ثم أتموا الصيام إلى الليل واجمع المسلمون كافة على ذلك ولو نذر صوم الليل لم ينعقد نذره لأنه نذر الصوم في الليل وليس محلا له فلم يكن الامساك فيه عبادة شرعية فلا ينعقد ولا فرق بين ان يفرده عن النهار في الصوم أو يضمه إليه لأنه لا يصح صومه بانفراده فلا يصح منضما إلى غيره ولا ينعقد صوم النهار حينئذ لان المجموع لا يصح صومه ولا ينعقد نذره لأنه نذر معصية فلا ينعقد نذر صوم النهار مسألة ويحرم صوم يومي العيدين في فرض أو نفل فان صام واحدا منهما أو صامهما فعل محرما ولم يجزئه عن الفرض باجماع علماء الأمصار لما رواه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن صيام يومين يوم فطر ويوم اضحى و النهي يدل على التحريم ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن سيد العابدين عليه السلام قال في حديث طويل ذكر فيه وجوه الصايم وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى الحديث مسألة لو نذر صوم يوم العيدين من لم ينعقد نذره ولم يصير قابلا لايقاع الصوم فيه باعتبار النذر وبه قال الشافعي لأنه محرم شرعا إجماعا فلا يصح نذره ولأنه معصية لأنه منهي عنه لقوله عليه السلام لا تصوموا هذه الأيام فلا يتقرب بالنذر فيه إلى الله تعالى لتضاد الوجهين ولقوله عليه السلام لا نذر في معصية ولأنه نذر صوما محرما فلم ينعقد كما لو نذرت صوم أيام حيضها ولان ما لا يصح صومه على النذر المطلق والكفارة لا يصح عن النذر المعين فيه كأيام الحيض والنفاس وقال أبو حنيفة صومه محرم ولو نذره انعقد ولزمه أن يصوم غيره وإن صام فيه أجزأه ولو صام فيه عن نذر مطلق لم يجزه لأنه نذر صوم يوم مع أهليته للصوم فيه فانعقد نذره كساير الأيام ونمنع أهليته للصوم لورود النهي عنه مسألة ويحرم صوم أيام التشريق وهي الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر والثالث عشر لمن كان بمنى خاصة في الفرض والنفل عند علمائنا وقد قال أكثر أهل العلم بأنه لا يحل صيامها تطوعا لان العامة روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل وعن عبد الله بن حداقة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله أيام منى أنادي أيها الناس انها أيام أكل وشرب وبعال يعني أيام التشريق ومن طريق الخاصة رواية الزهري من زين العابدين عليه السلام واما صوم الحرام وصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام التشريق وأما صومها في الفرض فعندنا انه لا يجوز لما تقدم من الاخبار من طريق العامة والخاصة وبه قال أبو حنيفة وقال مالك يجوز وللشافعي قولان القديم الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله رخص للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة في العشر ان يصوم أيام التشريق والجديد التحريم واعلم أن بعض الشافعية خص جواز صومها بالمتمتع في بدل الهدي ومنع غيره لان النهي عام والرخصة وردت في حق المتمتع خاصة وهو قول أكثرهم وقال بعضهم انه يجوز صومها لغيره لان تجويز صومها للمتمتع إنما كان لأنه صوم له سبب فيجوز مثل هذا الصوم لكل أحد دون التطوعات المحضة فروع - آ - قيد أصحابنا التحريم لمن كان بمنى فلو كان في غيرها من الأمصار لم يحرم صوم أيام التشريق عليه لان معاوية بن عمار سئل الصادق عليه السلام عن الصائم أيام التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس به وأما بمنى فلا - ب - هل على التحريم مطلق من كان بمنى أو بشرط ان يكون ناسكا فيه اشكال - ج - لو نذر صوم أيام التشريق فإن كان بمنى لم ينعقد نذره لأنه صوم محرم وإن كان بغيرها صح - د - قال الشيخ في النهاية يستحب صوم ثلاثة أيام يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة فان فاته صوم هذه فليصم يوم الحصبة وهو يوم النفر ويومان بعده متواليات ويشكل بأن يوم الحصبة من أيام التشريق مسألة لو نذر صوم يوم معين كالسبت مثلا فاتفق انه أحد العيدين أو أيام التشريق لم يجز صومه والأقوى بطلان النذر ولأنه لم يصادف محلا ويحرم صوم يوم الشك بنية انه من رمضان أو انه إن كان من رمضان كان واجبا وإن كان من شعبان كان ندبا وقد سبق ذلك كله الفصل السابع في أقسام الصوم أقسام الصوم أربعة واجب ومندوب ومكروه ومحظور فالواجب من الصوم ستة شهر رمضان والكفارات ودم المتعة والنذر وشبهه والاعتكاف على وجه وقضاء الواجب وهنا مطالب الأول في شهر رمضان وفيه مباحث الأول في علامته يعلم دخول شهر رمضان وغيره من الشهر بأحد أمور ثلاثة إما رؤية الهلال أو الاخبار أو الحساب النظر الأول في رؤية الهلال مسألة أجمع العلماء كافة على أن رؤية الهلال للزايد على الواحد سبب في وجوب الصوم في شهر رمضان وعلامة على دخوله قال الله تعالى يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج دل على أنه تعالى اعتبر الأهلة في تعرف أوقات الحج وغيره مما يعتبر فيه الوقت واجمع المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زماننا هذا على اعتبار الهلال والترائي له والتصدي لابصاره وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتصدى لرؤيته ويتولاها وشرع عليه السلم قبول الشهادة عليه والحكم فيمن شهد بذلك في مصر من الأمصار ومن جاء بالخبر من خارج المصر وحكم المخبر به في الصحو وخبر من شهد برؤيته مع العوارض وذلك يدل على أن روية الهلال أصل من أصول الدين معلوم ضرورة من شرع الرسول عليه السلام والاخبار متواترة بذلك ولا نعلم فيه خلافا وقد سئل الصادق عليه السلام عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر مسألة ويلزم صوم رمضان من رأى الهلال وإن كان واحدا انفرد برؤيته سواء كان عدلا أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت شهادته أو ردت ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال مالك والليث والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وتكليف الرسول صلى الله عليه وآله كما يتناول الواحد يتناول الجميع وبالعكس ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الأهلة هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر ولأنه يتيقن انه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم ولان الرؤية أبلغ في باب العلم من الشاهدين يفيدان الظن (والرؤية صح) يفيد القطع فإذا تعلق حكم الوجوب بأضعف الطريقين فبالأقوى أولي وقال عطا والحسن وابن سيرين وإسحاق إذا انفرد الواحد برؤية الهلال لا يصوم وعن أحمد روايتان لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين ونمنع الحكم بكونه من شعبان في حق الرائي لأنه متيقن انه من شهر رمضان فلزمه صيامه كالعدل إذا ثبت هذا فان أفطر هذا المنفرد وجب عليه الكفارة عند علمائنا أجمع لأنه أفطر يوما من رمضان فوجب عليه الكفارة كما لو قبلت شهادته وقال أبو حنيفة لا تجب عليه الكفارة لأنها عقوبة فلا يجب بفعل مختلف فيه كالحد ونمنع كون الكفارة عقوبة وينتقض قياسه بوجوب الكفارة في السفر القصير مع وقوف الخلاف فيه مسألة يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف وقد روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال احصوا هلال شعبان لرمضان ومن طريق الخاصة ما روي عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ألحق في شهر رمضان يوما من غيره متعمدا فليس يؤمن بالله ولا بي ولان الصوم واجب من أول رمضان فكذا الافطار في العيد فيجب التوصل إلى معرفة وقتهما لان ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مسألة يستحب لرائي الهلال الدعاء لأنه انتقال من زمان إلى اخر فاستحب فيه الدعاء بطلب الخير فيه روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول إذا رأى الهلال الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام ان رسول الله صلى الله
(٢٦٨)