ما يوجد فيه المستحق اشكال ينشأ من جواز النقل مطلق لفقد المستحق ومن كون طلب البعيد نقلا عن القريب مع وجود المستحق فيه - و - لا فرق بين النقل إلى بلد بعيد يقصر في مثله الصلاة والنقل إلى قريب في المنع وهي أصح وجهي الشافعية لأنه نقل من بلد المال فكان بمنزلة البعيد ولهم اخر الجواز لان المسافة القريبة بمنزلة الحضور ولهذا لا يستبيح بها رخص السفر والفرق ان الرخص تتعلق بالسفر المشتق - ز - لو كان بعض المال حيث المالك والبعض في مصره فالأفضل أن يؤدى زكاة كل مال حيث هو فإن كان غائبا عن مصره وأهله والمال معه اخرج في بلد المال وبعض المانعين من الأجزاء بالنقل جوز أن يعطى بعضه في هذا البلد وبعضه في الاخر أما لو كان المال في البلد الذي هو فيه حتى يمكث فيه حولا تاما فلا يبعث بزكوته إلى الاخر ولو كان المال تجارة فسافر به فرق زكاته حيث حال حوله في أي موضع كان وسوغ احمد أن يفرقه في كل بلد أقام به في ذلك الحول - ح - لا يجوز نقل الصدقة مع الخوف عليها سواء عدم المستحق في بلده أو لا لما فيه من التعزير بهما والتفريط بالأمانة - ط - تحريم النقل عام وإن كان إلى بلد المالك فيضمن ويأثم - ى - لو عين الفطرة من غائب ضمن بنقله مع وجود المستحق فيه الفصل الخامس في اللواحق مسألة إذا دفع الامام الزكاة إلى من ظاهره الفقر فبأن غنيا لم يكن عليه ضمان وبه قال الشافعي لان النبي (ع) اعطى الرجلين الجلدين وقال إن شئتما أعطيتكما منها ولاحظ فيها نعنى فيها ولا لقوى مكتسب وقال للرجل الذي سأله الصدقة إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم ولان الاطلاع على الباطن عسر ولأنه نائب عن الفقراء أمين لهم لم يوجد من جهته تفريط فلم يجب عليه الضمان ويكون له ان يستردها من المدفوع إليه سواء اعلمه الامام انها زكاة أو لا لأن الظاهر فيما يفرقه الامام ويقسمه انه زكاة فان وجد المدفوع استرده سواء زادت عينه أم لا وسواء كانت الزيادة متصلة أو منفصلة فإنه يرجع بالجميع لظهور فساد الدفع وإن لم يجده أسترد بدله فان تعذر ذلك عليه فقد تلفت من مال الفقراء فروع - آ - لو كانت تالفة رجع الامام بالقيمة إن كانت من ذوات القيم وحكم اعتبار القيمة هنا حكم اعتبار القيمة في الغاصب لأنه بغشه أشبه الغاصب فان قلنا هناك يرجع بأعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف فكذا هنا وان قلنا هناك تعتبر القيمة حين التلف أو حين القبض فكذا هنا - ب لو تلفت وكانت من ذوات الأمثال أسترد المثل لأنه الواجب على من عليه حق من غصب وغيره ولا فرق بين نقص القيمة وزيادتها ولو تعذر المثل أسترد قيمته وقت الاسترجاع ولا اعتبار بمساواته لقيمة التالف ونقصها - ج - لو ظهر المالك على غناه دون الامام الدافع جاز للمالك الاسترجاع للعين أو القيمة أو المثل إن تمكن باختيار المدفوع إليه أو بغير اختياره وهل للفقراء ذلك لو ظهروا عليه من دون إذن الإمام أو المالك الوجه ذلك لان القابض غاصب ويحتمل المنع لعدم تعيينهم للاستحقاق فان للمالك صرفه إلى غيرهم والبحث في نائب الامام كالبحث في الامام إذا لم يفرط في البحث تفحص عنه - د - لا يجوز للمدفوع إليه الامتناع من رد العين بدفع القيمة أو المثل وإن سوغناه في التعجيل لان الدفع هناك سايغ والاخذ صحيح لأنه على وجه القرض يملك به أما الاخذ هنا فإنه باطل لا يملك به فوجب رد العين - ه - لو وجدها معيبة كان له أخذ العين والمطالبة بأرش العيب سواء كان العيب من فعله أو من فعل غيره أو من الله تعالى لأنه قبض مضمون أشبه الغاصب أما لو دفعها إليه بنية الزكاة ولم يعلم المدفوع بل ظن الهبة والايداع فلا ضمان في العيب من الله تعالى والأجنبي ولا في التلف منهما - و - لو كان حال الدفع غنيا ثم تجدد الفقر قبل الاسترداد أيضا لان الدفع وقع فاسدا ويجوز ان يتركها بحالها ويحتسبها من الزكاة وهل يجب الاخذ لو أراد الترك ثم الدفع اشكال ينشأ من وجوب النية حال الدفع ولم يوجد لان الدفع الأول باطل ومن كون الترك الان كابتداء للرفع مسألة لو دفع رب المال الزكاة إلى الفقير فبأن غنيا وقت الدفع قال الشيخ لا ضمان عليه وبه قال الحسن البصري وأبو عبيد وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لما رواه أبو هريرة عن رسول الله قال قال رجل لا تصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنى فأصبحوا يتحدثون تصدق على غنى فأتى فقيل له أما صدقتك فقد تقبلت لعل الغنى ان يفتقر فينفق مما أعطاه الله ولأنه دفعها إلى من ظاهره الاستحقاق فلم يلزمه الضمان كالامام والقول الثاني للشافعي والرواية الأخرى عن أحمد وجوب الضمان وبه قال الثوري والحسن بن صالح بن حي وأبو يوسف وابن المنذر لأنه دفع حقا إلى غير مستحقه فلزمه الضمان كالدين يدفعه إلى غير مستحقه وبه رواية لنا عن الصادق (ع) وقد سئل عن رجل يعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده موسرا قال لا تجزى عنه ويخالفه الامام لأنه أمين لهم وهنا يدفع حقا عليه والوجه عندي ان نقول إن فرط المالك في البحث عنه والاجتهاد ضمن لتقصيره وإلا فلا لقول الصادق (ع) وقد سأله زرارة عن رجل عارف أدي الزكاة إلى غير أهلها زمانا هل عليه ان يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم قال نعم قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فيعلم بعد ذلك قال يؤديها إلى أهلها لما مضى قلت فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد سوء ما صنع قال ليس عليه ان يؤديها مرة أخرى وقال (ع) ان اجتهد فقد برئ وان قصر عن الاجتهاد في الطلب فلا فروع - آ - إن كان المالك شرط حال الدفع انها صدقة واجبة استرجعها سواء كانت باقية أو تالفة فإن لم يقدر على استرجاعها فقد تلفت من المساكين قاله الشيخ وقال الشافعي ان قلنا إنها تجزئه كان حكمها حكم الامام وقد تقدم في المسألة السابقة وان قلنا يضمنها وجب عليه اعادتها وله ان يرجع بها على المدفوع إليه إن كان شرطا انها زكاة وان لم يكن شرط لم يكن له الاسترجاع بخلاف الامام لأن الظاهر من قسمة الامام انه زكاة بخلاف رب المال لأنه قد يتطوع والأقرب جواز الاسترجاع وان لم يكن شرط الجواز لفساد الدفع وهو أبصر بنيته والأظهر إن الانسان إنما يدفع ما وجب عليه - ب - لو شهد عند الحاكم عدلان بالفقر ثم ظهر الغنى بعد الدفع فإن كان الدافع المالك لا بأمر الحاكم لم يضمن الشاهدان وكذا لو رجعا عن شهادتهما وكذا لو شهدا عند المالك إذ الحكم إنما هو إلى الحاكم ولأنهما لم يأمراه بالدفع ولا وجب بشهادتهما فلم يتلفا عليه شيئا ومع فقد غيره اشكال وإن كان الدافع الحاكم أو المالك بإذنه وهنا مستحق سواه ثم رجعا فلا ضمان عليهما وفى وجوبه مع عدم مستحق غيره اشكال - ج - لو بان عبدا لمالك لم يجزه وبه قال أبو حنيفة سواء كان الدافع الامام أو المالك لعدم خروج المال عن ملكه فجرى مجرى عزلها من غير تسليم مسألة لو كان الخطاء في دفعها إلى غير مسلم أو عبد أو من ذوي القربى أو ممن تجب نفقته قال الشيخ حكمه حكم الغنى وقد تقدم لان الدفع واجب فيكتفى في شرطه بالظاهر تعليقا للوجوب على الشرط الممكن فلا يضمن لعدم العدوان في التسليم المشروع وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني يضمن وبه قال احمد لعدم الطريق إلى معرفة الفقر وتعذر الوقوف على حقيقته وإنما يعلم ظنا فكان الخطاء فيه عذرا إما هذا فان حاله لا يخفى مع البحث عنه والفحص عن حاله ويبطل بتطرق الخفاء هنا كما تطرق في الغنى نعم لو بان عبده لم يجزئه لما تقدم مسألة الاعتبار بحال المستحق يوم القسمة فلا اعتبار بما سبق ولا بما لحق من أحواله وإنما يملك أهل السهمان حقهم يوم القسمة بعد التسليم إليهم وهو الظاهر من مذهب الشافعي وله قول اخر أن الاعتبار بحال الوجوب فعلى هذا لو مات بعض أهل السهمان في قرية وجبت فيها الزكاة لم ينتقل إلى وارثه شئ عندنا لعدم تعين الاستحقاق وقال الشافعي في أحد قوليه إذا كانوا ثلاثة نفر في قرية فعينت الصدقة لهم فيملك وارث
(٢٤٥)