مجرى الطعام والشراب والودجان وهما عرقان محيطان والحلقوم عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو يوسف لقول النبي ما أنهر الدم وفرى الأوداج فكل وقال أبو حنيفة يجب قطع ثلاثة من الأربع أيها قطع وقال محمد بن الحسين يجب قطع كل واحد من الأربعة وقال الشافعي الواجب قطع الحلقوم والمرى واستحب قطع الودجين . مسألة. يستحب أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله فإن لم يحسن الذباحة جعل يده مع يد الذابح ويجوز استنابة المسلم ولو استناب كافرا لم يجزء عند علمائنا وبه قال الشافعي إلا أن يكون ذميا عنده ومالك وإن جوزه إلا أنه قال يكون لحم شاة لا أضحيه والحق ما قلناه لقوله (ع) لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر ولان عليا صلى الله عليه وآله وعمر منعا من أكل ذبايح نصارى العرب وتجوز ذبيحة الصبيان مع معرفتهم بشرايط الذبح وتجوز ذباحة الأخرس وإن لم ينطق نعم يجب تحريك لسانه بالتسمية و يجوز ذباحة النساء إجماعا لما رواه بن عمر إن جارية لآل كعب كانت ترعى غنما فرأت بشاة فيها ربوا فأخذت حجرا فكسرته وذبحتها به فذكر ذلك لرسول الله (ص) فقال يؤكل وهو يدل على جواز ذبح المرأة وإن كانت حايضا لان ترك الاستفصال يشعر به وصحة ذكاة شاة الغير بغير إذنه وجواز الذبح بالحجر وذبح الحيوان إذا خيف موته ويجوز ذبح السكران والمجنون للحكم بإسلامهما لكن يكره لعدم معرفتهما بمحل الذكاة فربما قطعا غير المشترط ويستحب أن يتولى الذبيحة المسلم البالغ العاقل الفقيه لأنه أعرف بشرايط الذبح ووقته فإن فقد الرجل فالمرأة فإن فقدت فالصبي فإن فقد فالسكران والمجنون. مسألة. يجب استقبال القبلة عند الذبح وتوجيه الذبيحة إليها لأنه عليه السلام ضحى بكبشين فلما وجههما قرأ وجهت وجهي وتجب فيها التسمية لقوله تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " ولا تكره الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عند الذبيحة مع التسمية بل هي مستحبة وبه قال الشافعي لأنه شرع فيه ذكر الله تعالى فشرع فيه ذكر رسوله (ع) كالاذان وقال احمد ليس بمشروع وقال أبو حنيفة وما لك إنه مكروه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال موطنان لا أذكر فيهما عند الذبيحة وعند العطاس ومراده لا أذكر فيهما مع الله تعالى على الوجه الذي يذكر معه في غيرهما فإن في الاذان يشهد لله بالتوحيد ويشهد للنبي بالرسالة وكذا في شهادة الاسلام والصلاة وهنا يسمى الله تعالى ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله والصلاة ليست من جنس التسمية وكذا العطاس فإن المروى فيه أنه يسمى الله تعالى ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله ويستحب الدعاء بالمنقول ولو نسى التسمية لم تحرم ويستحب أن يسمى عند أكله قال ابن سنان في الصحيح سمعت الصادق يقول إذا ذبح المسلم ولم يسم ونسى فكل من ذبيحته وسم الله على ما تأكل. مسألة. إذا ذبحها قطع الأعضاء الأربعة السابقة ولا يقطع رأسها إلى أن تموت فإن قطعه فقولان أحدهما التحريم وبه قال سعيد بن المسيب لأنها ماتت من جرحين أحدهما مبيح والآخر محرم فلا تحل ولقول الصادق (ع) ولا ينخعها حتى يموت والاخر الحل لأنها بقطع الأعضاء الأربعة تكون مذكاة فلا أثر للزايد لحصوله والحياة غير مستقره ولو ذبحها من قفاها سميت القفيه فإن بقيت حياتها مستقرة بعد قطع قفاها ثم قطعت الأعضاء حلت وإلا فلا وبه قال الشافعي وقال مالك واحمد لا تحل وروى العامة عن علي (ع) أنه إن كان سهوا حلت وإلا فلا ويعرف استقرار الحياة بوجود الحركة القوية بعد قطع العنق قبل قطع المري والودجين والحلقوم ولو كانت ضعيفة أو لم تتحرك لم تحل لاجتماع فعل يدل على الإباحة واخر يدل على التحريم ولان الظاهر من جال الحيوان إذا قطع رأسه من قفاه لا تبقى فيه حياة مستقرة قبل قطع الأعضاء الأربعة وتكره الذباحة ليلا في الأضحية وغيرها لنهيه (ع) عنه ولا نعلم فيه خلافا فلو ذبحها ليلا أجزأه لان الليل محل فكان محل الذبح كالنهار وقال مالك لا تجزيه ويكون لحم شاة لقول تعالى " ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " والأيام تطلق على بياض النهار دون الليل وهو ممنوع فإن الأيام إذا اجتمعت دخلت الليالي فيها ولهذا تدخل في الاعتكاف لو نذر ثلاثة أيام. مسألة. يستحب الاكل من الأضحية إجماعا وقال بعضهم بوجوبه للآية فإنه قرن الاكل بالاطعام وهو غير دال على الوجوب كما في قوله كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده فالايتاء واجب دون الاكل ويجوز أن يأكل الأكثر ويتصدق بالأقل قال الشيخ فإن أكل الجميع ضمن للفقراء قدر المجزى وبه قال الشافعي للآية وقال بعض الشافعية لا يضمن وتكون القربة في الذبح خاصة ويستحب أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدى الثلث وهو الجديد للشافعي لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر والقانع السائل (والمعتر غير السائل صح) وفي القديم يأكل النصف (ويتصدق بالنصف صح) لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ولا ينافي الاهداء الثابت بالآية الأخرى. مسألة. لا يجوز بيع لحم الأضاحي وبه قال قال الشافعي وأكثر العامة لأنه بذبحه خرجت عن ملكه واستحقها المساكين وقال أبو حنيفة يجوز بيعه وشراؤه ويكره بيع جلودها وإعطاؤها الجزارين فإن باعها تصدق بثمنه ومنع الشافعي من بيعه وبه قال أبو هريرة وقال عطا لا بأس ببيع أهب الأضاحي وقال الأوزاعي يجوز بيعها بآلة البيت التي (تصلح صح) للعارية كالقدر والفدوم والمنخل والميزان. لنا ما رواه العامة عن علي (ع) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله إن أقوم على بدنه وأقسم جلودها وجلالها ولا أعطى الجزارين منها شيئا ومن طريق الخاصة قول معاوية بن عمار في الصحيح أنه سأل الصادق (ع) عن الإهاب فقال تصدق به أو تجعله مصلى تنتفع به في البيت ولا تعطى الجزارين وروى علي بن جعفر (في الصحيح صح) عن الكاظم (ع) قال سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها أن يجعلها جرابا قال لا يصح أن يجعلها جرابا إلا أن يتصدق بثمنها ولا يجوز أن يعطى الجزار لجزارته لان التضحية واجبة عليه مع وجوبها فكانت الأجرة عليه ويوصل ذلك إلى الفقراء ولو كان الجزار فقيرا جاز أن يأخذ منها شيئا لفقره لأنه من المستحقين. مسألة.
يجوز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها وقد نسخ بذلك النهى عنها روى العامة عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا نأكل لحم الأضاحي بعد ثلاثة أيام ثم أذن لنا أن نأكل ونقدد ونهدى إلى أهالينا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع) نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام ثم أذن فيها قال كلوا من الأضاحي بعد ذلك وادخروا ويكره أن يخرج شيئا مما يضحيه من منى بل يفرق بها لقول أحدهما في الصحيح لا يخرج منه شئ إلا السنام بعد ثلاثة أيام وقال الصادق في الصحيح لا تخرجن شيئا من لحم الهدى ولا بأس بإخراج لحم ما ضحاه غيره إذا اشتراه منه أو أهداه إليه ويكره أن يضحى بما يربيه. مسألة. إذا تعذرت الأضحية (تصدق صح) بثمنها فإن اختلفت أثمانها جمع الأعلى والأوسط والأدون وتصدق بثلث الجميع لان أبا الحسن (ع) وقع إلى هشام المكارى انظروا إلى الثمن الأول والثاني والثالث فاجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلثه وإذا اشترى شاة تجزى في الأضحية بنية أنها أضحية قال الشيخ تصير أضحيه بذلك ولا يحتاج إلى قوله إنها أضحية ولا إلى نية مجدده ولا إلى إشعار ولا إلى تقليد وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه مأمور بشراء الأضحية فإذا اشتراها بالنية وقعت عنها كالوكيل إذا اشترى لموكله بأمره وقال الشافعي في الجديد لا تصير أضحية إلا بقوله قد جعلتها أضحية (أو هي أضحية صح) وما أشبهه وفي القديم تصير أضحية بالنية مع الاشعار أو التقليد لأنها إزالة ملك على وجه القربة فلا تؤثر فيها النية المقارنة للشراء كما لو اشترى عبدا بنية العتق. إذا ثبت هذا فإذا عين الأضحية بما يصح به التعيين زال ملكه عنه وهل له إبدالها قال أبو حنيفة ومحمد نعم له ذلك ولا يزول ملكه عنها وقال الشافعي لا يجوز له إبدالها وقد زال ملكه عنها وبه قال أبو يوسف وأبو ثور وهو ظاهر كلام الشيخ لما روى عن علي (ع) إنه قال من عين أضحية فلا يستبدل بها. واحتج أبو حنيفة بأن النبي أهدى هدايا فاشترك عليا (ع) فيها وهو إنما يكون بنقلها إليه ويجوز أن يكون (ع) وقت السياق