لا يجوز لما فيه من الدقيق وأما الأدهان الطيبة كدهن البنفسج واللينوفر والبان والورد فإنه يجوز السلم فيها مع إمكان ضبطها وقالت الشافعية إن خالطها شئ من جرم الطيب لم يجز السلم فيها وإن مزج السمسم بها ثم اعتصرها جاز - د - المختلطات في أصل الخلقة كالشهد ويجوز السلف فيه وهو أصح وجهي الشافعية لان اختلاطه في أصل خلقته فأشبه النوى في التمر وكما يجوز الشهد في السلم يجوز في كل واحد من ركنية والثاني للشافعية المنع لان أحد جزئيه الشمع وقد يقل تارة ويكثر أخرى فلا يمكن ضبطه وهذه الكثرة والقلة لم يعتبرها الشارع كما في صغر النواة وكبرها وأما اللبن فإنه شئ واحد يجوز السلم فيه إجماعا وإن كان قد يحصل منه شيئان مختلفان كالزبد والمخيض مسألة. اللحم لا يجوز السلف فيه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لأنه لا يضبط بالوصف ففيه السمين والهزيل والمشتمل على العظم والخالي عنه واللبن والقوى ولان جابرا سأل الباقر (ع) عن السلف في اللحم قال لا تقربه فإنه يعطيك مرة السمين ومرة المساوى ومرة المهزول اشتره معاينة يدا بيد وقال الشافعي يجوز لأنه يجوز في الحيوان فيجوز في اللحم والملازمة ممنوعة ولا فرق في المنع عندنا بين المطبوخ منه والتي إذا ثبت هذا (فإن الشافعي صح) حيث جوزه قال يضبط بسبعة أوصاف الجنس كلحم الغنم والنوع كالضان والسن فيقول لحم صغير أو كبير فطيم أو رضيع والذكر والأنثى والسمين والمهزول والمعلوف والراعي وموضعه من البدن كلحم الرقبة أو الكتف أو الزراع وفحل أو خصى وتسليمه إليه مع العظام لان اللحم يدخر معه فأشبه النوى في التمر ولان العظم يلتصق باللحم ويتصل به أكثر عن اتصال النوى بالتمر وإن أسلم في مشوى أو مطبوخ لم يجز عنده لان النار تختلف فيه وكره اشتراط الأعجف وإن لم يكره المهزول لان العجف هزال مع مرض ولان الحموضة في اللبن لا يجوز شرطها لأنها تغير فالعجف أولي وهذا كله عندنا باطل للمنع من السلف في اللحم إذا ثبت هذا فلا فرق بين لحم الأهلي ولحم الصيد في المنع عندنا والجواز عنده يذكر عنده في لحم الصيد ستة أوصاف النوع والذكر والأنثى والسمن أو الهزال والصغر أو الكبر والجيد أو الردى وإن كان يختلف بالآلة التي يصطاد بها شرطه فإن صيد الأحبولة أنظف وهو سليم وصيد الجارح مجروح متألم ويقال صيد الكلب أطيب من صيد الفهد لطيب نكهة الكلب وتغير فم الفهد فإن كان ذلك يتباين ويختلف وجب شرطه وإن كان اختلافا يسيرا لم يجب فإن كان الصيد يعم وجوده في جميع الأزمان أسلم فيه وجعله محله مما يتفقان عليه وإن كان يوجد في وقت دون وقت أسلم فيه متى شاء وجعل محله الوقت الذي يوجد فيه عاما وهذا كله عندنا ساقط للمنع من السلف في اللحم وهو قول أبي حنيفة وأما لحم الطير فلا يجوز السلف فيه عندنا على ما تقدم وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يجوز بناء على أصله من جواز السلف في اللحوم فيصف لحم الطير عنده بالنوع والصغر والكبر والهزال والجودة والرداءة وإن كان كثيرا يذكر موضع اللحم منه ولا يأخذ في الوزن الرأس والساق والرجل لان ذلك لا لحم عليه مسألة. قد بينا أن الاستقصاء في ذكر الأوصاف المخرج إلى عزة الوجود وعسر التحصيل مبطل للسلم لما فيه من تعذر التسليم الذي هو مانع من صحة البيع ولان في عقد السلم نوع عزر فلا يحصل إلا فيما يوثق بتسليمه ثم الشئ قد يكون نادر الوجود من حيث جنسه كلحم الصيد في موضع العزة وقد لا يكون كذلك إلا أنه بحيث إذا ذكرت أوصافه التي يجب التعرض له عز وجوده لغدور اجتماعها كاللألئ الكبار واليواقيت والزبرجد على ما بينا وكجارية حسناء معها ولد صفته كذا أو أخت أو عمة بحيث يتعذر حصوله فإنه لا يجوز ولو لم يتعذر كجارية معها ولد أو شاة لها سخلة فإنه يجوز عندنا وبالجملة الضابط عزة الوجود وتعذره فيبطل معه ويصح بدونه واختلفت الشافعية فقال بعضهم يجب التعرض للأوصاف التي يختلف بها الأغراض وبعضهم اعتبر الأوصاف التي تختلف بها القيمة وبعضهم جمع بينهما وليست هذه الأقوال بشئ لان كون العبد كاتبا أو أميا وكونه قويا في العمل أو ضعيفا أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة ولا يجب التعرض لها إذا ثبت هذا فإطلاق الشافعي المنع من السلف في الجارية وولدها ليس بشئ إذا ثبت هذا فيجب ذكر الصفات المميزة في الولد المنضم إلى الجارية أو الأخت أو العمة كما في صفات الجارية. مسألة لو شرطا كونها حبلى فالأقرب الجواز لأنه وصف مرغوب فيه عند العقلاء ويختلف به الأغراض والأثمان لا يوجب عزة ولا تعذرا في التسليم فكان جايزا كغيره من الشروط وللشافعية طريقان أظهرهما المنع لان إجتماع الحمل مع الصفات المشروطة نادر وهو ممنوع لأنه شرط يمكن حصوله فجاز انضمامه إلى الشروط والصفات المشروطة كما لو شرط كون العبد كاتبا وكون الجارية ماشطة مع الصفات المشروطة والثاني قال أبو إسحاق وجماعة إنه على قولين بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا إن قلنا له حكم جاز وإلا فلا لأنه لا يعرف حصوله وهو ممنوع لامكان المعرفة به ولو شرط كون الشاة لبونا فالأقرب الجواز وللشافعية قولان. مسألة. ولو أسلم في جارية وولد جاز وبه قال الشافعي حيث لم يشترط نسبة الولد إليها ويكون ذلك شراء جارية كبيرة وعبد صغير إذا لم يقل ابنها ونحن قد بينا جواز ذلك أيضا ولو شرط في العبد إنه كاتب أو صانع أو غير ذلك من الصنايع أو كون الجارية ماشطة أو صانعة جاز ولزمه أدنى ما يقع عليه الاسم وبه قال الشافعي. مسألة. يجوز السلم في الحيوان بساير أنواعه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أجهز جيشا وليس عندنا ظهر فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يبتاع البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق ومن طريق الخاصة رواية الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا بأس بالسلم في الحيوان إذا سميت الذي يسلم فيه فوضعته فإن وفيته وإلا فأنت أحق بدراهمك وعن زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) قال لا بأس بالسلم في الحيوان والمتاع إذا وصفت الطول والعرض وفي الحيوان إذا وصفت أسنانها ولأنه يثبت في الذمة صداقا ليثبت سلما كالثياب وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة لا يجوز السلم في الحيوان لان عمر بن الخطاب قال إن من الربا أبوابا لا تحصى وإن منها السلف في السن ولان الحيوان يختلف كثيرا فلا يمكن ضبطه بالصفة فأشبه رؤوس الحيوان وكوارعه وحديث عمر ليس حجة ولو كان فهو حديث لم يعرفه أصحاب الاختلاف وأي ربا فيه مع أنه محمول على أنه أراد ما كانوا يسلمون فيه ويشرطون من ضراب فحل بنى فلان على أنه قد روى إن أمير المؤمنين عليا (ع) باع جملا له يسمى عصفر بعشرين بعيرا إلى أجل واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة يوفيها صاحبها بالزبدة وما ذكروه من اختلافه يستلزم عليه الثياب والأطراف لا يثبت صداقا بخلاف الحيوان. مسألة. لا يجوز السلم في رؤوس الحيوانات المأكولة سواء كانت مطبوخة أو مشوية أو نية وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين في النية أما المطبوخة والمشوية فلا يجوز قولا واحدا لاختلاف تأثير النار في ذلك فلم يجز كما لا يجوز السلم في اللحم المشوى والمطبوخ أما النية فوجه المنع إن أكثر الرأس العظام والمشافر فاللحم فيه قليل يختلف فإذا كان أكثره غير مقصود لم يجز بخلاف اللحم عنده يكون فيه العظم لقلة العظم فيه فالأكثر مقصود وعندنا إن اللحم كالرأس في المنع وبخلاف الحيوان فإن المقصود جملة الحيوان من غير التفات إلى آحاد الأعضاء والقول الثاني له الجواز في النية وبه قال مالك لان ذلك لحم فيه عظم يجوز شراؤه فجاز السلم فيه كاللحم والملازمة ممنوعة فليس كلما جاز بيعه جاز السلف فيه وعلى تقدير الجواز إنما يجوز عنده بشروط - آ - أن يكون منقيات من الصوف والشعر فأما السلم فيها من غير تنقية فلا يجوز لستر المقصود بما ليس بمقصود - ب - أن يوزن فإنها يختلف بالصغر والكبر اختلافا بينا فلا يجزى العدد فيها - ج - أن يكون نية فأما المطبوخة والمشوية فلا يجوز السلم فيها بحال واعتبر بعضهم آخر أن يكون المشافر والمتأخر منجاة عنها ولم يعتمد عليه أكثرهم. مسألة. لا يجوز السلم في الكوارع سواء كانت مطبوخة أو مشوية أو نية لعدم انضباطها فقد يكثر لحمها ويقبل واختلفت الشافعية فقال بعضهم لا يجوز السلم فيه قطعا ولم يحك فيها قولين وبعضهم قال إن
(٥٥٠)