرم منه لقول الصادق (ع) في الصحيح في الرجل يرسل بالهدى تطوعا قال يواعد أصحابه يوما يقلدون فيه فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم إجتنب ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم التحلل أجزاء عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنته ورجع إلى المدينة وغيرها من الروايات ومنع ابن إدريس من ذلك . مسألة. الحاج والمعتمر في ذلك سواء إذا احصر المعتمر فعل ما ذكرناه وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبة إن كانت العمرة واجبة وإلا نفلا ولو احتاج المحصر إلى حلق رأسه لاذى ساغ له ذلك ويفدى لقول الباقر (ع) إذا حصر الرجل فبعث بهديه وأذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنه يذبح في المكان الذي احصر فيه أو يصوم أو يطعم ستة مساكين ولو كان المحصر قد أحرم بالحج قارنا (قال الشيخ لم يجز أن يحج في القابل إلا قارنا صح) وليس التمتع بل يدخل في مثل ما خرج منه لقول الباقر (ع) والصادق (ع) القارن يحصر وقد قال واشترط فحلني حيث حبستني يبعث بهديه قلنا هل يستمتع قال لا ولكن يدخل بمثل ما خرج منه والوجه أنه إن كان القران واجبا وجب عليه القران وإلا فلا. مسألة. قال بن بابويه وأبوه إذا قرن الرجل للحج والعمرة واحصر بعث هديا مع هديه ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله فأوجبا هديا مع هدى السياق وقواه بن إدريس لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " فأوجب هديا للاحصار وأصحابنا قالوا يبعث بهديه الذي ساقه ولم يوجبوا بعث هدى آخر وقال ابن إدريس معنى قولهما إذا قرن الحج والعمرة أن يقرن مع كل واحد منهما على الانفراد هديا يشعره أو يقلده فيخرج عن ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك واجبا عليه بنذر ولم يقصد أن يحرم بهما جميعا ويقرن بينهما في الاحرام لان ذلك مذهب من خالفنا في حد القران. مسألة. إذا اشترط في إحرامه فله التحلل من دون إنفاذ هدى إلا أن يكون ساقه ويشعره أو قلة فإن كان فلينفذه وإن لم يكن ساق بل اشترط فله التحلل إذا بلغ الهدى محله وهو يوم النحر فإذا (كان يوم النحر صح) فليتحلل من جميع ما أحرم منه إلا النساء وروى المفيد عن الصادق (ع) المحصور بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدى محله ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضى المناسك من قابل هذا إذا كان في حجة الاسلام فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه فقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل وإن لم يشأ لم يجب عليه الحج قال بن إدريس المحصور يفتقر إلى نية التحلل كما دخل في الاحرام بنيته وهو حسن. البحث الثالث.
في حكم الفوات. مسألة. من لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحج إجماعا فيتحلل بطواف وسعى وحلاق ويسقط عنه بقية أفعال الحج من الرمي والمبيت عند علمائنا وبه قال عمر وابنه وزيد بن ثابت وبن عباس وبن الزبير ومالك والثوري والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي لان باقي أفعال الحج يترتب على الوقوف وقد فاته فتفوت هي بفواته وما رواه العامة عن عمر إنه قال لأبي أيوب حين فاته الحج إصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابلا فحج واهد ما استيسر من الهدى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في رجل جاء حاجا ففاته الحج ولم يكن طاف قال يقم مع الناس حراما أيام التشريق ولا عمرة فيها فإذا انقضت طاف بالبيت وبين الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم وقال احمد في الرواية الأخرى يمضى في حج فاسد وبه قال المزني قال يلزمه جميع أفعال الحج إلا الوقوف وقال مالك في رواية أخرى عنه لا يحل بل يقيم على إحرامه حتى إذا كان من قابل أتى بالحج فوقف وأكمل الحج وفي رواية ثالثه عنه إنه يحل بعمرة مفردة ولا يجب عليه القضاء وقول المزني باطل لان الاتيان بالافعال الباقية لا تخرجه عن العهدة فلا فايدة فيها وقياسه على المفسد باطل لان الجناية وقعت هناك من المفسد فكان التفريط من قبله بخلاف الفوات وقول مالك يشتمل على ضرر عظيم فيكون منفيا. مسألة. إذا فاته الحج جعل حجه عمرة مفردة فيطوف ويسعى ويحلق عند علمائنا أجمع وبه قال بن عباس وبن الزبير وعطا واحمد وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وليحج من قابل ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) في الذي إذا أدرك الناس فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك (الحج صح) ولا عمرة له وإن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له وإن شاء أن يقيم بمكة أقام وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع وعليه الحج من قابل وقال الصادق (ع) في الصحيح أيما حاج ساق الهدى أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وقال مالك والشافعي لا يصير إحرامه بعمرة بل يتحلل بطواف وسعى وحلاق لأنه أحرم بأحد النسكين لا ينقلب إلى الاخر كما لو أحرم بالعمرة والفرق فوات الحج وإمكان الاتيان بالعمرة من غير فوات فيها فلا حاجة إلى انقلاب إحرامها ولابد من نية الاعتماد خلافا لبعض العامة وأوجبوا الاتيان بأفعالها. مسألة. إذا فاته الحج استحب له المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق وليس عليه شئ من أفعال الحج ولا حلق ولا تقصير بل يقصر إذا تحلل بعمرة بعد طوافها وسعيها وهل يجب على من فاته الحج الهدى الأقرب المنع وهو قول أصحاب الرأي لأصالة براءة الذمة ولأنه لو كان الفوات سببا لوجوب الهدى لوجب على المحصر هديان واحد للفوات واخر للاحصار ونقل الشيخ (ره) عن بعض علمائنا وجوب الهدى وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء وعن أحمد روايتان لقول الصادق (ع) في نفر فاتهم الحج عليهم أن يهريق كل واحد منهم دم شاة ولأنه أحل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه الهدى كالمحصر والخبر محمول على الاستحباب ونمنع الحل قبل إتمامه وإنما نقله إلى العمرة والنقل جايز ولو كان قد ساق هديا نحره بمكة لأنه تعين للاهداء فلا يسقط بالفوات فإن قلنا بوجوب الهدى ذبحه في ذلك العام ولا يجوز له تأخيره إلى القابل كالمدرك لأفعال الحج ولان الهدى واجب على الفور لأنه جزء من الحج والثاني للشافعي يجوز وعلى الأول لو أخره عصى ووجب عليه ذبحه ولا يجزئه عن هدى القضاء لان القضاء إحرام فيجب فيه الهدى للآية. مسألة. إذا كان الفائت واجبا كحجة الاسلام والمنذورة وغيرهما وجب القضاء ولا يجزيه العمرة التي فعلها للتحلل وإن لم يكن الحج واجبا لم يجز عليه القضاء وبه قال عطا واحمد في إحدى الروايتين ومالك في أحد القولين لان النبي صلى الله عليه وآله لما سئل عن الحج أكثر من مرة واحدة قال بل مرة واحدة ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة وعن الصادق (ع) في القوم الذين فاتهم الحج قال ليس عليهم من قابل ولا يمكن ذلك في الواجب فيحمل على النقل ولأنه معذور في ترك إتمام حجه فلا يلزمه القضاء كالمحصر ولأنها عبادة غير واجبة فلا يجب قضاؤها بالفوات كساير العبادات وقال الشافعي يجب القضاء وإن كان الحج تطوعا وبه قال بن عباس وبن الزبير وأصحاب الرأي ومالك في القول الثاني واحمد في الرواية الثانية لقول النبي صلى الله عليه وآله من فاته عرفات فقد فاته الحج فليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل ولأنه يجب بالشروع فيه وتحمل