استحب له غسله فإن لم يغسله ورمى به أجزأ لحصول الامتثال وقال عطا ومالك لا يستحب وعن أحمد روايتان وسيأتى مباحث الرمي إن شاء الله تعالى. البحث الثاني. في الذبح وفيه مباحث الأول الهدى. مسألة. إذا فرغ من جمرة العقبة ذبح هديه أو نحره إن كان من الإبل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة (بيده صح) ثم أعطى عليا فنحر ما غبر؟ وأشركه في هديه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أضاء له النهار أفاض حتى إنتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين (أو ستا وستين صح) وجاء علي (ع) بأربعة وثلاثين أو ستة وثلاثين فنحر رسول الله (ص) ستا وستين ونحر علي (ع) أربعا وثلاثين بدنه. مسألة. هدى التمتع واجب بإجماع العلماء قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وروى العامة عن بن عمر قال تمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله قال للناس من لم يسق الهدى فليطف بالبيت وبالصفا وبالمروة وليقصر ثم ليهل بالحج ويهدى فمن لم يجد الهدى فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الصحيح في المتمتع وعليه الهدى فقال أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة ولا فرق بين المكي وغيره فلو تمتع المكي وجب عليه الهدى للعموم. مسألة.
وإنما يجب الهدى على غير أهل مكة وحاضريها لان فرضهم التمتع أما أهل مكة وحاضروها فليس لهم أن يتمتعوا لان فرضهم القران أو الافراد فلا يجب عليهم الهدى إجماعا لان الله تعالى قال ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وقال الصادق (ع) في الحسن عن المفرد قال ليس عليه هدى ولا أضحية وأما القارن فإنه يكفيه ما ساقه إجماعا ويستحب له الأضحية لأصالة براءة الذمة وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة إذا قرن بين الحج والمتعة لزمه دم وقال الشافعي تلزمه بدنة وقال داود لا يلزمه شئ. مسألة. قد بينا إن فرض المكي القران أو الافراد فلو تمتع قال الشيخ يسقط عنه الفرض ولا يلزمه دم وقال الشافعي يصح تمتعه وقرانه وليس عليه دم وقال أبو حنيفة يكره له التمتع والقرآن فإن خالف وتمتع فعليه دم المخالفة دون التمتع والقرآن واستدل الشيخ بقوله تعالى فمن تمتع إلى قوله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام قال معناه إن الهدى لا يلزم إلا من لم يكن أهله من حاضري المسجد الحرام ويجب أن يكون قوله ذلك راجعا إلى الهدى لا إلى التمتع لان من قال من دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن عاميا فهم منه الرجوع إلى الجزاء لا إلى الشرط ثم قال ولو قلنا إنه راجع إليهما وقلنا إنه لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا. مسألة. دم التمتع نسك عند علمائنا وبه قال أصحاب الرأي لقوله تعالى. والبدن جعلناها لكم من شعاير الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها أخبر بأنه جعلها من الشعاير وأمر بالاكل منها فلو كان جبرا لما أمر بالاكل منها وقال الشافعي إنه جبرات لاخلاله بالاحرام من الميقات لأنه مر به وهو مريد للحج والعمرة وحج من سنته وهو ممنوع فإن ميقات حج التمتع عندنا مكة وقد أحرم منه والمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه الدم إجماعا أما عندنا (فلانه نسك وأما عند المخالف صح) فلانه أخل بالاحرام من المواقيت فلو أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه الدم عندنا وقالت العامة بسقوطه ويبطل بقوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى ولو أحرم المفرد بالحج ودخل مكة جاز له أن يفسخه ويجعله عمرة يتمتع بها قاله علماؤنا خلافا لأكثر العامة وادعوا انه مفسوخ وليس بجيد لثبوت مشروعيته فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بذلك ولم يثبت النسخ ويجب عليه الدم لثبوت التمتع المقتضى له. مسألة. إذا أحرم بالعمرة وأتى بأفعالها في غير أشهر الحج ثم أحرم بالحج في أشهره لم يكن متمتعا ولا يجب عليه الدم لأنه لم يأت بالعمرة في زمان الحج وكان كالمفرد فإن المفرد إذا أتى بالعمرة بعد أشهر الحج لم يجب عليه الدم إجماعا ولو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهره من الطواف وغيره وحج من سنة لم يكن متمتعا قاله الشيخ ولا يلزمه دم وهو أحد قولي الشافعي وبه قال احمد لأنه أتى بركن من أركان العمرة في غير أشهر الحج وهو يستلزم ايقاع أركانها فيه وقال الشافعي ففي القول الثاني يجب به الدم ويكون متمتعا لأنه أتى بأفعال العمرة في أشهر الحج واستدامة الاحرام بمنزله ابتدائه فهو كما لو ابتداء بالاحرام في أشهر الحج وقال مالك إذا لم يتحلل من إحرام العمرة حتى دخلت أشهر الحج صار متمتعا وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج صار متمتعا. مسألة. إذا أحرم المتمتع من مكة بالحج ومضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات لم يسقط عنه الدم للآية وقد بينا أن الدم نسك لا جبران وقال الشافعي إن مضى من مكة إلى عرفات لزمه الدم قولا واحدا وإن مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات فقولان أحدهما لا دم عليه لأنه لو أحرم من الميقات لم يجب الدم فإن عاد إليه محرما قبل التلبس بأفعال الحج صار كأنه أحرم منه والثاني لا يسقط كما قلناه وبه قال مالك لان له ميقاتين يجب مع الاحرام من أحدهما الدم فإذا أحرم منه وجب الدم ولم يسقط بعد ذلك كما لو عاد بعد التلبس بشئ من المناسك وقال أبو حنيفة لا يسقط الدم حتى يعود إلى بلده لأنه لم يلم بأهله فلم يسقط دم التمتع كما لو رجع إلى ما دون الميقات وليس بجيد لان بلده موضع لا يجب عليه الاحرام منه بابتداء الشرع فلا يتعلق سقوط دم المتمتع بالعود إليه كساير البلاد ودون الميقات ليس ميقات بلده. مسألة. قد بينا أن ميقات حج التمتع مكة فإذا فرغ المتمتع من أفعال العمرة إن شاء الاحرام بالحج من مكة فإن خالف وأحرم من غيرها وجب عليه أن يرجع إلى مكة ويحرم منها سواء أحرم من الحل أو من الحرم إذا أمكنه فإن يمكنه مضى على إحرامه وتمم أفعال الحج ولا يلزمه دم لهذه المخالفة لان الدم يجب للمتمتع فايجاب غيره منفى بالأصل وقال الشافعي إن أحرم من خارج مكة وعاد إليها فلا شئ عليه وإن لم يعد إليها ومضى على وجهه إلى عرفات فإن كان إن شاء الاحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا وإن انشاء من الحرم ففي وجوب الدم قولان أحدهما لا يجب لان الحكم إذا تعلق بالحرم ولم يختص ببقعة منه كان الجميع فيه سواء كذبح الهدى والثاني يجب لان ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه فإذا ترك ميقاته وجب عليه الدم وإن كان ذلك كله من حاضر المسجد الحرام. مسألة. يشترط في التمتع النية على ما سبق فلو لم ينوه لم يكن متمتعا ولم يجب الدم وهو أحد قولي الشافعي في الاخر يكون متمتعا ويجب الدم لأنه إذا أحرم بالعمرة من الميقات وحج من سنة فقد صار جامعا بينهما فيجب الدم والحق خلافه والقارن والمفرد إذا أكملا حجهما وجب عليهما الاتيان بعمرة مفردة بعد الحج يحرمان بها من أدنى الحل فلو أحرما من الحرم لم يصح ولو طافا وسعيا لم يكونا معتمرين ولا يلزمهما دم وللشافعي قولان أحدهما كما قلناه لكن خلاف الشافعي في المفرد خاصة والثاني تكون عمرة صحيحة ويجب الدم لنا إنه يجب أن يقدم الخروج إلى الحل قبل الطواف والسعي ثم يعود ويطوف ويسعى ليكون جامعا في نسكه بين الحل والحرم بخلاف المتمتع حيث كان له أن يحرم من مكة لان النبي صلى الله عليه وآله لما نسخ على أصحابه الحج إلى العمرة أمرهم أن يحرموا بالحج من جوف مكة ولان الحاج لابد له من الخروج إلى الحل للوقوف فيكون جامعا في إحرامه بين الحل والحرم بخلاف المتمتع. احتج بأنه ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام وذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة. والجواب إنه لم يأت بالعبادة على وجهها فلا تكون مجزية ولو