والمستعير كان له المطالبة به قبل القسمة وبعدها لان ملك المسلم لا تزول بالاستغنام فلا تزول توابعه وقال أبو حنيفة ليس له الاخذ لأنه لا حق له في العين لا ملكا ولا يدا بل حقه في الحفظ وقد بطل بخروجه عن ملك صاحبه وهو ممنوع ولو دخل حربي دار الاسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما ثم لحق بدار الحرب فغنموه المسلمون كان باقيا على ملك البايع بفساد البيع فيرد على المالك ويرد المسلم عليه الثمن الذي أخذه لأنه في أمان ولو تلف العبد كان للسيد القيمة وعليه رد ثمنه ويترادان الفضل ولو أسلم الحربي في دار الحرب وله مال وعقار أو دخل مسلم دار الحرب واشترى بها عقارا أو مالا ثم غزاهم المسلمون فظهروا على ماله وعقاره لم يملكوه وكان باقيا عليه إن كان المال مما ينقل ويحول وأما العقار فإنه غنيمة وبه قال الشافعي ومالك واحمد في غير العقار وقالوا في العقار إنه كغيره لأنه مال مسلم فلا يجوز اغتنامه كما لو كان في دار الاسلام وقال أبو حنيفة العقار يغنم وأما غيره فإن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم وإن كان في يد حربي غنم. مسألة. لو فر المسلم من الزحف قبل القسمة لم يكن له نصيب في الغنيمة ما لم يعود واقبل القسمة لانهم عصوا بالفرار وتركوا الدفع عنها ولو فروا بعد القسمة لم يؤثر في ملكهم الحاصل بالقسمة لانهم ملكوا ما جازوا بالقسمة فلا يزول ملكهم بالهرب ولو هربوا قبل القسمة فذكروا إنهم ولوا متحرفين لقتال أو متخيرين إلى فئة فالوجه أن لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار ولا شئ لهم فيما غنم بعده ما لم يلحقوا القسمة والأجير على القتال يستحق الأجرة بالعقد والسهم بالحضور ولو حضر المستأجر أيضا استحق هو أيضا وعن أحمد روايتان إحديهما هذا والاخرى إنه لا يسهم للأجير لأنه غزوة بعوض فكأنه واقع من غيره فلا يستحق شيئا وينتقض بالمرصد للقتال والأجير على العمل إن كان في الذمة كان يستأجره بخياطة ثوب أو غيره في ذمته فإذا حضر الأجير الوقعة استحق السهم إجماعا لأنه حضر الوقعة وهو من أهل القتال وإنما في ذمته حق لغيره فلا يمنعه من استحقاق السهم كما لو كان عليه دين وإن كان قد استأجره مدة معلومة لخدمة أو لغيرها فإن خرج بإذن المستأجر استحق السهم بالحضور وإلا فلا لأنه عاص بالجهاد فلا يستحق سهما اللهم إلا أن يتعين عليه فإنه يستحق السهم. إذا ثبت هذا فان السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها ليس للمؤجر عليه سبيل وللشافعي في الثاني ثلاثة أقوال أحدها إنه يستحق السهم لقول النبي صلى الله عليه وآله القيمة لمن شهد الوقعة ولان الأجرة تستحق بالمنفعة والسهم بحضور الوقعة وقد وجد الثاني إنه يرضخ له ولا يسهم لأنه قد حضر الوقعة مستحق المنفعة فلا يسهم له كالعبد الثالث تخير الأجير بين ترك الأجرة والاسهام وبين العكس لان كل واحد من الأجرة والسهم يستحق بمنافعه ولا يجوز أن يستحقها لمعنى واحد فأيهما طلب استحقه قال وتكون الأجرة التي تخير بينها وبين السهم الأجرة التي تقابل مدة القتال ويخير قبل القتال وبعده أما قبل القتال فيقال له إن أردت الجهاد فاقصده واطرح الأجرة وإن أردت الأجرة فاطرح الجهاد ويقال بعد القتال إن قصدت الجهاد أسهم لك وتركت الأجرة وإن كنت قصدت الخدمة أعطيت الأجرة دون الغنيمة ولو استؤجر للخدمة في الغزو أو اكرى دوابه له وخرج معها وشهد (الوقعة استحق السهم صح) وبه قال الليث ومالك وبن المنذر لقوله (ع) الغنيمة لمن شهد الوقعة وقال الأوزاعي وإسحاق لا يسهم له وعن أحمد روايتان ولو آجر نفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدواب التي من المغنم أو رعيها جاز وحلت له الأجرة ولا يجوز له ركوب دواب الغنيمة إلا أن يشرطه في الإجارة ولو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها لم يملكها بذلك لأصالة بقاء الملك على صاحبه وقال احمد يملكها به وليس جيدا. مسألة. لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدو فإن كان بإذنه دفع ما أداه المشترى إلى البايع إجماعا لأنه أداه بإذنه فصار نايبا عنه في الشراء ووكيلا في ابتياع نفسه وإن اشتراه بغير إذنه لم يجب على الأسير دفع الثمن إلي المشترى وبه قال الثوري والشافعي وبن المنذر لأنه متبرع وقال مالك يجب دفع الثمن كالأول وبه قال الحسن البصري والنخعي والزهري واحمد لان عمر قال (في حديث وصح) أيما حر اشتراه التجار فإنه يرد إليهم رؤوس أموالهم لان الحر لا يباع ولا يشتري فحكم للتجار برؤس أموالهم وهو محمول على إذنهم فلو أذن له في الشراء وأداء الثمن ثم اختلفا في قدره فالقول قول الأسير وبه قال الشافعي لأنه منكر و قال الأوزاعي يقدم قول المشترى لأنهما اختلفا في فعله وهو أعلم به وهو ممنوع وإنما اختلفا في القدر المأذون فيه وهو فعل الأسير فهو أعلم به. مسألة.
إذا استولى أهل الحرب على أهل الذمة فسبوهم وأخذوا أموالهم ثم قدر عليهم المسلمون وجب ردهم إلى ذمتهم ولا يجوز استرقاقهم إجماعا لانهم لم ينقضوا ذمتهم فكانوا على أصل الحرية وأموالهم كأموال المسلمين قال علي (ع) إنما بذلوا الجزية لتكون دماءهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا فمتى علم صاحبها قبل القسمة وجب ردها إليه و إن علم بعده فعلى ما تقدم من الخلاف في أموال المسلمين وهل يجب فداؤهم قال بعض العامة نعم يجب مطلقا سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا وهو قول عمر بن عبد العزيز والليث لأنا التزمنا حفظهم لمعاهدتهم وأخذ الجزية منهم فلزمنا القتال عنهم فإذا عجزنا عن ذلك وأمكننا تخليصهم بالفدية ووجب كمن يحرم عليه إتلاف شئ فيتلفه فإنه يغرم وقال قوم منهم لا يجب فداؤهم إلا أن يكون الامام قد استعان بهم في قتاله فسبوا لأنه سبب في أسرهم وإنما يثبت ما ذكرناه لو كانوا على شرايط الذمة ولو لم يكونوا استرقوا بالسبي كالحربي ويجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة قال رسول الله صلى الله عليه وآله أطعموا الجايع وعودوا المريض وفكوا العاني وفادى رسول الله صلى الله عليه وآله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بنى عقيل. البحث السادس. في أقسام الغزاة الغزاة ضربان مطوعة وهم الذين إذا نشطوا غزوا وإن لم ينشطوا قعدوا لمعايشهم فهؤلاء لهم سهم الصدقات إذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين وأسهم لهم والثاني من ارصد نفسه للجهاد فهؤلاء لهم من الغنيمة أربعة الأخماس ويجوز عندنا أن يعطوا أيضا من الصدقة من سهم بن السبيل. مسألة. ينبغي للامام أن يتخذ الديوان (وهو الدفتر صح) الذي فيه أسماء القبايل قبيلة قبيلة ويكتب عطاياهم ويجعل لكل قبيلة عريفا ويجعل لهم علامة بينهم ويعقد لهم ألوية؟ لان النبي صلى الله عليه وآله عرف عام خيبر على كل عشرة عريفا وجعل يوم فتح مكة للمهاجرين شعارا وللأوس شعارا (وللخزرج شعارا امتثالا صح) لقوله تعالى " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " فإذا أراد الامام القسمة قدم الأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فالأقرب فيقدم بني هاشم على بني المطلب وبنى عبد شمس على بنى نوفل لان عبد شمس أخو هاشم من الأبوين ونوفل أخوه من الأب ثم يسوى بين عبد العزى وعبد الدار لأنهما أخوا عبد مناف فإن استووا في القرب قدم أقدمهم هجرة فإن تساووا قدم الاسن فإذا فرغ من عطايا أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله بدأ بالأنصار وقدمهم على جميع العرب فإذا فرغ من الأنصار بدأ بالعرب فإذا فرغ من العرب قسم على العجم وليس ذلك فرضنا. مسألة. قال الشيخ (ره) ذرية المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على ما تقدم فإذا مات المجاهد أو قتل وترك ذرية أو امرأة فإنهم يعطون كفايتهم من بيت المال من الغنيمة فإذا بلغوا فإن ارصدوا نفوسهم للجهاد كانوا بحكمهم وإن اختاروا غيره خيروا ما يختارونه وتسقط مراعاتهم وهكذا حكم المرأة لا شئ لها وللشافعي في إعطاء الذرية والنساء بعد موته قولان أحدهما إنهم يعطون لأنه إذا لم يعط ذريته بعده لم يجرد نفسه للقتال فإنه يخاف على ذريته الضياع لأنا لا نعطيه إلا ما يكفيه لأنا يدخره لهم والثاني إنهم لا يعطوه لأنا إنما نعطيهم تبعا للمجاهدين لا أنهم من أهل الجهاد فإذا مات انتفت تبعيتهم للمجاهدين فلم يستحقوا شيئا من الفئ. مسألة. ويحصى الامام المقاتلة وهم بالغوا الحلم فيحصى فرسانهم ورجالهم ليوفر عليهم على قدر كفايتهم ويحصى الذرية وهم من لم يبلغ الحلم ويحصى النساء ليعلم قدر كفايتهم قال بن عمر عرضت على رسول ل الله (ع) يوم أحد وأنا بن أربع عشرة سنة وعرضت عليه