عليه مباشرة الحج ولا تجوز به الاستنابة ولو احتاج المعضوب إلى حركة عنيفة يعجز عنها سقط في عامه فان مات قبل التمكن سقط النظر الثالث أمن الطريق وهو شرط في وجوب الحج فلو كان الطريق مخوفا أو كان فيه مانع من عدو أو شبهه سقط فرض الحج في ذلك العام وان حصلت باقي الشرايط عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الله تعالى إنما فرض الحج على المستطيع هذا غير مستطيع ولان هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة ولان حفصا الكناسي سأل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما يعنى بذلك فقال من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وقال احمد في الرواية الأخرى انه ليس شرطا للوجوب بل هو شرط لزوم السعي فلو كملت شرايط الحج ثم مات قبل وجود هذا الشرط حج عنه بعد موته وان أعسر قبل وجوده بقى في ذمته لان النبي صلى الله عليه وآله لما سئل ما يوجب الحج قال الزاد والراحلة وهذا له زاد وراحلة ولان هذا عذر يمنع نفس الأداء فلم يمنع الوجوب كالعضب ولان امكان الأداء ليس شرطا في وجوب العبادات بدليل ما لو طهرت الحايض أو بلغ الصبى أو أفاق المجنون ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن اداؤها فيه وليس بجيد لان تكليف الخايف بالسعي تكليف بالنهي عنه فان الله تعالى قال ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وهو قبيح والمراد بقوله عليه السلام الزاد والراحلة ليس على اطلاقه بل مع حصول باقي الشرايط قطعا ونمنع الوجوب في حق المعضوب وقد تقدم والفرق بأن المعضوب يتمكن من الاستنابة بخلاف المتنازع فإنه غير متمكن من الاستيجار فان الأجير لا يتمكن المضي مع الخوف مسألة أمن الطريق على النفس والبضع والمال شرط في وجوب الحج فلو خاف على نفسه من سبع أو عدو في الطريق لم يلزمه الحج ولهذا جاز التحلل من الاحرام بمثل ذلك على ما يأتي في باب الاحصار وقد تقدم الخلاف فيه إذا لم يجد طريقا سواه فان وجد طريق اخر أمنا لزمه سلوكه وإن كان أبعد إذا وجد النفقة المحتاج إليها في سلوكه واتسع الزمان وهو قول الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يلزمه كما لو احتاج إلى بذل مؤنة زايدة في ذلك الطريق وليس بجيد لأنه مستطيع وليس للطريق ضابط مسألة لو كان في الطريق بحر وكان له في البر طريق اخر فان استويا في الامن تخير في سلوك أيهما شاء وان اختص أحدهما بالأمن دون الاخر تعين الامن لأنه مستطيع ولو استويا في عدم الامن سقط فرض الحج في ذلك العام لانتفاء شرط الوجوب ولا يجب الاستنابة على ما تقدم ولو خاف من ركوب البحر ولا طريق أمنا سواه سقط الفرض في ذلك العام ولو لم يخف من ركوبه وجب عليه الحج وللشافعي قولان أحدهما قوله في المختصر لم يرء؟ لي ان أوجب ركوب البحر ونص في الام على أنه لا يجوز وقال في الاملاء إن كان أكثر عيشه في البحر وجب فانقسم أصحابه قسمين أحدهما أثبت الخلاف في المسألة والثاني نفاه وللمثبتين طريقان أحدهما ان المسألة على قولين مطلقا أحدهما انه يلزمه الركوب للظواهر المطلقة في الحج والثاني لا يلزمه لما فيه من الخوف والحظر وأظهرهما انه إن كان الغالب منه الهلاك إما باعتبار خصوص ذلك البحر أو لهيجان الأمواج في بعض الأحوال لم يلزمه الركوب وإن كان الغالب فيه السلامة فقولان أظهرهما اللزوم لسلوك طريق البر عند غلبة السلامة والثاني المنع لان عوارض البحر عسرة الدفع وعلى هذا فلو اعتدل الاحتمال فيلحق بغلبة السلامة أو بغلبة الهلاك تردد فيه الشافعية وأما النافون للخلاف فلهم طرق أحدها القطع بعدم اللزوم وحمل نصه في الاملاء على ما إذا ركبه لبعض الأغراض فصار أقرب إلى الشط الذي يلي مكة والثاني القطع باللزوم والثالث انه إن كان الغالب الهلاك لم يلزم وإن كان الغالب السلامة لزم واختلاف القولين محمول على حالين وبه قال أبو حنيفة واحمد والرابع تنزيل القولين على حالين من وجه آخر إن كان الرجل ممن اعتاد ركوب البحر كالملاحين وأهل الجزاير لزمه وإلا فلا لصعوبته عليه ونقل الجويني عن بعض الشافعية اللزوم عند جراة الراكب وعدمه عند استشعاره ومن الشافعية من قال لا يجب على المستشعر وفى غيره قولان ومنهم من قال يجب على غير المستشعر وفيه قولان وعلى القول بعدم وجوب ركوبه هل يستحب فيه وجهان لهم أحدهما لا لما فيه من التعزير بالنفس وأظهرهما نعم كما يستحب ركوبه للغزو والوجهان فيما إذا كان الغالب السلامة أما إذا كان الغالب الهلاك فيحرم الركوب نقله الجويني وحكى تردد الشافعية فيما إذا اعتدل الاحتمال وإذا لم نوجب الركوب فلو توسط البحر فهل له الانصراف أم عليه التمادي فيه قولان مبنيان على القول في المحصر إذا أحاط به العدو من الجوانب هل يجوز له التحلل إن قلنا له التحلل فله الانصراف وان قلنا لا لأنه لا يستفيد الخلاص فليس له الانصراف والوجهان فيما إذا استوى ما بين يديه وما خلفه في غالب الظن فإن كان فيما بين يديه أكثر لم يلزم التمادي وإن كان أقل لزم قالوا هذا في حق الرجل أما المرأة ففيها خلاف بينهم مرتب على الرجل واولى بعدم الوجوب لأنها أشد تأثيرا بالأهوال ولأنها عورة وربما تنكشف للرجال لضيق المكان فان قلنا بعدم الوجوب فنقول بعدم الاستحباب أيضا ومنهم من طرد الخلاف وليست الأنهار العظيمة كجيحون في معنى البحر لان المقام فيها لا يطول والخطر فيها لا يعظم مسألة المرأة كالرجل متى خافت على نفسها أو المكابرة على فرجها سقط الفرض عنها وان احتاجت إلى المحرم وتعذر سقط الفرض عنها أيضا لعدم استطاعتها بدونه وليس المحرم شرطا في وجوب الحج عليها مع الاستغناء عنه عند علمائنا وبه قال مالك وابن سيرين والأوزاعي والشافعي واحمد في إحدى الروايات قال ابن سيرين تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به وقال مالك تخرج مع جماعة النساء وقال الشافعي تخرج مع حرة مسلمة ثقة وقال الأوزاعي تخرج مع قوم عدول تتخذ سلما تصعد عليه وتنزل ولا يغربها رجل إلا أنه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها على زراعه قال ابن المنذر تركوا القول بظاهر الحديث واشترط كل واحد منهم شرطا لا حجة معه عليه والأصل في ذلك ان النبي صلى الله عليه وآله فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة وقال لعدى بن حاتم يوشك ان تخرج الظعينة من الحيرة يوم تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة تحج بغير وليها قال نعم إذا كانت امرأة مأمونة تحج مع أخيها المسلم وفى الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة تحج بغير محرم فقال إذا كانت مأمونة ولم تقدر على محرم فلا بأس بذلك ولأنه سفر واجب فلا يشترط فيه المحرم كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار وقال احمد في رواية أخرى المحرم من السبيل وان المرأة المؤسرة إذا لم يكن لها محرم لا يجب عليها الحج وبه قال الحسن البصري والنخعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي فلو لم يكن محرم لم يجز لها الخروج إلا أن يكون بينها وبين مكة مسير ما دون ثلاثة أيام لما رواه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم ولأنها أنشأت سفرا في دار الاسلام فلم يجز بغير محرم كحج التطوع والحديث مخصوص بالمتخلصة من أيدي الكفار فيكون مخصوصا بالحج لاشتراكهما في الوجوب ويحمل أيضا على السفر في غير الحج الواجب ونمنع اشتراط المحرم في حج التطوع فان الزوج إذا أذن لزوجته في الحج جاز له المضي فيه وان لم يصحبها تذنيبات المحرم عند المشترطين له هو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد إما بنسب أو بسبب مباح كأبيها أو ابنها أو أخيها من نسب أو رضاع لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها قال احمد يكون زوج أم المرأة محرما لها يحج بها ويسافر الرجل مع أم ولد جده فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه وقال في أم امرأته يكون محرما لها في حج الفرض دون غيره وأما من لا تحرم عليه مؤبدا فليس بمحرم كعبدها وزوج أختها
(٣٠٥)