بوجوبه ذبحه وتصدق على مساكين الحرم لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة ولا يجوز ان يتصدق به حيا لأنه تعالى سماه هديا والهدى يجب ذبحه وله أن يذبحه أي وقت شاء لا يختص ذلك بأيام النحر لأنه كفارة فيجب إخراجها متى شاء كغيرها من الكفارات وأما المكان فإن كان إحرامه للحج وجب عليه أن ينحر فداء الصيد أو يذبحه بمنى وإن كان بالعمرة ذبحه أو نحره بمكة بالموضع المعروف بالجزورة لأنه هدى فكان كغيره من الهدايا ولقول الصادق عليه السلام من وجب عليه فداء صيد أصابه محرما فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة ولو أخرج الطعام أخرجه إما بمكة أو بمنى على التفصيل في الجزاء لأنه عوض عما يجب دفعه إلى مساكين ذلك المكان فيجب دفعه إليهم ويعتبر قيمة المثل في الحرم لأنه محل إخراجه والطعام المخرج الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب ولو قيل يجزى كلما يسمى طعاما كان حسنا لأنه تعالى أوجب الطعام ويتصدق على كل مسكين بنصف صاع وبه قال احمد في التمر وقال في البر بمد وتقويم المثل يوم يريد تقويمه ولا يلزمه أن يقومه وقت إتلاف الصيد لان القيمة ليست واجبة في تلك الحال وإنما تجب إذا اختارها القاتل وما لا مثل له أن قدر الشارع قيمته أخرجت وإلا قوم الصيد وقت الاتلاف لأنه وقت الوجوب ولو لم يجد ماخضا في جزاء الماخض قوم الجزاء ماخضا ولو صام عن كل نصف صاع يوما فبقى ربع صاع صام عنه يوما كاملا ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن البعض وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر لأنها كفارة ولا تبعض جنسها كساير الكفارات ولا يتعين الصوم بمكان كغيره من أنواع الصيام وما لا مثل له من الصيد يتخير قاتله بين شراء طعام بقيمته فيطعمه المساكين وبين الصوم ولا يجوز له إخراج القيمة وبه قال ابن عباس واحمد في رواية عنه لأنه جزاء صيد فلا يجوز إخراج القيمة فيه كالذي له مثل ولأنه تعالى خير بين ثلاثة ليس القيمة أحدها وقد تعذر واحد فيبقى التخير بين اثنين وعن أحمد رواية أنه يجوز إخراج القيمة إذا عرفت هذا فإنه يقوم في محل الاتلاف بخلاف المثلى فإن المعتبر في قيمة النعم بمكة لأنه محل ذبحه مسألة المحرم في الحرم يتضاعف عليه الجزاء خلافا للعامة لأنه جمع بين الاحرام والحرم وقد هتكهما ولان كل واحد منهما يوجب الجزاء فيكون كذلك حال الاجتماع ولقول الصادق عليه السلام وإن أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفة إذا عرفت هذا فإنما يتضاعف من الجزاء ما كان دون البدنة أما ما تجب فيه بدنة فإنه لا يتضاعف و إن كان القاتل محرما في الحرم لأصالة البراءة لان البدنة أعلى ما يجب في الكفارات ولقول الصادق عليه السلام يضاعفه ما بينه وبين البدنة وإذا بلغ البدنة فليس له التضعيف وابن إدريس أوجب التضاعف مطلقا ولو كان الصيد لا دم فيه وقتله محل في الحرم أو محرم في الحل كان عليه القيمة ولو كان محرما في الحرم كان عليه قيمتان ولقول الصادق عليه السلام فإن أصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم لما سأله سليمان بن خالد عن القمري والسماني والعصفور والبلبل مسألة كل من وجب عليه بدنة في كفارة الصيد ولم يجد أطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ولو كان عليه بقرة ولم يجد أطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد صام تسعة أيام وإن كان عليه شاة ولم يجد أطعم عشرة مساكين فإن لم يجد صام ثلاثة أيام لقول الصادق عليه السلام من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل فإن لم يجد ما يشترى بدنة فإن دان يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ومن كان عليه فداء شئ من الصيد فداؤه بقرة فإن لم يجد فليصم تسعة أيام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ومنع الشيخ صيد حمام الحرم حيث كان للمحل والمحرم لان علي بن جعفر سأل الكاظم عليه السلام عن حمام الحرم يصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم وجوزه ابن إدريس وليس بجيد ولو قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد لم يضمنه لأصالة البراءة ولو أكل المحرم لحم صيد ولم يعلم ما هو لزم دم شاة لقول الصادق عليه السلام في رجل أكل من صيد لا يدرى ما هو وهو محرم عليه شاة ولو اقتتل اثنان في الحرم كان على كل واحد منهما دم لأنه هتك حرمة الحرم فتكون عليه عقوبة ولقول الصادق عليه السلام على كل واحد منهما دم ويكون مع المحرم لحم صيد إذا لم يأكله ويتركه إلى وقت إحلاله إذا كان قد صاده محل ولو اشترك محلون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ (ره) لزم كل واحد منهم القيمة ثم قال وإن قلنا يلزمهم جزاء واحد كان قويا لأصالة البراءة ولو اشترك محلون ومحرمون في قتل صيد في الحل لزم المحرمين الجزاء ولم يلزم المحلين ولو كان في الحرم لزم المحرمين الجزاء والقيمة والمحلين جزاء واحد مسألة الخيار في الكفارة بين الاطعام والذبح والصيام إلى القاتل لا إلى العدلين المقومين لان الواجب عليه فكان الاختيار في التعيين إليه كما في كفارة اليمين وحكم العدلين إنما هو لبيان قدر الواجب بالتقويم وبه قال أبو يوسف وأبو حنيفة وقال محمد الخيار في التعيين إلى الحكمين إن شاء أحكما عليه بالهدى وإن شاء أحكما عليه بالاطعام وإن شاء أحكما عليه بالصيام وبه قال الشافعي ومالك لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة نصب هديا لوقوع الحكم عليه وهو ممنوع بل نصب على الحال والتقدير فجزاء من النعم هديا أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما مثل يحكم به ذوا عدل مقصورا على بيان المثل ونصب هديا على الحال في الاهداء ليبقى ما قبله إيجابا على العبد من غير حكم أحد بكلمة أو فيكون الخيار إليه إذا عرفت هذا فالاعتبار في المثل بما نص الشارع على مثله وما لا نص فيه الاعتبار بالقيمة لأنه حيوان مضمون بالمثل فيكون مضمونا بالقيمة كالمملوك وقال محمد الاعتبار بالصورة ولقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وقد أوجب الشارع البدنة والبقرة والشاة فيما ذكرنا وهي أمثالها والجواب المراد من النعم المقتول من النعم لا أن يكون المثل من النعم مسألة يجوز في إطعام الفدية التمليك والإباحة وبه قال أبو يوسف لأنه كفارة فيجوز فيها الأمران ككفارة اليمين وقال محمد لا يجوز إلا التمليك لان الواجب في الزكاة التمليك واسم الصدقة لا يقتضى التمليك قال عليه السلام نفقة الرجل على أهله صدقة وذلك إنما هو بالإباحة لا التمليك مسألة لو قتل محرم صيدا فأخذه محرم آخر فعلى كل واحد منهما جزاء لتعرض كل منهما له ولا يرجع القاتل على الثاني ولا بالعكس بما ضمن من الجزاء وبه قال زفر لان الاخذ لم يملكه ولم يرجع بالضمان على غيره وقال أبو حنيفة وصاحباه يرجع الأول على الثاني ولو أصاب المحرم صيودا كثيرة على وجه الاحلال ورفض الاحرام متساولا لا يعتبر تأويله و يلزمه بكل محظور كفارة على حدة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يلزمه إلا جزاء واحد لان التأويل الفاسد معتبر في دفع الضمانات الدنيوية كالباغي إذا أتلف مال العادل وأراق دمه لا يضمن لأنه أتلف عن تأويل ونمنع الحكم في الأصل ووجود التأويل وعدمه بمثابة واحدة لان الاحرام لا يرتفع به فتعددت الجناية ولو قتل حمامة مسرولة وجب عليه الضمان وبه قال أبو حنيفة لأنه صيد حقيقة لامتناعه وقال مالك لا ضمان عليه لأنه لا يمتنع لبطئ طريانه والتفاوت اليسير لا يعتبر في كونه صيدا البحث الثاني فيما يجب في باقي المحظورات وفيه مباحث الأول فيما يجب باللبس مسألة من لبس ثوبا لا يحل له لبسه وجب عليه دم شاة وهو قول العلماء سأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمدا قال عليه دم ولأنه ترفه بمحظور في إحرامه فلزمه الفدية كما لو ترفه بحلق شعره ولا فرق في وجوب الدم بين قليل اللبس وكثيره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان صدق اللبس المطلق على القليل والكثير واحد فلا يتخصص الحكم المتعلق عليه بأحد جزئياته وقال أبو حنيفة إنما يجب الدم بلباس يوم وليلة ولا يجب فيما دون ذلك لأنه لم يلبس لبسا معتادا إذا أشبه ما لو اتزر بالقميص ونمنع عدم اعتياده ولان ما ذكره تقدير والتقديرات إنما ثبتت بالنص والتقدير بيوم وليلة تحكم محض مسألة استدامة اللبس كابتدائه فلو لبس المحرم قميصا ناسيا ثم ذكر وجب عليه خلعه إجماعا لأنه فعل محظور فلزمه إزالته وقطع إحرامه
(٣٥٢)