وهو المقصود فأشبه ما لو التزم له مالا ليرد عبده الآبق فرده بعض الطريق ثم هرب والثاني نعم لأنه عمل بعض ما استؤجر له فاستحق بقسطه من الأجرة كما لو استأجر لخياطة ثوب فخاط بعضه ثم اختلفوا فبعضهم بنى القولين هنا على القولين في أنه هل يجوز البناء على الحج إن قلنا لا فلا شئ له لان المستأجر لم ينتفع بعمله و إن قلنا نعم فله القسط وبعضهم نازع في هذا البناء وقالوا الجديد هنا انه يستحق القسط والجديد من القولين في أنه هل يبنى على الحج المنع وأيضا فقد رجح كثير من الشافعية الاستحقاق هنا وفى خلاف البناء الراجح المنع بالاتفاق وتوسط الجويني فقال إن جوزنا البناء استحق الأجير قسطا من الأجرة وإلا ففيه الخلاف ووجه الاستحقاق انه لا تقصير من الأجير والمأتي به يقع ينفع المستأجر في الثواب ووجه المنع ان ما كان على المستأجر قد بقى بحاله فكان الأجير لم يعمل له شيئا وإذا قلنا يستحق قسطا فالأجرة تقسط على الأعمال وحدها أو عليها مع السير فيه قولان وجه الأول ان المقصود الأعمال والسير وسيلة إليها والأجرة تقابل المقصود والثاني وهو الاظهر عندهم ان الوسايل يأخذ حكم المقاصد والتعب في السير أكثر في الأعمال فيبعد أن لا يقابل شئ ومنهم من قال لا خلاف في المسألة ولكن إن قال استأجرتك لتحج عنى والتقسيط على الأعمال خاصة ولو قال لتحج عنى من بلد كذا فالتقسيط عليهما معا ثم إن كانت الإجارة على العين انفسخت ولا بناء لورثة الأجير كما لو لم يكن له أن يبنى بنفسه وهل للمستأجر ان يستأجر من يتمه فيه قولان مبنيان على القولين في جواز البناء ان جوزناه فله ذلك وإلا فلا وإن كانت الإجارة على الذمة فإن لم تجوز البناء فلورثة الأجير ان يستأجروا من يحج عمن استؤجر له مورثهم فان تمكنوا منه في تلك السنة لبقاء الوقت فذاك وإلا فللمستأجر الخيار وإن جوزنا البناء فلهم ان يتموا الحج وإن مات الأجير بعد ما أخذ في السير وقبل ان يحرم فالمنقول عن نص الشافعي في عامة كتبه انه لا يستحق شيئا من الأجرة لأنه بسبب لم يتصل بالمقصود فأشبه ما لو قرب الأجير على البناء آلات البناء من موضع إلى موضع البناء ولم يبن شيئا وفيه وجه لأصحابه انه يستحق قسطا من الأجرة لان الأجرة في مقابلة السير والعمل جميعا فإنها تختلف باختلاف المسافة طولا وقصرا ولو مات بعد إتمام الأركان وقبل الفراغ من ساير الأعمال فينظر ان فات وقتها أو لم يفت ولكن لم تجوز البناء فجبر بالدم من مال الأجير وفى رد شئ من الأجرة الخلاف السابق وإن جوزنا البناء فإن كانت الإجارة على المعين إنفسخت ووجب رد قسطها من الأجرة ويستأجر المستأجر من يرمى ويبيت ولا دم على الأجير وإن كانت على الذمة استأجر وارث الأجير من يرمى ويبيت ولا حاجة إلى الاحرام لأنهما عملان يفعلان بعد التحللين ولا يلزم الدم ولا رد شئ من الأجرة مسألة لو صد الأجير عن بعض الطريق قال الشيخان (ره) كان عليه مما أخذ بقدر نصيب ما بقى من الطريق الذي يؤدى فيه الحج إلا أن يضمر العود لأداء ما وجب ونحن نقول إن كانت الإجارة في الذمة وجب على الأجير الاتيان بها مرة ثانية ولم يكن للمستأجر فسخ الإجارة وكانت الأجرة بكمالها للأجير وإن كانت معينة وله أن يرجع عليه بالمتخلف ولا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحج ثانيا بل له فسخ العقد واستيجار غيره وله ان يجيبه إلى ذلك مسألة لو أحصر الأجير جاز له ان يتحلل بالهدى لعموم الآية ويقع ما فعله عن المستأجر لأنه قصد الفعل له وقال بعض الشافعية يقع عن المحصر إذا عرفت هذا فالدم على الأجير ولو لم يتحلل وأقام على إحرامه حتى فات الحج تحلل بعمرة ولا يستحق الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلل لان تلك الأفعال لم يفعلها للمستأجر ليتحلل من إحرامه وأما ما فعله قبل ذلك فإنه يستحق به الأجرة عندنا وقال الشافعي لو أحصر الأجير فله التحلل كما لو أحصر الحاج بنفسه فان تحلل فعمن يقع ما أتى به وجهان أصحهما عن المستأجر كما لو مات إذ لم يوجد من الأجير تقصير والثاني عن الأجير كما لو أفسده لأنه لم يحصل غرضه فعلى هذا دم الاحصار على الأجير وعلى الأول هو على المستأجر وفى استحقاقه شيئا من الأجرة الخلاف المذكور في الموت وان لم يتحلل وأقام على الاحرام حتى فاته الحج انقلب الحج إليه كما في صورة الافساد ثم يتحلل بعمرة وعليه دم الفوات ولو فرض الفوات بنوم أو تأخر عن القافلة أو غيرهما من إحصار انقلب المأتي به إلى الأجير أيضا كما في الافساد لاشتراكهما في ايجاب القضاء ولا شئ للأجير مسألة يشترط في النيابة نية النايب عن المنوب بالقلب ويستحب ضم اللسان ولا يجزى لو تجرد عن القلب لان الحج فعل يحتمل وجوها وصرفه إلى الفاعل أقرب فلا بد من تخصيص الفعل بالمنوب ليقع له ويستحب له أن يذكره في المواقف كلها لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال قلت له ما يجب على الذي يحج عن الرجل قال يسميه في المواطن والمواقف وأما عدم وجوب التلفظ بذلك فللأصل ولما رواه مثنى بن عبد السلام عن الصادق عليه السلام في الرجل يحج عن الانسان يذكره في جميع المواطن كلها قال إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الأضحية إذا ذبحها ويستحب للنايب عند عقد الاحرام أن يقول ما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام قال قلت الرجل يحج عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس هل ينبغي له ان يتكلم بشئ قال نعم يقول بعد ما يحرم اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو سغب فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه مسألة إذا فعل الأجير شيئا تلزمه الكفارة من محظورات الاحرام كانت الكفارة عليه في ماله من الصيد واللباس والطيب وغير ذلك لأنها عقوبة على جناية صدرت عنه أو ضمان في مقابلة إتلاف وقع منه فاختصت بالجاني وجرى مجرى الأجير إذا جنى على انسان فخرق ثوبه أو جرحه يجب الأرش عليه لا على المستأجر كذلك هنا مسألة قال الشيخ (ره) إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له أن يأخذ حجة أخرى حتى يقضى التي أخذها والتحقيق أن نقول إن كانت الإجارة الأولى وقعت على تلك السنة لم يكن له أن يوجر نفسه لغيره تلك السنة بعينها لان فعله صار مستحقا للأول فلا يجوز صرفه إلى غيره وان استأجره الأول مطلقا فان استأجره الثاني للسنة الأولى فان قلنا باقتضاء الاطلاق التعجيل لم يصح العقد الثاني لان الإجارة الأولى وإن كانت غير معينة بزمان لكن يجب اتيانها في السنة الأولى فلا يجوز حينئذ صرف العمل فيها إلى غيره وإن استأجر للسنة الثانية جاز ولو استأجره مطلقا فالأقرب الجواز للأصل واقتضاء التعجيل هنا مندفع بسبب استحقاق الأول ولو استأجره الأول للسنة الثانية جاز للثاني أن يستأجره مطلقا وان يستأجره للسنة الأولى مسألة لا يجوز للحاضر مكة المتمكن من الطواف الاستنابة فيه لأنه عبادة بدنية يمكن الانسان بها مباشرة فلا يجوز الاستنابة فيها كالحج ولو كان غايبا جاز له ان يستنيب فيه مع وجوبه عليه وعدم تمكنه منه أو مع ندبيته لأنه بغيبته عاجز عن المباشرة فجاز له الاستنابة ولما رواه عبد الرحمن بن أبي نجران عمن حدثه عن الصادق عليه السلام قال قلت الرجل يطوف عن الرجل وهما مقيمان بمكة قال لا ولكن يطوف عن الرجل هو غايب قلت وكم قدر الغيبة قال عشرة أميال إذا عرفت هذا فإنه يجوز للحاضر غير المتمكن من الطواف لعدم تمكنه من الطهارة بان يكون مريضا لا يستمسك الطهارة فإنه يطاف عنه ولو استمسك طيف به والمغمى عليه والكسير يطاف به و يرمى عنه لما رواه حريز عن الصادق عليه السلام قال الكسير يحمل ويطاف به والمبطون يرمى عنه ويطوف عنه مسألة الأجير يملك الأجرة بالعقد فإذا حج فان فضل له شئ من الأجرة عن نفقة الحج استحب له رده إلى المستأجر ليكون قصده بالحج القربة لا العوض وليس ذلك بلازم لما رواه مسمع عن الصادق عليه السلام قال قلت أعطيه الرجل دراهم ليحج بها عنى ففضل منها شئ فلم يرده على قال هو له ولعله ضيق على نفسه ولان عقد الإجارة سبب لتملك الأجرة مع الاتيان بما وقع عليه الإجارة وقد وجد السبب فيوجد المسبب ولو تصرف الأجرة عن النفقة لم يجب على المستأجر الاتمام بل يستحب لاشتماله على المساعدة للمؤمن واعانته على طاعته والانفاق على أفضل العبادات وليس واجبا عملا بالأصل وأبو حنيفة منع من الإجارة فيكون الأجير نائبا محضا وما يدفع إليه من المال يكون رزقا لطريقه فلو مات أو أحصر أو ضل الطريق أو صد لم يلزمه الضمان لما أنفق
(٣١٦)